بكل براءة سأل الطفل أباه: "لماذا نحن فقراء يا أبي؟"
تحير الأب قبل أن يجيب طفله: "إرادة ربنا".
وهنا أتساءل: هل حقًا يريدنا الله أن نكون فقراء؟
عرَّف البنك الدولي الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنويًا (ما يقرب من 3600 جنيه سنويًا أي عشرة جنيها يوميًا).
قد يكون الفقر بسماح من الله كقول الكتاب: "الرب يُفْقِر ويغني يضع ويرفع" (1 صم 2: 7). وهذا ما حدث مع أيوب البار الذي فقد كل ماله بضربة الشيطان له وبسماح من الله.
أيضًا الأمراض المزمنة التي قد تصيب الإنسان أو العاهات الناتجة عن الحوادث والتي قد تمنع أو تحد من قدرة الإنسان علي العمل كما تستنزف جزءًا كبيرًا من دخله.
وقد ينعكس الوضع الاقتصادي للدولة علي حالة الفرد فتجد البطالة وندرة فرص العمل وتدني الأجور وهذه كلها تؤدي بدورها إلى إفقار المواطنين.
الفقر قد يكون نتيجة طبيعية للبُعد عن الله، فلو انك تأملت حياة بعض الفقراء لوجدت أنهم كانوا من المدمنين مثلًا أو يلعبون القمار أو قد تجدهم ممن يصادقون الأردياء، فيأتيهم الفقر كنتيجة طبيعية لأفعالهم السيئة، وعلى النقيض من ذلك فإن الأتقياء بسلوكهم الطيب يكونون بمأمن من الفقر كقول الكتاب: "اتقوا الرب يا قدسيه، لأنه ليس عوز لمتقيه" (مز 34: 9).
الكسل أيضًا يؤدي إلى الفقر كقول سليمان الحكيم: "إلى متى تنام أيها الكسلان متى تنهض من نومك. قليل نوم بعد قليل نعاس وطي اليدين قليلا للرقود. فيأتي فقرك كساع وعوزك كغاز" (ام9: 6-11).
وقد رأيت -أثناء خدمتي للفقراء- أن هناك من الرجال من لا يشتغل إلا لو لم يبقي لديه جنيه واحد فيقوم للعمل مضطرًا، وكنت أتساءل لماذا لا يعملون كل الأيام ما دامت لديهم الصحة والقوة؟ إنه الكسل الذي يؤدي بصاحبه إلي الفقر.
مصادقة البطالين الذين لا يحبون العمل بل تجدهم يقضون الليل في اللهو أو اللعب وينامون طوال النهار، وقد قال سليمان الحكيم في الأمثال: "المشتغل بأرضه يشبع خبزا وتابع البطالين يشبع فقرًا" (أم 28: 19).
ولا نستطيع إنكار أثر الصداقة ولاسيما الرديئة منها كقول معلمنا القديس بولس الرسول: "لا تضلوا فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33).
الإسراف: والشخص المسرف هو الذي ينفق مالًا كثيرًا فيما لا يستحق وهو غالبًا شخص يحب التباهي والظهور فتجده يبالغ في مظهره ويتباهي بما يملكه ولا يعرف كيف يرتب أولوياته في الصرف والإنفاق ويجهل تمامًا ابسط مبادئ الإدارة المالية والتي تهتم بالتوازن بين الدخل والإنفاق، ويوصي يشوع بن سيراخ ذلك الشخص بقوله: "لا تفقر نفسك بالمآدب تنفق عليها من الدين وليس في كيسك شيء فانك بذلك تكمن لحياتك" (سيراخ 18: 33).
غير أن هناك نوع من الفقر يعتبر فضيلة وهو ما يُسَمى "الفقر الاختياري"، أي الفقر الذي يختاره الإنسان بإرادته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فيعيش فقيرًا رغم قدرته علي الحياة المرفهة، فمن يختار الفقر بإرادته يتجرد من حب الاقتناء ومن حب الامتلاك ويختار الحياة البسيطة والخالية من كافة التعقيدات والمظاهر التافهة، وهذا اللون من الفقر هو ما قال عنه معلمنا القديس العظيم بولس الرسول:
"كحزانى ونحن دائمًا فرحون كفقراء ونحن نغنى كثيرين كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء" (2كو 6: 10).
|
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/family-economics/poor.html
تقصير الرابط:
tak.la/f8w7s8k