وضع اليد علامة على نقل القوّة، ليس من شخصٍ إلى آخر، وإنّما من الله مصدر كل قوّة ونعمة إلى من تكرّس للعمل الإلهي. كما فعل موسى النبي (عد 27: 18)، وكما فعل الرسل ليحلّ الروح القدس على المعمّدين (أع 8: 17-18) والذي دُعي بسرّ "ختم الروح" أو "سرّ التثبيت" أو "سرّ المسحة" موضوع حديثنا، وأيضًا في السيامات (أع 6: 6؛ 2 تي 1: 6؛ 1 تي 4: 14)، وفي طلب الحِلّ (1 تي 5: 22)، وفي مسحة المرضَى (مر 16: 18)، واعتبر القدّيس بولس "تعليم المعموديّات ووضع الأيادي" من كلام بداءة المسيح (عب 6: 1-2)، أي ألف باء أو أحد الأساسيات في الحياة المسيحيّة.
استخدم الرسول بولس بخصوص مسحة الروح القدس في (2 كو 1: 21-22) أربع كلمات يونانيَّة: التثبيت والمسحة والختم وعربون الروح. يقول: "ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح، وقد مسحنا هو الله. الذي ختمنا أيضًا، وأعطى عربون الروح في قلوبنا".
يتحدّث العلامة ترتليان في القرن الثاني عن المسحة كعادة مستقرّة في أيّامه، وأنّها مرتبطة بالعماد، مع وضع الأيادي.
* بعد الخروج من مكان الغسل (أي من جرن المعموديّة بالتغطيس)، نُدهن بالكامل بالمسحة المغبوطة... تُجرَى المسحة على الجسد، لكنّها تفيدنا روحيًا. بنفس الطريقة كما أن العماد في ذاته عمل مادي حيث فيه نغطس في الماء، لكن فاعليّته روحيّة، إذ نتحرّر من الخطايا. بعد هذا توضع اليد للبركة مستدعيًا وداعيًا الروح القدس (ليحلّ) خلال البركة[14].
وكان هذا الطقس قائمًا في أيام القديس كبريانوس.
* السامريّون الذين عمّدهم فيلبّس الشمّاس الذي أرسله الرسل، نالوا عماد الكنيسة القانوني، ولم يكن لائقًا أن يعمّدوا من جديد، وإنّما ما كان ينقصهم هو ما مارسه بطرس ويوحنا، أعني الصلاة التي قدّموها عنهم ووضع الأيدي، لكي يستدعوا الروح القدس وينسكب عليهم. والآن أيضًا يحدث هذا بيننا، الذين يعتمدون في الكنيسة يُقدّمون لأساقفة الكنيسة وبالصلاة ووضع الأيادي يقبلون الروح القدس ويكملون بختم الرب[15].
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ويتحدّث القديس أغسطينوس عن وضع الأيادي والمسحة أيضًا في علاقتهما بعطيّة الروح القدس.
* صلّى التلاميذ لكي يحلّ الروح القدس على الذين وضعوا عليهم أياديهم؛ لم يعطوا هم الروح القدس. ولا تزال الكنيسة تحافظ على هذه العادة في قادتها الرئيسيين. لذلك عندما قدّم سيمون الساحر مالًا لم يقل: "أعطوني أنا أيضًا هذا السلطان لكي أعطي الروح القدس، وإنّما "على من أضع يدي يقبل الروح القدس.."، لذلك فإن الرب يسوع المسيح نفسه ليس فقط أعطَى الروح القدس بكونه هو الله، وإنّما كإنسان أيضًا قبله. لهذا قيل أنّه كان ممتلئًا بالنعمة والروح القدس (يو 1: 14). وبأكثر وضوح في أعمال الرسل قيل أنّه مسحه الله بالروح القدس (أع 10: 38)، ليس بمسحة منظورةٍ وإنّما بعطيّة النعمة التي يعني "المسحة المنظورة التي تمسح بها الكنيسة المعمّدين... لقد قبل الروح القدس كإنسانٍ، وبكونه الله سكب الروح القدس (أع 2: 33). ونحن تبعًا لذلك يمكننا أن نقبل هذه العطيّة حسب قياسنا، أمّا أن نسكبه على الآخرين فهذا خارج قوّتنا. لكي يتم ذلك نصلّي عليهم لله الذي يتمّم ذلك[16].
وجاء في القانون 60 من القوانين الخاصة بالكنيسة الإنجليزيّة (الأسقفيّة) عام 1603م أن كل أسقف يتمّم التثبيت عند زيارته للإيبارشيّة كل ثالث سنة. يبدأ القانون هكذا: [كما كانت هناك عادة قديمة مكرّمة لدى كنيسة الله استمرّت منذ عصر الرسل، أنّه يلزم على كل الأساقفة أن يضعوا أياديهم على الأطفال المعمّدين والذين تعلّموا التعليم (كاتكيزم catechism) للدين المسيحي، مصلّين عليهم ومباركين إيّاهم، الذي تدعوه عامة بالتثبيت[17].]
وفي طقس التثبيت في الكنيسة الأسقفية يُقرأ الفصل الخاص بوضع الرسولين بطرس ويوحنّا الأيادي لحلول الروح القدس على السامريّين (أع 8)[18].
_____
[14] De Baptismo, 7-8.
[15] Epistle 73:8.
[16] De Trinitate, 15:26.
[17] Rev. Hall: Confirmation, Oxford Library of Practical Theology, 1908, p.13.
[18] Order of Confirmation in the American Prayer Book, 1892- (cf. Hall, p. 14).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrism/laying-on-of-hands.html
تقصير الرابط:
tak.la/6acw47w