محتويات: (إظهار/إخفاء) |
1. هذه المُحَاكَمَة 2. أهمية هذه المُحاكمة غير الرسمية 3. تُهمتان ضد يسوع الناصري 4. بدء المُحَاكَمَة أمام حنَّان رَئِيسِ الْكَهَنَةِ |
مُحَاكَمَة الليل في قصر حنَّان بأورشليم
بمثابة استجواب يسوع بواسطة رئيس الكهنة السابق حنَّان.
· انفرد بتسجيلها القديس يوحنا الإنجيلي فقال:
«ثُمَّ إنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، وَمَضَوْا بِهِ إلَى حنَّان أَوَّلًا، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌأَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ... فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. أَجَابَهُ يَسُوعُ: "أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا". وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلًا: "أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ"؟ أَجَابَهُ يَسُوعُ: "إنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي"؟ وَكَانَ حنَّان قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ.» (يوحنا12:18-14، 19-24)
· وهي مُحَاكَمَة تمهيدية غير رسمية: حدثت في مُنتصف الليل، وقبل طلوع الفجر، فكانت مجرد اجتماع لرجالٍ يتشاورون، في انتظار جلسة السِّنْهِدْرِيم الذي سيجتمع في الصباح الباكر. وفيها حُكِم على الرب أنه مُجدِّف ومُستوجِب الموت. ولكن الحُكم في جلسة غير رسمية في رئاستها، وفي ميعادها، هو حُكم غير رسمي.
فالمُحَاكَمَة في منتصف الليل في نظر الشريعة اليهودية مُخالفَةٌ شرعية[40].
وفي نظر القانون الروماني مُخالفَةٌ قانونية[41].
لذلك لم يُسجِّل هذه المُحَاكَمَة غير الشرعية، وغير القانونية إلا القديس مار يوحنا، الذي تتَبَّع كل شيء، في هذه الفترة، وصَاحَبَ الربَّ في كل مكان ولم يترك شيئًا، إلا الذي رأى أن البشيرين الثلاثة قد سبقوا وسجَّلوه. والمُرجح جدًا أنه كان شاهد عيان لهذه المُحاكمة، فقد قُبض على الرب يسوع، وسريعًا ذهبوا به إلى دار حنَّان في الجناح القِبلي من قصر قَيَافَا. وعلى عجَلٍ اجتمع مجمع السِّنْهِدْرِيم للمُحَاكَمَة المبدئِية للمسيح. أما الإنجيليون الثلاثة فما كتبوا عن هذه المُحَاكَمَة شيئًا لعدم قانونيتها. ومع هذا فإن القديس يوحنا لم يذكُر نَصَّ المُحاكمة في إنجيله غير التاريخي، إلا أنه أشار أن حنَّان سأل الرب عن تلاميذِه وتعليمِه.
كان من المهم أن تحدُث هذه المُحَاكَمَة، ففي نظر المُخططين في الظلام، إنها تُظهر القيادات الدينية أمام الشعب بأنهم على وفاقٍ واتفاق، في القبض على يسوع ومحاكمته، بل والحُكم عليه. وهل لا يُستخدم في هذه القضية الهامة حِيلة حنَّان رئيس الكهنة السابق وخبرته ودهاءَه ومكرَه!
وهم عازمون على الحُكْم بإدانة المسيح وقتلِه مُسبَقًا. [فهَذهِ المُحاكمة بمثابة جَلسة لتَجميع الاتهامات الَتي توجَّه ضد الرب يَسوع. لتكون سَندًا عند قَيَافَا رئيس الكَهنة الرَسمي، فتُوَجِهه وتقوده في مُحاكمتهِ الرَسمية أمام السِّنْهِدْرِيم، نظرًا لشَعبية حَنان ونفوذِه لدى اليَهود. ولِيَصِلَ المتآمرون إلى هدفهم كان ضروريًا أن يكسبوا رأي حنَّان في قضية المسيح قبل عرضها على قَيَافَا رئيس الكهنة الرسمي. فبدون رأيه يُمسِي حُكْم قَيَافَا حكمًا اسميًا غير قابلٍ للتنفيذ العملي][42].
وكانت وداعة الرب وبراءته وصبره أثناء محاكمته غير القانونية تَكشِف كراهيتهم. فكانوا يجاهدون أن ينتزعوا منه كلمة يدينونه بها؛ فيَصِلوا إلى غايتهم.
ويَروي القديسُ يوحنا هذه المُحاكمة في إنجيله (يو12:18) فيقول:
«ثُمَّ إنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ[43] قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، وَمَضَوْا بِهِ إلَى حنَّان أَوَّلًا»
اهتم القديسُ يوحنا في هذا النص أن يُصور قصة القبض عَلَى يَسُوعَ مُرتبةً ترتيبًا زمنيًا فقال:
«الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ Ἡ σπεῖρα καὶ ὁ χιλίαρχος καὶ οἱ ὑπηρέται τῶν Ἰουδαίων»
فقد قبضَ الْجُنْدُ على يسوع أولًا، فصار تحت قبضة الْقَائِد وسُلطانه، أما خُدَّامَ الْيَهُودِ، فلم يجرُؤوا أن يضربوه أو يوثقُوهُ إلا بعدما قبضَ عليه الْجُنْدُ وَالْقَائِدُ.
وكلمة الْجُنْد باليونانية Ἡ σπεῖρα: تعني السَرِية وعددها 200 عسكري، والْقَائِدَὁ χιλίαρχος وهو لقب عسكري لرئيس الألف جندي. وخدام الْيَهُودِ οἱ ὑπηρέται τῶν Ἰουδαίων وهم الضباط المُكلَّفون بخدمة الهيكل، ورؤساء الكهنة.
· «قَبَضُوا συνέλαβον[44] عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ»:
[قال الرب لرؤساء اليهود: كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي؛ لأني لم أسمح بعد، والآن حان الوقت. «فهَذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ» (لو53:22)، هذا هو الوقت المُعَيَّن، لأُعطِيَ لكم سلطان القبض عليَّ بإرادة الآب المتَّفِقة مع إرادتي، لأجل خلاص العالم.][45] قال القديس يوحنا ذهبي الفم: [ إن التلاميذ القديسين، بسبب غيرتهم الشديدة، أخرجوا سيوفهم ليدفعوا الهجوم عن معلمهم، ولكن المسيح لم يسمح لهم بهذا][46]، وقال لمار بطرس: «أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ[47]؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ"؟» (متى26: 54).
