محتويات: (إظهار/إخفاء) |
تعاليم الرسل الاثني عشر إكليمنضس الروماني أغناطيوس الثاوفوروس الأنطاكي الشهيد بوليكاربوس الشهيد أسقف سميرنا |
* ثالثًا- تعليم الآباء الرسوليين:
سنرى ونحن نستعرض ما جاء بتعاليم الرسل Didachê، وأقوال الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل، أنَّ عقيدة لزوم الأعمال الصالحة لخلاص الإنسان الأبدي، واضحة كل الوضوح... لكن العلماء البروتستانت، ومَن إليهم عوض عن أن يقتنعوا ويُقروا بصحة هذه العقيدة، يقولون عن هذه الكتابات وهؤلاء الآباء، أنَّها وإنَّهم متأثرون بتأثيرات يهودية ناموسية(93)!!
مليئة بالتحذيرات من الخطايا التي يُسميها طريق الموت، وبالحَثّ على الأعمال الصالحة التي يُسميها طريق الحياة... تقول: (على المؤمن أن يُجاهد ضد الخطايا وأن يتحرر منها..)(94).
وتقول أيضًا: (اسهروا لحياتكم. لا تدعوا مصابيحكم تنطفئ، ولا أحقاءكم غير مُمَنْطَقَة. بل كونوا مستعدين لأنَّكم لا تعلمون متى يأتي ربنا، اجتمعوا دائمًا وفتشوا عن الأمور النافعة لأرواحكم، فزمان إيمانكم كله لا ينفعكم إلاَّ أن وُجِدَ كاملًا في الوقت الأخير)(95).
رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس، مليئة بتأكيد وجوب التمسك بالأعمال الصالحة. ونجد رسالته كلها في الفصل 62 منها، يقول:
(لقد كتبنا إليكم أيُّها الأخوة بما يكفي. وتعرضنا للأمور التي تمس عبادتنا، وكلها نافعة لحياة الفضيلة. لأولئك الذين يريدون أن يقودوا خطواتهم في التقوى والبر. لقد أشرنا إلى كل نواحي الإيمان والتوبة والمحبة الحقيقية وضبط النفس والعفة والصبر وذكَّرناكم أنَّكم مُلزَمون بإرضاء الله الكلي القدرة بالقداسة في البر والحق والاحتمال. وأن تعيشوا في وفاق، بلا شر في المحبة والسلام بلطف قلبي)(96).
ويقولها إكليمنضس بصراحة ووضوح: (نحن نتبرر بالأعمال، وليس بالكلام)(97).
ويقول أيضًا: (فلنلاحظ أنَّ جميع الأبرار تَحلُّوا بالأعمال الصالحة وابتهجوا بها. وإذ لنا هذا المثال، لِنَتبع إرادة الله بلا توانِ. ولِنَعمل أعمال البر بكل قوتنا)(98).
ويقول عن دم المسيح أنَّه (أتى بنعمة التوبة لكل العالم)(99). والمعنى المقصود هنا (المقدرة على التوبة).
والأستاذ الدكتور تورانس Torrance بعد أن درس مفهوم النعمة في رسالة إكليمنضس إلى كورنثوس يقول: " إنَّ المعنى العام لكلمة نعمة Xàpic في هذه الرسالة يُفهَم على أنَّها القوة المُعيِنة التي تُمنح للمستحقين (المجاهدين) وهذا هو الاستعمال الشائع للكلمة في كتابات تلك الفترة المبكرة"(100).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والتبرير عند أغناطيوس هو بالإيمان والمحبة أي بالإيمان والأعمال(101)... يقول: " لا يُخطيء مَنْ يعترف بالإيمان، ولا يُبغض مَنْ اقتنى المحبة. فالشجرة تُعرف من ثمارها. هكذا مَن يعترفون أنَّهم للمسيح يَظهرون بأعمالهم فالعمل ليس بالاعتراف المذكور. لكنَّه يظهر بقوة الإيمان. أن واصل الإنسان حتى النهاية"(102).
