St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   john-chrysostom-baptismal-instructions
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تعاليم للموعوظين: للقديس يوحنا ذهبي الفم - القمص أنجيلوس المقاري

14- عمل (تصرف) الله من جهة الإنسان الأول

 

3- لقد أظهر الله من البداية بهذه الطريقة عطفه بثبات للجنس البشري، لأنه بمجرد أن خلق الإنسان الأول، وضعه مباشرة ومن البداية في الفردوس ومنحه عطية الحياة بلا هم، (بل) ومنحه الاستمتاع بكل شيء في الفردوس عدا شجرة واحدة. لكن لأنه غُلب من بطنه ولأن امرأته أغوته، فقد داس الوصية التي وضعها الله عليه واقترف الإهانة مقابل الإكرام العظيم الذي أسبغه الله عليه.

 

St-Takla.org Image: Jesus is the way, the truth, and the life (John 14: 6) - from "Illustrations of the Life of Christ", "From Christ in Art"; & "The Gospel Life of Jesus", artwork by Alexandre Bida, publisher: Edward Eggleston, New York: Fords, Howard, & Hulbert, 1874. صورة في موقع الأنبا تكلا: "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا 14: 6) - من كتب "حياة المسيح المصورة"، "من المسيح في الفن"، و"الحياة الإنجيلية ليسوع"، للفنان أليكساندر بيدا، إصدار إدوارد إجيلستون، نيويورك: فوردز، هاورد وهيلبيرت، 1874 م.

St-Takla.org Image: Jesus is the way, the truth, and the life (John 14: 6) - from "Illustrations of the Life of Christ", "From Christ in Art"; & "The Gospel Life of Jesus", artwork by Alexandre Bida, publisher: Edward Eggleston, New York: Fords, Howard, & Hulbert, 1874.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا 14: 6) - من كتب "حياة المسيح المصورة"، "من المسيح في الفن"، و"الحياة الإنجيلية ليسوع"، للفنان أليكساندر بيدا، إصدار إدوارد إجيلستون، نيويورك: فوردز، هاورد وهيلبيرت، 1874 م.

4- بل انظروا حتى هنا عظم حنان الله. لأن الله لم يعد عليه أن يعتبر آدم جديرًا بالغفران، ذاك الذي برهن على أنه هكذا جاحد للنعم التي لم يتعب ويكد لاكتسابها، بل كان عليه أن يضعه خارج نطاق عنايته. لكن الله لم يتصرف هكذا. (و) ليس هذا فقط، بل أنه كأب محب حركته المحبة الطبيعية نحو ابنه العاق، فهو لم يكل له التعنيف على الخطية ولا أيضًا عفى عنه تمامًا، بل عاقبه بلطف لكي لا ينجرف -الابن- مثل سفينة، من الآن إلى شعاب وصخور شر أعظم. هذه هي الطريقة التي تصرف بها الله. وحيث أن الإنسان أظهر عصيانًا عظيمًا، فإن الله طرده من المعيشة في الفردوس، وقد ألجم الله روح الإنسان للمستقبل (أي حكم عليه بالموت) لكي لا يواصل الإنسان شروده بعيدًا وحكم عليه بحياة الكد والتعب، وكلّمه -بطريقة ما- هكذا:

 

5- إن السعة والطمأنينة اللتين كانتا لك بفيض قد أتيا بك إلى هذه المعصية العظيمة وجعلاك تنسى وصاياي وحيث أنه ليس لك شيئًا يشغلك الآن، لذلك ستقودك أفكارك إلى ما يفوق طبيعتك "لأن البطالة تعلم خيانة كثيرة" (سي 36: 27)، لذلك فأنا أحكم عليك بالكد والتعب لكي أثناء فلاحتك في الأرض لا تنسى أبدًا عصيانك وخسة طبيعتك، وحيث أنك رفعت نفسك لمراتب عالية ورفضت أن تبقى في حدودك المرسومة لك، فلهذا السبب أنا آمرك أن تعود مرة ثانية إلى التراب الذي أُخذت منه "لأنك تراب وإلى تراب تعود" (تك 3: 19).

 

6- ولكي يزيد الله ألم الإنسان ويجعله يشعر تمامًا بسقطته، فإن الله لم يجعل الإنسان يقيم بعيدًا عن الفردوس بل قريبًا منه، إلا أنه أغلق أمامه مدخل الفردوس لكي برؤية الإنسان كل ساعة للأفراح التي حُرمت منها نفسه لفشله في الطاعة علّه ينتفع من هذا التبكيت الدائم ويكون في المستقبل أكثر حرصًا على حفظ الوصايا التي أعطاها الله له.

عندما نستمتع ببركات دون أن ندرك حالة النعمة (التي نحن فيها) كما ينبغي ثم نُحرم منها بعد ذلك، فحينئذ ندرك تمامًا هذه البركات (ماذا كانت في حقيقتها) وأيضًا نعاني ألمًا عظيمًا لفقدها. هذا ما حدث بالنسبة لآدم الإنسان الأول.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

7- ولكي تعرفوا كلًا من مؤامرة الشيطان الخبيث (وما يقابلها) من امتيازات حكيمة لربنا، انظروا ما حاول أن يصنعه الشيطان بخداعه للإنسان وأي عطف أظهره ربنا وحامينا له، لأن هذا الشيطان المحتال حسد الإنسان على معيشته في الفردوس (وعلى رجاء وعد أعظم) أخرجه من البركات التي كانت في متناول يديه، لأن الشيطان بجعله الإنسان يصور نفسه كمعادل لله أخرجه إلى عقوبة الموت. هكذا تكون مكائد إبليس، فهو ليس فقط يطردنا من البركات التي لنا بل أيضًا يحاول أن يدفعنا إلى جرف شديد الانحدار جدًا. لكن الله في محبته لم يتخل عن البشرية، وأظهر للشيطان كم هي سخيفة محاولاته، وبيّن للإنسان الاهتمام العظيم الذي أظهره تجاهه، لأنه من خلال الموت أعطى للإنسان حياة أبدية. الشيطان اقتاد الإنسان خارج الفردوس والله قاده إلى السماء. إن الربح الذي حازه الإنسان لهو أعظم من الخسارة (التي كابدها بسقوطه).

 

8- لكن كما قلت في البداية أنه لهذا السبب اضطررت للكلام عن هذه الأمور، فإن الله قد اعتبره جديرًا بعطفه العظيم، ذاك الإنسان الذي انقلب متنكرًا لهذه الإنعامات العظيمة. إن أظهرتم أنتم يا جنود المسيح شوقكم لأن تكونوا شاكرين لهذه العطايا التي لا توصف والتي ستأتي عليكم وإن أظهرتم يقظتكم بحفظ ما قد أتى (من العطايا) فأي جود عظيم ستنالونه منه لحفظكم عطاياه حسنًا؟ لأن الرب نفسه هو الذي قال "لأن كل من له يُعطى فيزداد" (مت 25: 29). لأن الإنسان الذي يبرهن على جدارته للعطايا التي نالها للتو، يستحق أن يستمتع بعطايا أعظم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-baptismal-instructions/first-man.html

تقصير الرابط:
tak.la/wdx76n9