تقديم الذبيحة الصباحية لها قواعدها:-
· مع فتح أبواب الهيكل يدق الكهنة طبولهم الفضية ثلاث مرات لإيقاظ المدينة. جاذبة أفكار مقدسة للجميع. وهى تربط بين أورشليم الحالية مدينة الله، ووعود الله بأورشليم سمائية هذه التي ستظهر سريعا كما أن فجر يوم جديد قد لاح.
· وهناك في الهيكل اللاويين الذين أصابهم الدور للخدمة مع بعض من عامة الشعب كممثلين عنه في تقديم العبادة. ومع بدء ظهور نور الفجر يعطى الكاهن الكبير إشارة بدء طقوس الذبيحة الدائمة.
· قبل ذلك وعند صياح الديك يستدعى الكاهن الذي يراقب الطقس لبدء العمل المقدس الذين إغتسلوا إستعدادا للعمل. ولكل يوم هناك 50 كاهِنًا يعملون في تقديم الذبيحة.
· يقسم الكهنة إلى فريقين ومعهم مصابيح ليفتشوا كل الهيكل ويجتمعون عند مكان إنعقاد السنهدريم.
· بسبب الحماسة والغيرة وحتى لا تحدث خلافات يتم تخصيص العمل لكل كاهن بالقرعة.
· يبدأ العمل عند الفجر بتقليب وإعداد الحطب للحصول على لهب جديد. ومع نور الفجر تلقى القرعة ثانية لتحديد من سيشترك في تقديم الذبيحة. ومن سيدخل للقيام بإعداد فتائل المنارة (قص الفتائل المحترقة والإبقاء على الفتائل مضيئة). ثم إعداد مذبح البخور.
· الآن وعند ظهور نور الصباح يُدعى الشعب الآتى للعبادة للدخول، وإحضار الحمل الذي سيقدم ذبيحة والتأكد من سلامته وأنه بلا عيب. ويغسلونه بالماء الموجود في الإناء الذهبي المعد لذلك.
· يُربط الحمل إلى ناحية المذبح من جهة الشمال، ناظرا تجاه الغرب لتمثيل مشهد تقديم إسحق ذبيحة.
· يجتمع الكهنة مع الشعب، ويقف الكاهن الذي يرش دم الذبيحة من إناء ذهبي على جهتين من المذبح، تحت الخط الأحمر الذي يفصل بين الذبائح التي تقدم كلها للمذبح والذبائح العادية.
· وبينما يجرى إعداد الذبيحة تجرى قرعة أخرى لتحديد الكاهن الذي سيقوم بالدور الأكثر مهابة وقداسة وهو تقديم البخور على مذبح البخور هذا الذي يمثل قبول الله لصلوات شعبه إسرائيل. هذا العمل هو عمل كهنوتى شفاعى، وعمل له كرامة كبيرة. وربما لا يأتي الدور والقرعة على الكاهن ليحصل على هذا الإمتياز سوى مرة واحدة في حياته. وكانوا يطلقون على من يصيبه الدور في تقديم البخور "الغنى" وذلك للإشارة لوعد الله "يعلمون يعقوب احكامك واسرائيل ناموسك. يضعون بخورا في انفك ومحرقات على مذبحك. بارك يا رب قوته وارتض بعمل يديه. احطم متون مقاوميه ومبغضيه حتى لا يقوموا" (تث 33، 10، 11). ويتمتع بين إخوته الكهنة بتقدير عظيم. ويسبق القرعة صلوات للكهنة الذين ستلقى القرعة بينهم يعلنون فيها إيمانهم وإعترافهم بالنيابة عن إخوتهم المجتمعين.
· يختار الكاهن الذي وقعت عليه القرعة لتقديم البخور اثنين من أصدقائه أو أقربائه ليساعدونه في هذه الخدمة المقدسة. كان أحدهم يزيل ما تبقى على مذبح البخور من بقايا الخدمة المسائية التي كانت بالأمس ثم يتراجع للخلف مصليا في خشوع. حينئذ يتقدم الثاني ويملأ مذبح البخور حتى حافته من الفحم الجديد المأخوذ من على مذبح المحرقة التي إشتعلت عليها المحرقة. ويقدم صلاته وينسحب. وحينئذ يصدح صوت الأرغن الذي يصل إلى أقصى أطراف الهيكل لينتبه كل كاهن وكل متواجد للعبادة، ويقوم كل بدوره. فهذا الجزء من الطقس هو صلب موضوع العبادة.
