لكن نظرًا لأن كلسس صرح بأنه قد صار قولًا على ألسنة الكثيرين من المسيحيين أن " حكمة هذه الحياة ردية أما الجهالة فهي طيبة " فإننا نرد بأنه يفترى على الإنجيل، ولا يذكر الأقوال كما وردت في كتابات بولس الرسول حيث تقول " إن كان أحد يزن أنه حكيم بينكم فليصر جاهلًا في هذا الدهر لكي يصير حكيمًا. لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله " (1كو3: 18و19). فالرسول إذن لا يقول إن مجرد " الحكمة جهالة عند الله "، بل " حكمة هذا العالم " وهو أيضًا يقول " إن كان أحد بينكم يظن أنه حكيم فليصر جاهلًا بصفة عامة " بل " ليصر جاهلًا في هذا الدهر لكي يصير حكيمًا ".
إذن فنحن نعني " بحكمة هذا العالم " كل نظام كاذب للفلسفة الذي يبطل، حسب تعبير الكتاب المقدس (1كو2: 6).. ونحن لا نقول بدون تحفظ إن الجهالة طيبة، بل عندما يصير المرء جاهلًا في هذا الدهر (العالم).
كأننا نقول إن الأفلاطونية التي تعتقد بخلود النفس وبتناسخ الأرواح تقبل الجهالة لأن الرواقيين يهزأون بهذه التعاليم، ولأن الأرسطوليين يقولون عن آراء أفلاطون بأنها هذيان، ولأن الأبيقوريين يرونها خرافة الاعتقاد بالعناية الإلهية، ووضع الله فوق الكل.
وعلاوة على هذا، فلكي يتبين أنه مما يتفق مع روح المسيحية، وأنه من الضروري جدًا أن نوافق على التعاليم المبنية على المنطق والحكمة أكثر مما هي مبنية على مجرد الإيمان، وأن المسيحية لا توصي بهذه الطريقة الأخيرة إلا في ظروف معينة فقط، لكي لا تترك الناس بدون تقديم أية معونة على الإطلاق، فهذا يبينه بولس الرسول الأمين ليسوع عندما قال " إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة " (1كو1: 21).
من هذه الكلمات يتضح جليًا أنه يجب معرفة الله بحكمة الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن لأن هذا لم يحدث استحسن الله أن يخلص المؤمنين لا " بالجهالة " بصفة مطلقة، بل بالجهالة التي توصف بها الكرازة لأن الكرازة بيسوع المسيح مصلوبًا هي جهالة الكرازة، كما صرح بذلك بولس الرسول أيضًا عندما قال " لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبًا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما المدعويين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 23و24).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-celsus/false-wisdom.html
تقصير الرابط:
tak.la/wa35a4a