[وحديثه هنا إعلان عن مجد لاهوته فأن يُسرِع لِخدمته «أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ» هذا هو مَركَزُه الإلهي وسُمُوه، ولكنه سيظل يحتمل بإرادته وإلا: «فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ» (مز22، إش53، دا26:9، زكريا7:13)، التي علَّمَتْنا أن ابن الإنسان جاء ليبذل نفسه عن كثيرين، لِكَيْ تكمل النبوات ويكمل الفداء للعالم.][48]
«أَوْثَقُوهُ ἔδησαν αὐτὸν »: فالْقَائِدَ الروماني لا يعرف طبيعة الرب يسوع. ظَنَّه يحاول الهرب، وأن تلاميذه يُحاربون عنه. وحاولوا أن يَظهروا كعادلين خاضعين للقانون، لكن وقوف المسيح مُوثقًا أمام رؤساء الكهنة قبل ثبوت إدانته هذا وحده ضد العدالة.
[«وَأَوْثَقُوهُ»: يطيب لجميع الآباء الأوائل الذين شرحوا إنجيل يوحنا، أن يقفوا عند هذه الكلمة ويتذكروا معها كيف أمسك إبْرَاهِيمُ ابنه اسحق وَأَوْثَقَهُ، «فَلَمَّا أَتَيَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ... الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ.» (تك22: 9). وسواء في ربط إسحق أو المسيح، فالاثنان يشتركان في عدم المقاومة، إذ كانا في خضوع كامل. فما كان لإسحق أن يُقاوم تحت يد أبيه، وهو واثق من محبته ورحمته الكاملة. وهكذا الأمر بالنسبة للسيد المسيح، ومع أنه ظاهريًا واقع بين أيدي الأشرار، لكنه في الحقيقة تحت يدي الآب السماوي وهو الابن الوحيد «الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟»][49]
أوثقوا بحبالٍ يَديه القدوستَيْنِ اللتَيْنِ عملتا الخير مع الكل. وتم قول الكتاب «كَشَاةٍ تُسَاقُ إلَى الذَّبْحِ.» (إشعيا53: 7). «أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ.» (مز118: 27)،
وعلى نحو ما كانت الذبيحة تُوثَق قبل أن تُقدَّم على المذبح، قدَّم المسيح نفسه لهم ليُوثِقوه قبل أن يُقدَّم إلى الصليب. وشاء الرب بحكمته أن يشترك في القبض عليه:
· قائد الجند الروماني وجنوده الأمميون.
· خدام الهيكل من الجنود.
فاليهود والأُمم أوثقوا الحَمَل، [ومَرُّوا به في وادي قدرون وأورشليم، ودخلوا به من أبوابها]، وأتَوْا بالحَمَل المَوْثوق ليُقَدموه لرئيس الكهنة؛ فيُقَدِّمه ذبيحة عن اليهود والأمم معًا. ووقف الحمل أمام كهنة السِّنْهِدْرِيم يحكمون عليه بالموت! وهنا نسأل: من هو الكاهن الذي قدم الذبيحة؟
هو مجمع السِّنْهِدْرِيم الكهنوتي الذي تَسَلَّم الحَمَل من أيدي اليهود والأمم معًا وقدموه على الصليب. وظلت نار المحرقة، تعمل في الذبيحة من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة، حتى اشتم الآبُ رائحة الذبيح القدوس، رائحة رِضَى كَفَّارَةً عن العالم كله.
· «وَمَضَوْا بِهِ إلَى حنَّان» (يو13:18)
حنَّان اسم عبري، اختصار "حنانيا Ἁνανίας" ومعناه حنان الله، [وحنَّان ابن شيث هذا كان صدوقيًا أتى به هيرودس الكبير من الإسكندرية وقَلَّده رئاسة الكهنوت. ثم بعدما بلغ السبعين من عمره، عزله الوالي الروماني بعد أن استمر سبع سنين في منصبه][51]، [ووَلَّى ابنه لعازر لمدة عام فقط. ثُم أخذ مهام رئيس الكهنة يوسف قَيَافَا، الذي تزوج ابنة حنَّان، واستمرت رئاسته الكهنوتية حتى عام 36 م. ولكن لا يزال مركز حنَّان ونفوذه كرئيس الكهنة العملي في نظر الشعب كله، أكثر من صِهره قَيَافَا «الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ» (يو18: 13)، بصفة رسمية.][52]
كان حنَّان العجوز مثل حية قديمة تنفث سمومها. قال فيه التلمود[53]: [ويل لبيت حنَّان، ويل لأصواتهم التي كفحيح الحيات. هم رؤساء الكهنة، أبناؤهم حفظة الخزانة، وأصهارهم وُلاة الهيكل، وخدامهم يضربون الشعب بالعصي.][54] وحنَّان هذا هو رئيس أسرة الكهنوت القائمة بالخدمة، ورئيس الكهنة السابق، وظل الشعب اليهودي يحترمه ويعتبرونه رئيسًا عمليًا، وكان قَيَافَا الرئيس الحقيقي والرسمي يعرف أن قراراته لا تأخذ قوة تنفيذها ما لم يُصَدق عليها حنَّان. إذ كانوا يشعرون أنه أكثر حِنكة، وكان الشعب يُنفذ مشورة حنَّان كما لو كانت هي صوت الله.
لذلك تنازل له قَيَافَا لكي يُجرِي الاستجواب الأول ليسوع. فمُحَاكَمَة المسيح أمام حنَّان يعطيها قوتها واتجاهها؛ لِتُحقِّق هدف اليهود الذي ظلُّوا ورؤساؤهم يتآمرون ليَصِلوا إليه.
كان رئيس الكهنة هو الرئيس الأعلى دينيًا ومدنيًا للأمة اليهودية. وتسمح الإمبراطورية الرومانية بهذا؛ لفهمها واسع الأُفُق للجذور الدينية المتأصلة في شعوبها. فرئيس الكهنة يرجع أصوله إلى هارون الكاهن الأعظم في زمن موسى النبي (خروج12)، وفي نظرهم القاضي إلى مدى الحياة.
