محتويات: (إظهار/إخفاء) |
محاولة تزوير الأحداث القبر المُقدس، هو القبر الفارغ قصة واقعية: القديسة مريم المصرية آلام المسيح وصلبه في إيمان الكنيسة الأرثوذكسية، والحياة الليتورجيا |
دُفن السيد المسيح قبل السبت، وكان حِرص اليهود على ضبط القبر مع جنود الرومان وحراسته دليلًا دامغًا جديدًا على قيامة الرب. وكما ترك الرب أكفانه تُمجِّد قيامته، وصار قبره أيضًا ممجَدًا يتلألأ منه النور كما تنبأ إشَعْيَا النبي: «إيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.» (إشَ10:1).
قيل عن النسوة: «وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ» (لو56:23).
هذا السَّبْت هو خاتمة سبوت العهد القديم؛ ليبدأ سبت العهد الجديد، ولتبدأ الكنيسة في تقديس الأحد.
«وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إلَى بِيلاَطُسَ» (مت27: 62)
اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، بعدما نجحت مؤامراتهم: صلبوه وأسلم الروح، ودفنوه وختموا القبر، وظلوا يخافونه حتى بعد موته. فما ناموا الليل، وما استطاعوا أن يُسْبِتوا في السبت العظيم ويستريحوا حسب الوصية. فحَسَدُهم جعلهم يكسرون السبت، ويجتمعون، ويذهبون إلَى بِيلاَطُسَ، يَشُونَ بوِشايتهم.
وفي كسْرِهم للسبت العظيم «مَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.» (مت66:27)، ذهبوا مع الحُراس في نهار السبت، الوقت الذي كان يجب فيه أن يمضوا إلى بيت الله، ويُلازموا الهيكل ويُصلوا، مع أن كَسْرَ السبت كان إحدَى التُهَمِ التي صلبوا المسيح لأجلها. واختلفوا معه لأنه يقول «يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!» (مت12:12).
والعجيب أن هؤلاء الكهنة دعوا الرب مُضِلًّا وبيلاطس سيِّدًا؛ إذ قالوا لبيلاطس:
«يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ» (متى27: 63)
عجبًا يقولون لبيلاطس الوثني «يَا سَيِّدُ» وعن المسيا الذي كان المفروض أن يكرزوا به «ذلِكَ الْمُضِلّ».
«قَالَ وَهُوَ حَيٌّ»: مساكينٌ هؤلاء. ظنُّوه مَيِّتًا وقد استراحوا منه، ولم يدركوا أنَّه «الحي الذي لا يموت»، وأن الشِّاروبيم يُسبحونه مع نيقوديموس ويوسف الرامي: «قدوس الحي الذي لا يموت»، ولا تزال الكنيسة المقدسة تردد صدَى هذه التسبحة خلال الجمعة العظيمة، وفي الثلاثة تقديسات.
«فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» (متى27: 64)
يقول أوريجينوس: [هل يُعقل أن المسيح بعدما أعلن لتلاميذه «إنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ» (متى27: 63) يأمرهم أن يسرقوا جسده، ويقولوا للشعب إنَّهُ قَامَ! هل يُعقل هذا الخداع، بعد أن علَّمَهم سُمُو الأخلاق! وهل يمكن بعد هذا أن تلاميذه يحتملوا الاضطهادات، بل والموت في سبيل نشر تعاليمه؟!][471].
أليس حَريًا بالكتبة والفريسيين، وهم المسؤولون عن النبوات وتفسيرها، أن يتناوبوا السهر أمام القبر ليتحققوا بأنفسهم أهذا هو المسيا، أم أنه مُضِل؟ فيُشاهدوا بأنفسهم القيامة المعلن عنها، أو السرقة التي ظنوها. ولو فعلوا، ما كُنا نَعيب عليهم عدم إيمانهم، فهم صادقون يتحققون قبل أن يؤمنوا.
