قال السيد المسيح: "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.. من أجلهم أنا أسأل. لست أسأل من أجل العالم بل من أجل الذين أعطيتني لأنهم لك. وكل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي. وأنا ممجد فيهم" (يو17: 6، 9، 10).
إن حياة القديسين الذين آمنوا بالسيد المسيح، وتمتعوا بخلاصه العجيب، قد صارت لمجد اسمه القدوس.
فسيرتهم العطرة، وأقوالهم الحسنة، وأعمالهم الطيبة قد صارت كلها لمجد السيد المسيح الذي افتداهم واشتراهم بدمه وقدسهم بروحه القدوس الذي من عند الآب ينبثق.
من الأشياء الجميلة أن يقول السيد المسيح عن تلاميذه: "أنا ممجد فيهم".. إنها ثقة عجيبة بما سوف يعمله فيهم وبواسطتهم لمجد الله.
كيف تحول الخطاة إلى قديسين.. وكيف تحول فساد البشرية التي كانت ترزح تحت عبودية إبليس إلى تمجيد اسم الله في حياة أولاده. كل هذا صنعه السيد المسيح بصورة أبهرت عقول السمائيين.
بهذا تغنى معلمنا بولس الرسول فقال: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة. إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب" (أف1: 3-6).
إن الله لم يخلق العالم فقط بواسطة أقنوم الكلمة. ولكنه أيضًا خلّص العالم بنفس الأقنوم الإلهي الذي هو كلمة الله المتجسد.
وقد أعاد أقنوم الكلمة خِلقة البشرية من جديد بالفداء الذي صنعه على الصليب وبما ترتب عليه من نعم وبركات سمائية.
لذلك يقول الكتاب "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17). حقًا لقد خلقنا السيد المسيح من جديد حينما خلصنا من عبودية الشيطان، وأعطانا نعمة التجديد والبنوة "بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تى3: 5).
بهذا تمجد السيد المسيح الرب باعتباره هو حكمة الله وقوة الله، وبواسطته تم الفداء وخلاص البشر من حكم الموت الأبدي. وتمت المصالحة بين الله والإنسان. وأصبح من الممكن أن يعود الإنسان إلى الصورة الجميلة التي خلقه الله فيها على صورته ومثاله.
لقد صار القديسون هم رائحة المسيح الذكية، ورسالته المقروءة من جميع الناس..
وجميل جدًا أن يتصور السيد المسيح في حياة قديسيه وتلاميذه حسبما قال معلمنا بولس الرسول عن مخدوميه: "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضًا إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل4: 19).
عبارة "أنا ممجد فيهم" تعني أننا قد لبسنا البر الذي للمسيح حينما صرنا أولادًا لله في المعمودية ويتجدد مفعولها في باقي الأسرار والوسائط الروحية، وينبغي أن يتمجد السيد المسيح فينا وبواسطتنا.
من أجل السيد المسيح خُلقت الخليقة، وبواسطة السيد المسيح خُلقت الخليقة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبواسطته أيضًا ومن أجله تم تجديد البشرية بالفداء. "لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل، وبه الكل وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام. لأن المُقدِّس والمُقدَّسين جميعهم من واحد. فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة قائلًا: أخبر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أسبحك.. فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عب2: 10-12، 14).
في قول معلمنا بولس الرسول السابق أن المُقدِّس والمُقدَّسين جميعهم من واحد. يقصد أن المُقدِّس هو: السيد المسيح، والمُقدَّسين هم: جماعة المؤمنين. وهم جميعًا أبناء لآدم من جهة وأبناء لله من جهة أخرى.
فبحسب الجسد السيد المسيح هو من نسل آدم، وبحسب لاهوته هو مولود من الآب بالطبيعة قبل كل الدهور.
والمؤمنون هم من نسل آدم بحسب الجسد، ومن الناحية الروحية قد نالوا التبني بالميلاد الفوقاني بالمعمودية.
السيد المسيح أخذ الذي لنا (البنوة لآدم) وأعطانا الذي له (البنوة لله). ومفهوم طبعًا أن بنوتنا لله لا تساوي بنوة السيد المسيح الذي له نفس الجوهر الإلهي الذي للآب.
لهذا السبب لا يستحي أن يدعو مؤمنيه إخوة لأنه قد اشترك معهم في اللحم والدم أي في طبيعتهم البشرية، كما أنه منحهم بالنعمة البنوة لله حتى ينادوا الله الآب أبًا لهم كما منحهم السيد المسيح أن يقولوا.
لقد تمجد السيد المسيح بالفداء الذي صنعه بكل حكمة وفطنة لأجلنا، وتمجد في إظهار قدرته الإلهية في تحويل الخطاة إلى قديسين، وتمجد بما يعمله بواسطة هؤلاء القديسين من أعمال عظيمة قد سبق فأعدها ليسلكوا فيها.
حقًا ما أعجب تدبيرك أيها الآب، يا من منحتنا كل هذه الإمكانيات المجيدة بواسطة ابنك الوحيد الحبيب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/in.html
تقصير الرابط:
tak.la/rvdck6z