محتويات |
* عندما حوكم قال " أن له 86 سنة يخدم المسيح"، وهذا يعنى أن عمره عندئذ كان يتجاوز المائة عام. وإذا علمنا أن المحاكمة كانت حوالي سنة 156 م. فيكون ميلاده حوالي سنة 50 م. على اعتبار أنه آمن بالمسيح في سن الشباب أي حوالي سنة 70 م.
* عاصر بوليكاربوس يوحنا الرسول وتتلمذ على يده وعرف الذين عاينوا الرب وسمعوا كلماته ورددوها على مسمعه فثبت عنده أن التعليم الحقيقي هو التعليم المأخوذ عن الرسل.
* وأن الرسل أقاموه أسقفًا على أزمير (سميرنا)، (ضد الهرطقات 3:3-4).
* بوليكاربوس "رجل رسولي" من جهة التاريخ كما من جهة التعليم. لذلك اتخذه إيريناؤس حجة لا ترد لتثبيت تقليد الكنيسة في مواجهة البدعة الغنوسية، قال إيريناؤس عنه أنه قابل مرقيون الغنوسى يومًا فلما سأله مرقيون: "أتعرفني؟" أجابه بوليكاربوس "طبعًا إني أعرف بكر الشيطان" (ضد الهرطقات 3:3،4).
* وجه إليه أغناطيوس الأنطاكي "حامل الإله" إحدى رسائله الشهيرة وهو في طريق الاستشهاد (سنة 110 م). ويظهر من هذه الرسالة تقدير أغناطيوس الكبير لبوليكاربوس ووصفه بأنه "رجل رسولي، وراع صالح حقيقي" ولذلك وثق به واسند إليه رعاية قطيعه في أنطاكية.
* وصلنا خبر استشهاد بوليكاربوس في رسالة أرسلتها كنيسة أزمير إلى كنيسة فيلوميليوم بفريجيا الكبرى سنة 156 م. بآسيا الصغرى. فلما اشتعل الاضطهاد ضد كنيسة أزمير وثبت أبناؤها على الإيمان أوغر الحقد صدور الوثنيين وطلبوا إحضار أسقف أزمير بوليكاربوس. كان بوليكاربوس قد خرج من المدينة بناء على إلحاح الشعب وكان في بيت بالقرب منها، ووشى به أحد الخدام. لما سمع بوليكاربوس صوت وصول الشرطة نزل ليتحدث معهم، أما هم فأعجبوا بشجاعته وشيخوخته. وأمر بوليكاربوس بتقديم الطعام والشراب لهم فورًا رغم تأخر الوقت ليلًا، وطلب منهم مهلة ليصلى. فأمهلوه، فوقف يصلى ساعتين بصوت مسموع.
* ولما أحضروه إلى الملعب وطلب منه الوالي أن يجدف على المسيح "يسوع أناثيمًا" (1كو3:12) أجابه بوليكاربوس: "86 سنة وأنا أخدم المسيح ولم يسيء إلى قط فكيف أجدف على ملكي الذي خلصني؟".
* ولما ألح عليه الوالي أن يحلف بحياة قيصر أجاب: "أنا مسيحي، أما إذا كنت تريد أن تعرف تعاليم المسيحية فعين لي يومًا لكي أشرحها لك".
* وهدده الوالي بالوحوش فرحب بوليكاربوس، ثم هدده بالنار فرد بوليكاربوس: "أنت تهدد بنار تحرق لوقت قصير وتُطفأ سريعًا ولكنك لا تعرف نار الدينونة الآتية التي تنتظر الأشرار فهي نار أبدية. هيا لا تتوانى ونفذ ما تريده.
* كانت كلماته مملوءة بالشجاعة والفرح، وتشع النعمة من وجهه، ولم يبد عليه أثر للاضطراب. ولما أعلن المنادى ثلاث مرات وسط الملعب أن بوليكاربوس أعترف أنه مسيحي صرخ جمهور الوثنيين واليهود الذين من سميرنا: "هذا هو معلم آسيا وأب المسيحيين ومحطم آلهتنا". وطلبوا جميعًا أن يُحرق بوليكاربوس حيًا.
* ربطوه في عامود. وعندما حاولوا تسميره قال لهم "دعوني حرًا لأن الذي أعطاني القوة لملاقاة النار دون اضطراب سوف يعطيني القوة لأظل فيها دون أن أتحرك وبدون أن تشدني المسامير".