ضاق صدر بِيلاَطُس برُؤَسَاء الْكَهَنَةِ الحَيَارَى، الخائفين حتى بعد موته. فَقَالَ لَهُمْ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ، فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.» (متى65:27،66)، نعم أخَّروا عمل الفِصْح ليتمموا أغراضهم الشريرة بصلب المسيح.
يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [شهد رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أمام بِيلاَطُسَ قائلين أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ. إذَنِ الآن هو ميت، فشَهدوا بموته. إنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ، فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ، إذَنِ الآن
هو مدفون.][472]
ثم يقول أيضًا: [لقد هيأُوا الأذهان لقبول فكرة القيامة، وجعلوا منها حقيقة لا يُشَكُّ فيها. فقد حرَس القبر اليهود والأمم، كما ختموه. ولو كان الجُند وحدهم هم الذين ختموا القبر لأمكنهم القول بأن الجند سمحوا بسرقة الجسد وأن التلاميذ اختلقوا فكرة القيامة ودبَّروها.][473]
«لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلًا وَيَسْرِقُوهُ»: هل حقًا كان اليهود يخشون أن تَلاَمِيذَهُ يَسْرِقُوهُ؟!
بالطبع لا، [كانوا موقنين أن تَلاَمِيذَهُ من الضعف بحيث لا يمكن أن يأتوا ويسرقوا جثمانه من القبر، بعد أن رأوا كيف تملَّكهم الرُّعب حين قَبض اليهود عليه فهربوا واختبأوا. فهل تهبط عليهم الشجاعة والجَرأة فجأةً إلى درجة التصدي لأولئك الطُّغاة.][474]
يقول القدّيس جيروم: [لم يكتفِ رؤساء الكهنة وعلماء الشريعة بصلب الرب مُخَلِّصنا، بل حرسوا القبر أيضًا. واهتمامهم بهذه التفاصيل يخدم إيماننا؛ فكلما ازداد حِرصهم، ظهر صدق القيامة.][475]
ويقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [لم يَترُك بيلاطس الحرس وحدهم يحفظون الختم. كان يعلم موقفهم من يسوع، فلم يشأ أن يتعامل معهم. ولكن ليتخلص منهم قال: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ»، لكي لا يكون لكم حُجة. فلو أن الحرس وحدهم ختموا الحجر لَادَّعوا أنهم تركوا الجسد ليُسرَق وأعطوا التلاميذ فُرصتهم، ولكن بما أنهم حرسوه بأنفسهم فلا يستطيعوا أن يدَّعوا هذا الادِّعاء.][476]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كان الحراس بعضهم روماني وبعضهم عبراني خشية التواطؤ مع المسيح أو ضده. فالرومان ليس لهم غرض في صلبه، ولا يهمهم أن يكتموا الشهادة بقيامته. ولذلك يقول القديس متَّى: «وَفِيمَا هما -مريم المجدلية، ومريم الأخرى- ذَاهِبَتَانِ إذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ. فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَة قَائِلِينَ: "قُولُوا إنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلًا وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. وَإذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ. فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إلَى هذَا الْيَوْمِ".» (مت11:28-15).
كان أول شهود القيامة: قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إلَى الْمَدِينَةِ، وأول من استمع لشهادتهم هم رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ. إذن فرُؤَسَاء الْكَهَنَةِ يعلمون حقيقة قيامة الرب. ولكنهم بإرادةٍ حُرةٍ وعِلمٍ أرادوا تزوير التاريخ، ومحاربة القيامة من أول لحظة.
فَبِالرشوة وجد رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ شهودَ زُورٍ ليَصلِبوا الرب، وبالرشوةِ أيضًا وَجدوا شهود زُورٍ يقولون إنَّ تَلاَمِيذَهُ سَرَقُوهُ. وتقديم الرشوة من رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ شهادة أنهم صدقوا القيامة، وأرادوا إخفاءها.
