St-Takla.org  >   books  >   fr-youhanna-fayez  >   trials-of-jesus
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب محاكمات السيد المسيح وصلبه حسبما جاءت في العهد الجديد: دراسة تاريخية وتحليلية - القمص يوحنا فايز زخاري

23- الفصل الأول من الباب الثاني: القديس بُطْرُس الرسول وإنكاره للسيد المسيح

 

24

أولًا: تَتبُّع القديس بُطْرُس الرسول للسيد المسيح مِنْ بَعِيدٍ

25

ثانيًا: إنكار مار بُطْرُس ثلاث مرات

26

ثالثًا: صِياح الدِّيكُ

27

رابعًا: توبة القديس بطرس

 

حذر الرَّبُّ مار بُطْرُس وقَالَ له:

«سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ!» (لوقا22: 31).

وأكمل مُشجعًا، ومُشيرًا إلى صلاته: «وَلكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لاَ يَفْنَى إيمَانُكَ» (لو22: 32)

صلى الرب من أجل الاثني عشر، في صلاته الشافعية قائلًا: «أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ... لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ» (يوحنا17: 15،11).

أما بطرس الذي سيتعرَّض للضعف أكثر من العشرة الآخَرين، فطلب الرب عنه «لِكَيْ لاَ يَفْنَى إيمَانُه» (لو22: 32). فهو يعرف ضعفه، وأنه سينكر، بل ويُقسم ويَلعن، فأشفق عليه وحذره كما حذر يهوذا. ولكن الفرقَ شاسعٌ بين خطايا الضعف عند مار بطرس، وخطايا الجحود الإرادي عند يهوذا الخائن. ويقول سمعان ابن كليل: [في حادثة القبض على المٌعلم، حيث الراعي الذي تنبأ عنه زكريا النبي. رأينا التلاميذ يشُكُّون ويُعثَرون ويفقدون إيمانهم ولو إلى قليل، ويهربون ويتركونه وحده][197]. إذ انزعجوا (مر19:14، مت22:26)، وَتحْيروا (يو22:13)، وتساءلوا (لو23:22): هل أنا يا رب (مر19:14، مت22:26). لكن الرب قال لمار بطرس مطمئنًا: «وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إخْوَتَكَ» (لو22: 32)، [وهذا كلام الرب الذي يَصفح عنه ويعيده مرة أخرى إلى الصلاحيات الرسولية.][198]

ثُم أعلن الرب لتلاميذِه قائلًا: ستتركونني وَحدي. فسأله سمعان بُطرس قائلًا: إلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فلم يُجِبهُ الرب. فما دام الرب لم يُعلِن أكثر، فَسؤال مار بطرس لا يدفعهُ إلى الإعلان. واستمر الرب في حديثه: «حَيْثُ أَذْهَبُ لاَ تَقْدِرُ الآنَ أَنْ تَتْبَعَنِي». لكن سؤال مار بطرس جعل الرب يُشير له إلى سقْطَته القادمة: «وَلكِنَّكَ سَتَتْبَعُنِي أَخِيرًا». (يوحنا13: 36).

وشرح ذهبي الفم: [إن سؤال بطرس إلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ لا يعني مجرد معرفة المكان، بل يعرف ليتبعه أينما ذهب. وجواب المسيح يُفيد أن مار بطرس سوف لا يتبع المسيح الآن، لكنه سيتبعه فيما بعد، باستشهاده وذهابه إلى المجد مع باقي الأحد عشر.][199]

«قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ إني أضع نفسي عنك؟» (يو37:13).

أما الرب فبعتابٍ وشفقةٍ سأله متعجبًا: أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي (يو38:13):

أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ[200] قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي (لو34:22)

«قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ» (مر30:14).

مشكلة: هل كان ممكنًا لبطرس أن لا ينكر المسيح؟ ما دامت النُبُوَّة قائمة:

نعم؛ فالنُبُوَّة مبنية على ما سيفعله بطرس بإرادته وحريته، وليس إنكار بطرس ليحقق النُبُوَّة.

 

(متى35:26)

(مرقس31:14)

(لوقا22: 33)

قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: "وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ".

هكَذَا قَالَ أَيْضًا جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ.

فَقَالَ بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: "وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ".

وَهكَذَا قَالَ أَيْضًا الْجَمِيعُ.

"إنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إلَى السِّجْنِ وَإلَى الْمَوْتِ".

 

 «لاَ أُنْكِرُكَ!»: [في حماسة وغيرة، أعلن مار بطرس أنه سيواجه الموت بثبات وشجاعة، ولا يَحسِب حسابًا للقيود أو الموت. إلاَّ أنه في هذا أخطأ؛ لأن المُخلِّص أخبره بأنه سيضعُف، وما كان يجب أن يعارِضَه بصوتٍ عالٍ؛ لأن الحق (المسيح) لا يمكن أن يكذب.][201]

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Peter's Denial, and Jesus showing Himself to Peter - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908. صورة في موقع الأنبا تكلا: نكران بطرس، والسيد المسيح يري نفسه لبطرس - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908 م.

St-Takla.org Image: Peter's Denial, and Jesus showing Himself to Peter - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نكران بطرس، والسيد المسيح يري نفسه لبطرس - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908 م.

غَسْلُ السيد المسيح لأرجُل تلاميذه:

يعرض القديس يوحنا الإنجيلي هذا الحَدَث الذي انفرد بتسجيله فيقول:

يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إلَى يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجَ، وَإلَى اللهِ يَمْضِي

يَسُوعُ وَهُوَ [عَالِمٌ εἰδὼς (يوحنا3:13): تأتي كلمة عَالِمٌ بمعنى العالم علمًا مطلقًا دائمًا][202].

الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إلَى يَدَيْهِ: فيُوجه أنظارنا إلى مِن أيِّ ارتفاع تنازل الرب ليغسل أرجل تلاميذه. ويُركز على كلمة «يَدَيْهِ»؛ فالرب ضابط كُلَّ شَيْءٍ بيَدَيْهِ.

«قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ τὰ ἱμάτια، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا» (يوحنا4:13).

لَبِسَ الرب في الْعَشَاءِ حسب عادة اليهود أفخر الثياب، هذه التي اختلف عليها الجنود الرومان، وأخيرًا اقترعوا عليها. وَخَلَعَ الرب ثِيَابَهُ، كما جاءت في اليونانية بالجمع، وهذا يعني أن الرب خلع ليس فقط الرُّوب الخارجي بل أكثر، حتى أخذ «شكل العبد» الذي يقف أمام سادته بالقميص واللباس الداخلي، ويغسل أقدامهم.

«ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل lakan»، وننطقها نحن لَقَّان (يوحنا5:13).

«وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا.» (يوحنا5:13).

انحنى الرب عند أقدام التلاميذ الملآنة بِاتِّساخات الطريق؛ ليرمُز إلى سر التوبة والاعتراف الذي يُنَقِّينا فيه الله من خطايانا التي تَعلَقَت بنا في طريق حياتنا.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

واعترض مار بطرس:

«فَجَاءَ إلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: "يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ"؟!

أجَابَ يَسُوعُ: لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ» (يوحنا6:13-7).

[«سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ»: يشير يسوع إلى أهمية غسل القدمين. ومع ذلك، لن يتم تعريف المعنى الكامل لهذه العلامة، إلا من خلال تنوير الروح اللاحق (راجع 22:2؛ 12:16)][203].

فالاتضاع وارتباطه بغسل الرجلين، درْسٌ يفهمه أيُّ إنسان، فما معنى قول الرب لبطرس: «لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ.» (يوحنا7:13) ؟!

يقول القديس جيروم: [الرَّجُل الذي اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إلَى غَسْلِ (معظم النسخ تضيف) إلاَّ رِجْلَيْهِ: هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وما يطلبه بطرس غير ضروري تمامًا، فغسل القدمين ليس إلا رمزًا؛ فلا يعني ذلك أن التلاميذ يحتاجون إلى غسل هذا العضو أو ذاك ؛ فبعد أن صار المسيح نصيبهم، ، صار لديهم كل شيء. إن يوحنا باختياره للكلمات اليونانية، ربما اقترح مرة أخرى المعمودية للقارئ المسيحي. "اغْتَسَلَ"، كانت كلمة تستخدم للغسل الديني. وفي (1كو11:6؛ أف26:5؛ تي5:3؛ عب22:10)، تُستخدم أشكال مختلفة منها للدلالة على المعمودية. (إذا كان الشكل الطويل للآية هو الأصل، يُقال أن طقس غسل القَدَم ضروري بالإضافة إلى الاغْتَسَالَ الكامل (المعمودية). في هذه الحالة، يبدو أن غسل القدم يدل على ضرورة أن يقوم المسيحي بتطهير نفسه من ذنوبه بعد المعمودية. ومع ذلك، فإن وجود إشارة إلى سر الافْخارِسْتِيَا أمر مشكوك فيه][204]. ويُضيف الباحث هنا: أن الصحيح وجود إشارة إلى سر التوبة والاعتراف.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[197]سمعان بن كُلَيْل، تفسير إنجيل متى، مخطوط 31 لاهوت، المكتبة البطريركية بالقاهرة، ص301.

[198]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 144. إعداد القمص أغسطينوس البرموسي، دير البرموس، الجزء الأول، طبعة ثانية 2016م، ص291.

[199]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 143. إعداد القمص أغسطينوس البرموسي، دير البرموس، الجزء الأول، طبعة ثانية 2016م، ص289.

[200]قسَّم اليهود الليل أربعة أقسام: من 6-9 مساءًا، ومن 9-12 ليلًا. ثم من12-3 بعد منتصف الليل، ومن 3-6 فجرًا. وصياح الديك بين الهزيع الثالث والرابع أي قبل الفجر.

[201]القديس يوحنا ذهبي الفم، إعداد القمص أغسطينوس البرموسي، دير البرموس، الجزء الأول طبعة ثانية 2016م، ص291،عظة 144.

[202] كلمة ΦΙΛ. ΓΛΥΤΣΗ في قاموس يوناني عربي، جامعة أثينا، طبعة 1948، ص139.

[203]"afterward you will understand: The significance of the foot washing is pointed out by Jesus in the same chapter. However, the full meaning of this sign will be made known to the Church only through the later enlightenment of the Spirit (cf. 2:22; 12:16)." Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 451.

[204]"the man who has bathed has no need to wash [most manuscripts add “except his feet" or other words]: he is clean all over: What Peter asks is quite unnecessary. The foot washing after all, is only a symbol; it is not that the disciples need to have this or that part of their bodies washed. Having their share in Christ, they have all that is needful. By his choice of Gk words, John probably again suggests baptism to the Christian reader (“bathe," louo, was a word used for religious washings, and in 1 Cor 6:II; Eph 5:26; Ti 3:5; Heb 10:22 various forms of it are used to signify baptism .) If the long form of the verse is the original, the ritual of the foot washing is said to be needed over and above the complete bathing (baptism). In this case, the foot washing would appear to signify the necessity of the Christian to purify himself of his postbaptismal sins. That there would thereby be an allusion to the sacrament of the Eucharist is, however, quite doubtful." Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 451.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/section-2-chapter-1.html

تقصير الرابط:
tak.la/j3rq56r