وكان الولاة الرومانيون يُعَيِّنون لرئاسة الكهنوت واحدًا لمدة سنة ثم يُغَيِّرونه. ويذكر يوسيفوس المؤرخ:
[أنه كان هناك أربعة رؤساء كهنة من حنَّان إلى قَيَافَا خلال مدة خدمة الرب يسوع. وإذ ملك هيرودس
لم يُعَيِّن رؤساء كهنة من السُّلالة الكهنوتية، بل اختار أشخاصًا خاملي الذِّكر] .[55]
[وحنان هذا عيَّنَه كيرينيوس وإلى سوريا رئيسًا للكهنة منذ عام 6 م. وحتى سنة 15 م. ثم خلعه الرومان، فتولى أبناؤه الخمسة حتى جاء قَيَافَا زوج ابنته. وظل حنَّان متمتعًا بنفوذه الأدبي كما هو، ذلك الثعلب العجوز الذي حنَّكَته الأيام، ونفث سمومه كالحية القديمة ضد الناصري.][56]
وعنه يقول مار لوقا: «وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ... فِي أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا» (لوقا1:3-2)، ولذلك نقرأ:
«وَمَضَوْا بِهِ إلَى حنَّان أَوَّلًا لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ» (يو13:18)
ويقول القديس كيرلس عمود الدين عن حَنان أنَّهُ: [المُخطِّط والمُحرِّك الأول لكُل شر ضد المسيح. فيهوذا حينما تسلَّم أُجرتَه منه، أعطاه فِرقة الجُند للقبض على المسيح. وهكذا ندرك أن تقديم المسيح ليحاكَم أمام حَنان أمر غير قانوني، فحَنان ليس رئيس الكهنة الآن؛ فقد عُزل منذ مدة، ولذلك لم يذكر البشيرون الثلاثة الأوائل هذه المُحَاكَمَة الباطلة!.][57]
ويُعتبر القولان: «وَمَضَوْا بِهِ إلَى حنَّان أَوَّلًا»
«لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ» (يوحنا13:18).
[قولين تَهكُّميين، فكيف اتجه الْجُنْدُ وَالْقَائِدُ وَخُدَّامُ اليهود الذين قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ إلى حنَّان؟!، ألا يعرفون من هو رَئِيس الْكَهَنَةِ؟! وهل قرابة حنَّان لقَيَافَا مُبَرِّر لهذا؟][58]
· في الطريق إلى حنَّان رئيس الكهنة:
سار قادة الجند، وشرطة اليهود مع يهوذا مرشدهم، ظافرين بما أرادَه حقدهم. فأخذوا الرب ووضعوا القيود في يدَيِّ من جاء ليُحرِّرهم من قيود العبودية والشيطان، مُتَّجِهين إلى حنَّان.
[وربما منه أخذ يهوذا الخائن مكافأته. والجماعة التي ذهبت للقبض على المسيح أخذت أُجرتها؛ ولذلك أخذوه إلى حنَّان أولًا.][59] [وحنَّان شيخٌ جشِعٌ مُحِبٌ للمال. استنفذ أموال الهيكل ليتمتع بثراء الحياة العالمية، فتدهورت حالة الهيكل في عصره، وبات مُهمَلًا تملأُه المظالم كما قال التلمود.][60] حتى قَالَ الرب: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» (متى13:21).
وسار الجنود من جثسيماني إلى أورشليم عن طريق بيت عنيا، وقُبيل نهايته استداروا جهة الشمال صاعدين المرتفع إلى مدخل قلعة أنطونيو. وفي هيبة وجلال سار الرب يسوع في وسطهم صامتًا لا يجيب بكلمة على عبارات السخرية من حوله، وقدماه تُمزِّقهما الصخور التي يسير عليها. ووسط شوارع أورشليم سار الموكب، وتَجنَّب الكهنة مرور يسوع عبر الطريق الذي يسير خلاله المبَكِّرون إلى الهيكل، مُتَّخِذين طريقًا أطول. فرُبما كثيرٌ منهم يُدافِعون عن يسوع، فتَتحوَّل ساحة الهيكل إلى مذبحة كبيرة.
وصل الموكب بيت حنَّان وقَيَافَا، فدفع الجنود يسوع أمامهم، وقد احتشدت الجموع لترى نبي الجليل بعد أن قُبض عليه. والذين قبضوا عليه أنفسهم يتعجبون لماذا هذا العدد الكبير من جنود الهيكل وجنود الرومان؟! ولماذا كل هذه الأسلحة التي يحملونها؟ إن جنديًا واحدًا كان كافيًا أن يُرهِب تلاميذه، وجنديًا واحدًا كافيًا للقبض عليه!
وما هي إلا لحظات حتى اُستدعِيَ مجلس السِّنْهِدْرِيم، وبُلِّغ قَيَافَا رئيس الكهنة أن يسوع يقف في ساحة الدار تحت الحراسة المشددة.
وأسرع قَيَافَا ليراه، متعجبًا كيف أمكن القبض على صاحب العجائب والمعجزات؟
وماذا فعل تلاميذه؟ هل مرَّ الأمرُ بسلام؟ وما موقف الرومان من هذه القضية؟
ولما اطمئن رئيسُ الكهنة الرسمي أن كل شيء تم دون أن يشعُر أحد، أحس بالارتياح فقد نجحت خُطتُه. وسمح أن يُقاد يسوع إلى حنَّان حَمِيِّه أولًا. ليُرضِي غُروره، ويَربَحَه ويَربح مُريديه وهم أكثرية. فبعد قليلٍ سيرجع إليه وإلى مجمع السِّنْهِدْرِيم.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
· كانت ضربةُ قَيَافَا مُربِحةً.[62]
1. فسينتهي إلى الأبد النَّقْد المُوَجَّه إلى قَيَافَا وكهنته، من نبي الجليل وتابعيه ومُريديه، ومَن يؤمن بتعاليمه، وهم يتزايدون يومًا بعد يوم. فقد رأى قَيَافَا وسمع الحشد الضخم الذي هتف يوم الأحد أثناء دخولِ يسوع إلى أورشليم: مبارك الآتي باسم الرب، كان موكبًا مهيبًا هزَّ كرسيه من تحته.
