مُحَاكَمَة الفَجْر، في بيت قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ بأورشليم:
(متى57:26) |
(مرقس53:14) |
(لوقا54:22) |
(يوحنا24:18) |
وَالَّذِينَ أَمْسَكُوا يَسُوعَ مَضَوْا بِهِ إلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، حَيْثُ اجْتَمَعَ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ. |
فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. |
فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. |
وَكَانَ حنَّان قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. |
[«السِّنْهِدْرِيم»: يتكون من واحد وسبعين عُضوًا تحت رئاسة الكاهن العظيم أو رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، ويضم رُؤساء الْكَهَنَةِ السابقين والكتبة وشيوخ الشعب. بدأ منذ موسى النبي (عد10:11-24).][79] [وفي زمن المسيح كان السِّنْهِدْرِيم يجتمع أحيانًا بصورة مُصغَّرة من 24 عضوًا، ويجتمع بصورته الكاملة في أورشليم من 71 عُضوًا ليحكُم في القضايا الكُبرى. ولا يجتمع «السِّنْهِدْرِيم» الأعظم إلا بموافقة الوالي][80]، [وقد فقد صلاحيته في الأحكام السياسية والقضائية الكبرى قبل خراب الهيكل بأربعين سنة].[81][وكان المكان المخصص لانعقاده، قاعة كبيرة تُعرف باسم Lischkath Haggajith تُقابِل مجلس النواب ، داخل الهيكل. ولأن أبواب الهيكل مغلقة ليلًا أثناء مُحَاكَمَة الرب يُرجَّح أن المجمع انعقد في دار رئيس الكهنة][82] هذه المرة.
كان مجمع السِّنْهِدْرِيم سابقًا، عندما كانت بِيَدِه جميع الأحكام حتى حُكم الإعدام، مَجمعًا مُحترمًا مشهودًا له بأحكامه الإنسانية العادلة، وإجراءاته المستقيمة التي تضمن له العدالة. أما بعد أن وضعت الإمبراطورية الرومانية يَدَها عليه وسحبت منه اختصاصاته الكبرى، قلَّت فيه العدالة وسقطت منه الإنسانية. فصارت المُحاكمات فيه أشْبه بتحقيق يَقوم به مُحلِّفون لإعداد الدعوة أو ورقة اتهام تُقدَّم للمحكمة الرومانية ذات السلطة في أحكام الإعدام.
[ومعروفٌ أن الذي سلَّم الإنجيليين ما دار داخل السِّنْهِدْرِيم من أحكام، هم أعضاء السِّنْهِدْرِيم الذين كانوا مُتعاطفين مع المسيح، ولم يُوافِقوا على أحكامه، ومنهم يوسف الرامي ونيقوديموس. وكان أعضاء السِّنْهِدْرِيم بَعضَهم فَرِّيسيين وآخَرِين صَدوقيين، وبين الفريقين عَداءٌ ونِزاعٌ لا يَنتهي. وكان تَحريك قَشَّةً يُمكن أن يُثير بينهما مشكلة فيَتركوا القضية التي من أجلها جاءوا. وكان قَيَافَا يعرف هذا، ويعرف كيف يُحرِّك القشة؟ ولكنه أراد أن يتحاشى هذا في هذه المرة][83].
يقول القديس يوحنا: «وَكَانَ حنَّان قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ « (يو24:18)
كانت مُحَاكَمَة المسيح أمام حنَّان ليلًا. ثُم أُحال رئيس الكهنة العجوز المُتَّهمَ سريعًا إلى السِّنْهِدْرِيم؛ ليُحاكَم رَسميًا أمام قَيَافَا؛ فجريمة التجديف جريمة كُبرى. ولم يَستدعِ نقْل المسيح من أمام حنَّان إلى قَيَافَا إلا عبور صالة السِّنْهِدْرِيم بين القصرين في نفس المكان، وكان ذلك ليلًا أيضًا.
فاستدعى قَيَافَا أعضاء مجمع السِّنْهِدْرِيم بمَجلِسِه الأكبر الذي يتم بِحُضور ما لا يقل عن ثُلث الأعضاء أي أربعة وعشرون عُضوًا من أعضائه الواحد والسبعين.
[وظلَ هذا المجمع مُجتمِعًا حتى الفجر: «وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ. «(مرقس1:15)][84]
وهكذا تناوب على مُحاكمة الحَمَل القدوس، حنَّان بِمَكرِه، وقَيَافَا الذي أعَدَّ الفخ ورتَّب خطوات سفْك دم الذبيحة البريئة. [وسَوْف يُدَانُ ذاك الذي كانت له كرامة رئاسة الكهنوت، وفي نفس الوقت كان واضع خطة الشر. ويظهر هنا أن قَيَافَا رَئِيس الْكَهَنَةِ هو الحاكم الحقيقي بموت المسيح][85]، كرئيس الكهنة الذي به قُدِّمَتِ الذبيحةُ العُظمى، حَمَلُ الله الذي يرفع خطية العالم كله. وقد قرر هذا في قلبه قبل جلوسه على كرسي القضاء.