أما دعوتهم للْعَسْكَر: «قُولُوا إنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلًا وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ.» (مت13:28) بعد أن أَعْطَوهُم فِضَّةً كَثِيرَة، تُؤكد كذبهم. فإذا كانت السرقة حدثت وَأنتم نِيَامٌ، فكيف عرفتم أن تَلاَمِيذَهُ هم الذين سرقوه؟!
«وَإذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ.» (مت14:28).
واسْتَعْطِافُ رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ للْوَالِي يكون بالمال الكَثِير، فالفضة تُعوج القضاء، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ: فخزائن بيت المال في الهيكل ملآنة من مال الأرامل... وهم على كل شيء قادرون، وفي وِسعهم أن يَجْعَلُوكُمْ مُطْمَئِنِّينَ. فالذين قتلوا المسيح وطمأنوا الشعب.... لن يُعوزهم حيلة ليَجْعَلُوهُمْ مُطْمَئِنِّينَ.][477]
قدم يوسف الرامي قبره الجديد للرب نائبًا عن البشرية. ولم يستطع قبره أن يحمل الجسد القدوس أكثر من ساعات، فقام في اليوم الثالث (1كو4:15). ولأنه قدوسٌ بلا خطية، لم يرَ جسدُه فسادًا: «لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا». (أع27:2)[478].
وخرج الرب من الْقَبْرِ المغلق وعليه حجرٌ (مر46:15)، مخَتَوم، بأمر بِيلاَطُس (متى66:27). وإذ «أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ» (متى2:28)؛ ليُعلن قيامة الرب وخروجه من الْقَبْرِ؛ لذلك يقول مار بولس: «مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ (قيامته وقيامتنا فيه) احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ فجلس في يمين عرش الله.» (عب12: 2 و3). ويقول مار إسحق السرياني: [إنْ أردتَ أن تنتصر، تَذوَّق آلام المسيح في ذاتك؛ لأننا إن كنا نتألم معه فسوف نتمجد معه.][479]
هذا القبر المُقدس: إليه أتت مريم المجدلية، كما أتت إليه أمنا العذراء مريم، وأتى إليه إبراهيم باشا ابن محمد علي رأس العائلة المالكة في مصر، وللقديسة مريم المصرية معه قصة.
جاءت مريم المجدلية إلى القبر، ولهذا يقول القديس بطرس السدمنتي:
[إذا تصفحتَ الأناجيل تصفُّحًا شافيًا ستجد أن مريم المجدلية قد أتت إلى القبر خمس دُفعات:
1. مع العذراء مريم عشية السبت التي هي ليلة الأحد (متى1:28-11).
2. بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق، كما قال يوحنا (يوحنا1:20-2).
3. مع بُطْرُس وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ (يوحنا) (يوحنا3:20-10).
4. مع النسوة الجليليات (لوقا55:23 و56)، (لوقا1:24-11).
5. مع العذراء مريم، وسالومي (مرقس1:16-2).
أما العذراء مريم فجاءت إلى القبر ثلاث دُفعات:
1. مع مريم المجدلية (متى1:28).
2. مع النسوة الجليليات (لوقا1:24-11).
3. مع سالومي (مرقس1:16-8).] .[480]
سبت النور: [ كان جسد المسيح في القبر، لذلك يتلألأ هذا القبر المُمجد كل سنة بالنور في سبت النور. وقد حدث في القرن التاسع عشر، بين سنة 1835، 1840، إذ كان إبراهيم باشا ابن محمد علي رأس العائلة المالكة في مصر موجودًا بمدينة القدس، فوشى إليه أعداء المسيحية أن النور الذي يفيض من القبر كل سنة ليس حقيقيًا.
