أعمال الآلهة الوثنية، سيما أعمال زفس.
1- على أن هذه وأمثالها من اختراعات العبادة الوثنية الجنونية سبق أن حدثنا عنها الكتاب المقدس منذ زمن طويل حين قال (لأن اختراع الأصنام هو أصل الفسق. ووجدانها(26) فساد الحياة. وهي لم تكن في البدء ولا تدوم إلى الأبد. لأنها إنما دخلت العالم بحب الناس للمجد الفارغ. ولذلك عزم على إلغائها عن قريب. وذلك أن والدا قد فجع بشكل معجل فصنع تمثالًا لأبنه الذي خطف سريعًا، وجعل يعبد ذلك الإنسان الميت بمنزلة إله، ورسم للذين تحت يده شعائر وذبائح. ثم على ممر الزمان تأصلت تلك العادة الكفرية فحفظت كشريعة، وبأوامر الملك عبدت المنحوتات. والذين لم يستطع الناس إكرامهم بمحضرهم لبعد مقامهم صوروا هيئاتهم الغائبة، وجعلوا صورة الملك المكرم نصب العيون حرصًا على تملقه في الغيبة، كأنه حاضر. ثم أن حسب الصناع للمُبَاهَاة كان داعية للجاهلين إلى المبالغة في هذه العبادة. فأنهم رغبة في إرضاء الآمر قد افرغوا وسهم في الصناعة لإحراج الصورة على غاية الكمال فاستميل الجمهور ببهجة ذلك المصنوع حتى أن الذي كانوا قبل قليل يكرمونه كإنسان عدوه إلهًا. وبهذا كان اقتناص الخلق(27). فإن رزيئة بعض الناس أو اقتصار الملوك استعبدهم(28) حتى جعلوا على الحجر والخشب الاسم الذي لا يشرك فيه أحد(29).
2- وإذ كانت بداءة وتدبير اختراع الأصنام بهذا الشكل كما يشهد الكتاب المقدس فقد حان الوقت الآن لنظهر لك بطلانها بأدلة مستقاة من آراء نفس هؤلاء الأشخاص عن الأصنام أكثر مما هي مستقاة من الخارج. وللبدء بأسفل نقطة -إذا ما تأمل المرء في أعمال أولئك الذين يسمونهم آلهة- فانه لا يجد إنهم ليسوا آلهة فحسب، بل إنهم كانوا بشرًا وأقبح البشر. فيا لها من شناعة إذ ترى آثار أهواء زفس السافلة، وأعماله القبيحة في الشعراء. يا لها من شناعة إذ تسمع عنه من الناحية الواحدة حاملًا غنيميد(30) مرتكبًا الفسق اختلاسًا، ومن الناحية الأخرى، انه في هلع وذعر لئلا تسقط أسوار أهل طروادة، رغم إرادته. يا لها من شناعة إذ تراه حزينًا مكتئبًا من أجل موت ابنه سربيدون متمنيًا إغاثته وهو عاجز عن الإغاثة، وعندما تدبر ضده المؤامرات بواسطة الآلهة الأخرى أي أثينا وهيرا بوسيدون، معضدًا من امرأة -ثيتيس- وايجيون ذي المائة يد(31) ومُنْغَلِبًا من الشهوات فيصبح عبدًا للنساء، ولأجلهن يرتكب المخاطر متنكرًا في شكل البهائم والزحافات والطيور. وأيضًا يا لها من شناعة حينما تراه يختبئ بمناسبة مؤامرة أبيه ضده، أو موثقًا كرونوس، أو مشوهًا أباه. أيليق أن يُسمَّى إلهًا ذاك الذي ارتكب أعمالًا كهذه، ويتهم بأمور لا تجيزها القوانين الرومانية العادية لمجرد البشر؟
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(26) أي ابتداعها.
(27) أي خداع العالم.
(28) ترجمة النص الإنجليزي “فان الناس إذ خدموا الرزايا أو المظالم جعلوا على الحجر الخ”.
(29) (حكمة 14: 12-21).
(30) Ganymede ساقي الآلهة عند الإغريق.
(31) Aegaean تسمية أخرى برايروس Briareos وهو عملاق له مائة يد وخمسون رأسًا وهو ابن اورانوس Uranus وجايا Gaea (أي السماء والأرض).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/pagan-gods.html
تقصير الرابط:
tak.la/9kqr55b