· يقف الآن الكاهن المحتفل به الذي وقعت عليه القرعة لتقديم البخور حاملا المجمرة الذهبية وحده في القدس، والقدس لا يضيئه شيء سوى المنارة الذهبية ذات السبع شعب. وعلى يمينه ويساره المنارة ومائدة خبز الوجوه. وأمامه على مذبح البخور الفحم المشتعل.
· ينتظر الكاهن داخل القدس حتى تأتى علامة متفق عليها ليضع البخور وينشره على مذبح البخور. ويقف الشعب في الخارج مع الكهنة مقدمين عبادتهم وصلواتهم في صمت وخشوع، طالبين الرحمة والخلاص الموعود به. والبركات والسلام من قبل الله. ويرون أن صلواتهم تصعد للسماء مع سحابة البخور المتصاعد من على المذبح. وبعد أن يقدم الكاهن البخور يقدم عبادته وصلواته ناظرا لسحابة البخور أمامه ثم ينسحب خارجا من القدس ليقف ويبارك الشعب بالبركة الكهنوتية "يباركك الرب ويحرسك. يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاما" (عد6: 24 - 26).
ملحوظة:- كان داود قد قسم فرق الكهنة إلى 24 فرقة. ولكن بعد العودة من السبى لم يستطع كثيرين من الكهنة تحديد فرقهم، إذ لم يعد من بابل سوى 3 أو 4 من الفرق القديمة. فكان أن إحتفظوا بأسماء الفرق كما قسمها داود وقاموا بتقسيم الكهنة الموجودين الذين عادوا من بابل على الفرق الـ24.
وفي هذا الصباح جاءت القرعة لتقديم البخور لأول مرة في حياته وهو في سن الستون، على زكريا الكاهن المشهور بورعه وسط الهيكل. وهو كان يعلم أن هذا التميز عن طريق القرعة إنما هو إختيار إلهي. وكان اللاويين يتقاعدون عند سن معينة، أما الكهنة فلا يتوقفون عن الخدمة إلا لسبب صحى أو عجز يمنعهم عن أداء دورهم. وكان له كرامة مضاعفة إذ هو كاهن ومتزوج من ابنة كاهن. وكان أمام الله والجميع بلا لوم.
كان المعلمين الربيين القدامى مثل هليل وغمالائيل على النقيض من الربيين الموجودين أيام زكريا الكاهن. فالحاليين كانوا متعصبين في سطحية ومظهرية بلا روحانية، يمجدوا أنفسهم. يهتمون بطريقة مشيتهم وملابسهم بثقة في النفس، مختلفين في أصواتهم وصلواتهم التي يظهرون بها عظمتهم أمام الناس والملائكة، محدثين ثراء. ولنا أن نستنتج أن زكريا الكاهن المنعزل عنهم في المكان فهو لا يسكن أريحا أو بجوار الهيكل، بل هو في قرية بجانب مرتفعات يهوذا. ومنفصل عنهم في الصفات، فهو رجل عبادة، نقى تجاه الله والناس لايهين أحدا أو يجرح أحد بكلمة. له رجاء في خلاص إسرائيل. ومن المؤكد أنه كان هناك الكثيرين أمثاله في إسرائيل. وكانت مشكلة زكريا الوحيدة أنه بلا نسل وهى موضوع يؤلمه هو وأليصابات زوجته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وبينما كانت تعاليم الربيين تعطيه الحق في الطلاق والزواج من أخرى إلا أنه إلتزم بقول الله على فم ملاخى النبي (ملا2: 12 - 16) وفيه يتكلم الله ويحذر من الغدر بإمرأة شباب الرجل، وأن الله يكره الطلاق" فلم يفعل بل إنتظر الرب العمر كله. وفي هذا اليوم قطعا لم يكن يشغله سوى الخدمة التي وقعت القرعة عليه ليقوم بها، ليقوم بها على الوجه