[انعقدت المُحَاكَمَة في بيت قَيَافَا رئيس الكهنة. وهو أصلًا بيت حنَّان؛ فبعد أن تزوَّج قَيَافَا ابنة حنَّان، سكن معه في الجناح المقابل في نفس البيت. وكانت بينهما دارٌ، كثيرًا ما اجتمع فيها السِّنْهِدْرِيم،متى لزم الأمر، وذلك بعد أن أُغلق مبنى السِّنْهِدْرِيم الخاص الذي كان يقع جنوب منزل حنَّان وقَيَافَا بأمر السلطة الرومانية، في دار القضاء في «بيت رئيس الكهنة» (لو22: 54).] [86]
كان قصر قَيَافَا مبنيًا [كأفخم القصور في الشرق، حوله دارٌ مربعة الشكل غير مسقوفة، يتم الوصول إليها بواسطة دهليز، وفي هذه الدار أضرم العبيد والخدم النار، وربما وقف الرب يسوع أمام عظيم الكهنة في حُجرةٍ ملحقة، هي حُجرة رئيس الكهنة؛ لأن الرب يسوع قد سمع كل ما قيل حول النار والتفت ونظر إلى بطرس. وكان الرب يُرسَل من حجرة إلى أخرى، ومار بطرس في الدار يشاهد كل ما يجري مع المسيح][87].
كان أعضاء مجمع السِّنْهِدْرِيم يتوافدون مُهرولين مُسرعين نحو القاعة، يُلَملمون أهداب ثيابهم؛ لئلا تتنجس بِلَمس الآخَرين. وهؤلاء الأعضاء يختلفون في أعمارهم بين من يجاوز سن الشباب بقليل ومن يتخطى العِقد السادس.
كانوا يتقاطرون إلى قاعة رئيس الكهنة ليبدأوا اجتماعهم، وهم يعرفون أن مُحَاكَمَةً كهذه والظلامُ باقٍ تتنافى وروح القانون. ولكن إذا شاء قَيَافَا أن يُحاكِم يسوع قبل الصباح، فمن يستطيع أن يعترض عليه؛ فقد كانوا جميعًا حُلفاءً لرئيس الكهنة.
ثم إنهم أمام مشكلة عسيرة تَتطلَّب عملًا حاسمًا سريعًا قبل قيام ثورة شعبية مؤيِّدة ليسوع الناصري صانع الآيات والأشفية محبوب الجماهير. فليس الوقتُ إذَن وقتَ التمسُّك بشكليات القانون.
والمُحَاكَمَة أمام مجلس السِّنْهِدْرِيم برئاسة قَيَافَا[88] مُحَاكَمَة دينية، غير رسمية بأورشليم كما سيظهر:
كانت [أكبر مهزلة حدثت في التاريخ الإنساني. ومع بالغ الأسى أنها تمت باسم القانون. وكان القُضاة فيها رجالًا في القِّمة سُلِّمت إليهم مقاليدُ العدالة في زمانهم. واستطاعوا في عُجالة من الوقت لا تزيد عن ساعات أن يتخذوا قرارًا جماعيًا بحُكمٍ ظالمٍ قاسٍ، دَمغَ اليهود والرومان معًا بدمغةِ الإثم، ولَطَّخ تاريخهم بأبشع جريمة عرفها تاريخ البشر][89]. [ففي إجراءات تلك المُحَاكَمَة الظالمة، تَجاوُزاتٌ على الحق والعدل، وتَخطي لأبسط مقتضيات العدالة الإنسانية والقيم الاجتماعية.][90]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
مرحلة تحضيرية: بدأت بعد منتصف الليل بقليل، واستمرت إلى قُرب الفجر إلى صياح الديك.
واعتُبرت هذه الجلسة الليلية الهامة جلسة غير رسمية، والحُكم فيها غير رسمي؛ فهو يخالف الشريعة اليهودية التي لا تُجيز النظر في القضايا العامة ليلًا. كما أنه مخالفٌ للقانون الروماني، الذي يمنع صدور الأحكام قبل الفجر، ولذلك لا يُعتَدُّ بالأحكام التي صدرت ليلًا، سواء في المُحاكمة أمام حنَّان أو المُحاكمة التحضيرية أمام قَيَافَا.
مرحلة رسمية: صدر الْحُكْم الرسمي صباحًا: «وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إلَى بِيلاَطُسَ» (مت27: 1)
وهذه هي المُحَاكَمَة الدينية الثالثة، وكانت أمام مجمع السِّنْهِدْرِيم بعددِه القانوني، في الميعاد الرسمي صباحًا، برئاسة قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الرسمي.
وفي غرفة المشورة، داخل أسوار الهيكل، اجتمع مجلس السِّنْهِدْرِيم. وكان قَيَافَا رئيس الكهنة الحالي يرأس المجمع؛ فهو إذن مجمع رسمي؛ والمُحَاكَمَة رسمية، في مكانها، وزمنها ورئاستها.
[والمُحاكمة لها قُضاة، وأمامها شكاية، وشهود، أما المُحاكَم فليس له دفاع. والعدل يقتضي إذا لم يكن للمُحاكَم محامٍ يدافع عنه، أن تُقيم له المحكمة من يُدافع عنه، فالعدل يقتضي أن يوجد تَظَلُّم ودفاع، وأما يسوع المسيح فلا يحتاج إلى محامٍ، أو دفاع.][91]
وفي مجمعٍ كهذا، يُوجد شهودٌ كثيرون مستعدون أن يواجهوا يسوع بأنه:
§ أهان الكهنة والكتبة ودعاهم مُرَائِين.
