الفصل الحادي والعشرون
من كتابات سليمان ضد الضجر
يشير سليمان، أحكم الرجال، إلى هذه الرذيلة في كثير من كتاباته إذ يقول: "تابع البطالين يشبع فقرًا" (أم 19:28)، إما عيانًا أو خفية، حيث لا مناص من أن يتورط المتراخي ومن تلاحقه النقائص، فلا يفطن قط للتأملات الإلهية أو الكنوز الروحية، التي يشير إليها الرسول المبارك بقوله: "إنكم في كل شيء استغنيتم فيه في كل كلمة وكل علم" (1 كو 5:1).
أما فيما يتعلق بهذا الفقر الذي يلحق المتكاسل أي الضجر، أيضًا يكتب: "الكسلان يكتسي بالخرق" (أم 21:23)، فمن المؤكد لا يستحق أن يتزيّن بتلك الحُلة التي لن يعتريها البلى أو الفساد [والتي يقول الرسول عنها: "البسوا الرب يسوع المسيح" (رو 14:13) وأيضًا: "لابسين درع الإيمان والمحبة" (1 تس 8:5) والتي تكلم الرب ذاته عنها إلى أورشليم بلسان النبي قائلاً: "استيقظي، استيقظي، البسي عزك يا صهيون" (إش 1:52).
أي شخص يستبد به نوم التراخي أو الضجر يفضل أن يكتسي لا بعمله وكده، بل بخرق التكاسل مقتبسين عبارات من الكتاب المقدس الراسخ (ويسيئون استخدامها)، دون أن يكسو تكاسله بحلة مجد وفخار، بل برداء العار وتلمس الأعذار، أولئك هم الذين يؤثرون هذا الكسل ولا يودون إعالة أنفسهم بكد أيديهم، كما كان الرسول يفعل دائمًا ويكلفنا أن نفعل، قائلين انه مكتوب "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو 27:6) وأيضًا: "طعامي أن أعمل مشيئة أبي" (يو 34:4). ولكن هذه الأدلة هي خرق منتزعة من حلة الإنجيل المكين الراسخ، اُقتبست لهذا الغرض، أعني تغطية فضيحة تكاسلنا وعارنا، بدلاً من أن توفر لنا الدفء، وأن نتزين بحلة الفضيلة الفخمة الكثيرة الثمن، إذ قيل إن المرأة التي ورد ذكرها في سفر الأمثال والتي كانت ملتحفة بالعز وبالبهاء، كانت تصنع ثيابًا إما لنفسها أو لزوجها، حتى يُقال عنها في كل حين: "العز والبهاء لباسها وتضحك على الزمن الآتي" (أم 25:31).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يعود سليمان مرة أخرى إلى ذكر آفة التكاسل فيقول: "طرق الكسلان مفروشة بالأشواك" (أم 29:15)، أي مفروشة بهذه وغيرها من النقائص المماثلة التي سبق أن ذكر الرسول أنها تنبعث من البطالة. كذلك يقول: "نفس الكسلان تشتهي ولا شيء لها" (أم 4:13)، ويشير الرسول إلى هذا الاشتهاء حين يقول: "ولا تكون لكم حاجة إلى أحد" (1 تس 12:4). أخيرًا عدد الرسول تلك الآفات التي ذكر سليمان الحكيم أنها غرس البطالة والملل، في الفقرة الآنفة الذكر بقوله: "لا يشتغلون شيئًا بل هم فضوليون" (1 تس 11:4). ويضيف إلى هذه الآفة آفة أخرى إذ يقول: "وأن تحرصوا على أن تكونوا هادئين" ثم "أن تمارسوا أموركم الخاصة، وتشتغلوا بأيديكم وتسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج، ولا تكون لكم حاجة إلى أحد" (1 تس 11:4 ).
أما أولئك الذين يسلكون بلا ترتيب ولا يطيعون الوصايا، فالرسول يوصي أبناء الطاعة الجادين أن يعتزلوهم فيقول: "تجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (2 تس 6:3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-boredom-solomon.html
تقصير الرابط:
tak.la/7q5dnwp