الكلمة السابعة: يا أبتاه في يديك أستودع روحي (لوقا46:23).
لقد أكمل الرب عمله على الصليب.
كما أكمل عمله الذي كان له قبل الصليب.
وبقى له عمل آخر ليعمله بعد أن يسلم الروح على الصليب. بقى أن [يسبي سبيًا، ويعطي الناس عطايا]: "سبي سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا" (أف 4: 8). بقى أن ينزل إلى الجحيم ويبشر الراقدين على الرجاء. وينقل هؤلاء القديسين الراقدين من الجحيم إلى الفردوس، فاتِحًا أبواب الفردوس المغلقة منذ أيام الخطية الأولى...
لذلك إذا أتم الفداء، لم يعد هناك داع للتأخير. عليه إذن أن يخرج من هذا الجسد ليكمل عمل الخلاص الخاص بالراقدين أيضًا. فليسلم الروح إذن في يدي الآب حتى يمكنه أن يعمل الأعمال التي موعد عملها بعد الموت. وهكذا صرخ بصوت عظيم "يا أبتاه في يديك أستودع روحي"..
في يديك أنت استودعها، وليس في يدي غيرك... "رئيس هذا العالم يأتي، وليس له في شيء" (يو30:14) أنا من عند الآب خرجت، وأتيت إلى العالم، وأيضًا أترك العالم وأرجع إلى الآب (يو28:16).
كما اشتاق رئيس هذا العالم أن يحصل على هذه النفس، أن يقبض عليها كسائر الأرواح التي في السجن. ولكنه لن يقدر على هذه النفس بالذات التي سيستقبلها الآب في يديه. نفس هذه لا يستطيع أحد أن أن يأخذها مني. لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضًا (يو17:10، 18).
إن روح لعازر المسكين -عندما خرجت من جسده- حملتها الملائكة (لو22:16). وروح العذراء حملها المسيح أما روح المسيح فيحملها الله الآب.
يقول معلمنا متى الرسول أن المسيح "صرخ بصوت عظيم" (متى50:27) وأسلم الروح. فماذا نفهم من عبارة "صرخ بصوت عظيم".
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لا شك أنه من الناحية الجسدية كان في منتهى الإنهاك والإرهاق. بعد كل تعبه في حمل الصليب حتى وقع تحته، وبعد تعب الجلد واللطم والصلب، وبعد أن سال ما في جسده من دم وماء، وبعد أن جف حلقه حتى قال "أنا عطشان". كيف صرخ بصوت عظيم وقد لصق لسانه بحنكه؟
إن صراخه في ساعة الموت "بصوت عظيم" دليل على أنه له قوة أخرى فوق قوة الناسوت، أي دليل على لاهوته.
صراخه بصوت عظيم دليل على انتصاره، لأنه بالموت داس الموت وقهره. هذه الصرخة زعزعت الشيطان وقهرته.
حقًا كان في موت المسيح، نصرة، نصرة الفادي الذي أستطاع أن يخلص العالم كله، ويسحق رأس الحية...
وفي عبارة "في يدك استودع روحي" طمأنينة عظيمة لنا من جهة خلود الروح. إنها لا تنتهي بالموت... الموت بالنسبة له مجرد عبور أو انتقال من حياة إلى حياة. إنما المهم في الموضوع كله هو: أين تستقر الروح بعد موتها. إن اطمأن الإنسان على هذه النقطة، استقبل الموت بفرح، وقال: لي اشتهاء أن انطلق...
وأنت أيها الأخ: هل أنت مطمئن على مصير روحك؟ هل عندما تلفظها- بعد عمر طويل- ستودعها في يدي المسيح، أو ستحملها الملائكة مثل روح لعازر؟ أم سيقبض عليها الشيطان ويقول "أنها لي. كانت من جندي، تعيش في طاعتي... لذلك سآخذها لتكون معي". يا للهول!! اطمئن يا أخي إذن أين ستذهب روحك.
وضع أمامك باستمرار تلك الأغنية الجميلة "لِتَمُتْ نَفْسِي مَوْتَ الأَبْرَارِ، وَلْتَكُنْ آخِرَتِي كَآخِرَتِهِمْ" (عدد10:23).
استودعها في يديه من الآن بالبعد عن كل دنس، وبالالتصاق كل حين بالرب. كن كملائكة الكنائس السبع الذين كان الرب ممسكا بهم في يده اليمنى. ضع نفسك أنت أيضًا في يدي المسيح. وتأكد أنه سيسمعك صوته الجميل وهو يغنى" أنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي" (يو28:10، 29).
وكلما تُحَارِبَك الخطية بفكر أو شهوة، أسأل نفسك في صراحة: هل روحي الآن في يدي الأب...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/7-words-on-the-cross/i-commend-my-spirit.html
تقصير الرابط:
tak.la/36s3pj6