§ اِزْدَرَى ببعض تقاليد اليهود، وذم كثيرًا من طقوسهم التي أضافوها.
ولم يكن لائقًا أن يُقَدَّم هذا الاتهام الآن. فكان المجمع يضم زعماء الفريقين الدينيين لليهود: الفريسيين والصدوقيين، وبينهما خلافات كثيرة في هذه التقاليد وتلك الطقوس. والصَدوقيون في نزاعهم مع الفريسيين كالوا لهم نفس التُّهَم. وتُهَمٌ كهذه ليس لها وزنٌ أمام الرومان.
وما استطاعوا أن يتهموا رب المجد بنَقْدِ السبت، وإخراج الشياطين؛ فاستجوابٌ كهذا، يكشف طبيعة المسيح المُحِب للناس، كصانع المعجزات، والقلب الرحيم مانح الشفاء. كما يكشف ما في قلب الكهنة ورؤساء الكهنة من حِقد. وتُهمةٌ كهذه أمام الرومان لا تستوجب الموت. فاستقر رأيُهم أن يتهموه بأنه هدَّدهم بهدم الهيكل. وكان الرب قد قال شيئا كهذا «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يوحنا19:2)، لكنه كان يقصد معنًى آخر. وإذا كان هدم الهيكل ليس شيئًا جوهريًا في ذاته في نَظَرِ
السُّلطة الرومانية، ولكنه ينطوي على اتجاهات ثورية، تَهُمُّ بيلاطس؛ ولذلك فَهُم يبحثون أن يُمسِكوا عليه تُهَمًا يُقيمونها عليه أمام الوالي.
«وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ» (يو18: 14)
وكان في هذا ينطق بنُبوة مقدسة، إذ كان رئيس كهنة في هذه السنة؟
فبينما جلس قَيَافَا على عرش القضاء، قاد جنودُ الهيكل يسوعَ مقيدًا، وأوقفوه أمامه.
وكَما فَعل الرب مع حَنان فَعل مع قَيَافَا، إذ صمت ولَم يُجِب بشيء. ولَم يَكن هَذا غَريبًا؛ فَقد جاء الرب لفداء البشرية، ليحمل خطايانا، لذلك لم يدافع عن نفسه، بل حَسِبَ كلَّ اتهامٍ يُوجَّهُ إليه قليلًا عن ما يحمله فعلًا أمام القاضي الأعظم، الله الآب؛ فهو حامل كل خطايا كل البشرية.
«خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.» (يوحنا18: 14).
هذا هو موت المسيح لفداءِ الشَّعْبِ، كما تنبأ رئيس الكهنة. فقد «سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ». (إشعياء12:53)، [مات البار عن الأثمة وشهد عنه إشَعْيَا النبي فقال: «وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا،.. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟» (إشعياء8:53، 11).][92] «أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إثْمٍ» (إشعياء10:53).
حتى قال الرب: «قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ». (إشعياء3:63).
في إعداد ورقة الاتهام، كان مجمع السِّنْهِدْرِيم يُعَلِّم أن "كسْرَ السبت، وإخراج الشياطين، والعصيان ضد السلطة الدينية"، أمورٌ لا ترتقي أن تكون اتهامًا لشخصٍ يُقدَّمُ إلى المحكمة الرومانية، أملًا أن يُحكَم عليه بالموت، ولذلك فالأمر يحتاج إلى اتهامات أخرى، ولو كان هذا يُكلِّفُهم إقامة شهودَ زورٍ عليه، تُدفَع لهم رشوة، ليُحاكَم كمجدِّفٍ، عاصٍ على الدولة.
· بَدْءُ المُحَاكَمَة أمام رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ:
وقف الدَّيَّانُ أمام رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ صامتًا. وأسرع قَيَافَا إلى بدء إجراءات المُحاكمة. وحاول جاهدًا أن يُدافع عَن نَفسه كقاضٍ. فيُبرر حُكمَه المُسْبَق على المَسيح بالموت، بلا جريمة محددة،
فَجَمع شهودَ زورٍ، يَشهدون على الرب.
(متى59:26، 60) |
(مر55:14، 56) |
وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا |
وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. |
من هنا استنتج أوريجينوس: [أَنَّ الرب "لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ" (إشَعيا9:53)؛ فحتى أعداؤه لَمْ يَجِدُوا ما يتهمونه به أو ما يَدُسُّونَه عليه، فطْلُبُوا شَهَادَةَ زُورٍ ولَمْ يَجِدُوا][93].
وقُدِّمَت رِشوةً لشهود الزور ليشهدوا كذبًا على يسوع: أنه يُثير عصيانًا على قيصر، ويجاهد أن يُقيمَ دولةً يكون هو ملكها! شهادةٌ تناقض المفهوم السائد عنه، كما تنبأ داود النبي فقال: «شُهُودُ زُورٍ يَقُومُونَ، وَعَمَّا لَمْ أَعْلَمْ يَسْأَلُونَنِي» (مز11:35).
