|
محتويات: (إظهار/إخفاء) |
|
طعام المعتمد تعهدات المتناول |
1- بنعمة الله الصالح، فإن الكلمات التي ذكرناها سواء تلك التي للابن الوحيد لله الحي أو تلك التي للإنجيليين الأطهار وتلك التي للرسول (بولس) تكفينا لشرح مغزى المعمودية بحسب إنجيل ربنا يسوع المسيح، وهكذا تعلّمنا أن معمودية النار يمكنها أن تنزع كل شر وتجعلنا قادرين لنوال البرّ بحسب المسيح لأنها تُلهم المرء بكراهية الشر والتشوق إلى الفضيلة. ثم إننا بفضل الإيمان قد تطهرنا من كل خطية بدم المسيح (1يو 1: 7)، واعتمدنا لموته (رو 6: 3)، كما لو كنا قد أقررنا باعتراف إيماني مكتوب يشهد بأننا أمواتًا عن الخطية والعالم لكن أحياء للبرّ (1بط 2: 24). وإذ قد نلنا المعمودية باسم الروح القدس فقد ولدنا من فوق، وإذ قد ولدنا باسم الابن نكون قد لبسنا المسيح، ثم إننا بلبسنا للإنسان الجديد المخلوق بحسب الله، نكون حينئذ قد اعتمدنا باسم الآب ودُعينا أولادًا لله.
لذلك نحتاج من الآن فصاعدًا لأن نغتذي بطعام الحياة الأبدية كما علّمنا ذلك الابن الوحيد لله الحي إذ قال لنا ذات مرة "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4)، وقد أظهر لنا كيف يتحقق هذا بقوله "طعامي أن أعمل مشيئة (أبي) الذي أرسلني" (يو 4: 34). وفي مرة أخرى يكرر كلمة "الحق" ليؤكد ما يقوله وليعطي الثقة التامة لسامعيه فيقول "الحق، الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه" (يو 6: 53-56). وبعد ذلك بقليل كتب يوحنا الإنجيلي التالي: "فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تلاَمِيذِهِ إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هَذَا الْكلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟». فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هَذَا فَقَالَ لَهُمْ: «أَهَذَا يُعْثِرُكُمْ؟ فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا! اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ. وَلَكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. فَقَالَ: «لِهَذَا قُلْتُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». مِنْ هَذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. فَقَالَ يَسُوعُ لِلاِثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟». فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ. وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». (يو 6: 60-69).
![]() |
2- ونحو نهاية الأناجيل كُتب التالي "وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «هَذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هَذَا لِذِكْرِي». وَكَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلًا: «هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ من أجل كثيرين. اصنعوا هذا لذكري" (انظر لو 22: 19-20؛ مت 26: 26-28). والرسول يضيف أيضًا شهادته على هذا الموضوع فيقول "لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا أَخَذَ خُبْزًا. وَشَكَرَ فَكَسَّرَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هَذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هَذَا لِذِكْرِي». كَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا قَائِلًا: «هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هَذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هَذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هَذِهِ الْكَأْسَ تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ" (1كو 11: 23-26).
بأي طريقة تكون هذه الكلمات مفيدة لنا؟ إنها تساعدنا على أن نتذكر دائمًا -عند أكل الجسد وشرب الدم- من مات لأجلنا وقام ثانية، وبذلك نتعلّم بالضرورة كيف -أمام الله ومسيحه- نتبع التعليم الذي قد سلّمه لنا الرسول بقوله لنا "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2كو 5: 14-15).
من الواضح أن الإنسان الذي يأكل ويشرب كتذكار خالد ليسوع المسيح ربنا، الذي مات لأجلنا وقام ثانية، ولكن لم يتمم مغزى تذكار طاعة الرب حتى الموت، كما أنه لم يسلك بحسب تعليم الرسول الذي ذكرته منذ قليل والقائل "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا -وهذا هو بالضبط اعترافنا في المعمودية- وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2كو 5: 14-15)... ففي مثل هذه الظروف لن يجني أي منفعة (من التناول) كما يشير إلى هذا تصريح الرب القائل "إن الجسد لا يفيد شيئًا" (يو 6: 63).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
3- زيادة على ذلك، فإن الإنسان الذي في هذا الوضع يجتذب لنفسه أيضًا حكم الرسول القائل "لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" (1كو 11: 29). لأن المرء يتعرض لحكم رهيب ويصير مجرمًا في جسد الرب ودمه (1كو 11: 27)، ليس فقط عن الاقتراب للأشياء المقدسة في دنس الجسد والروح (2كو 7: 1)، بل إن نفس الأمر يسري أيضًا على من يأكل ويشرب (من جسد الرب ودمه) بطريقة تنم عن إهمال وعدم اكتراث، ولعدم إتمامه -في إحياءه لتذكار يسوع المسيح ربنا الذي مات لأجلنا وقام ثانية- لكلمات الرسول القائلة "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2كو 5: 14). مثل هذا الإنسان إن كان بطياشة وغباء يُبطل مثل هذه البركة العظيمة والثمينة ويتقدم كما لو بدون شكر لسر بهذا الجلال لهو مستوجب لتهمة الإهمال، لأن الرب لم يسمح لمن نطق كلمة بطالة أن يهرب من العقوبة (مت 12: 36). أضف إلى ذلك أن عقوبة الإهمال كانت بأكثر شدة للرجل الكسلان الذي أخفى وزنته (مت 25: 25-30)، والرسول يعلّمنا أنه حتى من ينطق ولو كلمة جيدة لكن ليس للبنيان، فإنه بذلك يحزن الروح (أف 4: 29). وهكذا يلزم أن نفهم على هذا المنوال عقوبة من يأكل ويشرب بدون استحقاق (1كو 11: 27). ومن يُحزن أخيه بسبب الطعام يكون ساقط من المحبة (رو 14: 15)، المحبة التي بدونها إتمام أعمال البرّ العظيمة واجتراح الآيات الهائلة لا يفيد شيئًا (1كو 13: 1-3)، فماذا يُقال عمّن تجاسر بتكاسل وعدم اكتراث وأكل من جسد ربنا يسوع المسيح وشرب دمه ويكون بهذا قد أحزن الروح القدس بالأكثر، وعمّن قد تجاسر وأكل وشرب بدون أن تحصره المحبة وتجعله يحسب (أنه ينبغي) أننا لا نحيا لأنفسنا بل للمسيح يسوع ربنا الذي مات وقام لأجلنا؟ (2كو 5: 14-15).
عندما يتقدم الإنسان للتناول من جسد الرب ودمه كتذكار لمن مات وقام لأجلنا، عليه إذن أن يكون خال من كل دنس الجسد والروح لكي لا يجتذب لنفسه دينونة بالأكل والشرب، بل ينبغي عليه أن يُظهر تذكاره عمليًا لمن مات وقام لأجلنا بموته عن الخطية والعالم والذات ثم بالحياة لله في المسيح يسوع ربنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/basil-baptism/holy-sacraments.html
تقصير الرابط:
tak.la/cj5rb9q