الأكمل. وقام زكريا الكاهن بدوره وقدم البخور وبينما كان يستعد للخروج وهو يصلي صلواته قبل أن يخرج. ظهر له منظر عجيب جعله يقف مكانه. إذ رأى الملاك غبريال (ومعنى إسمه قوة الله). ولم يحدث في التاريخ أن حدثت ظهورات سماوية لكاهن عادى وهو في القدس. كانت هذه هي المرة الأولى. ربما حدث هذا كما يسجل التاريخ مع اثنين من رؤساء الكهنة، وحدث هذا يوم الكفارة بينما هم داخل قدس الأقداس. وبينما هو مأخوذ برهبة الموقف أخذ الملاك يذكره بصلواته القديمة وتضرعاته ليرزقه الله بولد. وأن الله إستجاب لها أخيرا، وكان هذا ليهدأ ويخرج من خوفه، ثم يستمع من الملاك عن عظمة هذا الابن الموعود به. ولكن زكريا عوضا عن أن يبتهج ويفرح روحيًّا أولًا بأخبار مجئ المسيا وأن ابنه الموعود به سيكون عظيما ويعد الطريق للمسيا. وسيكون سبب فرح لكثيرين وليس للعائلة فقط. وبينما كان من المفروض أن يفرح بهذه الأرسالية السماوية، أبدى عدم إيمانه وتصديقه لما سمعه. إذ أـطفأت مشاعر الفرح الروحي عنده مشاعره الطبيعية وأحزانه بسبب مشاكله الخاصة. [البذور نزلت في أرض بها أشواك هموم هذا العالم]. وسأل زكريا "كيف أعلم هذا" وكانت العلامة له وللشعب المنتظر ولأليصابات زوجته. ولكنها كانت عقوبة له أيضًا إذ لم يصدق. ولكن سؤال زكريا "كيف أعلم هذا" كان يحمل أيضًا نوعا من الرجاء والإيمان. وكان الشعب يتشاءم ويرتعب إذا تأخر الكاهن عن الخروج من القدس بعد أن يقدم البخور. وتأخر زكريا وحينما خرج ليبارك الشعب بالبركة الكهنوتية لم يستطع الكلام، وفهم الشعب أنه رأى رؤيا.
مَنْ يختلق قصة مثل هذه فهو يريد الشهرة وسط الناس. ولكي يصدقه الناس فعليه أن يقول لهم ما يتوافق مع أفكارهم ومعتقداتهم ليصدقوه. ولكن قصة زكريا كانت ضد هذا فضلا عن الصمت الذي حدث له:-
1. هو في نظر المعلمين والدارسين قروى ساذج غير دارس للناموس. ولكننا هنا نجد زكريا يتكلم في أمور لا يفهمها سوى الدارسين، فهو يتكلم عن المسيا والسابق للمسيا الذي يعد الطريق له. والبسطاء والعامة يخافون أن يقتربوا في أحاديثهم عن كل ما يخص الله. فهل يكذب زكريا فيما يخص الله؟
2. هذه رؤيا غير مسبوقة في التاريخ. فلم يذكر التاريخ أن كاهن عادى رأى رؤيا وهو في القدس.
3. لم يكن أحد من الربيين أو الدارسين يتوقع حدوث رؤيا في ذلك الوقت.
4. يعتقد اليهود أن الملاك غبريال أقل درجة من الملاك ميخائيل. وأن الملاك ميخائيل يقف عن يمين المذبح بينما الملاك غبريال يقف عن يساره. أما زكريا في قصته يقول أنه رأى الملاك غبريال عن يمين المذبح. وهذا ضد معتقدات اليهود.
5. اليهود يعرفون أن إيليا لم يمت وأنه موجود ولكنه مختفى، وأن ظهوره يكون إعلانا عن مجئ المسيا. ولا يعرفون سابقا للمسيا غير إيليا. وهنا نجد أن زكريا يقول أن ابنه الموعود به سيكون هو السابق للمسيا ليعد الطريق له. وهذا ضد إعتقاد اليهود.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/christ.html
تقصير الرابط:
tak.la/an9ysz6