الطريق المباشر ما بين اليهودية والجليل يمر بالسامرة، وهذا الطريق يستعمله الجليليين كما سجل يوسيفوس المؤرخ ذلك. أما يهود اليهودية فكانوا يتحاشون المرور في السامرة لئلا يتنجسوا من السامريين، وفي نفس الوقت يتحاشون مواقفهم العدائية منهم. لذلك كانوا يلتفون حول السامرة ويأخذون طريقا أطول عبر بيرية. وسبب العداء بين اليهود والسامريين أن السامريين كانوا خليطا من اليهود والوثنيين وحتى عبادتهم كانت مختلطة بالوثنية، فإحتقر اليهود السامريين. وتبلور العداء وصار الإنفصال نهائيا حين بنى السامريين لهم هيكلا منافسا في جرزيم وإعتبروه هيكل الله الرسمى بدلًا من هيكل أورشليم، وكان ذلك بتزوير في أسفار موسى الخمسة. وحين تزوج منسى شقيق رئيس الكهنة اليهودي يادوا من ابنة سنبلط السامرى رفض يادوا هذا الزواج وأبطله، فذهب منسى إلى سنبلط الذي جعله رئيس كهنة على هيكل جرزيم. ومن الصعب الآن الوصول لصورة للتعليم والعقائد السامرية، لكنها عموما هي صورة مشوهة للعقائد اليهودية. بل هناك نسخة سامرية لأسفار موسى الخمسة. وجعل السامريين من شكيم عاصمة لهم.
وتاريخيًّا تعرضت السامرة لتدمير شديد خلال الحروب بين ملوك مصر البطالمة وملوك سوريا السلوكيين. وكانوا يتبادلون إمتلاكها، فحين ينتصر ملك مصر على ملك سوريا يضم ملك مصر السامرة لأملاكه وبعد سنوات يهزم ملك سوريا ملك مصر فيضم ملك سوريا السامرة لأملاكه. وخلال حكم الملك اليوناني أنطيوخس إبيفانيوس، - هذا الذي دمر اليهود ودمر أورشليم - تفادى السامريين هذا المصير بأن قطعوا كل علاقة لهم باليهود. بل خصصوا هيكلهم لجوبيتر وذلك بحسب يوسيفوس. وفي خلال حروب المكابيين مع اليونان أخذ السامريين جانب اليونان. وفي سنة 130 ق.م. دمر يوحنا هركانوس المكابى ملك إسرائيل هيكل جرزيم ولم يعاد بناءه ثانية. وبعد سنوات إمتلك أولاد هركانوس السامرة ودمروها. وأعاد جابينيوس بناءها بعد سنوات قليلة. وجاء هيرودس بعد ذلك وقام بتوسيعها وتجميلها وأطلق عليها سبسطية تكريما لأغسطس وأنشأ بها هيكلا ضخما. وتمتعت المدينة بمزايا كبيرة تحت الحكم الروماني. وكان لها مجلس شيوخ خاص بها. وقد صدر قرار خلع بيلاطس من الحكم من مجلس شيوخ السامرة هذا. وبجانب السامرة أو سبسطية كانت هناك العاصمة الدينية شكيم. وتكريما للعائلة المالكة أطلقوا عليها فلافيا نيابوليس والآن هي نابلس. وكان للسامريين جاليات في دمشق والإسكندرية وبابل وعلى شواطئ البحر الأحمر ولكنها ليست بحجم الجاليات اليهودية.
ونرى من الكتاب المقدس أن أرض فلسطين تنقسم إلى الجليل شمالًا واليهودية جنوبًا والسامرة في الوسط، لكن الربيين قسموها على أنها الجليل واليهودية وبيرية وأهملوا جزء السامرة. وبرغم ذلك لم يعتبروها كأراضى الأمميين في النجاسة بل إعتبروا أراضيهم ومياههم وينابيعهم وطرقهم طاهرة. ولم يتفق اليهود على إعتبار السامريين كالوثنيين، وفضلوا تشبيههم باليهودي الجاهل، وإختلف أباء اليهود في توصيفهم فمنهم من قال أنهم كالوثنيين ومنهم من قال لا بل هم كاليهود. وقال بعضهم إن من يستضيف سامرى فلا يلوم إلا نفسه حين يؤخذ أبناءه سبايا. وأجمع الكل على كراهيتهم. وكانت مساحة السامرة 48 ميلا من شمالها إلى جنوبها و40 ميلا من شرقها إلى غربها. وأراضيها مثمرة وأجمل من أراضى اليهودية.
كان السامريين ينتهزون أي فرصة لإهانة اليهود أو إصابتهم بجروح لو مروا في أراضيهم. بل وصل الأمر أيام الملك اليوناني أنطيوخس الثالث أنهم باعوا كثيرًا من اليهود كعبيد. وكانوا يضللون حجاج اليهود في طريقهم إلى أورشليم للحج. فكان المعتاد وضع مشاعل مضيئة تعلن عن الطريق إلى أورشليم. وحاولوا مرة تدنيس الهيكل في عشية عيد الفصح. وكانوا يترصدون حجاج اليهود ليقتلونهم. وفي المقابل كان اليهود يحتقرونهم ويعاملونهم بتعالى وبمنتهى الإحتقار.
قالوا أن من يأكل خبز السامريين فكأنه أكل من خبز الخنازير. وكانوا يقولون "أنا لم أنظر إلى سامرى ولم أدخل في شركة مع سامرى". وقالوا أنهم لا يقبلون حتى من أراد منهم أن يدخل لليهودية وقالوا ليس لهم قيامة من الأموات.
وقد تحسن الوضع أيام المسيح وصاروا يشبهونهم باليهود ولهم حقوق وليس كالوثنيين. وإعتبروا أيام المسيح أن أكلهم وخمرهم طاهر. لذلك أرسل المسيح تلاميذه ليبتاعوا طعاما.
وكانت معظم العقائد السامرية مشتقة من المصادر اليهودية. ولكن ميولهم إتجهت نحو الصدوقيين وليس الفريسيين. ومن المشكوك فيه قضية عدم إيمانهم بالقيامة من الأموات، فهذه التهمة ألصقها بهم الربيين اليهود كما ألصقوا بهم تهم أخرى غير صحيحة وتوارثوا هذه التهم ورددوها دون إثبات.
والسامريين يؤمنون بالله الواحد. ولهم إيمان بالملائكة والشياطين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وإستلموا توراة موسى أي الأسفار الخمسة لموسى، على أنه الكتاب المقدس والتشريع الإلهي الوحيد. وإعتبروا جبل جرزيم أنه المكان المختار من الله، وأنه المكان الوحيد الذي لم يغطيه الطوفان، بينما أن اليهود أصروا وأكدوا أنه جبل المريا. وكانوا ملتزمين ومتشددين وغيورين على الإلتزام بالناموس والتقاليد التي تسلموها. والأهم أنهم كانوا ينتظرون مجئ المسيا والذي فيه يتحقق الوعد عن النبي الذي يقيمه الله من وسطهم مثل موسى، والذي تكون كلمة الله فيه والذي يجب أن يستمعوا له. ومن بعض النواحى كان الوصول إليهم أصعب كثيرًا من اليهود، إلا أن الرب وجد فيهم التربة الصالحة ليضع فيها بذاره الإلهية. أو قل على الأقل أنه لم يجد فيهم معوقات التزمت الناشئ عن التقاليد الفريسية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/samaria.html
تقصير الرابط:
tak.la/adpv9f3