الفصل السابع والثلاثون: 1 | 2 | 3 | 4
تكملة نفس الموضوع.
1- إذًا فالأشياء المتنافرة بطبيعتها، والمضادة بعضها للبعض، لا يمكن أن تصطلح معًا لو لم يكن هنالك من هو أسمَى منها وسيدها ليتحدها، الذي تخضع له العناصر طائعة كما يطيع العبيد السيد. وبدلًا من أن يراعي كل شيء طبيعته ويتنازع مع جاره، فأنها كلها تدرك الرب الذي اتحدها، وتتناسق بعضها مع بعض، مع أنها مضادة لبعض بالطبيعة، وتتوافق حسب إرادة ذاك الذي يرشدها.
2- لأنه لو لم يكن امتزاجها معًا يعزي لسلطة أعلى فكيف كان ممكنًا للثقيل أن يمتزج ويتحد مع الخفيف، والرطب مع الجاف، والمستدير مع المستقيم، والنار مع البرودة، أو البحر مع الأرض، أو الشمس مع القمر، أو النجوم مع السماء، والهواء مع السحب، مع أن طبيعة الواحد تختلف عن طبيعة الآخر؟ لأنه كان لا بُد من حصول نزاع شديد بينها فالواحد يحرق والآخر يشع برودة، والثقيل ينحدر إلى أسفل والخفيف يتجه اتجاهًا مضادًا إلى أعلى، والشمس تنير بينما يذيع الهواء ظلمة، بل النجوم نفسها تتنازع بعضها مع بعض طالما كان البعض وضعه أعلى والبعض وضعه أسفل، ولرفض الليل أن يفسح المجال للنهار، بل أصر أن يظل مجاهدًا ضده ومقاومًا إياه.
3- على أنه أن كان الحال هكذا لما رأينا الكون منتظمًا بل مشوشًا، ولما رأينا تناسقًا بل اضطرابًا وفوضى، ولما رأينا دقة وإحكامًا بل لرأينا كل شيء مختلًا، ولما رأينا تناسبًا بل كل الأشياء متفاوتة. لأنه في النزاع العام، والصراع المشترك، إما أن تبيد كل الأشياء أو يظهر مبدأ السيادة وحده. وحتى هذا المبدأ الأخير فإنه تظهر الفوضى بين الجميع، لأنه لو ترك أي شيء وحده وحُرم من معاونة سائر الأشياء لسبب الاضطراب بين الجميع. كما انه لو تركت اليد والرجل وحدهما فإن ذلك لا يحفظ للجسم كماله.
4- لأنه كيف يصير حال الكون لو أن الشمس وحدها هي التي تظهر، أو أن القمر وحده هو الذي يسير في مجراه، أو لو لم يكن سوى الليل، أو لو كان للنهار صفة الدوام؟ أو هل يبقى أيضًا هنالك أي تناسق لو أن السماء وجدت بدون النجوم، أو وجدت النجوم بدون السماء؟ أو ما المنفعة لو كان هنالك بحر فقط، أو لو وجدت الأرض وحدها بدون مياه، وبدون أجزاء الخليقة الأخرى؟ أو كيف كان ممكنًا للإنسان، أو أي حيوان أن يظهر على الأرض لو صارت العناصر في نزاع متبادل، أو صارت السيادة والغلبة لعنصر واحد، ولم يكن هذا العنصر الواحد غير كافٍ لتركيب الأجساد؟ لأنه لا يمكن لأي شيء في العالم أن يتكون من الحرارة وحدها أو البرودة، أو الرطوبة، أو الجفاف، وإلا صارت كل الأشياء بدون نظام أو امتزاج. وحتى العنصر الذي تبدو له السيادة لا يمكن أن يوجد دون معاونة بقية العناصر، لأن هذه هي الطريقة التي بها يوجد كل عنصر الآن.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/order-of-creation.html
Connection failed: SQLSTATE[08004] [1040] Too many connections