St-Takla.org  >   books  >   fr-antonious-kamal-halim  >   difficult-characters
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب هل تقبلني؟ التعامل مع شخصيات صعبة - القمص أنطونيوس كمال حليم

45- ماذا يحدث عندما تزداد الصفات السلبية للشخصية الحساسة؟: الشك

 

عندما تزداد الصفات السلبية للشخصية الحساسة ماذا يحدث؟

 

يقول د. أحمد عكاشة:-

الشخصية البارانوية الاضطهادية لها طابعها الخاص.. وهو الشك في كل من حولها.. والشكوى الدائمة من أنها لا تأخذ حقوقها كاملة وأن الناس لا يقدرونها حق قدرها وأن المجتمع لا يعطيها المنصب اللائق بها.. وأن صاحبها لو كان قد سافر للخارج مثلًا.. لاستطاع أن يصل للقمة.

 وصاحب هذه الشخصية يعتقد على الدوام أن زملاءه وجيرانه يريدون إلحاق الأذى به.. ولا يمكن أقناعه بسوء ظنه.. وإذا تكلم أحد في الحجرة التي هو فيها هامسًا.. فهذا يعنى أنه يتكلم عنه وإذا وجد زوجته تتحدث في التليفون فإنه يخطفه منها ليرى إذا كان المتحدث معها رجلًا أو امرأة.. بل أنه يترك عمله أحيانًا ليفاجئ زوجته بالمنزل ويرى ماذا تفعل.

 وهو دائم الشجار مع زوجته لأنها ابتسمت لفلان.. أو أن فلانًا كان ينظر إليها بطريقة يفهم منها أنها على علاقة به.

وهذا النوع من الشخصيات يصبح غير مرغوب فيه في أي عمل ويحتاج إلى علاج خاص لتقويم هذه الشخصية المعوجة ويتعرض للإصابة بالهذاءات الاضطهادية.

 

يقول د. عادل صادق:

المحور الأساسي الذي تدور حوله هذه الشخصيات هو الشك في كل الناس.. سوء الظن.. توقع الإيذاء من الآخرين.. كل الناس في نظره سيئون.. هذا موقفه الذي لا يتزحزح عنه، وهذا رأيه في كل الناس..

St-Takla.org           Image: Doubt, Arabic word صورة: كلمة الشك، شك باللغة العربية

St-Takla.org Image: Doubt, Arabic word

صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الشك، شك باللغة العربية

 أي إنسان قد يشك أو قد يسيء الظن في إنسان آخر أو في مجموعة من الناس في ظروف معينة، ولكنه إذا كان سويًا فإنه يغير رأيه إذا أثبتت الظروف والمواقف حسن نية الآخرين، أو إذا كان هناك دليل على براءتهم أو إصلاحهم وسلامتهم.. هنا يعتذر الإنسان عن سوء فهمه ويؤنب نفسه.. أما البارونيد فإنه يظل على موقفه مهما.. ومهما أظهر الآخرون حسن نواياهم ومهما أجمع الكل على أنه مخطئ في سوء ظنه.. إنه يتمسك بشكوكه ويظل.. في الآخرين.. ولهذا فهو في حالة تحفز..في حالة.. دائم لصد عدوان يتخيله أو إفساد مؤامرة تحاك ضده.

 وكل من يحاول أن يثنيه عن سوء ظنه يضعه في القائمة السوداء ويضمه إلى قائمة السيئين.. ولهذا فهو دائم الشعور بالاضطهاد.. والشعور بالاضطهاد يولد عدوانية داخلية.. فهو ضد كل الناس.. ويضمر الكراهية أو عدم الارتياح أو عدم الحب لمعظم الناس.. ومن السهل أن يتحول إلى شخص عدواني يؤذى إذا أتيحت له الفرصة لذلك.. والعدوان قد يأخذ صورًا متعددة، كالنقد اللاذع والسخرية والاستهزاء بالآخرين.. قد يواجه الناس برأيه فيهم وقد ينتقدهم من خلف ظهورهم.. وانتقاداته جارحة وتسبب حرجًا وألمًا ولا يراعي مشاعر الآخرين، بينما هو لا يتقبل أي نقد أو توجيه، فهو شديد الحساسية لآراء الآخرين ويتخذ مواقف عنيفة وعصبية فيها تهور إذا تعرض له أحد بالنقد أو باللوم.. ولذا فهو معدوم الأصدقاء وعزلته تزيد من شعوره بالاضطهاد وتزيد من عدوانيته وعدواته.

..