وأما هو فنظر إلى فوق إلى السماء وقال:
"أيها الرب الإله ضابط الكل أبا ابنك المحبوب المبارك يسوع المسيح، الذي به تقبلنا معرفة كاملة لك يا إله الملائكة والسلاطين وكل الخليقة وكل عشيرة القديسين الذين يعيشون في حضرتك. أباركك لأنك أهلتني لهذا النهار ولهذه الساعة، كيما اشترك في كأس مسيحك مع عداد الشهداء، وأقوم للحياة الأبدية بالنفس والجسد في عدم الموت الذي للروح القدس. ليتك تقبلني اليوم مع شهدائك لأكون أمامك ذبيحة ثمينة ومرضية أمامك، كما سبقت وأعددتها وأعلنتها وتممتها أيها الإله الحق الذي لا يكذب ولذلك أسبحك لأجل كل هذه الأمور، أباركك وأمجدك في رئيس الكهنة الأعظم الأبدي السماوي يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي به لك المجد معه ومع الروح القدس الآن وإلى الدهور الآتية" آمين.
* وبعد ذلك أشعلوا النار فارتفعت النار مثل قوس وأحاطت بجسد الشهيد مثل حائط وخرجت منها رائحة زكية كبخور أو عطور نادرة.. وأخيرًا طعنه جلاد بحربة فظهرت حمامة من الجسد وسالت دماء كثيرة حتى أطفأت النار. وكان استشهاده يوم 22 فبراير 156 م.
* تعاليم بوليكاربوس نجدها في رسالته التي كتبها إلى كنيسة فيلبى وهى الرسالة الوحيدة التي حُفظت من بين الرسائل التي كتبها إلى سائر الكنائس كما يعرفنا بذلك القديس إيريناؤس تلميذه إذ قال "هناك رسالة كتبها بوليكاربوس إلى كنيسة فيلبى تطلعنا على ميزة الإيمان وكرازة الحق" (ضد الهرطقات 3، 4).
1- فهو يفرح فرحًا عظيمًا في المسيح بإيمان أهل فيلبى القوى ويستخدم عبارات الرسول بطرس "وإن كنتم لا ترونه لكن تؤمنون به بفرح عظيم لا يُنطق به" [انظر (1بط8:1)] كما استخدم عبارة بولس: "بالنعمة انتم مخلصون" (أف5:2).
2- ويؤكد على الإيمان بقيامة المسيح ويقول إن الآب سيسأل الناس الذين يرفضون الإيمان بابنه، عن دمه وأنه سيقيمنا مع المسيح ويقتبس كثيرًا من وصايا الرب في الموعظة على الجبل (انظر رسالة فيلبى فقرة 2).
3- وفي فقرة 3 يتحدث عن الإيمان والرجاء والمحبة ويذكر أن المحبة لله والقريب تسبق الإيمان والرجاء "فمن كانت عنده المحبة يتفادى الخطية" (فيلبى 3).
4- ويحذر بوليكاربوس من محبة المال أصل كل الشرور لأننا لم ندخل العالم بشيء ولا نستطيع أن نخرج منه بشيء (أنظر فقرة 4 من الرسالة).
5- ويذكر بوليكاربوس واجب الزوجات أن يحببن أزواجهن بكل أمانة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما الأرامل فيقول عنهن أنهن مذابح الله وينبغي أن يرفعن الصلوات دون انقطاع لأجل جميع الناس.
6- ويحث الشباب أن يكونوا بلا عيب حافظين الطهارة وليخضعوا للقسوس والشمامسة كخضوعهم للآب والمسيح. أما العذارى فليعشن بضمير نقى بلا عيب (فقرة 5).
7- ويحث القسوس على الرأفة بالجميع وليرشدوا الضالين ويفتقدوا المرضى وليهتموا بالأرامل والأيتام والفقراء وليتجنبوا العثرات والإخوة الكذبة.
8- ويوصى بالصلاة لأجل الملوك والرؤساء "ولاسيما الذين يضطهدونكم وأيضًا لأجل أعداء الصليب لكي تكون ثماركم ظاهرة لكل الناس وتكونوا كاملين في المسيح يسوع" (فقرة 12).
