قبل أن يصل الإنسان لسن الإحالة للمعاش كان يتقاضي مرتبًا مجزيًا يكفي نفقاته بل وقد يزيد عنها فيساعد حتى أولاده المتزوجين الذين لهم وظائفهم.
وبعد الإحالة للمعاش يتقاضي المسن معاشًا لا يكاد يغطي نفقاته الضرورية فيعاني المسن من نقص في موارده المالية وأريد أن أقولها وان كنت اشعر بالخجل فان المسن قد يعاني من الفقر والحاجة.
والغريب إن الأبناء يسالون الكبار سؤالًا ساذجًا جدًا:
"انتم عايزين الفلوس في إيه؟ مش بتاكلوا وتشربوا؟"
وينسي الأبناء إن مشكلة المسن مع المال لها جانبان:
الجانب الأول: انخفاض الدخل:
فالمعاش غالبا -إن لم يكن دائمًا- اقل من المرتب الذي كان الشخص يتقاضاه مدة عمله.
والمشكلة تصير اعقد مع الأشخاص غير المؤمن عليهم والذين كانوا يعملون أعمالًا حرة أو أعمالًا يدوية بسيطة.
وعلي كل الأحوال فالدخل يقل وفي بعض الأحيان ينعدم.
الجانب الثاني: زيادة النفقات والمصاريف:
فلو عدنا للسؤال الساذج الذي يسأله الأبناء لآبائهم المسنين لأجبنا:
إن نفقات المعيشة للمسن أكثر من نفقات الإنسان في العمر الأقل. لماذا؟
1- يحتاج المسن لغذاء خاص مثل الألبان قليلة الدسم والعصائر والفواكه لان حالته الصحية تستلزم ذلك.
2- ينفق المسن مبلغًا غير قليل علي الأطباء والأدوية والتحاليل والفحوصات أو علي العلاج بصفة عامة.
3- يحتاج المسن للترفيه لان حالته الوجدانية والمزاجية تتأثر بسهولة كما يعاني من الملل والوحدة فيكون من المفيد له لو انه تردد علي بعض الأماكن المبهجة كالحدائق والمصايف.
4- يوم المسن طويل ويحتاج لما يسليه, وتسلية اغلب المسنين في القراءة, فيقبل المسن علي شراء المجلات والجرائد اليومية وهذه تمثل احدي بنود الإنفاق التي لا نستطيع إهمالها.
5- يجد المسن حرجا لو أنه أهمل المجاملات ولاسيما أن الكل يتوقع مجاملته, ففي الأعياد يقبل الأطفال علي الجد أو الجدة ليأخذوا "العيديات". كذلك زيارة المرضي أو التهنئة بالزواج أو النجاح.. كل هذه الأمور الهامة تشكل مصروفات ونفقات.
6- في قوة الإنسان يستطيع أن يصل للمكان الذي يقصده سيرا علي الأقدام أو بركوب أية وسيلة مواصلات ولكن ما أن يشيخ الإنسان وتتدهور صحته فانه يعتمد أكثر في تنقلاته علي التاكسيات التي تزيد من نفقاته المعيشية الضرورية.
من كل ما سبق فان المسن يجد نفسه في حيرة من أمره تجاه حياته المالية فماذا يفعل؟ وما دور الأبناء والأهل؟
هنا يحضرني قول ربنا يسوع المسيح للكتبة والفريسيين موبخًا إياهم:
"فأجاب وقال لهم وانتم أيضًا لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم.
فان الله أوصى قائلا أكرم أباك وأمك ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتًا.
وأما انتم فتقولون من قال لأبيه أو أمه قربان هو الذي تنتفع به مني فلا يكرم أباه أو أمه" (مت 15: 3-5).
فلأجل طمع الكتبة والفريسيين علموا الشعب أن يقدموا للهيكل القرابين عن آبائهم فيكونون بذلك قد أكرموا آباءهم, فأهمل الناس آباءهم واكتفوا بتقديم القربان.
فأصلح ربنا يسوع المسيح التعليم بقوله:
"فلو علمتم ما هو إني أريد رحمة لا ذبيحة..." (مت 12: 7).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/elders/financial.html
تقصير الرابط:
tak.la/7z97a6p