هي أول مركز نلتقي به خارج أورشليم. ويمدنا سفر الأعمال بمعلومات عنها في موضوعين. أولهما ما يتعلق بقصة اهتداء بولس حوالي سنة 37 على مقربة منها، عقب الرؤيا التي رآها (أع9: 1 - 9). أما الوضع الثاني فهو (أع 11: 19) حين يربط كاتب سفر الأعمال بين "الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب (مقتل) استفانوس" وبين التبشير في فينيقية - التي كانت دمشق تعتبر جزءًا منها.
وإذا كان حادث إيمان شاول الطرسوسي قد وقع حوالى سنة 37م، فمعنى ذلك أنه كانت قد تأسست في دمشق جماعة مسيحية قبل ذلك التاريخ. لأن الرؤيا التي ظهرت لشاول قرب دمشق، كانت وهو في طريقه للانتقام من هذه الجماعة المسيحية... وهؤلاء المسيحيون لا بُد وأنهم كانوا يهودًا قبل إيمانهم، وإلا لما وقعوا في دائرة اختصاص رئيس كهنة اليهود في أورشليم، الذي زود شاول برسائل من أجلهم... وأيضًا لأن بشرى الخلاص -حتى ذلك الوقت- كانت لا تُعرض إلا لليهود فقط (أع 11: 19)... كان المسيحيون وقتئذ يُدعَون "رجال الطريق" (أع 9: 2). وهو اصطلاح يهودي خالص، للتعبير عن شيعة جديدة(26)... كما أن حنانيا الذي أعلن له الرب عن اهتداء شاول، وهو الذي عمده كان أسقفًا على دمشق، ويذكره سفر الأعمال بأنه رجل تقي حسب الناموس ومشهود له من جميع اليهود السكان فيها (أع 22: 12).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كانت الجماعة المسيحية في دمشق من اليهود اليونايين أصلًا... وإن لم تكن كل الجماعة من هؤلاء اليونانيين، فلا أقل من أن جزءًا منها كان من اليونانيين. وثمة نقطة أخرى تساعد على إلقاء ضوء على هذه الجماعة. فقد كشفت الحفائر الحديثة عن قانون جماعة يهودية تأسست في دمشق، من طراز الأسينيين الذين اكتشفت خرائبهم في قمران عند البحر الميت... وبالمقارنة يظهر أن الجماعة المسيحية التي تأسست في دمشق كانت أصلًا من الصدوقيين المتنصرين. وكانت هذه الجماعة لا تقيم بمدينة دمشق ذاتها، بل في المنطقة الصحراوية المجاورة لها... ويعتقد المؤرخ هرناك Harnack أن مركز هذه الجماعة كان في قرية كوكبا Kokba. ويربط هرناك بين مركز هذه الجماعة، وبين تقليد قديم يقول إن الرؤيا التي ظهرت لشاول الطرسوسي كانت في نفس هذه البقعة. كانت قرية كوكبا تقع على بعد عشرة أميال جنوب غربى دمشق. وهذا الموقع يتمشى مع راوية سفر الأعمال عن قصة إيمان شاول، أنها حدثت قرب دمشق (أع 9: 3، 22: 6).
وثمة علاقة أخرى يراها البعض بين القديس بولس وقرية كوكبا... أنهم يرون أن كلمة "العربية" التي انطلق إليها القديس بولس من دمشق بعد اهتدائه (غل 1: 17) هي قرية كوكبا الواقعة في الصحراء... ويدللون على هذا الرأي، بأن كلمة العربية في ذلك الوقت كانت تعني مملكة النبوطيين(27)، التي كانت تمتد من دمشق إلى بترا Petra العاصمة جنوبًا(28).
_____
(26) انظر (أع 19: 9) حيث يُذكر أن بعض اليهود المتعصبين في أفسس كانوا "يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق"، ويقصد بالطريق هنا جماعة المسيحيين - انظر:
Daniélou,Vol.1, P.22.
(27) شعب عربي، وكانت مملكتهم تشغل أدوم وجنوب شرقي الأردن، وجنوب شرقي سوريا انظر (مكابيين الأول 5: 25)،
Hastings Dictionary of the Bible,
P46, Oxford Bible Atlas.(28) Daniélou, Vol.1, pp.22 - 24.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/kerygma-damascus.html
تقصير الرابط:
tak.la/6t7x2js