![]() |
15- إنكم لا تحتاجون إلى وعظ ونصح أثناء موسم الصوم المقدس بقدر احتياجكم له الآن. فإن ممارسة الصوم أثناء ذلك الموسم تجعلكم منضبطين على الرغم منكم، أما الآن فأنا أخاف وأخشى الحرية من هذا الخطر والاسترخاء الذي ينجم عنه. إن الطبيعة البشرية لا تميل لشيء أكثر خطورة من الراحة، لذلك فإن ربنا المحب وضع على الطبيعة البشرية من البداية نوع من اللجام وفي عنايته العظيمة حكم على الإنسان بالتعب والشقاء.
16- لأننا نحتاج دائمًا للجام ليحفظنا سائرين باستقامة على الطريق، لأنه حتى اليهود ضلوا عن الطريق وجلبوا على أنفسهم غضب السماء، فعندما استمتعوا بقدر عظيم من الراحة وصاروا أحرارًا بعد العبودية القاسية في مصر، كان عليهم أن يقدموا شكرًا أعظم ويكونوا متشوقين أكثر لتقديم تسبيحهم للرب وكان ينبغي أن يكون لديهم إلتفاتًا أحسن نحو من قد أغدق عليهم بمثل هذه المزايا، لكنهم فعلوا العكس ودمرتهم الراحة التي صارت لهم بفيض، لهذا اشتكاهم الكتاب وقال "أكل يعقوب وصار سمينًا، المحبوب سمن وغلظ ورفس" [(تث 32: 15) بحسب النص السبعيني].
17- بعد هذه العجائب الكثيرة والآيات غير المتوقعة، بعد عبور البحر وهلاك المصريين، بعد المن الأكل الجديد السري، وبينما أفضاله لا تزال حاضرة في ذاكرتهم، استغرقوا في حياة الراحة الفائضة ونسوا كل هذا وسبكوا عجلًا وعبدوه قائلين "هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر" (خر 32: 4). يا لهذا الجحود والعمى المميت، وهذه كانت دائمًا عادتهم. عندما يتبنوا حياة الراحة ينسوا المحسن إليهم ويندفعوا نحو الجرف. لكن عندما تصير أحوالهم عسيرة نوعًا ما يتواضعون ويخفضون أنفسهم. وهذا الأمر جعله داود الطوباوي واضحًا عندما قال "إذ قتلهم طلبوه" (مر 78: 34).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
18- هكذا تكون عادة العبيد غير الشاكرين واليهود في عماهم. اسمعوا نصيحتي ولنتأمل دائمًا في عطايا الله ونتذكر كم أن إحساناته عظيمة وكثيرة، لنتهيأ حسنًا ونتعرف دائمًا على سبب الأشياء الحسنة التي لنا ولنظهر سلوكًا جديرًا بهذه الإحسانات ولننشغل كل يوم بحفظ صحة نفوسنا، خصوصًا أنتم يا من اُعتبرتم حديثًا مستحقين للمعمودية الإلهية، أنتم الذين خلعتم حمل خطاياكم ولبستم الرداء البهي. أأقول الرداء البهي؟ بل أنتم يا من لبستم المسيح نفسه وقبلتم رب كل الأشياء ليحل فيكم. ليكن لكم سلوكًا جديرًا بمن يسكن فيكم، لكي تجتذبوا لأنفسكم نعمة فائضة جدًا ولتقتدوا باعتناء شديد بمثال من كان سابقًا مضطهدًا (للمؤمنين بالرب يسوع من اليهود) وبعد ذلك صار رسولًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vys6cxc