الفصل التاسع والثلاثون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
استحالة تعدد الآلهة.
1- لأننا يجب أن لا نتوهم أن هنالك أكثر من ضابط وخالق واحد للخليقة، فالديانة السليمة الحقيقية تعتقد أن بارئها واحد، والخليقة نفسها تشير إلى هذا بوضوح. لأنه أن كان لا يوجد سوى كون واحد لا أكثر، فان هذا برهان قاطع على أن خالقه واحد. فان كان هنالك تعدد للآلهة وجب أن يكون أيضًا هنالك حتمًا أكثر من واحد. لأنه لا يعقل أن آلهة كثيرين يصنعون كونًا واحدًا، أو أن الكون الواحد يخلقه أكثر من واحد، بسبب ما يتبع هذا من سخافات.
2- فأولًا أن كان الكون الواحد خلقه آلهة كثيرون كان هذا معناه الضعف من جانب الذين خلقوه، لأن الكثيرين اشتركوا في نتيجة واحدة، وكان هذا برهانًا قويًا على النقص في المقدرة على الخلق في كل منهم. لأنه أن كان واحدًا كافيًا لما كانت هنالك حاجة للكثيرين لكي يكمل كل واحد نقص الآخر. أما القول بأن هنالك أي نقص في الله فإن هذا ليس معناه إلحادًا فحسب بل هو فوق كل شيء وقاحة. لأنه حتى بين البشر لا يمكن أن يدعى أي صانع الكمال أن كان يعجز عن إتمام عمله، قطعة واحدة من العمل، بمفرده بدون مساعدة الكثيرين غيره.
3- أما أن كان كل واحد يستطيع إتمام العمل بأكمله، غير أن الجميع عملوا فيه لكي يساهموا في النتيجة، فان الاستنتاج المضحك الذي نخرج به أخيرًا هو أن كل واحد عمل لينال شهرة لئلا يشك في مقدرته. ومرة أخرى نقول انه من أشد السخافات أن ينسب للآلهة حب الظهور.
4- وأيضًا أن كان كل واحد كافيًا لخلقة الكل فما الداعي لأكثر من واحد، طالما كان في الواحد كل الكفاية للكون؟ وعلاوة على هذا فمن الوقاحة والسخافة أن يجعل الشيء المخلوق واحدًا بينما الخالقون كثيرون ومتعددون، فالقاعدة العلمية هي أن ما كان واحدًا وكاملًا هو أسمَى من الأشياء المتعددة.
5- وهذا ما يجب أن تعرفه انه أن كان الكون قد خلق بآلهة متعددة لصارت حركاته عديدة ومخالفة بعضها للبعض. لأنه إذا التفت إلى كل واحد من خالقيه فان حركاته لا بُد أن تكون مختلفة بالتبعية. وهذه الاختلافات أيضًا -كما قدمنا- تتضمن الاضطراب وعدم النظام. لأنه حتى السفينة لا يمكن أن تسير مستقيمة أن كان يقودها كثيرون، وما لم يمسك الدفة ربان واحد. والقيثارة لن تعطي نغمات متوافقة أن كان يضرب عليها الكثيرون، ما لم يضرب عليها فنان واحد.
6- إذًا فطالما كانت الخليقة واحدة، والكون واحدًا، ونظامه واحدًا، وجب أن ندرك أن ملكها ومبدعها واحد أيضًا. لأن هذا هو السبب في أن البارئ نفسه صنع كل الكون واحدًا، لئلا يتوهم تعدد البارئين إن وُجِدْ أكثر من كون واحد. أما أن كان ما عمل واحدًا فانه يعتقد أن صانعه أيضًا واحد. ويجب أن لا يستنتج من وحدة البارئ أن الكون يجب أن يكون واحدًا، فالله كان قادرًا أن يخلق أكوانًا أخرى في نفس الوقت. ولكن لأن الكون الذي خلق واحد وجب الاعتقاد أن بارئه أيضًا واحد.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/impossibility-of-multiple-gods.html
تقصير الرابط:
tak.la/4wjam66