"مقدمة هذه الرسالة: اتضاع وتجسد الكلمة. افتراض عقيدة الخليقة وذلك بواسطة الكلمة. لقد خَلَّص الآب العالم بذاك الذي به خلقه أولًا".
1- إذا اقتصرنا في بحثنا السابق على القليل من الأقوال الكثيرة مما يكفي لبيان ضلالة الأمم(1)، بصدد الأوثان، وعبادة الأوثان، وكيفية اختراعها في بداية الأمر، وكيف كانت شرور البشر هي الباعِث على تفكيرهم في عبادة الأوثان، وبعد أن عرفنا بنعمة الله أيضًا شيئًا عن لاهوت كلمة الآب وعنايته الشاملة وسلطانه، وكيف أن الآب الصالح ينظم كل الأشياء بالكلمة، وأن به تتحرك كل الكائنات وبه تحيا - تعال الآن أيها العزيز مكاريوس(2) Macarius، يا خليقًا بهذا الاسم، ويا مُحبًا للمسيح بالحق، ولنتتبع إيماننا المسيحي(3)، ولنظهر كل ما يتعلق بِتَأَنُّس “الكلمة” وظهوره الإلهي بيننا، الأمر الذي يَسْخَر منه اليهود، ويهزأ به اليونانيون، وأما نحن فَنُعَظِّمهُ ونبجلهُ، وذلك حتى تزداد وتتضاعف تقواك نحو “الكلمة” على قدر ضعف مظهرهُ.
2- فإنه كلما ازداد استهزاء غير المؤمنين “بالكلمة”، ازدادت الشهادة التي يعطيها عن لاهوته. لأن ما يعتقده البشر مُستحيلًا يثبته الله ممكنًا وسهلًا، وليس ذلك وحسب، بل أن ما يسخرون منه ويعتقدونه غير لائق، يلبسه بصلاحه ثوب اللياقة والجمال، وما يهزأون به بغرورهم وادعائهم الحكمة، ويتوهمونه بَشَرِيًّا، يُظهرهُ هو بسلطانه إلهيًّا، وفي ذلك كله تتغلب على الادعاءات والافتراءات الوثنية بما يظنه العالم ضَعْفًا، أي بصليبه، ويقنع بطريقة خفية أولئك الهازئين وغير المؤمنين، ليدركوا لاهوته وسلطانه.
3- ولعلاج هذا الموضوع، أراه لزامًا عليَّ أن ألخص ما سبق أن قررته(4) حتى لا تفوتك معرفة سبب ظهور كلمة الآب الجليل القدر في الجسد، وحتى لا تَتَوَهَّم أنه كان من مُستلزمات طبيعة مخلصنا أن يلبس جسدًا، بل لكونه خاليًا من الجسد بطبيعته، ولأنه هو الكلمة منذ الأزل. فقد ارتضى -بتحنن أبيه وصلاحه- أن يظهر لنا في جسد بشري لخلاصنا.
4- إذن فيليق بنا أن نبدأ بحث هذا الموضوع بالتحدث عن خِلْقَة الكون وعن الله بارِئه its Artificer، وعندئذ يمكننا أن ندرك أن تجديد الخليقة كان من عمل نفس “الكلمة” الذي خلقها في البداية، إذ سوف يتضح أنه لم يكن أمرًا مُخالفًا أن يُتَمِّم الله خلاص العالم بذاك الذي خلقه به أولًا.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(2) انظر الرسالة ضد الوثنيين فصل 1. قد يكون هذا الاسم مستعملًا هنا رمزيًا فقط، كما ورد في بعض الترجمات التي جاء بها عوضًا عن ذلك “أيها المغبوط والمحب للمسيح بالحقيقة”. ولكن وروده في كلتا الرسالتين يدل على أن المقصود به شخص معين، ويغلب على الظن أن يكون المقصود به شخصًا مسيحيًا له دراية بالكتاب المقدس.
(3) انظر (1 تيموثاوس 3: 16).
(4) في الرسالة السابقة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/humility.html
تقصير الرابط:
tak.la/5y9ymh7