كتابات الآباء الرسوليين(142):
وهذه كتابات كتبها تلاميذ الرسل وهم المعروفون باسم (الآباء الرسوليين)، وكانت لها مكانتها وشهرتها الكبيرة في الكنيسة الأولى. بعض هذه الكتابات يُنسب للرسل أو يحمل اسم أحدهم، لكن الرسل ليسوا هم كاتبوها. ومع ذلك تظل هذه الكتابات لها أهميتها من نواحي متعددة خاصةً الناحية التاريخية نظرًا لقدمها. أهم هذه الكتابات:
تعليم الرسل الاثني عشر - رسالة إكليمنضس الروماني - رسائل أغناطيوس الأنطاكي - رسالة بوليكاربوس إلى أهل فيلبي - رسالة برنابا - كتاب الراعي لهرماس
ويُعرف في الأوساط العلمية باسم Didache وهي كلمة يونانية تعني (التعليم). واسم الكتاب بالكامل (تعليم الرب للأمم بواسطة الرسل الاثني عشر). وإن كان من المقطوع به أن الرسل لم يكتبوه، لكنه من ناحية أخرى هو تجميع لتعليمهم. ونحن نجهل كاتب الكتاب ومكان وزمان كتابته يروون أنه يرجع إلى أواخر القرن الأول بناءً على دراسة محتوياته(143)... والكتاب صغير ويتميز بالبساطة ويقع في ستة عشر فصلًا(144). ويتضمن:
أ. ملخصًا للتعاليم الأدبية مؤسسة على الوصايا العشر، ومحبة الله والإنسان مصورة بصورة رمزية في طريقين أحدهما للحياة والآخر للموت.
ب. إرشادات بخصوص ممارسة المعمودية والإفخارستيا والأغابي.
ج. إرشادات بخصوص الخدام المختلفين (الأنبياء والمعلمين والأساقفة والشمامسة) وأسفارهم وإقاماتهم.
د. حث على السهر استعدادًا لمجيء الرب وقيامة القديسين.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هي بإجماع عام من كتابة القديس إكليمنضس أسقف رومية (92- 101) وتلميذ الرسل وإن كانت لا تحمل اسمه، وهي أقدم مخلفات الآباء الرسوليين وأثبتها صلة بعصرهم. وقد كتبها إكليمنضس تدفعه إلى ذلك المحبة، إزاء الانقسام الذي كان حادثًا في كنيسة كورنثوس، وليس في ذلك ما يدل على سلطة عليا لأسقف روما على كنيسة كورنثوس. فالرسالة لا تحمل اسم إكليمنضس على الإطلاق، لكنها رسالة محبة روحية مرسلة من كنيسة الله في رومية إلى كنيسة الله في كورنثوس... وقد حازت هذه الرسالة شهرة كبيرة جدًا في الكنيسة الأولى، وكانت توضع -من حيث أهميتها- تالية لأسفار العهد الجديد وتعاليم الرسل... وهناك كتابات أخرى منسوبة إلى إكليمنضس الروماني لكن جميعها مزورة، ولم يصلنا من كتاباته الأصلية سوى هذه الرسالة - كتبها إكليمنضس باليونانية. وقد أشار إليها آباء الكنيسة الأوائل ووجدت ضمن -النسخة الإسكندرانية- للكتاب المقدس المحفوظة الآن بالمتحف البريطاني.
وهي سبع رسائل كتبها القديس أغناطيوس الشهيد -تلميذ الرسل وأسقف أنطاكية- سنة 107 وهو في طريقه إلى روما ليُلقى للوحوش. وهي إلى كنائس رومية وأفسس ومغنيسيا وترالس Tralles وفيلادلفيا وسميرنا (أزمير) ثم لصديقه بوليكاربوس أسقف أزمير وقد ضمن أغناطيوس رسائله أفكاره ودحض آراء الهراطقة... وقد أشار إلى هذه الرسائل كل من إيريناؤس وأوريجينوس. بل إن بوليكاربوس نفسه قد أشار في رسالته لأهل فيلبي(145) إلى هذه الرسائل. كما أيد ذلك يوسابيوس المؤرخ(146). وقد نالت هذه الكتابات تقديرًا كبيرًا بين المؤمنين في الكنيسة الأولى.
كان القديس بوليكاربوس الشهيد أسقف سميرنا (أزمير) تلميذًا ليوحنا الرسول. وكان أقوى شخصية في زمانه في إقليم آسيا الصغرى. كتب عدة رسائل إلى بعض كنائس آسيا الصغرى ومؤمنيها لكنها فُقدت ولم يصلنا سوى رسالته إلى الفيلبيين. وقد فند فيها آراء هراطقة عصره، خاصةً الغنوسيين منكري التجسد وقد استخدم نفس العبارة القديس يوحنا الواردة في (1يو 4: 3).
