رابعًا: شهادة السيد المسيح للناموس والأنبياء:
* لم يشهد السيد المسيح لتاريخية العهد القديم فقط، بل أيضًا طالبنا أن نخضع للناموس وننفذ وصاياه، مصادقًا بذلك على مصداقية الوحي المُقدَّس وصحة تعاليمه، وأنه هو نفسه واضعها في القديم بوحي الروح القدس على ألسنة أنبيائه القديسين، وجاء بنفسه في ملء الزمان ليكمِّل ما سبق أن وضعه، وليس لينقض أو يلغي.
* وهذا ما أعلنه السيد المسيح بنفسه في بداية الموعظة على الجبل.. "لا تظُنّوا أني جِئتُ لأنقُضَ النّاموسَ أو الأنبياءَ. ما جِئتُ لأنقُضَ بل لأُكَملَ. فإني الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إلَى أنْ تزولَ السماءُ والأرضُ لا يَزولُ حَرفٌ واحِدٌ أو نُقطَةٌ واحِدَةٌ مِنَ النّاموسِ حتَّى يكونَ الكُلُّ. فمَنْ نَقَضَ إحدَى هذِهِ الوَصايا الصُّغرَى وعَلَّمَ الناسَ هكذا، يُدعَى أصغَرَ في ملكوتِ السماواتِ. وأمّا مَنْ عَمِلَ وعَلَّمَ، فهذا يُدعَى عظيمًا في ملكوتِ السماواتِ" (مت5: 17-19).
* بل أن السيد المسيح قد أكَّد على الالتزام بالناموس الموسوي عندما أجاب على الشاب الناموسي الذي سأله قائلًا: "يا مُعَلِّمُ، أيَّةُ وصيَّةٍ هي العُظمَى في النّاموسِ؟". فقالَ لهُ يَسوعُ: "تُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُل قَلبِكَ، ومِنْ كُل نَفسِكَ، ومِنْ كُل فِكرِكَ. هذِهِ هي الوَصيَّةُ الأولَى والعُظمَى. والثّانيَةُ مِثلُها: تُحِبُّ قريبَكَ كنَفسِكَ. بهاتَينِ الوَصيَّتَينِ يتعَلَّقُ النّاموسُ كُلُّهُ والأنبياءُ" (مت22: 36-40).
ووضع السيد المسيح قاعدة في المعاملات المسيحية هي: "كُلُّ ما تُريدونَ أنْ يَفعَلَ الناسُ بكُمُ افعَلوا هكذا أنتُمْ أيضًا بهِمْ" (مت7: 12).. وعقّب -له المجد- على هذه القاعدة بأنها تلخيص للناموس والأنبياء.. "لأنَّ هذا هو النّاموسُ والأنبياءُ" (مت7: 12).. مُصادقًا بذلك على صحة العهد القديم.
* وعندما شفى السيد المسيح الأبرص.. "قالَ لهُ يَسوعُ: "انظُرْ أنْ لا تقولَ لأحَدٍ. بل اذهَبْ أَرِ نَفسَكَ للكاهِنِ، وقَدمِ القُربانَ الذي أمَرَ بهِ موسَى شَهادَةً لهُمْ" (مت8: 4).. فلم يلغِ السيد المسيح تنفيذ الناموس من جهة التطهيرات.. بل صادق على صحته.
* ونفس الكلام قاله للعشْرة البرص عندما طهروا: "اذهَبوا وأروا أنفُسَكُمْ للكهنةِ". وفيما هُم مُنطَلِقونَ طَهَروا" (لو17: 14).
* وتكلّم أيضًا السيد المسيح عن الأنبياء وأبرار العهد القديم قائلًا: "فإني الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ أنبياءَ وأبرارًا كثيرينَ اشتَهَوْا أنْ يَرَوْا ما أنتُمْ ترَوْنَ ولم يَرَوْا، وأنْ يَسمَعوا ما أنتُمْ تسمَعونَ ولم يَسمَعوا" (مت13: 17).
* وعندما سأله شاب عن الأعمال الصالحة التي تؤدي إلى الحياة الأبدية، أجابه السيد المسيح قائلًا: "إنْ أرَدتَ أنْ تدخُلَ الحياةَ فاحفَظِ الوَصايا" (مت19: 17).
* وقد وبَّخ السيد المسيح الصدوقيين الذين ينكرون قيامة الأموات قائلًا لهم: "تضِلّونَ إذ لا تعرِفونَ الكُتُبَ ولا قوَّةَ اللهِ" (مت22: 29).. وبالطبع يقصد هنا بكلمة الكتب: (أسفار العهد القديم).
* وقد شهد السيد المسيح عن أنبياء وأبرار العهد القديم عندما وبَّخ اليهود المرائيين لأنهم أبناء قتلة الأنبياء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. "ويلٌ لكُمْ أيُّها الكتبةُ والفَريسيّونَ المُراؤونَ! لأنَّكُمْ تبنونَ قُبورَ الأنبياءِ وتُزَينونَ مَدافِنَ الصديقينَ، وتقولونَ: لو كُنّا في أيّامِ آبائنا لَما شارَكناهُمْ في دَمِ الأنبياءِ. فأنتُمْ تشهَدونَ علَى أنفُسِكُمْ أنَّكُمْ أبناءُ قَتَلَةِ الأنبياءِ" (مت23: 29-31).
