19- إن بولس اعتمد واستنار بنور الحق وبهذه الطريقة صار رجلًا عظيمًا وكلما مضى الوقت صار أكثر عظمة، لأنه بعد أن ساهم بنصيبه من غيرته وحميته وروحه النبيلة، رغبته المتلهفة، احتقاره لأمور العالم، انسكبت فيه عطايا مستفيضة أتته من نعمة الله. قبل هذا أظهر جنونًا مطبقًا مسرعًا في كل اتجاه ومشهرًا الحرب بكل وسيلة متذرعًا بالتقوى (الكاذبة). وبعد أن تعّرف على طريق الحق أربك اليهود الجاحدين في الحال وتم تدليته من طاقة بالسور ليتمكن من الهرب من وحشيتهم. ها أنتم قد رأيتم كم كان فجائيًا التغير الذي حدث فيه. هل رأيتم كيف أعادت نعمة الروح تشكيل نفسه وغيّرت مقصده؟ هل رأيتم كيف أن نعمة الروح مثل نار سقطت وسط الهشيم وأتت عليه ولاشت أشواك خطيته وطوّعته لصلابة الحديد؟
![]() |
20- أتوسل إليكم أن تقتدوا به وسيمكنكم أن تُدعوا معتمدين جدد ليس فقط لمدة يومين أو ثلاثة أو عشرة أو عشرين، بل يمكنكم أن تستحقوا هذه التحية (أو اللقب) حتى بعد عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة مضت، بل أقول الحق فلمدى كل حياتكم. إن اشتقنا أن نجعل النور الذي داخلنا أبهى- أقصد بالنور نعمة الروح - لكي لا ينطفئ أبدًا فنستمتع بلقب معتمدين جدد طيلة الوقت فذلك يتم بالأعمال الصالحة الحسنة. لكن كما أن الإنسان الصاحي واليقظ والذي سلوكه حسن يمكنه أن يستمر (دائمًا) متنصر حديثًا، كذلك يمكن أن يصير غير جدير بهذا اللقب من يتهاون لمدة يوم واحد.
21- إن بولس الطوباوي بتقوى ما بعد المعمودية اجتذب لنفسه معونة عظيمة من فوق وليس فقط ثابر على حفظ هذا التلألؤ والبهاء، بل أيضًا جعل نور التقوى يزيد فيه تلألؤًا. ومن ناحية أخرى فإن سيمون الساحر تاب (معتمدًا) في البداية وطار لنوال العطية التي تأتي عن طريق المعمودية. لقد استمتع بمزية نعمة الرب وأكرمها، لكن غرضه كان غير مستقيم وأظهر رخاوة عظيمة فُحرم في الحال من هذه العطية العظيمة، ونصحه بطرس الرسول أن يشفي جسامة خطيته بالتوبة. لأن بطرس قال له "تب عن شرك هذا واطلب إلى الله عسى أن يغفر لك فكر قلبك" (أع 8: 22).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
22- ليته لا يحدث إطلاقًا لأحد من المجتمعين هنا أن يعطي سببًا ليأخذ هذه المشورة بل تابعين مثال بولس الطوباوي بأن تتكرسوا كلكم لمثل هذا السعي للفضيلة حتى تستحقوا كرامة فائضة أعظم من قبِل الرب. يا أحبائي إن العطايا التي تسحقونها ليست هيّنة فهي تفوق إدراك كل عقل بشري والكرامة التي أُعطيت لنا تفوق مداركنا. انظروا إن أردتم كم عظيمة هي الخدمة (الرتبة) التي أوكلت إليكم وأي كرامة نلتموها من ملك كل العالم (ومالكه)، فأنت الذي كنت عبدًا وأسيرًا ومتمردًا قد رُفعت فجأة بهبة التبني كابن لله، لذلك لا تتكاسل وتسمح لنفسك أن تنزع منك هذه الكرامة ولا تسمح لنفسك أن تُحرم من هذا الغنى الروحي، لأنه لو لا تتساهل في هذا الأمر لا يستطيع أحد على الإطلاق أن ينزع منك العطايا التي أعطاك الله إياها.
23- إن هذا الأمر غير ممكن في الشئون الدنيوية لأنه عندما ينال شخص ما رتبة معينة من ملك أرضي، فنزع هذه الرتبة ليس في متناول من نال هذا المركز، بل الذي أعطاه هذه الرتبة له السلطان أن يستردها ووقتما شاء جرده منها وعزله من منصبه ليعود مرة أخرى مواطنًا عاديًا. أما فيما يختص بملكنا (السماوي)، فالأمر مختلف تمامًا. فما أن يعطينا بصلاحه الكرامة، أقصد كرامات مثل التبني، التقديس، نعمة الروح القدس، فلا يستطيع أحد أن ينزعها منا إلا إذا تكاسلنا وتراخينا. وإن رأى الله أننا مهيأين حسنًا فهو يدعم ما قد سبق وأغدق علينا، وبحسب الكرامة العظيمة التي لنا سيزيد أيضًا العطايا التي منحها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9428vpa