الحقيقة أن هناك أنبياءً وأبرارًا كثيرين لم يخرج منهم أولاد صالحين كما تمنوا، وهذا يرجع إلى عدة أمور:-
أولًا:
حرية إرادة كل إنسان، وبالتالي ليس كل أب صالح يخرج ابنًا صالحًا، وليس كل أب شرير يخرج ابنًا شريرًا، وهذا يتضح في (حزقيال 18). وبالأخص في قوله "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ" (حز 18: 20).
ثانيًا:
هؤلاء الأنبياء والأبرار لم يكونوا معصومين من الخطأ، لأنهم بشر تحت الآلام مثلنا.
+ فأبونا إبراهيم وقع في الخوف والكذب وكذلك اسحق أيضًا.
+ أبونا يعقوب (إسرائيل) قضى نصف حياته الأولى في الخداع والكذب والطمع.
+ موسى النبي وقع في الغضب في أول حياته وقتل المصري، وفي نهاية حياته غضب مرة أخرى وكسر لوحي العهد.
+ داود النبي وقع في الزنا ومؤامرة القتل وخطايا أخرى كثيرة.
+ سليمان الحكيم وقع في تعدد الزوجات وعبادة الأوثان لفترة.
هؤلاء الأنبياء تبرروا بالإيمان والرجاء والتوبة، ولكن أخطائهم تشهد للأجيال عن احتياجهم للخلاص والفداء مثل كل البشر.
ثالثًا:
قد يهمل بعض هؤلاء الأنبياء والأبرار تربية أولادهم مثل أي أب يقع في التقصير مع أولاده، ويبدو هذا واضحًا في قصة عالي الكاهن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. "وَكَانَ بَنُو عَالِي بَنِي بَلِيَّعَالَ، لَمْ يَعْرِفُوا الرَّبَّ" (1صم 2: 12)، وقصة أبشالوم وأمنون (2صم 13) و (2صم 15)، وقصة أولاد يعقوب شمعون ولاوي (تك 34).
ومع هذا الإهمال منذ الطفولة لم يتعوَّد أولادهم حياة الصلاة والتقوى والتوبة المستمرة. فلم يكونوا مثل آبائهم.
رابعًا:
لم يردع بعض الأنبياء والآباء أولادهم الردع الكافي بحزم وشدة في الوقت المناسب، لعلهم يرجعون عن شرهم كما يقول الحكيم:
+ "مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ابْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ" (أم 13: 24).
+ "لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ، لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ" (أم 23: 13).
وفي قصة عالي الكاهن وابنيه، كان يليق به أن يمنعهما من العبادة أو يحكم عليهما حسب الشريعة ولكنه لم يفعل، "وَشَاخَ عَالِي جِدًّا، وَسَمِعَ بِكُلِّ مَا عَمِلَهُ بَنُوهُ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَاجِعُونَ النِّسَاءَ الْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ هذِهِ الأُمُورِ؟ لأَنِّي أَسْمَعُ بِأُمُورِكُمُ الْخَبِيثَةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ. لاَ يَا بَنِيَّ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا الْخَبَرُ الَّذِي أَسْمَعُ. تَجْعَلُونَ شَعْبَ الرَّبِّ يَتَعَدُّونَ. إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ اللهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى الرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟» وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لأَنَّ الرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ" (1صم 2: 22- 25).
وأيضًا في قصة داود النبي، كان يبدو ضعيفًا أمام أولاده ولم يؤدب إبشالوم تأديبًا كافيًا، مما جعله يتطاول عليه حتى أخذ المملكة "فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: «قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلاَّ يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا الشَّرَّ وَيَضْرِبَ الْمَدِينَةَ بِحَدِّ السَّيْفِ»." (2صم 15: 14).
خامسًا:
التناسل الطبيعي لا يصلح أن يكون سبب لانتقال البر والبركة، بل الحياة الجديدة بالروح القدس من خلال الإيمان والتوبة والأسرار حسب تعليم الكتاب:
+ "اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ" (يو 1: 13).
فلم يعد ابن شاول هو الملك بل داود، ولم يعد بكر يعقوب هو المختار بل يهوذا، ولم يعد عيسو مختارًا بل يعقوب، لكي يتضح دور كل إنسان في تحديد مستقبل أبديته واختياره.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-dawood-lamey/how/offspring.html
تقصير الرابط:
tak.la/frmh363