هؤلاء أرادوا أن يقدموا الرب للمُحَاكَمَة، فبحثوا عن تهمة يلفَّقونها عليه، وطلبوا شهود زور لتلك التهمة فَلَمْ يَجِدُوا. وحتى شهود الزور، لَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ، مما يُثبت كذبهم. [ثم إن القول: يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، يعني أنهم حكموا بقتله بلا مُحَاكَمَة ولا تحقيق.][94] [وهي مهزلة قضائية تكشف نوعية القضاء في إسرائيل، ومستوى رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ والكتبة وشيوخ الشعب، وما آلت إليه قوانينُ الناموس الذي يتمسَّكون به ويدافعون عنه، ويريدون أن يتخلَّصوا من المسيح ليبقى لهم ناموسهم، وتبقى لهم وظائفهم. وبهذه المُحَاكَمَة نستطيع أن نفهم: لماذا جاء المسيح ولماذا هو يُحاكَم الآن.][95]
· الاتهام الأول: ينْقُضُ الهَيْكَلَ ويبْنِيهِ:
(متى60:26-61) |
(مر57:14-59) |
أَخِيرًا تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ وَقَالاَ: "هذَا قَالَ: إنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ". |
ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ: "نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ". وَلاَ بِهذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. |
في المُحَاكَمَة الدينيّة: تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ وأثارا اتهامًا قديمًا:
«هذَا قَالَ إنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ». (متى26: 61).
والقصة بدأت بعد أن طرد الرب الَّذِينَ يَبِيعُونَ فِي الْهَيْكَلِ: «فقَال الْيَهُودُ لَهُ: "أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟" أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: "انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ". فَقَالَ الْيَهُودُ: "فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟" وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ.» (يوحنا18:2-21).
حرَّفَ الشَاهِدَان كلام الرب، إذ لم يقل: «إنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ». بل قال:
«انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يوحنا2: 19).[96] قاصدًا هيكل جسده (متى2: 12،
يوحنا21:2). أمّا هم ففهموا خطَئا أنه يتحدّث عن هيكل أورشليم.
وهنا ندرك بُطلان الاتهام الأول:
فالرب قَالَ لَهُمْ: |
وهم اتهموه هذَا قَالَ: |
"انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ". (يو19:18) "وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ" ( يو19:18) |
«"إنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ."» (متى61:26) «"وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ".» (متى61:26). أو«"وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ» (مر58:14) |
كانت نُبوءةٌ مجازية شرحها القديس يوحنا الذي كان مرافقا له:
واضحٌ أن الرب لم يقل أنه هو الذي سينْقُض!. بل قال لهم «اُنْقُضَوا» أنتم.
وواضحٌ أن الرب لم يتكلم عن «هَيْكَل اللهِ» بأورشليم. بل عن «هذا الهَيْكَلَ»، قاصدًا هَيْكَلَ جسده مشيرًا إلى موته ثم قيامته في اليوم الثالث (متى2: 12، يوحنا21:2).
وفرقٌ بين «أُقيمه، وأَبْنِيهِ»، فالسيد المسيح قال «فأنا أُقيمه»، قاصدًا أنه بعدما يُصلَب سيُقيم نفسَه بقوة لاهوته. وهذا يختلف تمامًا عن هدْم هَيْكَل أورشليم، الذي لم يقل الرب أنه سيفعله إطلاقًا، لكن اليهود ظلُّوا يتهمونه بهذا حتى الصليب فقالوا له: «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ!» (مر29:15). وواضحٌ أن نْقضَ الهَيْكَل عمل الأشرار، أما إقامته فهي عمل الله قال: «انْقُضُوا» أنتم هذَا «الْهَيْكَلَ»، أمَّا أنا «أُقِيمُهُ».
[ولم يجد رؤساء الكهنة غير هذه الكلمات التي فهموها فهمًا حرفيًا خاطئًا ليتهموه بأنه حَّرض اليهود ليهدموا هيكل أورشليم، وهو بطريقة سِحرية يبْنِيهِ في ثلاثة أيام. وقد اشتغل الرومان في بناء الهيكل وزخرفته وكان سبب فخرهم، فكانوا يعتزون به لعظمة بنائه وجمال زخرفته. واليهود بما فيهم الفريسيون والصدوقيون يعتزون بقداسته. ويقول القديس جيروم: [إن شهادة الزور تُحَرِّف معنى الحقيقة، تَكَلَّمَ الرب عن هيكل جسده، فاتهموه زورًا بتعبيرات مشابهة.][97] وهدْمُ الهيكل ليس أمرًا جوهريًا في نظر السلطة الرومانية، لكنه ينطوي على اتجاهات ثورية تَهُمُّ بيلاطس، وهم يبحثون كيف يمسكوا عليه تُهمًا يقيمونها عليه أمام الوالي الروماني؟!
وهنا يُتَّهم الرب بأنه ضد الهيكل والعبادة، وبالتالي فهو ضد الله.
ولذلك عاير اليهود ورُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ السيدَ المسيح على الصليب باتهامين:
§ «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ!» (مر29:15).
§ «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!، لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ، لِنَرَى وَنُؤْمِنَ!» (مر32:15).
واستمع الرب تعييراتِهم وظل صامتًا، لم يدافع عن نفسه بكلمة. وظلَّ اليهود يلصقون بالرب وأتباعه تهمة نقْض الهيكل وَالنَّامُوس[98]:
لماذا صَمَت الله الكلمة وَلَمْ يُجِبْ بِكلمةٍ مدافعًا عن نفسه؟!
(متى62:26-63) |
(مر60:14) |
قَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: "أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هذَانِ عَلَيْكَ"؟ وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. |
قَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قِائِلًا: "أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هؤُلاَءِ عَلَيْكَ"؟ أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. |
«قَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هذَانِ عَلَيْكَ؟» (متى26: 62).