2. كان العداء المُشتَرَك ضِد المسيح قد وَحَّد الخَصمين في الأيام الأخيرة، فرجع الوُدُّ والصَّفاء بين الفَريسيين والصدوقيين. وراح الفريقان يتبادلان التحية على هذا النجاح العظيم الذي سيُحقِّقونه بالتَّخلُّص من النبي الذي أنزل عليهم الويلات أمام الجماهير. وكان الخلاف بين الفريقين، كثيرًا ما يُفسِد جلسات السِّنْهِدْرِيم، وما أن زالت الخلافات، وعادت وحدة الصف. فلم يُغفِل قَيَافَا دعوة الفريسيين ليَشتركوا مع الصدوقيين في مُحاكمة نبِي الناصرة.
3. أشرك قَيَافَا الرومان معه، فذهب إلى بيلاطس مُتظاهِرًا بالضعف يطلب معونته، ويُقحِمه في مشكلة لا دخْلَ له فيها، ليَستخدمه كمِخلَب القِّط لتنفيذ أغراضه الشريرة. [وقد أوقع قَيَافَا بيلاطس في الفخ، وقادَه أن يُرسِل كتيبتَيْنِ من العسكر للقبض على يسوع، فإذا حكم بعد ذلك بالبراءة يكون هذا مَدعاةً لاتهامه بسوء استخدام السلطة.][63]
4. وانشغل قَيَافَا بثلاثة أعمال أولها: أن يُرسل رُسلًا لدعوة أعضاء مجلس السِّنْهِدْرِيم لجلسةٍ طارئة وعاجلة. وثانيًا: أن ينتقي شهود زور يُقْسِمون أنهم سمعوا تجاديف يسوع، وهو يُعلم في رواق الأمم بالهيكل. وثالثًا: أن يُحيط الطريق الذي سيَمُر فيه يسوع بالحراسة الواجبة.
وفي الطريق إلى حنَّان، سار حُرَّاس الهيكل في وادي قدرون، عابرين البساتين وحدائق الزيتون، يدفعون الرب يسوع أمامهم بقَسوة، في شوارع أورشليم الساكنة في مُنتصف الليل وقد أَوثقوا يديه. تُصاحبهُ الحراسة المُشددة، إلى قصر حَنان رئيس الكهنة السابق.
· لماذا مُحاكمة الليل غير الرسمية؟؟
كانت المُحاكمة أمام حَنان تهدف إلى توجيه المُحاكمة الرسمية أمام السِّنْهِدْرِيم برئاسة قَيَافَا إلى الحُكم على المسيح بالموت. ولِأن الْحُكْم بالموت ليس من سلطان السِّنْهِدْرِيم، في ظل سيادة الإمبراطورية الرومانية، كان لابُد أن ينتقل المسيح بعد المحاكمة الدينية إلى محاكمة مدنية رومانية، لها هذا السلطان.
وكان رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب يتوقعون أن الحاكم الروماني سيُصَدِّق على أحكامهم. ويعتمد ادعاءاتهم الكاذبة، وشهادات الزور التي يُدبرونها بطريقتهم الماكرة، بلا مناقشة. فكان لابد من استخدام تُهمَة مُقنِعة تَوَجَّه إلى يسوع الناصري تكون كافية: لإدانته أمام الشعب اليهودي، ولإدانته أمام السلطة الرومانية.
فالشعب اليَهودي رأى آياتِه وسمع تعاليمه، ويُمكن أن يُدافع عَنهُ؛ فَإن عددًا غير قليل من الكَهنة والرؤساء تأثَّروا به، ولم يَمنعهم عن إعلان إيمانهم وتَبعيتهم لَهُ، إلا خوفهم من الطرد من المَجمع «لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إنِ اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ» (يوحنا22:9)
يَعرف الكَهنة ما حدث مَعهُم سابقًا، بخصوص يَسوع الناصري حين سَأل نيقوديموس: «أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إنْسَانًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلًا وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ؟» (يوحنا7: 51). ورَغم اعتراض رؤساء الكَهنة والفريسيين كانت النَتيجة أن «مَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إلَى بَيْتِهِ» (يوحنا8: 1). وأُحبطت المؤامرة ضد المَسيح في ذَلك الوَقت. ولذلك لم يُدعَ نيقوديموس ولا يوسف الرامي لحضور مُحاكمة الرب في هَذهِ المَرة.
· تُهمة التَجديف؛ ليُأَلِّبوا عَليهِ اليَهود.
· وتُهمة الدعوة إلى العصيان على قيصر؛ ليَستَعْدوا عليه الرومان.
أوقفوه أمام حنَّان، وبعد محاكمته أرسله حنَّان موثقًا إلى قَيَافَا (يو18: 24).
ظنوه مُدَّعِيًا أَنَّهُ المسيا؛ لذلك ثارت عليه الجليل وطنه، وعاداه أهل أورشليم. كانت تعاليمه ليست خطيرة، لكنه قام بِثَورة على التجارة داخل الهيكل، وطَرَدَ الباعة، وقَلَبَ موائد الصيارفة، الأمر الذي أثرَ على الجانب المادي لحنَّان، وتصادم مع الهيكل، ولما تَبِعته الجماهير انْفَضُّوا عن الهيكل والعاملين فيه؛ فكانت الجماهير تُفَضِّل تبعية الرب والاستماع إليه عن مصالِحِهم وأعمالهم ومنازلهم. كانت جاذبيته أقوى من كل شيء.
[وبمجرد وصول المسيح إلى دار حنَّان، الجناح القبلي من دار قَيَافَا، اجتمع مجمع السِّنْهِدْرِيم عاجلًا لمُحَاكَمَة مبدئية ليلية غير قانونية، ذكرها فقط مار يوحنا الحبيب، ولم يسجل فيها إلا أسئلة حنَّان للمسيح عن تلاميذه وتعليمه (يو18: 20- 23).][64]
وقف الديّان مُوثَقَ اليَدين صامتًا، أمام رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ ليُحاكَم كمجدِّفٍ! وهذا ما:
رأيناه بروح النُبُوَّة في: إسحق وقد ربطهُ أبونا إبراهيم ليُقدمه ذبيحة. والكبش الذي رآه مُوثَقًا بِقَرنَيه.
