10- استعادة الصورة الإلهية في الإنسان
إذ أن الرب يسوع المسيح، هو صورة الله.[431] والإنسان مخلوق على صورة الله، وقد تشوهت هذه الصورة بسبب خطية آدم، فكان جديرًا به وحده، أن يأتي إلينا؛ ليعيد لنا الصورة الإلهية، باتحادنا به، وبفعل الروح القدس في حياتنا، إلى أن نكون مثله في الأبدية السعيدة؛ لأننا سنراه كما هو، في مجيئه الثاني.
فبسبب أن الصورة الإلهية، في الإنسان قد تشوهت، نتيجة عصيان، وخطية آدم، يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "وما هي الفائدة من خَلْق الإنسان أصلًا على صورة الله؟ كان من الأفضل له لو أنه خُلق مثل مخلوق غير عاقل، مِن أن يُخلق عاقلًا ثم يعيش كالحيوانات غير العاقلة".[432]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يقول القديس أثناسيوس الرسولي:
"لذلك، أعاد لنا السيد المسيح إلهنا الصورة الإلهية في الإنسان، التي تشوهت في آدم؛ بسبب العصيان لأنه "لم يكن ممكنًا أن يحول الفاسد إلى عدم الفساد إلا المُخَلِّص نفسه، الذي خلق منذ البدء كل شيء من العدم. ولم يكن ممكنًا أن يعيد خلق البشر ليكونوا على صورة الله إلاّ الذي هو صورة الآب. ولم يكن ممكنًا أن يجعل الإنسان المائت غير مائت إلاّ ربنا يسوع المسيح الذي هو الحياة ذاتها".[433]
"ولهذا أتى كلمة الله بذاته لكي يستطيع -وهو صورة الآب- أن يجدّد خلقة الإنسان، على مثال الصورة".[434]
"إِذْ خَلَعْتُمُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ ٱلْجَدِيدَ ٱلَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ،” (كو 3: 9-10)، وهذا يتم في المعمودية المقدسة. ونستمر في التحول إلى صورة الله مرة أخرى، من خلال الجهاد الروحي.
"أنْ تخلَعوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السّابِقِ الإنسانَ العتِيقَ الفاسِدَ بحَسَبِ شَهَواتِ الغُرورِ، وتَتَجَدَّدوا بروحِ ذِهنِكُمْ، وتَلبَسوا الإنسانَ الجديدَ المَخلوقَ بحَسَبِ اللهِ في البِرِّ وقَداسَةِ الحَقِّ” (أف 4: 22-24).
"إذًا إنْ كانَ أحَدٌ في المَسيحِ فهو خَليقَةٌ جديدَةٌ: الأشياءُ العتِيقَةُ قد مَضَتْ، هوذا الكُلُّ قد صارَ جديدًا” (2كو 5: 17).
"لِأَنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ٱبْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ” (رو 8: 29).
والروح القدس يقوم بالدور الأعظم، في نَقْش صورة المسيح فينا، "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ ٱلرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ ٱلصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ ٱلرَّبِّ ٱلرُّوحِ” (2كو 3: 18).
وتكتمل الملامح بالحقيقة في قيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي.
"اُنظُروا أيَّةَ مَحَبَّةٍ أعطانا الآبُ حتَّى نُدعَى أولادَ اللهِ!...... أيُّها الأحِبّاءُ، الآنَ نَحنُ أولادُ اللهِ، ولَمْ يُظهَرْ بَعدُ ماذا سنَكونُ. ولكن نَعلَمُ أنَّهُ إذا أُظهِرَ نَكونُ مِثلهُ، لأنَّنا سنَراهُ كما هو” (1يو 3: 1-2).
"لِأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱللهِ. مَتَى أُظْهِرَ ٱلْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي ٱلْمَجْدِ” (كو 3: 3-4).
"فإنَّ سيرَتَنا نَحنُ هي في السماواتِ، الّتي مِنها أيضًا نَنتَظِرُ مُخَلِّصًا هو الرَّبُّ يَسوعُ المَسيحُ، الّذي سيُغَيِّرُ شَكلَ جَسَدِ تواضُعِنا ليكونَ علَى صورَةِ جَسَدِ مَجدِهِ” (في 3: 20-21).
"وكما لَبِسنا صورَةَ التُّرابيِّ، سنَلبَسُ أيضًا صورَةَ السماويِّ. فأقولُ هذا أيُّها الإخوَةُ: إنَّ لَحمًا ودَمًا لا يَقدِرانِ أنْ يَرِثا ملكوتَ اللهِ، ولا يَرِثُ الفَسادُ عَدَمَ الفَسادِ" (1كو 15: 49-50).
"في لَحظَةٍ في طَرفَةِ عَينٍ، عِندَ البوقِ الأخيرِ. فإنَّهُ سيُبَوَّقُ، فيُقامُ الأمواتُ عَديمي فسادٍ، ونَحنُ نَتَغَيَّرُ. لأنَّ هذا الفاسِدَ لا بُد أنْ يَلبَسَ عَدَمَ فسادٍ، وهذا المائتَ يَلبَسُ عَدَمَ موتٍ” (1كو 15: 52-53).
لذلك يقول السيد المسيح: "وَأَنَا إِنِ ٱرْتَفَعْتُ عَنِ ٱلْأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ ٱلْجَمِيعَ. قَالَ هَذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ” (يو 12: 32-33)، يجذبنا إلى التشبه به، والتمثل بشخصه القدوس.
_____
[431] "ٱلَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ ٱللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِلهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ" (في 2: 6-7).
[432] القديس أثناسيوس الرسولي - تجسد الكلمة: (13/ 2)، مرجع سابق ص38.
[433] القديس أثناسيوس الرسولي - تجسد الكلمة: (20/ 1)، مرجع سابق ص60.
[434] القديس أثناسيوس الرسولي - تجسد الكلمة: (13/ 7)، مرجع سابق ص41.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/restoring-the-divine-image.html
تقصير الرابط:
tak.la/qr4cc9c