46- شخصية الشهيد (الشعور بكون الشخص ضحية)

يشعر البعض بأنهم ضحايا أو شهداء وأن العالم يحتقرهم ولا يعطيهم أهمية. وهم يرفضون العون المقدم لهم في معظم الأحيان فيحترقون فوق الخشبة التي نصبوها لأنفسهم.

قد يقول أحد الأبوين:-

إني أفنى جسدي ولا أحد يهتم بي، الجميع يتسقبلونني وهم يغوصون من رثاء الذات حتى يغدر بروحهم فيقعون في فخه وكأنهم سقطوا في مستنقع يصعب الخروج منه.

ربما كان يونان النبي من هذا النوع فهو يتحدث عن يأسه وإحساسه بالهزيمة، وحتى بعد أن تاب سكان نينوى قال يونان: "فالآن يا رب خذ نفسي مني لان موتي خير من حياتي" (يو3:4).

قال أحدهم عندما توفت والدته لو لم أكن قد تركتها تحيا بمفردها لكانت حتى الآن حية. وقال آخر بعد وفاه والدته لولا أنى نقلتها إلى منزل لكانت تحيا في منزلها القديم حتى الآن. إن بداخل الشهيد صراع جوهري مع ضعف في احترام الذات.

يرددون كلمات مثل لا أقدر ولا استطيع ولا يمكنني التعامل مع هذا الأمر بنفسي ومع ذلك فهم لا يقبلون العون من الآخرين فإن قدمت لهم اقتراحات فلديهم مائة سبب ليقلوا لك أنها لن تفلح.

يشعرون بميل جارف أغلب الأحيان للأفكار السوداء التي تولد سيلًا من الأفكار التي تشبع اليأس والمزيد من الكآبة، يبدو المتشائمون أنهم يحفظون متاعبهم فيغرقون في هوة كبيرة بينما العالم حولهم يمرح ويفرح..

قد يلجأ بعضهم إلى المسليات أو النوم للهروب أو المخدرات أو إدمان التليفزيون وهذا يزيدهم سلبية وألمًا واستسلامًا.

أن الاستسلام لليأس هو التسلية المفضلة للإنسان ولكن الله يقدم خطة أفضل وعلينا أن نبذل الجهد للإمساك بها ونقتنى الإيمان للمطالبة بها.

(تشارلي رسويتندل)

ويكمن وراء هذه المشاعر اليائسة خوف من الرفض وإحساس عميق بالضآلة وعدم القيمة، لقد تعلموا منذ الطفولة أنهم ليسوا ذات أهمية وانتهى بهم الحال للاعتقاد بأنهم لا يستحقون أي شيء جديد فإذا جاءتهم هدية أو مجاملة يقولون بصوت واضح: "أنا لا أستحق هذا".

وتغير الحال عند هؤلاء من المحال فقد نشأوا على رثاء الذات وفطموا على الشعور بالذنب حتى جرى في عروقهم. وكانت توقعات الأهل منهم زائدة على الحد فطالبوهم بما لا يقدروا على عمله وهم صغار ثم أعطوهم هذا الإحساس بأنهم ليسوا أكفاء لمعركة الحياة فهو عجز مكتسب مترسخ وعميق وجرح قديم وليس عجزًا حقيقيًا.

لا يحبون الاحتفالات وحياتهم تبعث على الكآبة وقد فقدوا الاحترام أو الاستمتاع بكل الأنشطة فهم غير سعداء بسبب الألم النفسي في حياتهم ولكنهم قد استسلموا لهذا المزاج غير راغبين في تغييره.

وهم يعتقدون أنهم يستحقون المعاناة، أو أنهم معاقبون ومظلومون وفي الواقع هم يعاقبون ذواتهم ويظلمون أنفسهم بأنفسهم ويؤثر مزاجهم السلبي على شهيتهم و.. وتركيزهم وقد يقودهم للبكاء أو الاكتئاب.

يشعر "الشهداء" في أغلب الأحيان بميل جارف للأفكار السوداء، التي تولد سيلًا من الأفكار التي تشيع اليأس والمزيد من الكآبة، عندما تذهب الشابة إلى العشاء مع صديقة لها بصحبة والد صديقتها الذي يرتدى حلة جميلة تشعر بأنها مكتئبة وتقول لصديقتها فيما بعد: "عندما أنظر إلى والدك، أعرف السبب في نجاحه. إنه وسيم. وهو يرتدى حلة فاخرة على العشاء. أنت محظوظة. والدي يتعثر في بنطلونه القصير. لم يكن أبى في يوم من الأيام أبًا صالحًا. وهذا يجعلني أتساءل إن كانت سوف تتاح لي فرصة في الحياة أم لا. مع أب كهذا، كيف يمكنني أن أتوقع النجاح في أي شيء؟

قال الكاتب أ. و. تورز Tozer هناك شيء يجب على كل "شهيد" أن يضعه أمام عينيه: "لو كنا نتوقف عن البكاء وننظر إلى أعلى. إن الله هنا. والمسيح قد أقيم. كل هذا نعرفه كحقيقة لاهوتية. يتبقى لنا أن نحولها إلى اختبار روحي مفرح". "الشهداء" محاربون مستديمون بعيدون عن الحقيقة. إنهم يختلقون عدة سيناريوهات مقدمًا، مقتنعين أنهم سوف يقضون وقتًا مرعبًا في الحفلة، وأنه سوف لا يتحدث إليهم أحد، وأن كل شيء سوف يسير في اتجاه خاطئ حتى قبل أن يخرجوا من البيت. الشهداء كما يقول المثل، يرفعون شماسيهم قبل هطول الأمطار بوقت طويل.