← أخطاء في كتاب "القديس بولس الرسول: حياته - لاهوته - أعماله":
الموت النيابي:
ينادى البعض في زماننا الحاضر بأن السيد المسيح لم يَمُت عنَّا بل مات لأجلنا. بمعنى أنه لم يمت على الصليب بدلًا عنا بل مات بنا وبهذا نكون قد متنا معه!!!
ويقولون إنه من الخطأ القول بأنه تألم عنا أو صلب عنا أو مات عنا... وهكذا وقد نسى هؤلاء أن الكنيسة كلها تردد في قانون الإيمان في جميع صلواتها الليتورجية عن السيد المسيح أنه "نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. تأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي" فمن الواضح أننا نعترف بأنه صلب عنا...
وأن السيد المسيح نفسه قال إن "كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت 20: 28؛ مر 10: 45). وما معنى الفِدية إن لم تكن عوضًا عمن افتداهم؟!!
لو كنا قد متنا مع المسيح يوم صلبه في يوم الفداء، فما هو لزوم الفداء؟ إننا في هذه الحالة نكون قد دفعنا ثمن الخلاص بأنفسنا في يوم الصليب.
نحن صُلِبْنا مع السيد المسيح وَدُفِنَّا معهُ يوم قبولنا لسر العماد المقدس كقول معلمنا بولس "أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته. فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة" (رو 6: 3، 4).
إن السيد المسيح قد اشترك في طبيعتنا بلا خطية لكي يصير قادرًا أن يموت نيابة عن جميع الذين افتداهم حينما حمل خطاياهم مُسَمِّرًا إياها بالصليب.
عن هذا قال القديس أثناسيوس الرسولي في كتاب تجسد الكلمة الفصل الثامن: "وهكذا إذ أخذ من لطبيعتنا، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت، فقد بذل جسده للموت أجسادنا جسدًا مماثلًا عوضًا عن الجميع، وقدمه للآب. كل هذا فعله شفقة منه علينا، وذلك: أولًا لكي يَبطل الناموس الذي كان يقضى بهلاك البشر، إذ مات الكل فيه، لأن سلطانه قد أكمل في جسد الرب ولا يعود ينشب أظفاره في البشر الذين ناب عنهم. ثانيًا: لكي يعيد البشر إلى عدم الفساد بعد أن عادوا إلى الفساد، ويحييهم من الموت بجسده وبنعمة القيامة، وينقذهم من الموت كإنقاذ القش من النار".
وأيضا في الفصل التاسع "وإذ رأى الكلمة أن فساد البشرية لا يمكن أن يبطل إلا بالموت كشرط لازم، وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة الموت لأنه غير مائت ولأنه ابن الآب، لهذا أخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت حتى بإتحاده بالكلمة، الذي هو فوق الكل، يكون جديرًا أن يموت نيابة عن الكل، وحتى يبقى في عدم فساد بسبب الكلمة الذي أتى ليحل فيه وحتى يتحرر الجميع من الفساد، فيما بعد، بنعمة القيامة من الأموات. وإذ قدم للموت ذلك الجسد، الذي أخذه لنفسه، كمحرقة وذبيحة خالية من كل شائبة فقد رفع حكم الموت فورًا عن جميع من ناب عنهم، إذ قدم عوضًا عنهم جسدا مماثلا لأجسادهم".
إن السيد المسيح قد ناب عن البشر الخطاة وصُلب بدلًا عنهم وأوفى الدين الذي علينا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لم يكن معه أحد على الصليب يوم صُلب لأنه هو المخلص الوحيد الذي ليس بأحد غيره الخلاص وهو الوحيد الذي بلا خطية والوحيد الذي يستطيع أن يحمل خطايا العالم كله ويكون فدية مقبولة أمام الآب السماوي لسبب بره الكامل وذبيحته الفائقة في قيمتها في نظر الله الآب لأنها ذبيحة الابن الوحيد "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
إن كان هناك أحد قد صُلِبَ مع المسيح في يوم الفداء على الجلجثة فلماذا دار الحوار التالي بين إشعياء النبي والسيد المسيح بروح النبوة: "مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ؟ هذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ، الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ. «أَنَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ». مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟ «قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي" (إش 63: 1-3).
أما عن قوله: "لم يقل بولس الرسول ولا مرة واحدة أن المسيح صنع موتًا أو فداء بدلًا منا"، كيف ومعلمنا بولس الرسول يقول: "اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟" (رو 8: 32). ويقول أيضًا: "الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا" (1 تس 5: 10). ويقول: "إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2 كو 5: 14، 15)، ويقول: "وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ" (عب 9: 12-14). وأيضًا: "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رو 3: 24). وفي قانون الإيمان نردد: "تأنس وصلب عنَّا".
وبخصوص قوله: "إن كان بعض الآباء الأُوَل قد استخدموا نظرية الفداء القائم على استرضاء الله فذلك لم يكن من واقع إيمانهم الشخصي"، هذا اتهام غير مقبول ضد آباء الكنيسة كأنهم ينافقون ويُعَلِّمون بما لا يؤمنون، وقضية الكفارة والفداء والموت النيابي هي قضية في أساسيات المسيحية التي تحملوا الآلام في الدفاع عنها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/reply-to-fr-matta-el-meskeen/death.html
تقصير الرابط:
tak.la/2jdwvx4