St-Takla.org  >   books  >   fr-morcos-dawoud  >   against-the-heathens
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب رسالة إلى الوثنيين للقديس أثناسيوس الرسولي (ضد الوثنيين) - القمص مرقس داود

11- الفصل التاسع: امتداد العبادة الوثنية: عبادة الأجرام السماوية، والعناصر، والأشياء الطبيعية، والمخلوقات الخرافية، والشهوات المجسمة، والبشر الأحياء والأموات

 

الفصل التاسع: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

امتداد العبادة الوثنية بأشكال مختلفة: عبادة الأجرام السماوية، والعناصر، والأشياء الطبيعية، والمخلوقات الخرافية، والشهوات المجسمة، والبشر الأحياء والأموات. حالة أنتينوس والأباطرة المؤلهين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1- لأن ذهن البشر قفز مبتعدًا عن الله، وإذ ازدادوا تسفلًا في أفكارهم وأوهامهم أعطوا المجد اللائق بالله أولًا للسماء والشمس والقمر والنجوم، متوهمين أنها ليست آلهة فحسب، بل هي أيضًا علة الآلهة التي هي دونها، وإذ ازدادوا تسفلًا في أوهامهم المظلمة أطلقوا اسم الآلهة على الأثير العلوي والهواء وما في الهواء. وإذ ازدادوا توغلًا في الشر الهوا العناصر والمبادئ التي تتكون منها الأجسام، الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة.

 

2- ولكن كما أن الذين سقطوا بالكلية يزحفون في الوحل كالقواقع الأرضية، هكذا إذ ازداد أشر البشر تسفلًا وابتعادًا عن فكرة الله أقاموا البشر كآلهة، وكذا أشكال البشر، بعضهم لا يزالون أحياء، والبعض الآخر حتى بعد موتهم. والأكثر من ذلك أنهم إذ فكروا. فيما هو أشر حولوا أخيرًا اسم الله السامي الإلهي للأحجار والأخشاب وزحافات الأرض والماء والبهائم البرية غير العاقلة، مقدمين لها كل كرامة إلهية، ومتحولين عن الإله الحقيقي الواحد أبي المسيح.

 

St-Takla.org Image: The Solar System (image 2), planets in space (left to right: Sun, Mercury, Venus, Earth, Mars, Jupiter, Saturn, Uranus, Neptune). صورة في موقع الأنبا تكلا: المجموعة الشمسية (صورة 2)، الكواكب في الفضاء (من اليسار إلى اليمين: الشمس، عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون).

St-Takla.org Image: The Solar System (image 2), planets in space (left to right: Sun, Mercury, Venus, Earth, Mars, Jupiter, Saturn, Uranus, Neptune).

صورة في موقع الأنبا تكلا: المجموعة الشمسية (صورة 2)، الكواكب في الفضاء (من اليسار إلى اليمين: الشمس، عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون).

3- ولكن ليت حماقة هؤلاء البشر الأغبياء وقفت عند هذا الحد، ولم يتوغلوا في اضطراباتهم الوقحة. لأنهم تسفلوا في أفكارهم إلى هذا الحد من ظلام العقل حتى انهم اخترعوا لأنفسهم وأقاموا آلهة من الأشياء التي لا وجود لها على الإطلاق، ولا مكان بين الخليقة. لأنهم إذ مزجوا بين الخليقة العاقلة وغير العاقلة، وجمعوا بين الأشياء غير المتشابهة بطبيعتها، عبدوا النتائج(15) كآلهة، مثل آلهة المصريين التي لها رأس كلب أو رأس حية أو رأس حمار، وعمون إله الليبيين الذي له رأس كبش بينما فصل غيرهم أعضاء جسم الإنسان، الرأس والكتف واليد والقدم، أقاموا من كل عضو إلهًا، وألهوها كأن ديانتهم لم ترتض بأن يبقى الجسم كله سليمًا.