أراد الرب أن يَحْمل كل خطايا البشرية، لذلك وقف صامتًا، علامةَ قَبُوله وموافقته أن يحمل خطايانا ويُحسَب آدمَ الثاني بديلًا عن البشرية الخاطئة، ويُحاكَم كمُذنبٍ بحُكْم القضاء. ولذلك «تَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إلَى الذَّبْحِ،.. فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ» (إشعياء53: 7). ولم يخرج الرب عن صمته، حتى سأله قَيَافَا ثانية:
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
·الاتهام الثاني: «هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟»
(متى63:26-66) |
(مر61:14-64) |
فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: "أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ"؟ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ". فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلًا: "قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! مَاذَا تَرَوْنَ"؟ فَأَجَابُوا وَقَالوُا: "إنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ". |
فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: "أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟" فَقَالَ يَسُوعُ: "أَنَا هُوَ". وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ". فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: "مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ"؟ فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ: "إنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ". |
وأخيرا لَجأ قَيَافَا إلى حِيلةٍ لإخراج المَسيح عن صَمْتِه وإجباره على الكلام، بأن رَفع يُمْناه إلى السماء وسأله في شكل قَسَمٍ: «وَقَالَ لَهُ: "أَسْتَحْلِفُكَ، بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ"؟» (متى26: 63). «فَقَالَ يَسُوعُ: "أَنَا هُوَ".» (مر62:14).
[في هذا لم يصمت، فهنا حقٌّ إلهي يجب إعلانه، والصمت خطأٌ كبير، لكن كل الاتهامات الأخرى لم يُعرها المسيح اهتماما.][99] ويخاطب العلامة أوريجينوس قَيَافَا: [اِخبرني لماذا تسأله؟ هل لِتعرفَ إنْ كان هو المسيح أم لا؟، تستطيع بسهولة أن تعرف من الناموس والأنبياء. اِبحث في كتابات موسى، فتراه مصوَّرًا فيها بِطُرُقٍ مُتعدِّدة... افحص كتابات الأنبياء فتسمعهم يُعلنون معجزاته الإلهيَّة. وفعلًا أجاب المَسيح، وأظهر لقَيَافَا الحقيقة التي جاهد لِطَمسها، والآن أمست دينونة هَذا الرئيس الحالف كذبًا باسم الله الْحَيِّ؛ لِيُجبِر المَسيح على إعلان الحق. وواضح أن رَئِيسَ الْكَهَنَةِ استحلف المسيح على نحوٍ غير مشروع.][100]
وأمام القَسَم باسم الله الحي،
وأمام أهمية السؤال، وأهمية الذي وجَّهَه، كأعلى سلطة كهنوتية مُعترَف بها في الأُمَّة.
وأمام طريقتِه المباشرة الصريحة، تكلم السيد المسيح، ولم يصمت «فللسكوت وقت وللكلام وقت» (جا3: 7). فإجابة هذا السؤال، فوق أنها ستقوده إلى الموت، ومن أجل هذه الساعة قد أتى. إلا أنها ستكون إعلانًا، أن الرب يموت عن الشعب؛ لذلك أجاب يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ». (مر62:14).
[ولم يكن قَيَافَا رئيس الكهنة صادقًا في استحلافه للرب، بل قصد أن يأخذ اعترافًا من فم المسيح ليمسكوه عليه، فيصير المجمع شاهدًا عليه. أما الرب بإقراره أنه المسيح ابن الله، قد وضع رؤساء الكهنة والمجمع ورؤساء الشعب، عندما يُعذبونه ويصلبونه، أنهم يفعلون هذا بمعرفة وإرادة. فالبشرية اقترفت خطاياها ضد الله عن عمد. وها الرب يُقتل كخاطئ مع أنه المسيح ابن الله!][101]
«قَالَ لَهُ يَسُوعُ أَنْتَ قُلْتَ!» (متى26: 64)
ردَّ المسيح مباشرةً، فهذه طريقته: أن يأخذ الإجابة من كلمات محدِّثه. وهنا شرح القديس مرقس معنى كلمات القديس متى بعبارة «أَنَا هُوَ». (مر62:14). وبنفس الطريقة أجاب الربُّ بِيلاَطُسَ حينما سأله: «أَفَأَنْتَ إذَن مَلِكٌ؟» فقال: «أَنْتَ تَقُولُ إنِّي مَلِكٌ». (يو37:18).
وهكذا نلاحظ أن السيد المسيح يصمت عند اتهامه بالخطايا؛ لأنه يحمل خطايا البشرية حقا! أما عندما يُسأل عن هويَّته يرد في الحال. الأمر الذي أعلنه بولس الرسول: «أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ.» (1تي13:6). وهذا ما نؤكده أثناء القداس الإلهي في الإقرار الأخير إذ يقول الكاهن: [واعتَرَفَ الاعتراف الحسن أمام بيلاطس البنطي،
وبذله عنا على خشبة الصليب المقدسة عنا كلنا.][102]
وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ:
«مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ» (مت26: 64)
كلماتٌ أرهبت رئيس الكهنة. إذ تُعلن ألوهة المسيح ومساواته للآب في الجوهر. كما تُعلن هيبة مجيئه الثاني للدينونة. فهو الرب الجَالِس عَنْ يَمِينِ الله قاضي القضاة وديان الأرض كلها.
