"واحدًا من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء" (يو19: 34)، لما طعن الجندي السيد المسيح في جنبه بالحربة بعد أن سلّم الروح، كان الدم يملأ القفص الصدري: فسال أو تفجر الهيموجلوبين الأحمر بلون الدم أولًا، ثم البلازما الشفافة والسوائل الخاصة بالارتشاح المائي الرئوي (الأوديما) بعد ذلك. وذلك لأن الهيموجلوبين يترسب لثقله أما البلازما والمياه فتكون في الجزء العلوي لأنها أخف في كثافتها. وكان قد مر ساعتان ما بين الوفاة والطعن بالحربة. وهذا ما عبّر عنه القديس يوحنا الإنجيلي أنه من جرح طعنة الحربة "خرج دم وماء".
اهتم القديس يوحنا أن يذكر واقعة خروج الدم والماء، لكي يؤكّد أن السيد المسيح مات ذبحًا. لذلك قال عن واقعة خروج الدم والماء من جنب المخلص "الذي عاين شهد وشهادته حق" (يو19: 35).
من المعتاد أن يموت المصلوب مخنوقًا إذ يصاب بالإعياء الشديد فلا يمكنه رفع جسده إلى أعلى لترتخي يداه ويمكنه الشهيق في عملية التنفس. وبالنسبة للّصين اللذين صلبا مع السيد المسيح فقد لزم تكسير عظام سيقانهما ليتدليا ولا يمكنهما التنفس. وبهذا ماتا بالخنق. أما السيد المسيح فمات ذبحًا نظرًا لغزارة الدم الذي سُفك خارجيًا بإكليل الشوك والجلدات المريعة وثقوب المسامير في يديه ورجليه وداخليًا بتمزيق شرايين القفص الصدري حتى امتلأ التجويف الصدري بالدم.
لهذا قال معلمنا بولس الرسول إن "فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبح لأجلنا" (1كو5: 7). ولكن العجيب أن السيد المسيح قد ذُبح من الداخل كما من الخارج أيضًا.
النزيف الحاد الذي تعرض له السيد المسيح، نتج عنه أن كمية الدم المتبقية في الدورة الدموية صارت تتناقص في الوقت الذي كان يقوم فيه بمجهود رهيب منذ بدء الجلد وفي طريق الجلجثة ثم وهو مصلوب.
احتاج القلب أن يعمل بسرعة لتعويض الدم المفقود ولبذل الجهد المطلوب. ولكي يعمل القلب بسرعة، يحتاج هو نفسه كعضلة لكمية أكبر من الدم تغذيه عن طريق الشرايين التاجية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولم يعد بإمكانها أن تقوم بهذا الدور لقلة كمية الدم الواصل إليها بالنسبة لمعدل ضربات القلب بسبب النزيف وبسبب زيادة سرعة ضربات القلب. وإذا كانت سرعة ضربات القلب في الإنسان الطبيعي هي سبعين نبضة في الدقيقة، ففي حالات النزيف وزيادة المجهود ترتفع فوق 140 نبضة في الدقيقة. وكل هذا يجهد عضلة القلب فتصل إلى مرحلة الهبوط الحاد جدًا في الجزء الأيمن منها ويؤدي ذلك إلى الوفاة.
عند هذا الحد استجمع السيد المسيح آخر ما تبقى من قدرة قلبه على العمل وصرخ بصوت عظيم "يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" (لو23: 46).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/slaughter.html
تقصير الرابط:
tak.la/ypbt56d