* وكذلك وبَّخ أورشليم مدافعًا عن أنبيائه القديسين الذين أرسلهم بطول التاريخ لتعليم الشعب أما هم فرفضوه.. "يا أورُشَليمُ، يا أورُشَليمُ! يا قاتِلَةَ الأنبياءِ وراجِمَةَ المُرسَلينَ إليها، كمْ مَرَّةٍ أرَدتُ أنْ أجمَعَ أولادَكِ كما تجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تحتَ جَناحَيها، ولم تُريدوا!" (مت23: 37).
* وأيضًا شهد السيد المسيح للعهد القديم عندما قال: "كانَ النّاموسُ والأنبياءُ إلَى يوحَنا. ومِنْ ذلكَ الوقتِ يُبَشَّرُ بملكوتِ اللهِ، وكُلُّ واحِدٍ يَغتَصِبُ نَفسَهُ إليهِ" (لو16: 16).
* وقد أكَّد السيد المسيح على ضرورة السماع لموسى والأنبياء عندما قال: "إنْ كانوا لا يَسمَعونَ مِنْ موسَى والأنبياءِ، ولا إنْ قامَ واحِدٌ مِنَ الأمواتِ يُصَدقونَ" (لو16: 31).
* وقد شرح السيد المسيح باستفاضة كيف أن الأنبياء تكلّموا عنه، وذلك في حديثه مع تلميذي عمواس: "فقالَ لهُما: "أيُّها الغَبيّانِ والبَطيئا القُلوبِ في الإيمانِ بجميعِ ما تكلَّمَ بهِ الأنبياءُ! أما كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ بهذا ويَدخُلُ إلَى مَجدِهِ؟" ثُمَّ ابتَدأَ مِنْ موسَى ومِنْ جميعِ الأنبياءِ يُفَسرُ لهُما الأُمورَ المُختَصَّةَ بهِ في جميعِ الكُتُبِ" (لو24: 25-27).. وكأنه يقول لهما: "وأمّا هذا كُلُّهُ فقد كانَ لكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأنبياءِ" (مت26: 56).. "فقالَ بَعضُهُما لبَعضٍ: "ألَمْ يَكُنْ قَلبُنا مُلتهِبًا فينا إذ كانَ يُكلِّمُنا في الطريقِ ويوضِحُ لنا الكُتُبَ؟" (لو24: 32).
* وكرَّر نفس التعليم مع الرسل المجتمعين في العُلية من بعد قيامته المُقدَّسة قائلًا: "هذا هو الكلامُ الذي كلَّمتُكُمْ بهِ وأنا بَعدُ معكُمْ: أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يتِمَّ جميعُ ما هو مَكتوبٌ عَني في ناموسِ موسَى والأنبياءِ والمَزاميرِ". حينَئذٍ فتحَ ذِهنَهُمْ ليَفهَموا الكُتُبَ. وقالَ لهُمْ: "هكذا هو مَكتوبٌ، وهكذا كانَ يَنبَغي أنَّ المَسيحَ يتألَّمُ ويَقومُ مِنَ الأمواتِ في اليومِ الثّالِثِ" (لو24: 44-46).
* وقد سبق أن وبَّخ اليهود لأنهم لم يصدقوا موسى.. "لأنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدقونَ موسَى لكُنتُمْ تُصَدقونَني، لأنَّهُ هو كتَبَ عَني. فإنْ كنتُم لستُمْ تُصَدقونَ كُتُبَ ذاكَ، فكيفَ تُصَدقونَ كلامي؟" (يو5: 46-47)، "أليس موسَى قد أعطاكُمُ النّاموسَ؟ وليس أحَدٌ مِنكُمْ يَعمَلُ النّاموسَ!" (يو7: 19).
* واستخدم السيد المسيح قواعد الناموس الموسوي لإثبات ألوهيته حينما قال: "وأيضًا في ناموسِكُمْ مَكتوبٌ أنَّ شَهادَةَ رَجُلَينِ حَقٌّ" (يو8: 17)، "أليس مَكتوبًا في ناموسِكُمْ: أنا قُلتُ إنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إنْ قالَ آلِهَةٌ لأولئكَ الذينَ صارَتْ إليهِمْ كلِمَةُ اللهِ، ولا يُمكِنُ أنْ يُنقَضَ المَكتوبُ" (يو10: 34-35).
واضح من كل هذه النصوص أن السيد المسيح قد تكلّم بكل تقدير لنصوص العهد القديم، ولم يطعن فيها أو في الأنبياء أو في صحة الوحي المُقدَّس.. بل أكَّد وصادق على صحته.
"من له أذنان للسمع فليسمع" (مت 11: 15).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/credibility-of-revelation/law-prophets.html
تقصير الرابط:
tak.la/rd45xaf