فهناك أشخاص طباعهم قاسية، يتعاملون باستمرار بهذه القسوة. وإذا زادت حدتها عندهم تتحول إلى عنف. وقد ترجع هذه القسوة إلى ظروف اجتماعية أحاطت بالفرد، وربما يكون قد حصل عليها عن طريق الوراثة.
وفي حالة الإرهاق وتعب الأعصاب، لا يقدر الإنسان على الاحتمال، فيرد بعنف. وإذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف.
ولعل من المتمسكين بهذه النظرية أصحاب المدرسة الإيطالية: الذين يقولون إن كل مجرم مريض. ولذلك يبحثون عن المرض الذي دفعه إلى الجريمة. ومعروف أن بعض الأمراض العقلية يصحبها عنف وكذلك كثير من الأمراض العصبية.
ولكن ذلك لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بالعنف وهم في صحة عقلية تامة، وإلا زالت المسئولية في كل الجرائم!!
كسارق، اقتحم بيتًا للسرقة فقط، وليس للقتل. ولكنه قد يضطر إلى ذلك إذا رآه أحد، وخاف من انكشاف أمره.
أو كعصابة تقتل بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفًا من أن يذيعوا هذه الأسرار..
أو كشخص يظن أن آخر يتآمر عليه، فيعامله بعنف خوفًا من تآمره.
كمن يضرب الآخرين، ليشعرهم أنه أقوى منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد ويحدث هذا أحيانًا مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لطاعة أوامرهم..
فالذي يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف. كشخص يحقد على آخر ظانًا أنه سيأخذ ميراثه، أو يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف. وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضًا.
أو قد يكون السب هو رد العنف بعنف..
كما قال السيد المسيح لتلاميذه عما سيلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان:
"تأتي ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" (يو16: 2).
ومن هذا النوع من يقتل، وفي مفهومه أنه يمحو عارًا للأسرة، أو ينتقم لدمائها...
بينما أسهل الحلول ليس هو أفضل الحلول، أو قد يري مثل هذا الشخص أن العنف هو الحل الوحيد. وقد يقول لك: هذه الأمور لا يصلح لها إلا العنف... أو هؤلاء الأشخاص لا ينفع التعامل معهم إلا بالعنف..
وذلك حسبما يقول المثل السائر: اضرب المربوط، فيخاف السائب. أو كما يقول الكتاب: "اضرب الراعي فتتشتت الرعية" (زك13: 7). وهنا لا يكون العنف مقصودًا لذاته، إنما هو مجرد وسيلة لغرض...
وهذا يقودنا إلى نقطة أخرى وهي:
وليس هو عنفًا حقيقيًا. مثال الآب الذي يتظاهر بالغضب والرغبة في استخدام العنف، وذلك ليقود ابنه إلى الطاعة. أو مثال رئيس العمل الذي يهدد بعقوبة معينة لا ينوي مطلقًا أن يفرضها، وذلك لتخويف مرؤسيه حتى يسلكوا حسنًا.
كشخص ليس هو عنيفًا في ذاته، ولكنه يستخدم عنفاء يوصونه إلى غرضه، فيكون العنف هنا غير مباشر بالنسبة إليه..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/b8qqcty