9- تعاليمه عن التجسد: ويؤكد على تعليم الرسول يوحنا عن التجسد فيقول "من لا يعترف بأن يسوع المسيح قد جاء في الجسد فهو ضد المسيح، ومن لا يعترف بشهادة الصليب فهو من الشيطان، وكل من يفسد معاني كلمات الرب لتتفق مع شهواته ويقول لا قيامة ولا دينونة فهو بكر الشيطان (فقرة 7). فهو بهذا يرد على بدعة "الخيالية" ويحث على القناعة التي تؤهلنا للصلاة ولنثابر على الأصوام متضرعين إلى الله أن لا يخضعنا للتجربة (أنظر فقرة 7).
10- ويحث على الإقتداء بصبر المسيح والشهداء والرسل وجميع الذين تألموا معه "ولم يحبوا هذا الدهر بل أحبوا الذي مات عنهم وقام من أجلنا" (أنظر فقرة 8،9).
11- كما يوصى بوليكاربوس بالمحبة الأخوية واحتمال الآخرين بلطف الرب وعدم احتقار أحد وعدم تأجيل البر عن الاستطاعة (أنظر فقرة 10).
12- ويظهر من الرسالة تواضع بوليكاربوس الشديد فيقول في فقرة 3 أنه لم يكتب عن البر من تلقاء نفسه بل "أنتم دفعتموني إلى ذلك"، أما في فقرة 12 فيقول لأهل فيلبى أنهم أكثر منه مهارة في معرفة الكتب المقدسة وأنه ليست له هذه الموهبة.
1- الإله الذي يلجأ إليه وقت الاستشهاد هو الإله ضابط الكل والقادر على كل شيء. والقدرة الكلية صفة الله الملازمة لشخصه في الكتاب المقدس، وهو يلجأ إليه مسلمًا ذاته له ملقيًا كل اتكاله على قدرته.
2- هذا الإله القدير ضابط الكل هو "أبو يسوع المسيح"، "ابنك المحبوب المبارك"، "فالاعتراف بالله أبًا وبالمسيح ابنًا له يربط العهد الجديد بالقديم ويجمع الإيمان بوحدانية الله مع الإيمان بسر الثالوث المسيحي". ويتردد هذا الاعتراف بالآب والمسيح ابنه كثيرًا في رسائل الرسول بولس وفي رسالة بطرس الأولى التي اقتبس منها بوليكاربوس عدة مرات في رسالته.
3- يوضح بوليكاربوس في صلاته أننا نلنا معرفة الله، بالمسيح الذي كشف لنا سر الآب. وبالمسيح يشرب الشهيد كأس آلامه ويحصى في عداد الشهداء ويصير ذبيحة مرضية لله فيبلغ إلى قيامة الحياة الأبدية بالنفس والجسد في عدم الموت، وذلك بالروح القدس ويسبح بوليكاربوس الله لأجل كل هذه الأمور أي صيرورته ضمن الشهداء، وذبيحة مقدمة أمام الله.
* ويختم بوليكاربوس صلاته بأن يقدم تمجيده وشكره للآب "في رئيس الكهنة الأعظم الأبدي السمائي يسوع المسيح ابنك الحبيب". وينهى صلاته بتمجيد الثالوث الآب والابن والروح القدس إذ يقول "ابنك الحبيب الذي به لك المجد معه ومع الروح القدس الآن وإلى كل الدهور آمين.
* 86 سنة وأنا أخدم المسيح ولم يسئ إلى قط فكيف أجدف على ملكي الذي خلصني؟
* دعوني حرًا لأن الذي أعطاني القوة لملاقاة النار دون اضطراب سوف يعطيني القوة لأظل فيها دون أن أتحرك وبدون أن تشدني المسامير.
_____
(*) المراجع:
1- المدخل في علم الباترولوجى - الآباء الرسوليون - القمص تادرس يعقوب - الإسكندرية 1991 م.
2- مدخل إلى الآباء الجزء الأول - الأب ميشال نجم - معهد البلمند - لبنان 1980 م.
3- سلسلة آباء الكنيسة (1) الآباء الرسوليون - تعريب مطران حلب ألياس معوض - منشورات النور لبنان 1970 م.
4- الآباء الرسوليون المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/policarb.html
تقصير الرابط:
tak.la/xhbhhd2