يوم 11 طوبة يوافق عيد الغطاس المجيد. لقد تجسد المسيح واحتفلنا بهذا التجسد في شهر كيهك الماضي. والآن نرى كيف نستفيد من هذا التجسد؟ يكون هذا بالمعمودية. ففي يوم الغطاس أسس السيد المسيح سر المعمودية. فهو حينما نزل إلى الماء كان هذا إعلانًا منه بقبوله الموت عنا، ثم بصعوده من الماء، كان هذا إعلانًا عن قيامته بعد موته. ولذلك نحن بالمعمودية نموت مع المسيح ونقوم معه متحدين به ثابتين فيه بعمل الروح القدس (رو3:6-8). وكان صوت الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" إعلانًا بفرحة الآب بعودة البشر كأبناء له بعد أن كنا بالخطية قد خسرنا البنوة، ولكن بالمعمودية التي أسسها السيد المسيح في هذا اليوم عادت البنوة للبشر. ولذلك حل الروح القدس على المسيح في هذا اليوم، حل على جسده، إعلانًا عن أن الروح القدس سيحل على الكنيسة (جسد المسيح) ليؤسسها، ويعيد البشر كأبناء لله إذ يجدد طبيعتهم ويثبتهم في المسيح (2كو21:1). ومحور قراءات هذا الشهر هي المعمودية التي هي موت مع المسيح وقيامة معه.
الأحد الأول: نرى هنا موت أطفال بيت لحم، هم ماتوا لأجل المسيح، حقًا هم لم يقوموا بأجساد ثانية، لكنهم هم أحياء في السماء الآن. والمهم أن المسيح خرج من هذه المذبحة حيًا. وفي هذا إشارة إلى أنه بحياته سيعطى لهؤلاء الأطفال حياة. كما قال أنا حي فأنتم ستحيون (يو19:14) هنا نرى موت وحياة، موت الأطفال وحياة المسيح. وهذا هو مفهوم المعمودية، موت الإنسان العتيق فينا وحياة المسيح فينا (غل20:2). أطفال بيت لحم ماتوا حقيقة مع المسيح لذلك فهم كالشهداء نسمى موتهم معمودية دم، أما نحن في المعمودية فنموت مع المسيح بشبه موته (رو5:6) إذ لا نموت جسديًا، بل تموت فينا الطبيعة العتيقة التي وُلدنا بها. ونقوم مع المسيح في حياة جديدة نلبس فيها المسيح.
الأحد الثاني: نسمع فيه عن يونان كرمز لصلب السيد المسيح وقيامته. وفيه إشارة للمعمودية، فيونان كان كميت في بطن الحوت في الماء ثم قام حيًا. في الأسبوع الثاني من شهر طوبة تعيد الكنيسة بعيد الغطاس، لذلك تقرأ الكنيسة هذا الفصل من الإنجيل عن يونان الذي دخل الماء ثلاثة أيام وخرج.
الأحد الثالث: هنا نسمع عن معمودية يوحنا ومعمودية المسيح. وهذا الأحد الثالث يأتي مباشرة بعد عيد الغطاس. ونسمع فيه أن المسيح كان يعمد. ونسمع فيه أيضًا مقدار عظمة المسيح بالنسبة ليوحنا المعمدان. فنفهم مقدار عظمة معمودية المسيح بالنسبة لمعمودية يوحنا. وهنا نسمع قول ليوحنا المعمدان "الآب يحب الابن" ونحن بالمعمودية صرنا في المسيح أبناء محبوبين من الآب وبهذا نفهم لماذا قال الآب يوم عماد المسيح "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" إعلانًا عن فرحته بعودة البشر كأبناء له.
الأحد الرابع: هنا نسمع أن المولود أعمى اغتسل في بركة سلوام، فانفتحت عيناه وعرف المسيح أنه ابن الله وآمن به. ومن هنا نفهم أن المعمودية تعطى استنارة فتنفتح أعيننا ونعرف ابن الله. والاستنارة نتيجة للمعمودية ليست ظاهرة في إنجيل الأحد الرابع فقط بل في كل أناجيل شهر طوبة. ففي إنجيل الأحد الأول نرى يوسف يظهر له الملاك عدة مرات، فبالمسيح انفتحت السماء على الأرض، ولكن من يدرك هذا من له نقاوة القلب فتنفتح عيناه. وفي إنجيل الأحد الثاني يعلن السيد المسيح أن من عينه بسيطة سيعرف المسيح ويكون جسده كله نيرًا. وفي إنجيل الأحد الثالث نسمع أقوال يوحنا المعمدان عن المسيح، وهي صادرة عن قلب عرف من هو المسيح حقيقة لأن بصيرته مستنيرة إذ هو مملوء بالروح القدس.
* وبالمعمودية نحن نثبت في المسيح لذلك ففي قراءات الكاثوليكون طوال الشهر نسمع عن الثبات في المسيح:-
الأحد الأول:- "كل من يثبت فيه لا يخطئ.. لأن زرعه ثابت فيه"
الأحد الثاني:- "من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو أيضًا يثبت فيه"
الأحد الثالث:- "مَنْ يعترف أن يسوع هو ابن الله. فالله يثبت فيه وهو يثبت في الله"
"إن أحببنا بعضنا بعضًا، فالله يثبت فينا"
والأحد الرابع:- الله قد جاء ووهب لنا علمًا لنعرف الإله الحقيقي. ونثبت في ابنه يسوع المسيح
← اضغط هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت لباقي شرح القطمارسات: قطمارس الأيام - قطمارس الآحاد - قطمارس صوم يونان - قطمارس الصوم الكبير - قطمارس أسبوع الآلام - قطمارس الخمسين المقدسة.
إذًا بالمعمودية نثبت في المسيح ولكن بشروط نراها هنا هي:-
1- حِفْظ الوصية.
2- المحبة.
3- الإيمان بأن المسيح هو ابن الله.
ونرى في قراءات طوبة أيضًا أننا سينكشف لنا المسيح ونعرفه. ولكن معرفة المسيح ليست كمعرفة البشر، فنحن نعرف البشر من الخارج دون أن نعرف دواخلهم ولكننا نعرف المسيح من خلال الثبات فيه والإتحاد به لدرجة أن الرسول يقول "وأما نحن فلنا فكر المسيح"(1كو16:2). فالروح القدس المعطى لنا "يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1كو9:2-12) وهذا ما أشار إليه بولس الرسول بقوله "وأوجد فيه.. لأعرفه" (فى9:3، 10). فالمسيح أعطانا حياته أي زرعه الذي زرعه فينا (كاثوليكون الأحد الأول) ووجود هذا الزرع فيَّ أي حياة المسيح يعطيني حياة أبدية، ويعطيني ثباتًا في المسيح ومعرفة للمسيح. "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو3:17). إذًا معرفتنا بالمسيح هي معرفة ليست من الخارج بل من خلال الإتحاد به والثبات فيه. فنحن مولودين ثانية من زرع لا يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد (1بط23:1). وكلما ازددنا ثباتًا في المسيح نعرف من هو المسيح، ومن يعرف حلاوة المسيح يسبح المسيح العمر كله ويشتاق إليه.
إذًا ملخص قراءات أحاد طوبة هي:- المعمودية التي تعطى ثبات في المسيح.وهذا يعطى معرفة بالمسيح. وهذه المعرفة تعطينا حياة التسبيح، حياة الطبيعة الجديدة بعد أن شفانا المسيح وحررنا من عبودية إبليس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/readings/katamares-sundays/touba.html
تقصير الرابط:
tak.la/35ynhx7