الفصل الثاني والعشرون
يشتغل الإخوة في مصر بأيديهم لا ليسدوا حاجاتهم فقط
بل ويخدموا الذين في السجون
الآباء في مصر، على هدى من هذه الأمثلة، لا يسمحون قط للرهبان، وبخاصة صغار السن منهم، أن يكونوا عاطلين لا يشتغلون[4]، معتبرين اشتهاء قلوبهم ونموهم في الصبر والتواضع يكون بمقدار اجتهادهم في العمل. ولا يقتصرون على عدم السماح لهم بقبول أي شيء من شخص آخر يسد احتياجاتهم، بل يهتمون أيضًا بأن يكرموا وفادة الحجاج والإخوة الذين يحضرون لزيارتهم من شغل أيديهم، وكذلك يجمعون قدرًا هائلاً من المؤونة والطعام، ويقومون بتوزيعه في أنحاء ليبيا حيث يعانون من الجوع والجدب، وفي المدن أيضًا لأولئك الذين يرزحون في قذارة السجون، لاعتقادهم أنهم بتقديمهم هذه العطية من ثمار أيديهم، يهبون للرب تقدمة صادقة مقبولة.
_____
[4] اشتهر رهبان مصر بما كانوا يؤدونه من أشغال، ويمكن توضيح ما قاله القديس يوحنا كاسيان بأمثلة مقتبسة من كثير من أقوال الآباء. فمثلاً أبيفيانوس، في كتابه الثالث ضد الهرطقات، يُشّبه الرهبان، وبخاصة الذين في مصر، بالنحل، بسبب كدهم واجتهادهم. وهكذا يقول جيروم في خطاب منه إلى رستكوس، بأنه ما من أحد يلتحق بدير في مصر إلا ويؤدي عملاً، وأن هذه القاعدة موضوعة لبنيان النفس لا للتزود بالطعام. كذلك قيل عن القديس سيرابيون وأتباعه: "إنهم كانوا يعولون أنفسهم ويساعدون الفقراء من عمل أيديهم، ففي موسم الحصاد كانوا يقومون بجمع المحاصيل: فيضعون جانبًا ما يكفي من القمح لحاجتهم، ويمدون غيرهم من الرهبان بالحبوب دون مقابل". ويشدد القديس باسيليوس، في قوانينه النسكية، على قيمة العمل أما قانون بندكت فهو يأمر "بأنه ما دامت البطالة هي عدو للنفس، لا بُد من انشغال الإخوة تارة في الأعمال اليدوية، وأخرى في المطالعات الدينية".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-boredom-egypt.html
تقصير الرابط:
tak.la/5qjvgy7