إذًا فالشر يتضمن جوهريًّا في اختيار الأمور السفلى وتفضيلها على الأمور السامية.
1- على أن وقاحة البشر إذ لم تبال بما هو لائق ومناسب، بل بما هو في إمكانها، بدأت تدفعهم إلى العكس، وبالتالي إذ حركت أيديهم إلى العكس جعلتها ترتكب القتل، وقادت أسماعهم إلى العصيان، وعدم الطاعة، وأعضاءهم الأخرى إلى الزنى، بدلًا من إنتاج النسل الطبيعي، واللسان إلى النميمة والشتيمة والحلف كذبًا بدلًا من الكلام اللائق، والأيدي أيضًا إلى السرقة وضرب الأخوة، وحاسة الشم إلى الروائح الشهوانية المتنوعة، والإقدام للإسراع في سفك الدم، والبطن إلى السكر والنهم(8).
2- وكل هذه رذائل وخطية للنفس. كما انه لا مبرر لها على الإطلاق، سوى رفض ما هو أفضل. لأنه كما أن قائد العربة إذا ما ركب عربته في ساحة السباق لا يُبالي بالهدف الذي أمامه الذي يجب أن يقود العربة نحوه، بل يتجاهله ويقود الحصان حسبما يستطيع، أو بتعبير آخر حسبما يريد، وكثيرًا ما يدوس بعربته من يلتقي بهم، وكثيرًا ما يسقط في حفر شديدة الانحدار، ويندفع بسرعة السباق التي آل على نفسه السير بها، متوهمًا أنه بهذا لم يخطئ الهدف، لأنه لا يراعي إلا الركض، ولا يرى أنه قد تجاوز الهدف جدًا. هكذا النفس أيضًا، فإنها إذ تحولت عن الاتجاه نحو الله، ودفعت أعضاء الجسد وأبعدتها عما هو لائق، أو بالحري طوحت بنفسها معها بأعمالها، فإنها تخطئ وتؤذي نفسها، دون أن ترى أنها ضلت الطريق، وانحرفت عن هدف الحق، الذي كان يتطلع إليه المغبوط بولس لابس المسيح عندما قال “أسعى نحو الغرض، لأجل جعالة دعوة المسيح يسوع العليا” (9). وهكذا إذ جعل هذا القديس الخير هدفه لم يرتكب الشر قط.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(8) (رو 3: 10 إلخ.).
(9) (في 3: 14).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/choosing-lower-matters.html
تقصير الرابط:
tak.la/m984gvp