هي رسالة جامعة (عامة) لا يذكر كاتبها اسمه فيها ولا إلى من كُتبت ولا المكان أو الزمان... والرسالة في مجموعها عقيدية (ف 1- 17)، مع الحث على السير في طريق النور وتجنب طريق الظلمة (ف18 - 21). وهي تكاد تعالج نفس موضوع الرسالة إلى العبرانيين، وإن كانت أقل منها عمقًا وأصالة. تثبت الرسالة خطأ فكرة التهود والالتزام بالناموس اليهودي القديم. ويعلن الكاتب الفصل الكامل بين المسيحية واليهودية ومن هنا فالرسالة لها قيمة تاريخية وعقيدية كبيرة... وشدد كاتب الرسالة على وجوب تقديس يوم الأحد ويدعوه (اليوم الثامن)... كان لهذه الرسالة منزلة قوية في الكنيسة الأولى، حتى أنها وُجدت ضمن النسخة السينائية للكتاب المقدس، وتليها في وضعها لسفر الرؤيا، كما لو كانت جزءًا من أسفار العهد الجديد. ويبدو أنها كانت تُقرأ في الكنيسة ككتاب كنسي ثانوي، كما كان الحال بالنسبة لرسالتي إكليمنضس الروماني وبوليكاربوس وكتاب الراعي لهرماس... أشار إليها إكليمنضس الإسكندري وأوريجينوس على أنها من كتابة برنابا رفيق القديس بولس الرسول في الخدمة ويبدو أن أوريجينوس اعتبرها ضمن الأسفار المقدسة... وينسبها ويوسابيوس أيضًا إلى برنابا، لكنهما لا يعتبرانها من أسفار العهد الجديد... أم عن تاريخ كتابتها، فهناك إجماع من العلماء على أنها كتبت قبل نهاية القرن الأول على أن بعض العلماء الذين يعترفون بقدم هذه الرسالة يشكون في صحة نسبتها لبرنابا رفيق بولس بناء على الدراسة الداخلية للرسالة، ويرجحون أن كاتبها يهودي متنصر من الإسكندرية، وربما كان يحمل اسم برنابا.
وهو من الكتب الدينية التي راجت رواجًا كبيرًا في صدر المسيحية وقرونها الأولى، ووضعته الكنيسة في مصاف سفري الحكمة وابن سيراخ. وثابت من الكتاب أن الكاتب اسمه "هرماس"، وأنه استقى مادة الكتاب من ملاك التوبة الذي تراءى له في زي راعي- ومن هنا جاءت تسمية الكتاب... وكتاب الراعي هو أقدم كتاب كنسي يتضمن استعارات ورؤى، وإن كان لا يمكن الجزم عما إذا كانت هذه الرؤى حقيقية، أم من خيال الكاتب... ومهما يكن من أمر، فالكتاب يقدم المبادئ الروحية في ثوب قصصي مجازي استعاري بقصد دعوة الناس للتوبة، لأن يوم الدينونة قريب... ويضم كتاب الراعي ثلاثة كتب:
(أ) الرؤى، وهو عبارة عن أربع رؤى.
(ب) الوصايا Mandats ويشمل إثنا عشرة وصية قدمها الملاك.
(ج) الأمثال Similitudes وعددها عشرة.
أما عن هرماس واضع هذا الكتاب، فقد راج رأي في الكنيسة الأولى أنه هو عينه صديق القديس بولس الرسول الذي أرسل له تحياته في الرسالة إلى رومية (رو 16: 14). هذا هو رأي إيريناؤس وإكليمنضس الإسكندري واوريجنوس وجيروم ويوسابيوس المؤرخ... وهناك رأي آخر، أن هرماس كان معاصرًا للقديس إكليمنضس أسقف رومية (92 -101) ومهما يكن من أمر، فالكاتب من الرجال الرسوليين.
_____
(142) (142) Schaff, Vol. 2, pp. 631-691; Salmon, pp. 509-566.
(143) عثر على هذا الكتاب الهام العالم برينيوس Bryennios سنة 1883، لكن توجد عنه إشارات كثيرة في كتابات القرون الأولى، وقد عرفه آباء الكنيسة الأوائل.
(144) مادته مندمجة ضمن الكتاب السابع لقوانين الرسل Constitions of the Holy Apostles.
(145) Phil., 13.2.
(146) H.E., 3. 36.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/apostolic-writings.html
تقصير الرابط:
tak.la/t3r89v2