رأيناه في: تابوت العهد عندما وقع مأسورًا في أيدي الفلسطينيين فأسقط أصنامهم على وجوهها.
رأيناه في: يوسف وقد طُرح موثوقًا في سجن مصر، وأخيرًا صار عزيز مصر.
رأيناه في: خروف الفِصْح المربوط عند باب الهيكل قبل أن يُقدَّم ذبيحة عن خطايا الشعب.
عجيب: أهكذا يقف الخالق أمام خليقته؟! رب الخليقة أسيرًا في يدي صَنعة يديه؟!
«وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ» (يو14:18)
· «فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقَالُوا: "مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإنَّ هذَا الإنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً. إنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا(هيكلنا) وَأُمَّتَنَا". فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَيَافَا، كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: "أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا، وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا"! وَلَمْ يَقُلْ هذَا مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ إذْ كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ.» (يوحنا47:11-51)
· اجتمع هؤلاء خِشية قيام ثورةٍ شعبية، فأورشليم مليئة بجماهير اليهود القادمين من كل مكان لعيد الفِصْح. والثورة تجلب غضب السلطة الرومانية وانتقامها، فاضطرب مجلس السِّنْهِدْرِيم خشية عصيان اليهود، وتتويج المسيح ملكًا «فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا». فأمسى الرب في نظرهم خَطرًا قوميًا.
ويُظهر القديس أوغسطينوس عدم صِدق رُؤَسَاء الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيينَ في ادعائهم إذ قالوا: [«إنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا» (يوحنا48:11). فما كانوا متمسكين بالحق بل بصورته][65]. ويضيف ذهبي الفم: [صَوَّرُوا الرب كثَائر يقود الشعب إلى انتفاضة". ثم تساءلوا: "أليس الرب هو الذي سمح بدفع الجزية لقيصر؟ ألم يريدوا أن يقيموه ملكًا لكنه اعتزل عنهم؟ ألم تكن حياته بسيطة متواضعة؟ نعم كانت أفعالهم عن حسد][66].
· مشكلة: كيف يتنبأ الرجل الشرير،
«خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا!» (يوحنا11: 50)
هكذا قال قَيَافَا: وعجيب أن يتنبأ قَيَافَا الشرير! تلك النُّبوة الدقيقة، بأن الرب سيموت موتًا كفاريًا عن حياة العالم؟ والإجابة بسيطة وسهلة، إن شر الرجل لا يُوقِف كهنوته، فقد تنبأ بالحق ككاهن.
لذلك يقول القديس كيرلس الإسكندري: [إنه كان في موقع رئيس الكهنة، فلم تُعطَ النُبُوَّة له شخصيًا بل لمقامه الكهنوتي، فتحقق ما قاله قَيَافَا دون أن ينال نعمة نبوية][67]. وتساءل أوريجينُوس: [بأي روح أنبأ قَيَافَا أن يسوع سيموت عن الأُمَّةِ؟ هل الروح القدس يصبح سبب مؤامرة على يسوع؟ أم روح آخَر يتكلم في رجل عديم التقوى ويؤلب الأشرار عليه؟" ثُم يُجيب قائلًا: "إن نُبُوَّة قَيَافَا ككاهن صحيحة. ولأنهم أشرار بدأوا من هذه اللحظة يتآمرون عليه][68]. وفي النهاية تَشَاوَر الْفَرِّيسِيِّونَ لِيَقْتُلُوهُ.
«فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ» (يوحنا19:18)
مَن سيُحاكِم مَن!؟ أيَدين الإنسانُ الشرير، خَالِقَه القدوس!؟
وقف رَئِيسُ الْكَهَنَةِ الأعظم كمُتَّهَم أمام حنَّان رئيس الكهنة المُتقاعِد، الذي يُحاول أن يُدبِّر تُهمة للرب يُؤخَذ بها، فسأله لِعلُّهُ يجِد في أجوبته ما يُساعد على اتهامه، بأنه يُكَوِّن جماعة سِرية لها تعاليم سِرية.
سَأَلَه عَنْ تَلاَمِيذِهِ؛ ليُوجِّه له تُهمة تكوين جماعة سِرية خطيرة!
وسَأَلَه عَنْ تَعْلِيمِهِ؛ ليُوجِّه له تُهمة التجديف على الله وعلى الناموس!
سَأَلَه كما يسأل القاضي المُتهَم، كما لم يكن يعرفه، ضمانًا لنزاهة الحكم.
عجيب أن حنَّان مُعلم الناموس يقبض على الرب، كما لو كان لصًا خطيرًا، بواسطة كتيبة من الجُند وشرطة الهيكل، ثُم يسأله باحثًا بشدة عن تُهمة يوجهها ضده.
وها الرب يُسأل عَن خطاياه، فَلم يُجِب؛ وهو لَم يعرِف خطية ولا وُجِد في فمه غش. أما الرب فَحَسِب أن كل ما سُئِل عَنه من خطايا أقل مما قبِل أن يَحمِلهُ من خَطايا البشرية.
قَبِلَ الاتهامات المُزَوَّرة؛ لأنه حامل كل خطايا البشرية. قَبِلها وحُوكِم بمُقتضاها، إذ أرسله الآب بديلًا عن البشرية كلها.
