الفصل الثامن عشر: 1 | 2 | 3 | 4
تكملة دفاع الوثنيين (2) “إن الآلهة تُعبد لاختراعها فنون الحياة”. ولكن هذه أعمال بشرية طبيعية لا إلهية وتمشيًا مع هذه القاعدة لماذا لا يؤله كل المخترعين.
1- إذًا فأي دفاع أو برهان على أن هؤلاء آلهة حقيقيين يمكن أن يقدمه أولئك الذين ينادون بهذه الترهات؟ لأنه مما تقدم قد برهنت حججنا على أنهم بشر، بشر غير محترمين. ولكن لعلهم يتذرعون بحجة أخرى فيلجأون بكبرياء إلى الأشياء النافعة للحياة التي اكتشفوها، قائلين أن السبب في أنهم يعتبرونهم آلهة أنهم كانوا نافعين للبشرية. لأن زفس يُقال عنه أنه صاحب الفن التشكيلي(51)، وبوسيدون(52) صاحب فن الملاحة، وهيفاستوس(53) فن صناعة المعادن، وأثينا فن النسيج، وأبولو فن الموسيقى، وارطاميس فن الصيد، وهيرا صناعة الملابس، وديمتر(54) الزراعة، وغيرهم فنون أخرى، كما روى الذين حدثونا عنهم.
2- ولكن ينبغي للبشر أن ينسبوا هذه الفنون وأمثالها لا للآلهة وحدها بل للطبيعة البشرية العادية، لأن البشر يخترعون الفنون بملاحظة الطبيعة. فإن نفس الحديث العادي يدعو الفنون تقليدًا للطبيعة. إذًا أن كانوا قد برعوا في الفنون التي تتبعوها فهذا لا يبرر الاعتقاد بأنهم آلهة، بل بالحري هذا يبرر الاعتقاد بأنهم بشر، لأنهم لم يخلقوا الفنون، ولكنهم بها قلدوا الطبيعة كغيرهم.
3- لأن البشر إذ لديهم مقدرة طبيعية على المعرفة طبقًا للوصف الذي وصفوا به(55) فليس هناك ما يدهشنا أن توصلوا إلى الفنون بذكائهم البشري وبتطلعهم إلى طبيعتهم ومعرفتها. أما إذا قالوا بأن اختراع الفنون يخولهم الحق أن ينادي بهم آلهة فقد حان الوقت للمناداة بمخترعي الفنون الأخرى آلهة، على نفس الأساس الذي بموجبه ظن أن السابقين جديرون بمثل هذا اللقب. فالفينيقيون اخترعوا الحروف، وهو مر الشعر القصصي، وزينون الذي من بلدة اليا(56) علم المنطق، وكواركس السراقوسي(57) علم البلاغة وأرسطوس(58) علم تربية النحل، وتربثوليموس(59) زراعة الحنطة، وليكورجو الاسبارطي(60) وسولون الأثيني التشريع، بينما اكتشف بالاميدس(61) تصفيف الحروف والأرقام والمقاييس والأوزان. واكتشف غيرهم أشياء كثيرة أخرى نافعة للحياة البشرية حسب شهادة مؤرخينا.
4- إذًا فإن كانت الفنون تخلق آلهة، وان كانت الآلهة المنقوشة وجدت بسبب الفنون، لترتب على هذا طبقًا لمنطقهم - أن الذين اكتشفوا الفنون الأخرى في أيام الأخيرة لا بُد أن يكونوا آلهة. أما إذا حكموا بأن هؤلاء غير خليقين بالكرامة الإلهية بل اعتبروهم بشرًا لكان من اللائق أن لا يطلق اسم الآلهة على زفس وهيرا وغيرهما، بل وجب الاعتقاد أنهم هم أيضًا كانوا كائنات بشرية، سيما وأنهم لم يكونوا محترمين في أيامهم. وليس أدل على هذا من أنهم عندما يصورون أشكالهم في التماثيل يظهرون بأنهم ليسوا إلا بشرًا.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(51) النحت والتصوير.
(52) Poseidon.
(53) Hephaestus.
(54) Demeter.
(55) بواسطة أرسطاطاليس.
(56) Elea بلدة جنوب ايطاليا وكانت بها مدرسة للفلسفة اليونانية.
(57) Corax of syracuse.
(58) Aristaeus.
(59) Triptolemus.
(60) Sparta & Solon of Athens of Lycurgus.
(61) Palesamed.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/worshiping-idols.html
تقصير الرابط:
tak.la/a79t7kq