ويُعلق القديس كيرلس الكبير فيقول:
[أرجوكم أن تُخبروني مَن الذي يحق له أن يجلس مع الآب إلَّا الابن بالطبيعة؟ فلا يمكن لمخلوقٍ أن يتحدث عن جلوسه على عرش الألوهة؛ لأن كل مخلوق يوضَع تحت قدمي الطبيعة الإلهية الفائقة التي تتسامى على كل المخلوقات. الله الآب وحده يجلس على العرش عاليًا ومرتفعًا، ويشاركه ابنه في عرشه، فهو الكائن معه، ومولودٌ منه بالطبيعة.][103]
«مَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلًا:
«قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ.» (متى26: 65).
وفي غضبٍ ممقوت: «مَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ... ثِيَابَهُ.»
ويقول القديس جيروم: [امتلأ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ غيظًا، بعدما فقد الأمل في شهود الزور الذين لم تَتَّفِقُ شَهَادَتُهُمْ، وقام عن كرسيه، واستفزه الرب الصامت، وحاول أن يلتقط كلمة منه ليدينه بها. فمَزَّقَ ثِيَابَهُ ليُزيد من قوة اتهامه.][104]، كما قال ذهبي الفم: [فبتمَزيقَ الثياب الكهنوتية برهن أن اليهود قد فقدوا مجد الكهنوت.][105] فالشريعة تُعلِن أن: «الْكَاهِن الأَعْظَم بَيْنَ إخْوَتِهِ. لاَ يَكْشِفُ رَأْسَهُ، وَلاَ يَشُقُّ ثِيَابَهُ (لاويين10:21). فبهذا حكم قَيَافَا على نفسه بانتهاء كهنوته، [واكتملت نهاية كهنوت العهد القديم بالإعلان الإلهي: في شق حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل.][106] كما يقول ذهبي الفم؛ ليبدأ كهنوت العهد الجديد على طقس ملكي صادق.
متى مزق رئيس الكهنة ثيابه؟ ومتى انشق حجاب الهيكل؟
مزق رئيس الكهنة ثيابه عندما اعترف المسيح بألوهيته إذ سأل السيد المسيح «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ. فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ ». (مر61:14-62).
وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ عندما سَلَّم المسيح الروح: «فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إلَى أَسْفَلُ». (مر15: 37– 38).
وهكذا أعدَّ قَيَافَا هذين الاتهامين اللذين اعتمدت عليهما تحقيقاته في حكم الموت:
أولًا: أنه قُدِّم للمُحَاكَمَة اليهودية، وخرجوا باتهام أنه يَدَّعِي أنه سينقض الهيكل، وأنه ابن الله.[107]
ثانيًا: أنه قُدِّم للمُحَاكَمَة الرومانية على أساس أنه يَدَّعي أنه "مسيح ملك" نِدٌ لقيصر (لو2:23).[108]
نبوءتان تنبأ بهما قَيَافَا رَئِيس الْكَهَنَةِ رغم شَرِّه، وأَيَّدَهما الرب بإعلانين إلَهِيَّيْن:
النُبُوَّة الأولى: «خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.» (يو14:18): سبق الإشارة إليها.
والنُبُوَّة الثانية: نُبُوَّة عملية إذ رأى قَيَافَا السيد المسيح رئيسَ الكهنة الأعظم مزمعًا أن يصعد إلى الصليب مذبح العهد الجديد الحقيقي؛ ليُقدِّم ذبيحة نفسه، ذبيحة حقيقية دائمة ممتدة في الِافْخَارِسْتِيَا، أسرع ليعلن عمليًا بروح النبوة، نهاية كهنوت العهد القديم؛ فشَقَّ ثوبه الكهنوتي. وعندما أعلن الرب نهاية هيكل العهد القديم أثناء دخوله أورشليم في أحد الشعانين منذ أيام قائلًا: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابا، فلم يتنبأ بخرابِه فحسْب، بل رفضه ودعاه "بيتكم"، وهذا هو الإعلان الإلهي الأول، ثم أعلن الله إعلانه الثاني بنهاية ذبيحة العهد القديم بأن «انْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ» (متى27: 51).
«فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ!» (متى26: 65).
[ كان قَيَافَا يحمل حقدًا شديدًا على المسيح الذي جذب الشعب ورائه. ما دعاه لرغبة جامحة في قتله. وعندما رآه في المُحَاكَمَة في هيبةٍ وَرِعة، انجذب إليه. وأفقده الصراع هدوءه، ومزق ثِيَابَهُ الكهنوتية، وكسر وصية الله للكهنة «لاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا، وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ» (لاويين10: 6).][109]
قَائِلًا: «قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ.» (مت 26: 65).
لماذا صرختم قَدْ جَدَّفَ؟! ألم يقل كتابكم «قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: "اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي".» فما قاله الرب، سبق الأنبياء وكتبوه. فلماذا لا تُفتشوا الكتب وتفحصونها؟! حقًا تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله.