لكن حنَّان يعرف أن يسوع الواقف أمامه بلا خطية. يسأله عن تعاليمه ومدى موافقتها للناموس الموسوي!، وما هو هدف تكوين جماعة من التلاميذ؟ وماذا زَرع في قلوبهم؟، هل يلتزمون بالعادات القديمة، أم أنهم يمارسون عبادة جديدة؟
[وتصرَّف رئيس الكهنة بخُبث، إذ افترض أن المسيح سيهاجم التدبير الموسوي، فيثير حقد اليهود ضده، وبذلك ينال جزاء تعدي الناموس وهو جزاء من يتعدى على الله وحاولوا أَن يتهموه بتعدي الناموس، لِكَيْ يؤدَّب ربُّ الناموس على عصيان الناموس. «فَحَقًّا إنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءًا، وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ». (أيوب12:34).][69]
· ويرى الباحث أن الاتهامات التي وجهها اليهود ضد السيد المسيح أهمُّها:
1. أن يَسوع ابن يوسف النجار ومَريم ابنة يواقيم، المَعروف في الجليل، يَدَّعِي أنه ابن الله. «مُساويًا نَفسه بالله». فقد قال «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا10: 30). «قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا8: 58). «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ» (يوحنا14: 9). وهذا ادعاءٌ ضد الله.
2. أن يَسوع هذا تَعدَّى على ناموس موسى، فَقال في موعظتهِ على الجَبل: «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ... وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ» (مَتى5: 22،21). وهاجم قواعد الطلاق، وغَيَّر مَفهوم الزِّنى، وكَسَر السَبت وسَمح لتلاميذه أن يَكسروه. ولَما سُئِل قال: «السَّبْتُ إنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإنْسَانِ، لاَ الإنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ» (مرقس2: 27). بل أكثر من هذا إنَّهُ جَعلَ نَفسه ربَّ السَبت وقال «فَإنَّ ابْنَ الإنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا» (متى12: 8). وهذا ادِّعاء ضد الناموس.
3. أن يَسوع مَنع تَنفيذ الناموس: فَبّرَّأَ الزانية التي أُمسكت في ذات الفعل وأوقف رَجمها. وأنزل الويلات على الكَتبة والفريسيين بَينما مَدح العشارين والخُطاة (متى23: 13-36). فلابُد من محاكمته كَنبي كذاب ومُضِل، جَريمة قصاصهَا القَتل. فهذا ضد الناموس.
4. أن يَسوع قال: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يو2: 19). وتَكلم عن الهَيكل إنهُ سَيُهدَم ولا يَبقَى فيه حجر على حجر لا يُنقَض. والعبادة «لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ» (يو4: 21) بل «اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يوحنا4: 24)، وهو ادعاء ضد هَيْكَلَ الله.
5. أن يَسوع بِهَذا: أساء إلى الله، وإلى موسى، كَما إلى الناموس والهَيكل. أما رئيس الكَهنة فَكحاكِم عادل لا يَقبل شِكاية إلا على فَم شاهدين أو ثلاثة ولذلك تَقدَّم شهود زور كَثيرون (متى60:26)، ولم تَتفِق شهادتهم (مرقس56:14).
وفي هذه الساعة المتأخرة من الليل سأل حنَّان الرب يسوع عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ فأَجَابَهُ يَسُوعُ قائلًا: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا.
وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ» (يوحنا20:18).
وتعبير «أَنَا كَلَّمْتُ» لا يعني مجرد الكلام ἐλάλησα بل يعني الإعلان عن أمور معينة،
وتأتي كلمة «عَلاَنِيَةً» فتعني الجراءة والشجاعة παρρησίᾳ، وتُفيد الصراحة. فقد كان رئيس الكهنة وشيوخ الشعب يُحيكون مخططاتهم ويعقدون مُحاكمتهم في الظلام.
[وتعبير «الْعَالَمَ» τῷ κόσμῳ يعنِي أنه كلم جميع البشر. فتعليم المسيح ليس لليهود فقط، بل لكل الشعوب والأمم][70]. «عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ»، حيث يوجد عدد كبير من اليهود السامعين، فيُذَكِّرهم بنبوة إشعيا النبي: «لَمْ أَتَكَلَّمْ بِالْخِفَاءِ فِي مَكَانٍ مِنَ الأَرْضِ مُظْلِمٍ. (إشعيا45: 19).[71]
«أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً»: [فقد أخذتم التعاليم بواسطة موسى النبي، وكانت رموزًا وظلالًا، لا تُعلِن إرادة الله، بل هي رُؤى للحق الكامن في التعاليم، ملفوفة بأكفان الحرف، لا تعلِن معرفة الله بشكل كامل.][72]
«وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ»: فليس للمسيح تعاليم سِرية أو خفية، إنه يُعَلِّم في النور: الحق والفضيلة. وما استطاع اليهود أن يُثبِتوا عليه أَنَّهُ نادى بما يخالف الناموس.
وختم الرب كلامه «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا». (يو21:18). فالمحكمة لا يجب أن تستند على شهادة المُتَّهَم لنفسه، وبهذا كانت كلمات الرب تتفق مع القانون، ورئيس الكهنة يجب أن يستمع إلى شهادة الشهود أولًا. ثُم أن اليهود أرسِلوا جواسيسًا راقَبوا وسجَّلوا ما قُلتُ؟ وما فَعلتُ؟
كانت كلمات الرب بسيطة، لكنها نارية، وكاشفة لنِفاق رئيس الكهنة ومكرِه، مطالبًا إياه كقاضي أن يستدعي ويسأل الذين سمعوه، أصدقاءً كانوا أم أعداء. وفي هذا يَظهر صِدق الرب ونقاوة تعليمه. فقد أرسل رؤساء الكهنة جواسيسًا لمُراقبته، ينقلون لهم أقواله وأفعاله. وكان حنَّان يُدرك أن قِناع البراءة الذي يَلبَسه، قد انكشف أمام المسيح. فقبْلَ أن يُحاكموه أصدروا ضده حُكمًا غير عادلٍ. لذلك قال لهم: «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي؟» وقد قررتم قتلي، اسمعوا حتى لشهادة أعدائي، مشيرًا إلى القادة الذين سمعوه ودُهشوا.
«اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ»: فقد [حوَّلَت تعاليم السيد المسيح الَّذِينَ سَمِعُوه إلى التوبة؛ لذلك قال الرب اِسْأَلِهم فَهُم شهودٌ بحياتهم على سُمُو تعاليمه، وقُوة تأثيرِها، «لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ» (متى29:7)، ولم يقصد الرب إهانة قَيَافَا، لكنه أراد أن يُنَبِّهَه إلى الحق الذي لا يراه.][73]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
1. لَطَمَة خُادَّمِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ:
«وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلًا: "أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ"؟» (يو22:18)
[من المؤكد أن هذا النوع من الإساءات لم يكن يُسمَح به في محاكمة رسمية][74].
