سؤال 22: كيف يدعى المسيحيون بأن الأعمال لا تؤثر على الخلاص بينما يقول يسوع في: (مت12: 36،37) "ولكن أقول لكم أن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابًا يوم الدين لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان"؟
للإجابة نقول أننا لدينا مفهومين عن الأعمال وهما: مفهوم الأعمال التي نتكل عليها لكي ننال الخلاص وهي التي قال عنها بولس الرسول " أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ" (رو3: 28) وأعمال الناموس هي مثل تقديم الذبائح الحيوانية والختان وغيرها.. أما يعقوب الرسول فقال "الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ" (يع 2: 20) "أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع2: 18)
إذن هناك نوعان من الأعمال:
1- أعمال يتكل عليها الإنسان لكي ينال الخلاص.
2- أعمال تلزم لإظهار حقيقة إيمان الإنسان، هي التي يقول عنها يعقوب الرسول "أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ! أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع 2 :18).
إذن الإيمان موجود في كلتا الحالتين. وقال "كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ" (يع 2: 26).
إذا سرق شخص من جاره 5000 جنيهًا وتصادف أن رآه جاره وهو يقفز من الشرفة بعد أن سرق المبلغ، فدخل البيت وعلم بالسرقة، لكن لأنه إنسان مسالم لم يرد أن يتشاجر مع جاره أو أجّل الأمر ليرى نهايته كيف ستكون. ثم عمل احتفالًا بعيد ميلاد ابنه فأحضر جاره السارق فطيرة لعيد الميلاد بخمس أو عشر جنيهات، وأتى لتهنئة الولد، فسلم على الوالد وهنئه أيضًا. فالوالد ممكن أن يقول له خذ ما أحضرت وارحل من هنا. أو أن يضربه في وجهه بما أحضر.
بولس الرسول يقول "أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ" (رو 4: 4). أما قصة القاضي الذي دفع عن المديون فهي قصة أخرى. ففي البداية عليك أن توفى الدين الذي عليك، حتى لو كان على سبيل الرحمة والإشفاق يسدده عنك آخر لكن المهم هو تسديد الدين أولًا، ثم تقدّم بعد ذلك ما تشاء.
أنت مثلًا تصوم أو تصلى أو تزور الأماكن المقدسة كل هذه الأشياء إذا قدمتها بدون الإيمان بالمسيح تظن أن هذه الأعمال تخلصك. هذه هي الأعمال التي تقول عنها المسيحية أنها لا تخلص الإنسان. وطوبى لمن يتبرر بالإيمان بدون أعمال. ذلك لأنه يجب أن يقف الإنسان أمام الله صفر اليدين، ويقول لله أنا أعترف أنى محتاج إلى خلاصك، وأنا لا أملك أبدًا وإطلاقًا أي شيء أقدمه لك، ألا أنى أقبل محبتك وأؤمن بها وأقبل أن أتحد بك في الموت والقيامة من خلال المعمودية. بهذا تدخل في مصالحة مع الله.
أي أعمال قبل هذا تكون أقصى مكافأة أو هدية لمثل هذه الأعمال هي أن يرسل لك الله أحد يقول لك أنت إنسان طيب وتعطى للفقراء كثيرًا وتعمل أعمال خير فأرسل واحضر فلان الذي سوف يعرفك ويرشدك إلى طريق المسيح وطريق الخلاص. وهذا ما حدث مع كرنيليوس حينما ظهر له الملاك وقال له "صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ. وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ" (أع10 :4 ، 5). فعلى الرغم من أنه رجل أممي إلا أن أعماله وصدقاته وصلواته جعلت الله يشعر أنه أممي لكن مؤمن بإله إبراهيم وبقى له أن يؤمن بالمسيح. فالمكافأة هي أن تؤمن بالمسيح تعتمد وتنال الخلاص. وهذا ما حدث بالفعل..
إن كل أعمالنا بدون الإيمان بالمسيح أمام الله لا قيمة لها على الإطلاق، بل بالعكس يقول الكتاب "وَلَكِنَّ إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ!لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِالإِيمَانِ بَلْ كَأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ" (رو9: 31،32) أي أنهم أرادوا أن يثبتوا بر أنفسهم بالذبائح والعشور والممارسات الناموسية ويرفضوا عطية الله المجانية في المسيح يسوع.
قد يسأل سائل: كيف تقول أن "عطية الله مجانية" وتقول أن "الخلاص مدفوع الثمن"؟ وللرد أقول أن "مجانية" تعنى إنني لست أنا الذي دفعت الثمن. لكن الخلاص مدفوع الثمن لأنه يقول "لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ" (1كو6: 20). فهو الذي دفع الثمن فافتدانا.
إن نظرية الفداء معروفة: حينما كان إبراهيم مقدمًا على ذبح ابنه فافتداه الله بذبيحة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وطبعًا من غير المعقول أن يقيّم الإنسان بخروف فكان هذا مجرد رمز.
إن أعمال الإنسان لا تقدر أن تُخلّصه بدون الإيمان بالمسيح، لأن الإنسان مديون بحياته الأبدية. فلا صوم ولا صلاة ولا زيارة للأماكن المقدسة تكفى لخلاصه بدون الإيمان والمعمودية والمصالحة مع الله. فالذبائح الحيوانية والختان وأعمال الناموس التي يتكل عليها اليهود لا تستطيع أن تُخلّص الإنسان، بل كانت قبل المسيح رموزًا لذبيحة المسيح، تُمهد للإيمان بذبيحته الخلاصية. فلما جاء المسيح استمرت بالوصايا العشر، ولكن ما كان رمزًا فقد بطُل، مثل الذبائح الحيوانية. لأن في ذبيحة المسيح الكفاية. لذلك قال بولس الرسول: أن أعمال الناموس لا تُخلِص الإنسان ولكنه يتبرر بالإيمان (انظر رو3: 28). ولكن الإيمان المسيحي الحقيقي هو إيمان عامل بالمحبة، وإيمان حي، لذلك يقول يعقوب الرسول: "أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ" (يع2: 20) "أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع2: 18). "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ" (يع2: 26). عن مثل هذه الأعمال في حياة الإنسان المسيحي قال السيد المسيح "بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ" (مت12: 37). أي أنه بعد أن يؤمن عليه أن يسلك في تنفيذ الوصايا.
باختصار أعمال بدون المسيح ليس لها قيمة، إلا إذا كانت ترمز للمسيح أو تجعل الإنسان يظهر أمام الله أنه خيَّر أو يعطف على الفقراء أو حنون فيرسل له الله من يبشره مثل كرنيليوس. أعمال بدون المسيح لا توصل للسماء مهما كان الإنسان خيّر أو طيب، لابد أن يؤمن بالمسيح. فالله يُكافئ الخير على خيريته بأن يُرسل له من يقوده إلى الإيمان بالمسيح. وبعد أن يؤمن، إن كان إيمانه بدون تنفيذ وصايا المسيح، فلن يدخل السماء أيضًا. إذن لا الأعمال بدون الإيمان تُخلص الإنسان ولا الإيمان بدون الأعمال يخلص الإنسان أيضًا. لكن "الأعمال" الأولى يقصد بها أعمال الناموس و"الأعمال" الثانية هي أعمال المحبة المسيحية وهي تنفيذ وصايا السيد المسيح: "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي" (مت25: 34-35) وهو هنا يُكلم أشخاص مؤمنين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/works.html
تقصير الرابط:
tak.la/3d2j2nt