فطلب إبراهيم باشا من البابا البطريرك الإسكندري الأنبا بطرس السابع أن يتحقق من هذا. فسافر البابا إلى القدس، واستقبله الباشا هناك، وهمس في أُذُن البابا لقد طلبتُك ليظهر النور على يديك. ودخل البابا بطرس مع بطريرك الروم ومعهما إبراهيم باشا إلى القبر، وما هي إلا لحظات بعد الصلاة حتى ملأ مجد الرب المكان داخل القبر وخارجه حيث شقَّ نُوره عمدان باب القيامة وخرج منه إلى الذين هم في الخارج فهتف الشعب. أما إبراهيم باشا فوقع عليه ذهول واضطراب وهتف قائلًا: "آمنت آمنت." وكاد يسقط من خوفه فاستند على البطريرك.][481] حقًا تنبأ إشَعْيَا النبي: «وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى...، إيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.» (إشَ10:1).
[جاءت إلى أورشليم تحمل آثامها، تدوس المقدسات، في عيد ظهور الصليب لزيارة القبر المقدس، تحاول أن تَظهر أمام الناس كواحدة من الطاهرات البارَّات. لكن قوة خفية منعتها أن تدخل من باب كنيسة القيامة وهي تحمل الموت في قلبها. فارتعبت وشعرت بنجاستها وارتدَّت إلى الوراء، تزرف الدموع أمام أيقونة العذراء. تبكي آثامها أمام سيدة الطُّهر البتول. تُقدم التوبة عن حياةٍ مضت. عند ذلك قامت لتدخل من باب القيامة. وقد بدأت حياة القيامة. مَدَّت قَدَمها بعد قلبها، فإذا بها قادرة أن تدخل من الباب الذي ارتعبت أمامه. زارت القبر المقدس والجلجثة وعادت إلى برية الأردن. وعاشت كالمعمدان، تتغذى على النباتات، ستة وأربعين سنة. بعدها التَقَت مع القديس زوسيما السائح ثم رقدت في الرب فدفنها القديس في الرمال. إنها القديسة مريم المصرية][483].
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
آلام السيد المسيح وموته، هما الأساس الكتابي لعقائد خاصة بالسيد المسيح: بوحدانية طبيعته، التي كانت القاعدة لمواجهة بعض البدع مثل: الخيالية، والأريوسية، والنسطورية، والأوطاخية. ولذلك دخلت في اعترافات الإيمان الأولى للمسيحيين فقال بولس الرسول: «فَإنَّنِي سَلَّمْتُ إلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ.» (رو4:15). وَفِي قانون الإيمان نقول: [صُلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقُبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب.][484]
وقد أثَّرَت آلامُ المسيح وقيامته على الحياة الليتورجيا في الكنيسة وعبادتها كما يلي:
1. كانت وصية السيد المسيح الأخيرة لتلاميذه: «فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وعمدوهم باسم الآب...» (مت19:28)، فتأسَّس في الكنيسة سر المعمودية، وهو موت مع المسيح وقيامة، «أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ» (رو3:6).
2. قيامة السيد المسيح في اليوم الأول للأسبوع (مت1:28، مر2:16، لو10:24، يو1:20) فصار "يوم الرب"κυριακῇ (رؤ10:1) للعبادة واجتماع المؤمنين (أع7:20) وفيه يُتمَّم سر الافْخارِسْتِيَا، إذ قال لهم: "اصنعوا هذا لذكري" (لو19:22). وبإتمامهم السر يبشرون بموت الرب ويعترفون بقيامته وصعوده إلى السموات، منتظرين مجيئه الثاني (1كو26:11).
3. شكَّلت آلام السيد المسيح وقيامته في طقس الكنيسة:
أ. طقس بعض الأعياد السَيدية كأحد الشعانين، أحد القيامة، وعيد الصعود، وأعياد الصليب.
ب. طقس الخدمات الليتورجيا والألحان الكنسية كصلوات وألحان أسبوع الآلام والقيامة والخمسين.
ت. طقس القراءات الإنجيلية وقراءات فصول الرسائل المناسبة لآلام السيد المسيح وموته وقيامته.