 * وفي مجال العمل هو دائم الشك في ولاء مرءوسيه يفحص كل ورقة بعناية ويرتاب في أي حديث ويدقق السمع والمساءلة، وبالنسبة لرؤسائه فهو يشك في موقفهم تجاهه ويتوقع منهم الإيذاء.. وفي مجال العلاقة الزوجية نجد في معظم الأحوال علاقته بزوجته مضطربة لسوء ظنه وغيرته وشكه وتقليله من شأنها وحساسيته لأي كلمة تصدر عنها.. حياته الزوجية يسودها البرود وتلفها.. ولسوء ظنه وشكه الدائم.. فإنه يبث في أبنائه وبناته.. والحذر المبالغ فيه وعدم القدرة على إقامة علاقات.. الآخرين.. والزوجة التي لها هذه الشخصية تحقق نفس.. الخيبة في الحياة الزوجية وغيرتها تصل إلى حد المرض، ومن المستحيل أن تثق ولو للحظة في صدق زوجها، فهو في نظرها وكل الوقت كاذب ومخادع وخائن وتتوقع منه الغدر في أي لحظة.. إذًا الحياة الزوجية للإنسان البارونيد paranoid رجلًا كان أو امرأة هي حياة فاشلة.. فلا حياة تقوم على الشك وسوء الظن.. ولا حب يستمر مع التعالي والغطرسة.. ولا مودة تسود مع روح التحفز والتوقع السيئ.

..

 * والحوار مع هذه الشخصية مضن ومتعب، فهو لا يقبل ظاهر الكلام وإنما دائم البحث عن الدوافع الخفية والمعاني الدفينة.. والنقاش معه يطول ويطول وهو في الغالب محاور بارع يجهد من يحاوره ويحمل المواقف والكلمات أشياء ومعاني بعيدة أو مبالغًا فيها.. تتوه وأنت تحاوره وقد لا تفهم ماذا يقصد وتندهش لتفسيراته وتحليلاته المشبعة بسوء الظن وتوقع الغدر والخيانة وكل ما هو سيء.. وإذا أكدت الأحداث توقعاته شعر بزهو شديد، أما إذا أكدت الأحداث خطأ توقعاته وتحليلاته فإنه لا يتراجع عن سوء ظنه.. حتى في المواقف الجديدة ومع الناس الذي يقابلهم لأول مرة فإن سوء ظنه يكون هو الغالب، ولذا يجد في البحث عن أدلة لإثبات صحة نظريته..

..

 وهذا الإنسان بلا عواطف.. أو عواطفه محدودة جدًا.. وتستطيع أن تقول إنه إنسان بارد.. وكلمة بارد ذات دلالة ومغزى كبيرين، ومعناها أنك لا تستقبل منه أي شيء.. لا تستقبل منه دفئًا أو مودة أو تفاهمًا أو تعاطفًا. بل على العكس تهب عليك من ناحيته رياح باردة شائكة وسامة أحيانًا.. وهو أيضًا يفتقد لروح الفكاهة والمرح قليل أو نادر الابتسام لا يضحك من قلبه وابتسامته صفراء ساخرة.. والغريب أنه يصف نفسه دائمًا (ليدافع عن برودته) أنه إنسان موضوعي عقلاني. العقل عنده مقدم على العاطفة.. والحقيقة أنه لا عقل ولا عاطفة.. فهو لا يتألم من أجل أي إنسان أو حيوان..

..

 * وهو صلب.. لا يتنازل.. ولا يقبل حلولًا وسطًا ولذا فهو مفاوض فاشل يجر الخراب والدمار عليه وعلى من يتفاوض باسمهم ويندفع في مهاترات وعداوات لا ضرورة لها..

 * وهنا تكمن الخطورة الحقة إذا كان يشغل موقفًا قياديًا فهو لا يقبل المشورة أو النصح ولا يقبل مناقشة لآرائه أو تعديلًا عليها، ولا يتصور أن تطول قامة أحد ليحاوره ويناظره، ولا يتصور أو لا يقبل أن يبرز أحد ويتفوق أو يشد الانتباه.. فهو صاحب الصوت الأعلى والرأي الذي لا يبارى.. صاحب القامة المديدة والمنكبين العريضين والرأس الكبير والعقل الملهم..

..

 وبذا يصبح مصير أمة أو مجموعة كبيرة من الناس مرتبطًا بالسمات المرضية للشخصية البارونيد وبذلك تتنحى كل الوسائل العلمية والموضوعية والواقعية لحل مشاكل الأمة لتحل محلها الفردية المطلقة والنوازع العدوانية والحساسية الفائقة.. ولهذا فتاريخ بعض الشعوب قد يتعطل عشرات السنوات بسبب مثل هذه الشخصيات..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* الشخصية الاضطهادية تقلقه محاولات التودد والاقتراب من الآخرين.. يتحاشهم ويبتعد عنهم.. يتحاشى أي تورط وجداني..

