وبداية رحلتنا الروحية في الصوم الكبير تبدأ بالمصالحة والتوبة المستمرة والمحبة التي هي أساس البنيان مع التواضع، وتصفية الشهوات ومحبة العالم، وحمل الصليب مع التشديد على ترويض الجسد، إلى جانب ترويض الروح لأن الكنيسة الأرثوذكسية تتطلع وتهتم بالإنسان بكليته، جسدًا وروحًا.
والصوم الكبير زمان التوبة (ميطانيا) والمصالحة مع الله والندم والتربية الروحية والاستنارة، نسمع فيه بصورة خاصة صوت الله لننصت إليه، ونتذكر فيه بني إسرائيل في البرية أثناء الأربعين، ونفكر في الحرية والسياحة والمن الإلهي، ونتذكر فيه الأربعين التي قضاها رب المجد مجربًا في البرية فيكون صومنا مجاهدة وجهادًا حتى الدم ضد الخطية، وبالجملة يكون الصوم تجمعًا غنيًا ودسمًا وعميقًا للغاية يشتمِل على وسائل فعالة من أجل تقديسنا وتطهيرنا واستنارتنا، لتصل بنا الكنيسة إلى القيامة "عيد الأعياد" وكلما كان صومنا صومًا روحانيَّا جديًّا كلما تمتعنا ودخلنا في سر الفصح ونلنا ثمار وبركات القيامة..
والصوم في معناه الروحي، تقدمة حب من نفس اختبرت محبة المسيح وغنَى نعمته الفائق، لذلك تريد أن تقدم كل شيء باسم الابن إلى الآب، كل شيء، القلب والنفس والعقل والجسد والروح، إنها تحس بأنها مديونة بالكل، فلا يكون الصوم فريضة ثقيلة جافة مرفوضة، لكنه حب وحرية ونعمة غزيرة الضياء، زهد اختياري وانتعاش للروح وترك للشهوة واحتياج لازم، وهو ليس حرمانا ولا إذلالًا ولا كبتًا ولا فرضًا..
وفي صوم الرب عنا درس يعلمنا أدوية خلاصنا، لكي يكون لنا هو مثالًا، أن آدم طرد من الفردوس بسبب عدم ضبطه لنفسه، والمسيح صام لا لأجل حاجته بل ليرسم لنا طريق الخلاص، أراد أن يعيننا لكي ننتصر في تجاربنا بقدوته، الذي غلب العالم كله لا بقوة عسكرية بل بجهالة الصليب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/lent/metania.html
تقصير الرابط:
tak.la/azh99z6