وأغناطيوس يخشى أن يفقد خلاصه... يقول في رسالته إلى الترالليين " ما زلت في خطر لكن الآب أمين في يسوع المسيح، ويُحقق صلواتكم وصلواتي"(103)... وفي رسالته إلى أهل أفسس يقول: " وعلى الرغم من أنِّى أسير لأجل الاسم (مسيحي) فَلَستُ بعد كاملًا في يسوع المسيح. فأبدأ الآن أن أكون تلميذًا وأُكلمكم كشركائي في التعلم. فإني أحتاج أن أستعد في الإيمان"(104)... ويقول أيضًا للأفسسيين: " إنَّها الأزمنة الأخيرة، فَلِنَكن إذن متواضعين، ونخشى احتمال الله الطويل لئلا يديننا. لذا فلنخشى الغضب الآتي أو نحب النعمة الكائنة. فَلِنَكن على أي حال في المسيح يسوع في حياة سليمة"(105)... ومعنى ذلك أنَّ نعمة الله هي التي حالت دون غضبه في هذا الدهر، وقدمت فرصة للتوبة، حتى ما نستفيد بِحُنوُّه.
ويقول لكنيسة سميرنا: " لاحظوا أولئك الذين لهم آراء غريبة فيما يختص بنعمة يسوع المسيح التي وافتنا. وانظروا كيف أنَّ هذه الآراء مضادة لشريعة الله. إنَّهم لا يأبهون للمحبة ولا للأرملة ولا لليتم ولا للحزين ولا للمنكوب ولا للمسجون ولا للمفرج عنه، ولا للجائع أو العطشان"(106).
في عقيدة بوليكاربوس أنَّ الجهاد في أعمال البر، جزء لا غنى عنه لخلاص المسيحي(107). يقول في رسالته إلى أهل فيلبي: "ساهرين في الصلوات، مُثابرين على الأصوام، مُقدِّمين ابتهالات إلى الله الذي يرى كل شيء، حتى لا يُدخلنا في تجربة"(108)... ويقول أيضًا: "إن صنعنا مشيئته وسلكنا في وصاياه، وأحببنا ما يُحبه، وابتعدنا عن كل إثم وحسد ومحبة مال وكلام شرير وشهادة زور.."(109)... " فَلِنُجاهد إذن بلا انقطاع في رجائنا والاشتياق إلى برِّنا، الذي هو يسوع المسيح"(110).
_____
(93) Torrance; The Doctrine of grace in the Apostolic Fathers; p. 55.
(94) Didachê; 5. 2.
(95) Didachê; 16. 2.
يُعلِّق أحد علماء اللاهوت البروتستانت على هذه العبارة بقوله: " لم تقبل الكنيسة الأولى بوجه عام الاعتقاد بعدم وجود مغفرة بعد العماد. لكن يبدو أنَّها أتت بسرعة إلى الاعتقاد أنَّه لا يوجد غفران مجاني بعد العماد. لقد ارتدت إلى الإنسان الطبيعي الذي يؤمن أنَّه يَخلُص بالأعمال الصالحة. وفي نفس الوقت عُرِف على وجه الخصوص أنَّ الجهود البشرية تحتاج إلى معونة إلهية وأنَّ التوبة والغفران لا غنى عنهما".
(Moody; The childhood of the Church; p. 76.).
(96) Clement; 1 Corinthians, ch. 62.
(97) Clement; 1 Corinthians, 30. 3. Cf. 33.8; 32.3; 58.2; 59.1, 35.3.
(98) Clement; 1 Corinthians, 33. 7.
(99) Clement; 1 Corinthians, 7.4.
(100) The Doctrine of grace; p. 54.
(101) The Doctrine of grace in the Apostolic Fathers, pp. 67-70.
(102) Eph. 14. 2.
(103) Trall., 13. 3.
(104) Eph., 3. 1.
لنلاحظ اتضاع هذا العملاق الروحاني. أنَّ كلامه في هذه العبارة، وسابقتها، تجسيد لكلمات القديس بولس: "تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (في 12:2)... أين هذا الكلام من اعتداد مَنْ يقول في كبرياء "أنا خلصت"؟!!
(105) Eph., 11. 1.
(106) Smyrn., 6.2.
(107) Doctrine of grace in the Apostolic Fathers; p. 93.
(108) Phil., 7.2.
(109) Phil., 2. 2.
(110) Phil., 8. 1.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/faith-and-works-apostolic.html
تقصير الرابط:
tak.la/2dd95x9