اِدَّعَى أَنَّهُ المسيا! فلماذا يا رجال الشريعة لا تفحصون الناموس وكتب الأنبياء وتتحققون ما إذا كان ادعاؤه صِدقًا أم كذبًا؟ اِدرِسوا النبوات وناقشوه قبل أن تحكموا عليه؛ فأنتم الجالسين على كرسي التعليم. شعرتم أن «الْعَالَم قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ»!، قلتم «هَذَا هُوَ الْوَارِثُ هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا الْمِيرَاثُ». وحينما أيقظكم الرب بسؤاله ماذا يعمل صاحب الكرم؟ يأخذ الكرم ويعطيه لآخرين. قلتم في زلْفة لسان، تُعَبر عن معرفتكم
وحقيقة رفضكم، «حاشا».
فأنتم إذن فاهمون، لكنها الغيرة المُرَّة تمنعكم من الإيمان. طُمست عيونكم فلم ترَ، وآذانكم فلم تسمع، وقلوبكم فلم تؤمن، وضمائركم فلم تستيقظ. واخترتم بإرادتكم أن تَبقوا على الكراسي التي تَعَبَّدْتُم لها، فجاء الرب و«أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ» (لو1: 52).
وقبْل أن تحكموا على الرب ليُصلَب لخلاص العالم، حكمتم على أنفسكم بالهلاك الأبدي.
«هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ»
[كسر قَيَافَا رئيس الكهنة شريعة الله. وحاول أن يُمسك على السيد تُهمة التجديف بادعاءٍ كاذب، وكان يتوقع أن يُعلن المسيح عن لاهوته، فاستعد بطريقة تمثيلية ليُسجِّل على المسيح أول اعتراف بلاهوته وأنه المسيَّا، فيُحسَب عليه تجديفًا. ووقع اعترافه كالصاعقة على رأس قَيَافَا، فأسرع بتمزيق جُبَّتِه ليسجل
حالة التجديف، كما يقرِّر قانون السِّنْهِدْرِيم.][110]
لماذا اعتَبر رئيس الكهنة قول المسيح تجديفًا؟، لأنه لا يجلس عن يمين الله إلاَّ المسيَّا الآتي، الذي ذكره المزمور قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ». (مز1:110). «فَقَالَ الْجَمِيعُ: "أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟" فَقَالَ لَهُمْ: "أَنْتُمْ تَقُولُونَ إنِّي أَنَا هُوَ." فَقَالُوا: "مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ."» (لو22: 70-71).
«"مَاذَا تَرَوْنَ؟" فَأَجَابُوا وَقَالُوا: "إنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ"». (متى26: 66).
تورَّط رئيس الكهنة في الْحُكْم على المسيح أنه مُجدِّف بلا حكمة، رغم اعتراف المسيح أنه المسيَّا ابن الله. وَوَرَّطَ بقيةَ المجمع بتمزّيَق ثِيَابِه شهادةً منه أنه متأكدٌ من تجديفه. فأفْتُوا كرئيسهم.
واحدٌ فقط لم يوافق على رأيهم، هو المشير يوسف الرامي، وهذه لفظة تعني: رجلٌ شريفٌ صاحب مشورة: «وَإذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلًا صَالِحًا بَارًّا. هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ.» (لوقا23: 51،50).
كيف انتهت هذه المُحاكمة؟
إذ حكموا: «إنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ». (متى26: 66)، بدأوا فورًا أُولَى خطوات التنفيذ.
(مت 68،67:26) |
(مر65:14) |
(لو63:22-65) |
حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ، وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ قَائِلِينَ: "تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ مَنْ ضَرَبَكَ؟" |
فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: "تَنَبَّأْ". وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ. |
وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ: "تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟". وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ. |
كان العسكر رجالًا مأجورين من المستعمرات الرومانية، لا عِلم لهم ولا أخلاق، يحتقرون اليهود. وقد انتهزوا فرصة للسخرية بهم من خلال استهزائهم بيسوع، فألبسوه أُرجُوانًا كملك، وضفروا له إكليل شوكٍ ووضعوه على رأسه، وأعطوه قصبة في يمينه، وصاروا يستهزئُون به قائلين: السلام يا ملك اليهود، وكانوا يسجدون أمامه، ويضربونه بالقصبة على رأسه، ويبصقون عليه.
وظل الرب يحتمل منهم ما استطاع شرُّهم أن يفعل. [فأيُّ نَوْحٍ يكفي لأولئك الذين سقطوا في هُوة الهلاك بتصرُّفهم الشرير ضد المسيح، فأحزنوه بكلمات السخرية والتجديف، وعاملوه بغطرسة، وبِشَرِّهم جعلوه تسليةً لهم، بل تجرَّأُوا أن يضربوه، ويجلدوه، قائلين: تنبأ من هو الذي ضربك؟ نعم، «اِبْهَتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ هذَا، وَاقْشَعِرِّي وَتَحَيَّرِي جِدًّا، يَقُولُ الرَّبُّ». (إر12:2)، فملك الملوك ورب الأرباب، يُزدرَى به ويُحتقَر، ويعطينا نفسه مِثالًا لطول الأناة.][111]
«حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ قَائِلِينَ: "تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ، مَنْ ضَرَبَكَ؟"».
عجيب يا رب وأنت بهاء مجد الآب وصورة جوهره، بصَقُوا فِي وَجْهِك، وقبلت! إذ أخذتَ شكل العبد، وفي جثسيماني، قُلتَ نفسي حزينة جدًّا حتى الموت، وتصبب عَرَقك كقطرات دم نازلة على الأرض الملعونة لتشفيها، ثُم غسَلَتْها قطراتُ دمك. ولهذا شهد إشَعْيَا: «بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ». (إش6:50).
وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ (لو63:22): لذلك قال القديس بطرس الرسول: «الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ... الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ.» (1بط24:2). [ كان جَلْدُ المسيح جَلْدًا على الطريقة الرومانية، والصوت الروماني له ثلاثة سيور من عصب البقر، ينتهي كل سير بقطعتَيْنِ من المعدن أو عظام الحيوانات.
وقد أثبت العلماء الذين فحصوا الكفن المقدس، أن الجلد تم بواسطة اثنين من عسكر الرومان واحد من كل جانب، وهكذا تترك كل جلدة ستة ثقوب في جسد السيد المسيح.][112]
· خاتمة المُحَاكَمَة الثانية مُحَاكَمَة قَيَافَا:
أمام قَيَافَا رئيس الكهنة، وقف الكاهن الأعظم رئيس رؤساء الكَهنة وإلههم جَميعًا.
وقف القاضي الأعظم ليُحاكَم أمام المُذنبين.
وقف القدوس الطاهر البار يُحاكَم من أجل بِرِّه.
[وظلَ المجمع مجتمعًا حتى الصباح.][113]«وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ« (مر1:15). ثُم بدأت المُحَاكَمَة الدينية الثالثة.
_____
[79]تُنطَق "السِّن هِدْرِين" من مقطعين وتعني الجلوس معًا. الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، بيلاطس البنطي، ص84.
[80]فرانك ج. باول، محاكمة يسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، مراجعة الأنبا غريغوريوس، ص80.
[81] E. Shürer, The History of the Jewish People in the Age of Jesus Christ, vol. II, p.210.
[82]يوسيفوس المؤرخ اليهودي، المشنا، عن ناجي نصيف، أسبوع الآلام لحظة بلحظة: دراسة تفسيرية كتابية، طبعة أولى2012م، ص218.
[83]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص797.
[84] المرجع السابق، ص787.
[85]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص24.
[86]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص786.
[87]القس سمعان كلهون، اتفاق البشيرين ودليل المُسترشدين، بيروت 1876، ص574.
[88] قيافا رئيس الكهنة من عام 18– 36م.
[89]الأنبا غريغوريوس في تقديمه لكتاب فرانك ج. باول، محاكمة يسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، ص5.
[90] فرانك ج. باول، محاكمة يسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، مراجعة الأنبا غريغوريوس، ص4.
[91]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، موسوعة الأنبا غريغوريوس: ج42 عظات في أسبوع الآلام، طبعة أولى 2013م، ص370.
[92]الأنبا بيشوي مطران دمياط، المسيح مشتهى الأجيال، مطرانية دمياط ودير القديسة دميانة براري بلقاس، ص541.
[93]العَلَّامَة أورِيجِينُوس Die griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin Akademie, Verlag 1897-, vol.38/2: p.226.
[94]فرانك ج. باول، محاكمة بسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، مراجعة الأنبا غريغوريوس، ص19.
[95]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص787 بتصرف.
[96]القديس جيروم (إيرونيموس)، Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium, Brepols, 1953-, vol.77: p.259 – 60.
[97]نفس المرجع السابق.
[98]حتى «أَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ عن استفانوس: «سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إيَّاهَا مُوسَى». (أعمال6: 13و14). وفي أيام بولس الرسول كانت لا تزال هواجس اليهود ضد الهيكل قائمة، فكانوا يقولون: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإسْرَائِيلِيُّونَ،.. هذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدًّا لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهذَا الْمَوْضِعِ». (أع28:21).
[99]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، موسوعة الأنبا غريغوريوس: ج42 عظات في أسبوع الآلام، طبعة أولى 2013م، ص371.
[100]العَلَّامَة أورِيجِينُوس Die griechischen christlichen Schriftsteller der ersten Jahrhunderte, Berlin Akademie, Verlag 1897-, vol.38.2: p.229.
[101]المرجع السابق.
[102]الخولاجي المقدس، القداس الباسيلي: الاعتراف الأخير، طبعة القمص عطاالله أرسانيوس المحرقي، مكتبة المحبة، طبعة أولى 1959م، ص401.
[103]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، عظة 150.
[104]القديس جيروم (إيرونيموس)،Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium, Brepols, 1953-, vol.77: p.260.
[105]القديس يوحنا ذهبي الفم عظة 84 PG, vol.58: p. 754; NPNF, series 1: vol.10: p. 504.
[106]القديس يوحنا ذهبي الفم عظة 85 PG, vol.58: p. 754; NPNF, series 1: vol.10: p. 50.
[107]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص787.
[108]نفس المرجع السايق ص788.
[109]القديس جيروم (إيرونيموس)،Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium, Brepols, 1953-, vol.77: p.260.
[110]مَزَّقَ بَرْنَابَا وَبُولُسُ ثِيَابَهُمَا، عندما أَراد كَاهِنُ زَفْسَ، أَنْ يَذْبَحَ لهماِ ثِيرَانًا. (أعمال13:14).
[111]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، عظة 150، ص731-736.
[112]الأنبا بيشوي مطران دمياط، المسيح مشتهى الأجيال، مطرانية دمياط ودير القديسة دميانة براري بلقاس، ص547.
[113]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص787.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/second-religious.html
تقصير الرابط:
tak.la/t4sst4c