في دفاع العلامة أوريجينوس في القرن الثاني ضد صلسس Celsus الذي هاجم المسيحية كما اليهودية أيضًا أوضح نظرة المسيحيين للشريعة اليهودية خاصة فيما يخص الحروب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إذ يقول:
* لو لم تكن هذه الحروب الجسدية (أي ضد الشعوب) ترمز إلى الحروب الروحية لست أظن أنه كان يمكن للرسل أن يسمحوا لأتباع المسيح أن يقرأوا الأسفار التاريخية اليهودية في كنائسهم..
هكذا إذ كان الرسول مدركًا أن الحروب الجسدية (أي ضد الشعوب) لم تعد بعد تُثار بواسطتنا، إنما محاربتنا هي فقط في معارك النفس ضد الأعداء الروحيين يعطي الأوامر لجنود المسيح كقائد عسكري إذ يقول: "البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس" (أف 11:6)[2].
يرى العلامة أوريجينوس في هذه الحروب إشارة أيضًا إلى الحرب ضد الجهل الروحي:
* قد أتينا إلى التجاوب مع وصايا يسوع، فنضرب سيوف الصراع العقلية والجهل أدوات للحرث، ونحول أسنان الرماح الحديدية التي استخدمناها لنحارب بها. فإننا لا نعود نحمل السيف ضد أية دولة، ولم نتعلم الحرب بعد.. صرنا أبناء سلام خلال يسوع قائدنا[3].
يقرر الشهيد يوستين في القرن الثاني أن الإسرائيليين امتلكوا كنعان حسب إرادة الله، وأن الله ذبح الآشوريين في أيام حزقيا. كما برر كثير من الآباء الحروب في القديم بكونها رموزًا للحروب الروحية ضد الخطية وإبليس[4].
* بخصوص ممارسة الشريعة القديمة ينتقم (المؤمن) بالسيف، ويأخذ عينًا بعينٍ، ويرد الضرر بضررٍ. أما في ممارسة الشريعة الجديدة فيركز على السمو، ويحول السيوف المتعطشة لسفك الدم والرماح لكي تُستخدم في السلام، ويحول الأعمال الحربية الانتقامية ضد الثائرين والأعداء إلى أدوات للحرث، أدوات للسلام ولزراعة الأرض[5].
يعالج القديس أغسطينوس موضوع الحروب التي سمح الله أن يمارسها الشعب ضد الشعوب الوثنية، متطلعًا إلى أن ما يحل بهذه الشعوب من عقوبة أبدية أخطر بكثير مما يعانوه من الحروب ومن الموت الجسدي. يقول إن الله "يستخدم عادة الحروب كطريقٍ للتأديب ومعاقبة الأفراد المخطئين[6]".
في رده على فوستوس الذي هاجم الحروب الواردة في العهد القديم، قال القديس أغسطينوس:
* يلزم (لفوستوس) ألا يتعجب ولا يرتعب من الحروب التي أثارها موسى، فإنه حتى في حالة موسى كان يتبع تعليمات الله. وقد فعل هذا ليس بروح الانتقام، بل من أجل الطاعة.
لم يكن عمل الله هذا وإصدار أمره بالحروب غير إنساني، بل هو تقديم عقوبات عادلة لإثارة الخوف في قلوب مستحقيها..
ما يستحق التوبيخ بحقٍ هو الرغبة في الضرر والانتقام القاسي.. روح التمرد الهمجي، وشهوة السيطرة وغير ذلك من الأمور. أما لماذا يمارس الصالحون حروبًا بأمرٍ إلهيٍ في مواجهة المقاومة العنيفة، أو بأمر سلطة شرعية، فهو لكي يوقعوا عقوبة عادلة على مثل هذه الأمور[7].
* يمارس الصالحون عمل الرحمة حتى بإثارة الحروب لكي يضبطوا الأهواء المتسيبة، ويقطعوا الرذائل التي يجب إزالتها، أو الضغط عليهم (الأعداء) بموقف مسئول[8].
_____
[2] Against Celsus 15:1.
[3] Against Celsus, 5:33.
[4] Irenaeus: Against Heresies 4:24; Tertullian: Against Marcon 3:18:6; Origen: Hom. On Joshua 15:1.
[5] Against the Jews, 3:10.
[6] City of God 1:1.
[7] Against Faustus 22:74.
[8] Letter 138:2:14.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/wars-old-testament.html
تقصير الرابط:
tak.la/5qtjctq