St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   john-chrysostom-virginity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب البتولية: للقديس يوحنا ذهبي الفم - القمص أنجيلوس المقاري

73- الوقت الحالي ليس للزواج

 

1- من الممكن أن يُعترض عليّ: ما علاقة هذا بالزواج؟

إنها علاقة وطيدة جدًا. لأن الزواج لن يتجاوز حدود الحياة الحالية، إذ أن في حياة المستقبل لا يتزوجون ولا يزوجون. وإن كان العصر الحالي على نهايته ويوم القيامة على أبوابنا، إذًا فهذا ليس وقت التفكير في الزواج أو في خيرات هذا العالم، بل التفكير في فقرنا وعوزنا (الروحي) وكل عناصر الحكمة الأخرى التي ستنفعنا في الحياة الأخرى.

إنه مثل الفتاة في طفولتها، بينما هي في المنزل مع أمها فهي هتم بكل حماس بكل حاجيات الطفولة من لعب وتضعها في صندوق في الدولاب وتحتفظ بنفسها بالمفتاح وهي في غاية الفرح وتبدي اهتمامًا شديدًا للغاية بلعبها مثل اهتمام السيدة التي تدير بيتًا كبيرًا، ولكن عندما يحين وقت خطبتها ويستلزم منها الزواج أن تغادر بيت أبيها، فيجب عليها حينئذ أن تتخلى عن هذه الأشياء التافهة والوضيعة من أجل التفرغ لتصريف أمور منزلها: من عناية بالزوج والإشراف على الممتلكات وجمهرة العبيد، هذا غير الاهتمامات الأخرى الخطيرة على كثرتها.

وهكذا نحن أيضًا يجب أن نسلك على هذا المنوال، إذ نحن قد وصلنا للنضج (الروحي) وللحياة التي تليق بالرجال، فيجب علينا أن نترك كل خيرات الأرض (الزائلة) التي هي حقًا لعب أطفال ونتجه بفكرنا نحو السماء والجلال وكل مجد الوجود السمائي.

 

St-Takla.org Image: Breakup between a man and a woman, silhouette, divorce, separation, couple, marriage - by Tumisu. صورة في موقع الأنبا تكلا: انفصال بين رجل وامرأة، رسم ظلي، الطلاق، زوجين، الزواج - لتيميسو.

St-Takla.org Image: Breakup between a man and a woman, silhouette, divorce, separation, couple, marriage - by Tumisu.

صورة في موقع الأنبا تكلا: انفصال بين رجل وامرأة، رسم ظلي، الطلاق، زوجين، الزواج - لتيميسو.

2- لأننا نحن أيضًا كلنا اتحدنا بعريس واحد يطلب منا حبًا هكذا حتى أن نضحي من أجله ليس بالأرضيات فقط، ليس فقط بالأشياء التافهة والتي ليست بذات قيمة، بل حتى أيضًا بحياتنا نفسها إن تتطلب منا هذا، وبالتالي إن كان يجب علينا أن نغادر هذا المسكن للآخر فلنحرر أنفسنا من هذه الاهتمامات الباطلة(74)، وإن كان يجب علينا أن نستبدل المسكن الحقير بقصر فلا ينبغي أن نهتم ثانية بالتي من طين وخشب وبأثاث والأشياء الحقيرة الأخرى التي في المنزل، إذن فلا نهتم بعد اليوم بالأرضيات، لأن الوقت الذي فيه نُدعى للسماء قد أتى بحسب الطوباوي بولس في رسالته لأهل رومية "فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار" (رو 13: 11-12)، وقال أيضًا "الوقت منذ الآن مقصر، لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو 7: 29).

 

3- إذن فما منفعة الزواج لأناس لا ينبغي أن يستخدموه إذ يوجدوا كأن لا نساء لهم؟ نعم وما نفع الثروة والممتلكات وخيرات الحياة إن كان استخدامها من الآن فصاعدًا في غير محله ووقته؟

إن التهم التي تستدعي مثول أحدهم أمام واحدة من محاكمنا لكي يبرر ما اقترفه من أخطاء، فعند اقتراب اليوم الحاسم لا يفكر المشكو عليه في زوجته ولا حتى في الأكل والشرب أو أي اهتمام آخر، بل يضع كل فكره وقلبه في دفاعه، فكم بالأولى نحن أيضًا الذين يجب علينا أن نمثل ليس أمام محكمة أرضية بل أمام العرش السماوي لنعطي حسابًا عن كلامنا وأفعالنا وأفكارنا، لذا يجب علينا أن ننقطع من الكل، من الفرح والحزن الذي تسببه لنا أمور هذا العالم ولا نهتم إلا باليوم المخيف (يوم الدينونة). قال الرب: "إن كان أحد يأتي إليّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا. ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا" (لو 14: 26-27).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

4- ولكنك لا تزال منشغلًا بالشهوة لامرأة وبالضحك والاستكانة والأبهة! "والرب قريب" (في 4: 5). المال هو كل هدف اهتماماتك وهمك، "ملكوت الله قريب جدًا" ولكن أنت لا تحلم إلا بالبيت والأبهة والملذات الأخرى. "هيئة هذا العالم تزول" لماذا إذن تتعب وتكد لأمور العالم الزائلة بطياشة وفساد، بينما تصرف اهتمامك عما هو باقي وثابت؟

إن الأمر لم يعد بعد موضوع زواج، ولادة، لذة، جماع، وفرة المال، إدارة الأعمال، ولم يعد موضوع طعام أو ملابس أو فلاحة أو ملاحة أو تجارة أو بناء مدن أو بيوت، بل كيان جديد وحياة جديدة.

كل هذه الأشياء ستنتهي للتو - لأن هذا بحسب معنى هذه الكلمة "هيئة هذا العالم تزول"(75). لماذا إذن بما أنه لا ينبغي لنا أن نستمر على الأرض كل الدهور، فلماذا إظهار مثل هذه السرعة في اهتمامنا بما يجب علينا أن نتركه قبل المساء؟! لماذا نفضل حياة الشقاء بينما المسيح دعانا إلى حياة الراحة؟ لقد قال: أريد أن تكون حياتكم خالية من الهم "غير المتزوج يهتم فيما للرب" (1كو 7: 32).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(74) كما لم أكن موافقًا للقديس يوحنا في تضخيمه لأتعاب الزواج، كذلك هنا لا يمكن موافقته في جعله الزواج من الاهتمامات الباطلة، الزواج الذي هو الطقس الذي شرّعه الله وباركه بنفسه في عرس قانا الجليل، وتاريخ الكنيسة مليء بسير أزواج وزوجات قديسين لم يعيقهم الزواج قط عن طريق القداسة، بل إن تجارتهم الرابحة بالزواج الذين يعدونهم لملكوت السموات، ستزيد من رصيدهم السماوي.

(75) ليس معنى أن هيئة العالم تزول أن الإنسان المسيحي مدعو للتواكل ولا يعمل شيئًا، هكذا فعل أهل تسالونيكي، فأرسل لهم بولس الرسول رسالته الثانية وحذرهم إذ يجب على الإنسان أن يعمل ويكد ويحيا حياة عادية بكل مسئولياتها لكن في خوف الله ودون أن نعول الهم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-virginity/time-not-for-marriage.html

تقصير الرابط:
tak.la/4wqfzg9