ولذا يحاول الاعتماد على نفسه دائمًا والاكتفاء الذاتي ولذا فهو متمركز حول نفسه بشكل خطير قد يصل إلى الإحساس المرضى بالتيه والزهو والشعور بالأهمية.. إنها حالة من تضخم الذات التي تكون من سمات الشخصية البارونيد في غالب الأحيان..

ولذا فهو دائم البحث عن وسائل القوة والسلطة والتميز، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. دائم القلق لموقعه بالنسبة للآخرين من مرءوسين ورؤساء.. وهم في الغالب قليلو الاهتمام بالفن ومعدومو الإحساس بالقيم الجمالية.. فالفن والجمال نبعهما الرئيسي الوجدان.. والبارونيد هو في الغالب إنسان ميت الوجدان..

إذا تعرض هذا الإنسان لضغوط هائلة فقد يمرض وتبدو عليه أعراض المرض العقلي من اعتقادات خاطئة وهلاوس وسلوك عدواني حاد، ولكن باختفاء الضغوط يعود إلى حالته الأصلية وتختفي الأعراض العقلية الحادة.

..

* تكثر هذه الشخصية بين المتعصبين والمتطرفين والباحثين عن الزعامة، والذين يتجسسون على الناس للإيقاع بهم.. وكما تكثر بين الذين تقدمت بهم العمر بدون زواج.. أيضًا تكثر بين المطلقين والمطلقات..

.. قد يكون قدرك أن تعيش مع إنسان بارونيد.. زميل في العمل.. رئيس أو مرءوس أو شريك.. زوجة أو زوج.. جارك الذي لا بُد أن تتعايش معه.. ابن أو ابنة.. أب أو أم أو شقيق أو شقيقة.. إنسان لا تملك الفكاك منه.. لا تملك أن تهجره.. ولا بد أن تتعامل معه وربما تعيش معه تحت سقف واحد..

..

 الحياة ليست مستحيلة مع هذا الإنسان إذا عرفنا سمات شخصيته وأدركنا أنه إنسان غير سوى، ولهذا يحتاج إلى معاملة خاصة.. يحتاج لحذر.. لا داعي لأن نلقى بالبنزين على النار المشتعلة.. لا داعي لأن تثير شكه ونجعل الأمور غامضة عليه.. علينا أن نتصرف بثقة وهدوء، وأن ندعم ثقته بنا بتكرار المواقف الواضحة العلنية والتي تكشف ببساطة أننا أهل لثقته وثقة الآخرين.

علينا ألا نقلل من قدره وألا نحقر من شأنه، وألا ننتقده بشكل علني أو بطريقة جارحة.. والأفضل أن نتحاشى نقده.. وإذا كانت مصلحة العمل تتطلب ذلك فليكن في أضيق الحدود وبطريقة غير علنية وذكية وتحمل الدعوة إلى المناقشة وتبادل الرأي بدلًا من النقد المباشر. وقليل من المديح يرفع من معنوياته، ولكن ليس إلى حد المبالغة، فمثل هؤلاء الناس تدور رؤوسهم بالمديح ويصدقون النفاق بل يحتاجونه ويسعون إليه ويقربون منهم من ينافقهم ويبالغ في امتداحهم.. ما أدعو إليه أن نعطيهم قدرهم ونقدر ما يفعلون بدون مبالغة..

..

 وعلينا أن نتحاشى أي مواجهة عدائية علنية أو غير علنية.. علينا أن نتحاشى الهجوم عليهم أو مواجهتهم بالقوة، فهؤلاء الناس "البارونيد" لا يتورعون عن استخدام ما لديهم من قوة وبأقصى درجات العنف غير الموجه والغشيم لتحطيم أي عدوان أو تهديد بالعدوان عليهم..

مواجهتهم بالقوة معركة خاسرة. وفي المواقف الحرجة علينا امتصاص غضبه بهدوئنا وثباتنا.. وعلينا أن نفعل ذلك بإخلاص حقيقي وصدق يهدف إلى مساعدته ومساعدة أنفسنا وتقيل الأضرار وتقليل معاناتنا..

إذ لم نكن مضطرين للتعامل معهم فالابتعاد عنهم أفضل.. لأن من الصعب إرضاءهم..

..

 وقد نتألم لضياع جهودنا معهم، وقد نألم لنكرانهم الجميل، ولكن ألمنا سيقل كثيرًا إذا تذكرنا دائمًا قدر هؤلاء الناس أن يولدوا بشخصيات غير طبيعية، وأنهم هم أيضًا يعانون. وعلى السوي أن يتحمل غير السوي.. على السليم أن يتحمل المريض.. وعلى القوى أن يتحمل الضعيف..


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-antonious-kamal-halim/difficult-characters/sensitive-doublt.html

تقصير الرابط:
tak.la/q3mdc3x