![]() |
9- إذًا يا من استحققتم أن تُدرجوا في هذا السفر السماوي عليكم أن تقدموا إيمانًا عظيمًا وعقلًا راجحًا. ما يتم هنا يحتاج لأيمان ولعين الروح لكي تنتبهوا ليس فقط لما هو مرئي، بل تجعلوا ما هو غير مرئي مرئيًا. هذا ما تستطيع عينا الإيمان أن تصنعه. إن العينين الماديتين يمكنهما فقط رؤية تلك الأشياء المرئية، أما عينا الروح فترى الأشياء غير المرئية كأنها واقعة أمام عينيها. هذا هو الإيمان أن ترى غير المرئي كأنه مرئي. وبولس الرسول يقول "وأما الإيمان فهو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عب 11: 1).
10- ما هذا الذي أقوله ولماذا أقول لا تلتفتوا للأشياء المرئية بل ليكن لكم عيني الروح؟ إنني أقول هذا لكي عندما ترى ماء جرن المعمودية ويد الأسقف تلمس رأسك فلا تظن أن هذا مجرد ماء ولا فقط يد الأسقف (أو الكاهن) تلمس رأسك، لأنه ليس إنسان هو الذي يفعل ما يجري لكن نعمة الروح هي التي تقدس طبيعة الماء وتلمس رأسك سويًا مع يد الأسقف (أو الكاهن). ألم أكن محقًا في قولي أننا نحتاج لعين الإيمان؟ بهذه العيون نؤمن بغير المرئيات، بهذه العيون لا نعير انتباهًا للمرئيات.
11- إن المعمودية هي دفن وقيامة، لأن الإنسان العتيق يُدفن مع خطيته ويقوم الإنسان الجديد الذي يتجدد حسب صورة خالقه (كو 3: 10). نحن نخلع اللباس القديم الذي قد صار ملوثًا بخطايانا الكثيرة ونلبس الجديد الخالي من أي دنس. ماذا أقول؟ بل نحن نلبس المسيحالمسيح نفسه، إذ لكم يقول بولس "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غلا 3: 27).
12- أنتم الآن واقفون عند العتبة وستتمتعون بفوائد عطايا هكذا عظيمة جدًا - فدعوني أعلّمكم على قدر استطاعتي عن سبب (مغزى) كل طقس من الطقوس الحالية لكي تعرفوها جيدًا وترحلوا من هنا ولكم عنها فهم أكثر تأكيدًا. ينبغي لكم أن تفهموا لماذا بعد هذا التعليم اليومي نرسلكم مباشرة لتسمعوا كلمات المعزمين(96). لأن هذا الطقس يتم ليس اعتباطًا أو بدون سبب، فبعد أن نعلّمكم، يأخذكم أولئك المعينين لهذه المهمة كما لو كانوا يعدون منزلًا لزيارة ملكية فهم يطهرون أذهانكم بهذه الكلمات المخيفة ليطردوا كل حيل الشرير ويجعلون قلوبكم جديرة لهذا الحضور الملكي لأنه حتى لو كان الشيطان شرسًا وقاسيًا فينبغي عليه أن ينسحب من قلوبكم بكل سرعة بعد هذا التعزيم الرهيب والدعاء باسم رب كل الأشياء. إضافة إلى هذا فإن الطقس نفسه يطبع تقوى عظيمة في النفس ويقودها لتوبة فائضة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
13- أن هذا الطقس عجيب ويضاد كل توقع لأنه يطيح بكل الفروق والاختلافات المميزة. حتى لو كان هناك إنسان يستمتع بكرامة عالمية، وإن حدث وتلألأ بالثروة وإن افتخر بشرف نسبه أو بالمجد الذي له في هذا العالم فهو يقف جنبًا إلى جنب مع الشحاذ وبجانب من يلبس ثياب مهلهلة، وأحيانًا كثيرة يقف بجانب الأعمى والأعرج؛ وليس له أن يشمئز من هذا لأنه يعرف أن كل هذه الفروق لا موضع لها في عالم الروح حيث يُنظر فقط للنفس التي هي مهيأة حسنًا.
14- انظروا أية منفعة تجلبها معها هذه الكلمات (التعزيمية) وهذه الأدعية الرهيبة والعجيبة! لكن منظر الأقدام الحافية والأيدي الممدودة تشير لنا إلى شيء آخر بكون أولئك الذين يعانون من أسر الجسد يظهرون بوقفتهم هذه حزنهم للبلية التي سيطرت عليهم. لذلك أيضًا عندما يكون أسرى إبليس على وشك أن يتحرروا من سيطرته ويأتون إلى نير الصلاح. فهم يذكّرون أنفسهم أولًا بحالتهم السابقة بوضعهم الظاهري (هذا) وهم يعملون هذا لكي يكونوا قادرين على معرفة من أي شر قد تحرروا ولأي صلاح يسرعون وهذه المعرفة ذاتها تكون أساسًا لعرفان أعظم وتجعل نفوسهم مهيأة أكثر وأكثر.
_____
(96) كان آباء الكنيسة في القديم يعتقدون أن الأرواح الشريرة كانت ساكنة في الوثنيين، لذلك كان ينبغي أن يصلي عليهم المعزمين ليخرجوا منهم هذه الشياطين قبل العماد. والآن يقوم بهذه المهمة الكاهن المعمد الذي ينفخ في وجه من يعتمد ويقول ثلاث مرات: اخرج أيها الروح النجس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ts6cd39