ضَرب خادم رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الربَّ يسوع الذي أجاب في وَداعة على التُّهَم الموجَّهة إليه؛ فقد اعتاد الحَرَسُ ضربَ المُتهمين. أما الرب فلم يتكلم بما يُثيره، لكن الخادم خلَّص رئيس الكهنة من موقفه المُخجل؛ فما كان ممكنًا أن يَرد على سؤال الرب «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟». وكانت اللَّطمة في جلسة المُحاكمة أمام القاضي، تَعدِّيًا صارخًا على الناموس الذي يُعطِي المُتهم فُرصَة الدفاع عن نَفسهِ بحُرية. أما حَنان رئيس الكَهنة المُحنَّك فاستمر في المُحاكمة، وسمع شكوى المُشتكين، والكلمة اليونانية ἔδωκεν ῥάπισμα τῷ Ἰησοῦ تعني يضرب بإهانة على الوجه (صَفع) وقد استعملها مار بولس الرسول عندما قال: «إنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ» (2كو11: 19). وما أثار ربُّنا الخادم ليصفَعَه، ولا المُستهزِئين ليَهزأوا به، بل قال إشعيا النبي بفم المسيح: «بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ» (إشعيا50: 6).
بدأ بعض قادة حرس الهيكل الذين قبضوا على المسيح (يوحنا7: 23) أن يؤمنوا به، فاصطدموا برؤسائهم قائلين: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إنْسَانٌ هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإنْسَانِ» (يوحنا7: 46)، حتى اغتاظ الفريسيون وقالوا لهم «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا قَدْ ضَلَلْتُمْ؟ أَلَعَلَّ أَحَدًا مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَوْ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ آمَنَ بِهِ؟ وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ» (يو7: 47-49).
واعتبر الرب هؤلاء شهودًا على تعليمه وقال: «اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا.» (يوحنا18: 21). ولربما صار هذا الضابط مُتهمًا أمام رؤسائِه بإعجابه بالمسيح، وإذ رغب أن يَنفِيَ هذه الشُبهةَ ضَرَبَهُ على فمِه. واحتمل الرب الإله، أن يضربه عبدٌ ولم يقاوِم.بل نظر للخادِم مُعاتِبًا ومُعلِّمًا:
«إنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» (يوحنا23:18).
«تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا»: تعني بلا هدف. فـκακῶς تعني باطلًا. وَإنْ حَسَنًا καλῶς: تعني الكلام الجيد.
فلم تَثبُت تهمة المسيح بعد؛ والضابط مُخطِئٌ في ضربِه للرب، وهذا يتعارض مع واجِبِه. لكن الغضب دَفعَهُ؛ لذلك دعاه الرب لمناقِشة كلماته، أصَوَابٌ هي أم لا؟ وإن كنتَ تعجز أن تجد في حديثي خطأ، فلماذا تضربني؟! هذا هو التفسير الشائع والذي يعتمد على المعنى الظاهر.
ولكن القديس كيرلس يعتقد أن هذه الفقرة تعني شيئًا آخَر: فإنه أراد أن يُؤَنِّب الضابط على خطية أكبر. وكأن المسيح يقول: إنك قد تأثرتَ بكلماتي، واقتنعت بشرحي للأسفار المقدسة بطريقة فائقة فقلتَ متعجبًا «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إنْسَانٌ هَكَذَا مِثْلَ هَذَا الإنْسَانِ» (يوحنا7: 46). فما هو عُذْرُكَ بعدما ذُقتَ حلاوة تعليمي؟ ولم تجد خطًا «فإنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ».
وما أشبه هذا بما حدث في مُحَاكَمَة مار بولس الرسول: «فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ، الْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ. حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: "سَيَضْرِبُكَ اللهُ أَيُّهَا الْحَائِطُ الْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ النَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ"؟ ». (أعمال2:23-5).
[انتهت المُحَاكَمَة الليلية غير الرسمية، ولم يستطع حنَّان أن يُوقِعَ السيد في حَبائِله، بالرغم من إبداعاته الذكية في تأليف الاتهامات. فَأرسله مُقيَّدًا لرئيس الكهنة الرسمي قَيَافَا (يو24:18).][75]
2. إرسال الرب إلَى قَيَافَا لتبدأ المُحَاكَمَة الثانية:
«وكان حنَّان قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ» (يوحنا24:18).
أمر حنَّان: الحارس أَن يُؤخَذ يسوع إلى قَيَافَا. [وفي الساحة غير المغطاة بين القصرين][76]، في الليلة الباردة حيث النار المشتعلة، وحولها تجمَّع الناس يستدفئون، وبينهم كان مار بطرس ويوحنا يستدفئان. وفي سُرعة صار مار يوحنا مع المسيح في ذات القاعة في دار حنَّان يتابع الأحداث؛إذ كان معروفًا. أَمَّا مار بطرس فبقِيَ خارجًا يستدفئ، حيث أشار إليه إنسانٌ قائلًا «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» (لو22: 58) وفي تسرُّعٍ ردَّ مار بطرس «يَا إنْسَانُ، لَسْتُ أَنَا!» (لو22: 58).
[وهنا نَرى قَصرَين بينهما فِناءٌ فسيحٌ مكشوف: قصر حنَّان رئيس الكهنة القديم، وقصر قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الرسمي.
وبين المُحاكمتَيْنِ، نزل رب المجد وقورًا من بيت حنَّان، ولكن مُوثَقًا؛ ليَمُرَّ خلال الفناء الفسيح المكشوف. هبط رب المجد ليلتقي بهبوط مار بطرس. وفي الفناء المكشوف، انكشف ضعف الرسول][77] الذي كان يُباهي «وَإنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا». (متى33:26)
«وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» (متى35:26).
وظهرت صورتان متزامنتان في وقت واحد: داخل قصر قَيَافَا، وخارجه في الفناء بين القصرين.
في داخل قصر قَيَافَا: دارت أحداث المُحَاكَمَة الدينية الثانية أمام رَئِيسِ الْكَهَنَةِ الرسمي.