ث. طقس الصوم الأربعيني المقدس، وصوم أسبوع الآلام. وصوم يومي الأربعاء والجمعة على مدار السنة، وعدم الصوم في فترة الخماسين.
ج. [تذكُر الكنيسة المقدسة القديسَين يوسف الرامي ونيقوديموس في صلوات البصخة في لحن Golgo;a عند تذكار الدفن وفي الذكصولوجيات وأرباع الناقوس، والهيتينيات كما في السنكسار ومجمع التسبحة. كذلك نتذكرهما كلما حَمل الكاهن جسد السيد المسيح أثناء إصعاد الذبيحة في القداس الإلهي، فقد سبقا هذان القديسان وحملا جسد الرب الذبيح بين أيديهم.][485]
ح. ألهمت هذه الأحداث المؤثرة العديد من الفنانين، فأبدعوا في رسم الأيقونات الخاصة بها مثل: العشاء السري، والصلب، والقيامة، والصعود.
خ.
حَوّل الرب المصلوب آلامَه ألحانًا ننشدها أيام البصخة المقدسة، والجمعة
العظيمة، متذكرين آلامه وموته. وما أروع طريقة أداء اللحن، ففي الهزات الطويلة
فرصة للتأمل في قضية الخلاص، والتركيز على محبة المصلوب من أجلنا.
_____
[471]Die
griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin
Akademie, Verlag 1897-, vol.38/2: p.298.
[472]القديس
يوحنا الذهبي الفم،NPNF,
series 1: vol.10: p.525
.
[473]القمص
تادرس يعقوب ملطي، تفسير الإنجيل بحسب القديس متى، طبعة أولى 1983م، ص536.
[474]الأنبا
غريغوريوس
أسقف الدراسات اللاهوتية العليا والبحث العلمي،
الإنجيل للقديس يوحنا، دار المعارف 1986م، ص652.
[475]القديس
جيروم (إيرونيموس)
Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium, Brepols, 1953-,
vol.77 p. 279.
[476]القديس
يوحنا الذهبي الفم،
NPNF, series 1: vol.10: p.525; PG, vol.58: p.781.
[477]الأب
متى المسكين،
الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة
أولى 1999م،
ص846.
[478]«لَمْ
تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا»
(أع31:2).
«وَفِي
مَزْمُورٍ آخَرَ: لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا»
(أع35:13)،
(مز16: 10).
[479]ناجي
نصيف، أسبوع الآلام لحظة بلحظة: دراسة تفسيرية كتابية، طبعة أولى2012م،
ص25.
[480]القديس
بطرس السدمنتي، القول الصحيح في آلام المسيح، تنقيح القمص يوحنا المقاري
وشنوده عبد السيد، سنة 1926م، ص422،421.
[481]الأنبا
إيسيذوروس،
الخريدة النفسية في تاريخ الكنيسة: ج2، طبعة القمص عطاالله أرسانيوس
المحرقي، طبعة ثانية 1964م، ص505.
[482]القديسة
مريم المصرية من قديسات القرن الخامس، تنيحت سنة 421م، في عهد الملك
ثيئودوسيوس الصغير، أراد الرب أن يُظهر قبول توبتها وقداستها بواسطة القديس
زوسيما،
[483]الأب
بطرس فرماج اليسوعي، مروج الأخيار في تراجم الأبرار، مطبعة المرسلين
اليسوعيين، بيروت 1880م، ص199، مُلخصة.
[484]قانون
الإيمان النيقاوي، الأجبية المقدسة، دير ما رمينا العجائبي بمريوط، طبعة
1997، ص39.
[485]الأنبا
بيشوي
مطران دمياط، تقديمه لكتاب القديس يوسف الرامي وكفن السيد المسيح، للقمص
بيشوي عبدالمسيح.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/soldiers.html
تقصير الرابط:
tak.la/akyjtr3