 

4- أما غيرهم فقد استغرق في الفساد لأقصى حد فألهوا الباعث على اختراع هذه الأشياء واختراع شرورهم، أي الملذات والشهوات، وعبدوها، مثل عيروس(16)، وافروديت(17) في بافوس. بينما تجاسر بعضهم -كأنهم ينافسونهم في الرذيلة- ليقيموا آلهة من حكامهم بل من أبنائهم، إما من باب الاحترام لرؤسائهم، أو خوفًا من بطشهم، مثل زفس(18) الكريتي الذي له الشهرة العظيمة بينهم، وهرمس(19) بين أهل اركادياس وديونيسيوس بين الهنود، وايزيس واوزيريس وهورس بين المصريين، وفي عصرنا انثينوس محبوب هادريان إمبراطور الرومانيين، الذي رغم أن الناس يعرفونه انه مجرد إنسان، وليس إنسانًا محترمًا، بل بالعكس مليء بالرذائل والدعارة، إلا أنهم يعبدونه خوفًا مِمَّن أوصى بعبادته. لأن هادريان إذ أتى للإقامة في أرض مصر عندما مات انتينوس خادم لذاته وشهواته، أمر بعبادته، لأن افتتن بحب الشاب فعلًا حتى بعد موته. ولكن رغمًا عن ذلك فضح نفسه وقدم برهانًا ضد كل عبادة وثنية لأنه عرف بين الناس أن هذه العبادة لم تنشأ إلا بسبب الشهوة التي تملكت على مبتدعيها، كما شهدت بذلك حكمة الله من قبل إذ تقول “أن اختراع الأصنام هو أصل الفسق” (20).

 

5- ولا تعجب، بل لا تظن، أن ما نقوله صعب التصديق، إذ ما قررنا انه إلى عهد قريب -ولو لم تستمر هذه الحالة للآن- كان مجلس الشيوخ في الإمبراطورية الرومانية يصوت للأباطرة الذين حكموهم من البداية، لكلهم أو لمن يشاءون، ويقررون، ليعطوهم مكانًا بين الآلهة، ويأمرون بعبادتهم (21) لأن الذين كانوا يبغضونهم كانوا يعاملونهم كأعداء ويعتبرونهم بشرًا، معترفين بطبيعتهم الحقيقية. أما الذين كانوا يحبونهم فكانوا يأمرون بعبادتهم بسبب فضائلهم، كأن لهم السلطان أن يقيموا آلهة، رغم أنهم هم أنفسهم بشر، ولا يمكن أن يدعوا بأنهم أكثر من خليقة فانية.

 

6- مع أنهم، أن جاز لهم أن يقيموا آلهة، لوجب أن يكونوا هم أنفسهم آلهة، لأن الصانع يجب أن يكون أفضل من المصنوعات، والحاكم يتحتم بالضرورة أن يكون له سلطان على المحكوم. وللمعطي، أو من له، الذي يهب فضلًا وإحسانًا كالملك الذي يهب مما له، لا شك أعظم وأسمَى مركزًا من الآخذ. فإذا ما قرروا اعتبار أي شخص شاءوا إلهًا وجب أن يكونوا هم أنفسهم أولًا آلهة. ولكن الغريب أنهم بموتهم هم أنفسهم كبشر يظهرون بطلان آرائهم نحو أولئك الذين يقررون إنهم آلهة.

← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(15) أي هذا المزيج.

(16) Eros إله الحب عند الإغريق.

(17) Aphrodite إلهة العشق والجمال عند الإغريق.

(18) Zeus رب الأرباب عند قدماء الإغريق.

(19) Hermes رسول الآلهة وابن الإله الأكبر. إله العلم والتجارة والسفر واللصوص.

(20) (حكمة 14: 12).

(21) كان قسطنطين آخر إمبراطور صدر الحكم رسميًا باعتباره إلهًا، بل حتى ثيؤدوسيوس رفعه كلوديان إلى السماء.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/worship-of-heavenly-bodies.html

تقصير الرابط:
tak.la/7qrfz5q