وفي خارج القصر: دارت أحداث قصة الإنكار الثُّلاثي للقديس بطرس الرسول.
_____
[40]الأب متى المسكين، شرح إنجيل القديس يوحنا: الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1990م، دير القديس أنبا مقار، ص1115. ثُم يقول التلمود: يصير الحكم لاغيًا إذا أصدره السنهدريم قي الليل. إبراهيم سعيد، د. القس، شرح بشارة لوقا، مجمع كنائس الشرق الأدنى، طبعة ثالثة 1970م. جورج فورد، سيرة يسوع المسيح، طبعة 1922م، ص 601
[41]المرجع السابق ، ص 1146.
[42]القس سمعان كلهون، اتفاق البشيرين ودليل المُسترشدين، بيروت 1876، ص574.
[43]الجنود والشرطة": الإشارة هنا إلى الجنود الرومان. ولكن الشرطة ὑπηρέται لا تعني المعنى المعاصر للشرطة، فهؤلاء هم حراس الهيكل ويخضعون لرئيس الكهنة مباشرة. (أعمال 5: 22،24) وكان لهم ضباط وقادة strategoi.
[44]كلمة قانونية تعني الأسْر وفقدان الحرية.
[45]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، عظة 148، ص723.
[46]القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 148.
[47]ملاكٌ واحدٌ في أيام سنحاريب قتل مئة وخمسة وثمانين ألفًا من الأشوريين (2مل35:19). فلماذا كل هذه الجيوش من الملائكة؟!
[48]القمص أرمانيوس حبشي الراهب بدير السريان، نبوات وأناجيل أسبوع الآلام، أنفاس علماء الكنيسة، طبعة أولى 1926م، ص108.
[49]الأب متى المسكين، تفسير إنجيل يوحنا: ج2، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1990م، ص118.
[51]إبراهيم سعيد (د. القس)، شرح بشارة يوحنا، مجمع كنائس الشرق الأدنى، طبعة ثالثة 1970، ص733.
[52]د. القس صموئيل وهبة، صلاة المسيح في البستان والقبض عليه ومحاكمته، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة، طبعة أولى 2004م، ص68.
[53]يُقصد التلمود البابلي وهو أكثر من 30 مُجلد للتقاليد اليهودية للربيين اليهود الذين عاشوا بين سنة 220- 500م، وبها آراء شرعية، وتفسيرات لبعض الأسفار.
[54]Hengstenberg E. W. , Commentary on the Gospel of St. John, Edinburgh, 1971, p. 351.
[55]حسب شهادة المؤرخ اليهودي يوسيفوس أقامه القنصل الروماني Quirinius سنة 14 ميلادية، وعزله القنصل Valerius Gratus سنة 15 ميلادية. وكان رئيس الكهنة يُعزَل ومع هذا كان يحتفظ باللقب والامتيازات التي يتمتع بها رئيس الكهنة رغم أن عَزْل رئيس الكهنة لا يتفق مع الناموس (الحروب اليهودية ليوسيفوس 2: 12و 6). القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، هامش ص22.
[56]الأب لويس برسوم الفرنسيسكاني، حياة يسوع المسيح: ج2، المعهد الفرنسيسكاني، طبعة1960، ص199.
[57]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص431.
[58]د. موريس تاوضروس، محاضرات عن حياة السيد المسيح، قناة CTV.
[59]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، ص23.
[60]المرجع السابق، ص24.
[62]كما ذكر يوسيفوس المؤرِّخ وكان حاضرًا الْحُكْم على المسيح بالصلب وعينه فاليريوس جراتوس. كتاب Joseph Caiaphas، ص660.
[63]ناجي نصيف، أسبوع الآلام لحظة بلحظة: دراسة تفسيرية كتابية، طبعة أولى2012م، ص127.
[64]الأب متى المسكين، المسيح: حياته، وأعماله، دير القديس أنبا مقار، طبعة ثانية 2008م، ص407.
[65]القديس أوغسطينوس، الموعظة 10،8 J. E. Rotelle, ed, Works of St. Augustine, A Translation for the Twenty First Century, Hyde Park, N.Y.: New City Press, 1995. p.31 288; Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium: Brepols, 1953-,vol.41: p.59.
[66]القديس يوحنا ذهبي الفم، شرح إنجيل يوحنا، الموعظة 64،3 NPNF, series 1: vol.14: p.239.
[67]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، تفسير إنجيل القديس يوحنا، A Library of Fathers of the Holy Catholic Church, Anterior to the Division of the East and West, Translated by members of the English Church, Oxford: John Henry Parker, 1800–1881, vol.48: p.133 – 34.
[68]العَلَّامَة أورِيجِينُوس Fathers of the Church: A New Translation, Washington, D.C. Catholic University of America Press 1947-, vol.89: p.32- 33.
[69]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس يوحنا، اقتباس د. القس صموئيل وهبة صموئيل، صلاة المسيح في البستان والقبض عليه والقبض عليه ومحاكمته، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة، طبعة أولى 2004م، ص28.
[70]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، هامش ص28.
[71]«لَمْ أَتَكَلَّمْ بِالْخِفَاءِ فِي مَكَانٍ مِنَ الأَرْضِ مُظْلِمٍ.» (إشعيا45: 19).
[72]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، آلام المسيح وقيامته في إنجيل القديس يوحنا، ترجمة د. جورج حبيب بباوي، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة أولى 1977م، هامش ص29.
[73]الأنبا بيشوي مطران دمياط، المسيح مشتهى الأجيال، مطرانية دمياط ودير القديسة دميانة براري بلقاس، ص542.
[74]"It is certain that abuse of this kind would not have been tolerated in a formal trial."Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 458.
[75]د. القس صموئيل وهبة، صلاة المسيح في البستان والقبض عليه والقبض عليه ومحاكمته، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة، طبعة أولى 2004م، ص74.
[76]سمعان كلهون المرسل الأمريكي، اتفاق البشيرين ودليل المسترشدين، طبع في بيروت 1876م، ص574.
[77]نفس المرجع السابق ص574.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/first-religious.html
تقصير الرابط:
tak.la/65swwfw