من العادات الشائعة في العالم القديم أن يبيع الإنسان نفسه أو أبناءه للخلاص من الفقر المدقع؛ وأيضًا أن يبيع الجيش المنتصر المسبيين عبيدًا سواء للأغنياء من بلدهم أو من البلاد المجاورة.
مع انتشار نظام العبيد لم يكن ممكنًا للكنيسة أن تقف في سلبية، بالرغم من عدم تمتعها بسلطة زمنية لإصدار أوامر صريحة ومُلزمة بتحرير العبيد.
قدمت شريعة العهد القديم وصايا تحد من العنف وإساءة استخدام السلطة بالنسبة للسادة في تعاملهم مع العبيد، خاصة من بني جنسهم، ليس موافقة على وجود هذا النظام، وإنما تهيئة للتعامل مع العبيد كأشخاص واخوة.
وجاء العهد الجديد يطالب السادة بالحنو على اخوتهم العبيد كشركاء معهم في الميراث الأبدي. وأبرز ما للعبيد المؤمنين من رسالة فعالة حتى على السادة العنفاء بكسبهم للإيمان خلال الطاعة في الرب، والحب الخارج من القلب، وليس الطاعة قهرًا. هذا وقدم الرسول بولس في الرسالة إلى فليمون بخصوص عبده أنسيمُس السارق والهارب ينعته فيها بأنه قد ولده في قيوده، وأنه أحشاؤه، وأن يحسبه سيده نظير بولس نفسه.
هكذا أعطى الرسول بولس درسًا عمليًا لتحرير العبيد، لا خلال ثورات عنيفة ومعارك، ولكن خلال روح الوحدة والحب، والشركة معًا في الحياة الجديدة في السماويات!
يؤكد آباء الكنيسة أن الله خلق الإنسان حرًا، مثل القديسين أمبروسيوس[27]، ويوحنا الذهبي الفم[28]، وغريغوريوس النيسي[29]، وباسيليوس الكبير[30]. ويعتبر القديس إكليمنضس السكندري والعلامة أوريجينوس من أكبر المدافعين عن العبيد. أما القديس جيروم[31] والعلامة ترتليان[32] فكانا يهاجمان تمرد العبيد.
بدأت مدرسة الإسكندريّة كمدرسة للموعوظين [33] Catechumens تضم طالبي العماد من أمم ويهود لتعليم الإيمان المسيحي، تقدّم لهم دراسات تؤهّلهم لنوال سَّر المعموديّة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فتحت المدرسة أبوابها أمام الجميع، يلتحق بها أناس من ديانات مختلفة وثقافات متباينة وذوي مراكز اجتماعيّة مختلفة وأعمار متفاوتة..، "كان التعليم بها جامعيًا وموحّدًا، لا يميز بين الطبقات أو الظروف، بين العبيد أو السادة"[34]، في وقت كان العبد رخيصًا، يُباع كالسلعة ويُشترى!
كان في كنيسة الإسكندرية في عصر أثيناغوراس مسيحيون أثرياء يمتلكون العبيد وآخرين من أصل فقير، إلا انه حسب قول أثيناغوراس، لم يتقدم أيٌ من هؤلاء العبيد بأية شكوى أو إدانة ضدهم تشير إلى إنكار حقوقهم تحت وطأة التعذيب.
طالب مجمع غانغرا أن يخضع العبيد لسادتهم في الرب، ويشهدوا للإنجيل الحيّ فيهم، ولا يحاولوا الهروب من السادة، ولا استخدام العنف معهم[35].
* إن كان أحد يُعلم عبدًا -تحت مظهر التقوى- أن يحتقر سيده أو يترك خدمته، وألا يخدمه بنيه صالحة، فليكن أناثيما[36].
مجمع غانغرا
173 | |
174 | |
175 |
_____
[27] Epistle 37: 24.
[28] Homilies on Eph. 22: 6: 2.
[29] Hom. 4 in Eccl.
[30] De Spirit. Saucto, 20.
[31] Ep. 38: 5; 45: 5; 107: 8.
[32] Apology 27:7.
[33] كلمة Catechumens مأخوذة عن اليونانيّة Katichoumenos، تعنى "تحت التعليم" والفعل يعنى "يتعلم شفويًا". استخدمت كنسيًا بمعنى طالبي العماد.
[34] Rev. Markary El- Souriany: Ancient and contemporary Christian Education in the Coptic Church, Princeton, 1955, P 78.
[35] Council of Gangra Canon 3.
[36] Gangra (in Cappadocia) canon 3.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/slaves.html
تقصير الرابط:
tak.la/4qt2bc9