سؤال 44: من أين تأتي تلك الترجمات الجديدة للكتاب المقدس بينما المخطوطات الأصلية غير موجودة حتى إن المخطوطات اليونانية التي تعتبر هي أيضًا ترجمة لا تطابق بعضها البعض؟
الإجابة:
وهل صاحب السؤال قام بقراءة المخطوطات اليونانية كلها وقارنها ببعضها؟!! أو هل له علم باللغة اليونانية؟!! وهل قام بدراسة كل المخطوطات الخاصة بالكتاب المقدس!!؟
قد ذكرنا من قبل أن سفر أشعياء الكبير اُكتشف سنة 1947 م. في مغائر قمران في البحر الميت في الأردن بواسطة رعاة غنم أردنيين مسلمين، وقد قاموا ببيعه للمطران مار صموئيل يشوع السرياني والذي عُين بعد ذلك مطرانًا لنيويورك، وأخذ هذه المخطوطات معه وسلمها لجامعة في أمريكا حتى يتمكن العلماء هناك من فتح السفر. وعندما فتحوه وجدوه نص كامل لسفر إشعياء يرجع تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد. والذين كانوا يعيشون في منطقة تلك المغائر كانوا طائفة الأسينيين اليهود، وكانت لديهم لمسة من الحياة الرهبانية. وعندما حدث هجوم الرومان على مناطق اليهودية وغيرها بدأت تلك الجماعات تخبئ الأسفار المقدسة في قدور من الفخار ويغلقوها بإحكام خوفًا من أن تقع في أيدي الرومان، وفي النهاية تفرقت هذه الجماعات ولكن تركوا هذه الكنوز في المغائر.
ومن ضمن ما وجد في هذه المخطوطات ليس فقط سفر أشعياء كامل كما هو بين أيدينا اليوم، بل وأيضًا الثلث الأخير من سفر المزامير، وكل هذا مطابق للترجمة السبعينية اليونانية التي تُرجمت -أو على الأقل بدأت ترجمتها- في القرن الثالث قبل الميلاد بأمر الملك بطليموس فيلادلفوس. ومن المهم أن نقول إن هذه الترجمة قد تمت بواسطة اليهود وتمت في الإسكندرية وليس في الأراضي المقدسة أي أورشليم وما حولها، وقام بترجمتها شيوخ من اليهود متضلعين في اللغتين العبرية واليونانية. ولدينا نسخة طبق الأصل من النص الموجود في مكتبة الفاتيكان وهي Codex Vaticanus من الترجمة السبعينية، وقد نُسخ سنة 328 م.، وهي سنة اعتلاء البابا أثناسيوس الرسولي للكرسي المرقسي لدرجة أن علماء الكتاب المقدس نشروا أنه من المعتقد أن تكون النسخة التوأم لهذه الترجمة هي التي كان البابا أثناسيوس نفسه يقتبس منها في كتاباته سواء العهد القديم أو الجديد.
وحصلنا أيضًا بعد ذلك على النسخة الإسكندرية كاملةCodex Alexandrinus من المتحف البريطاني على ميكروفيلم وتم تحويلها إلى CD عن طريق مكتب جريدة الأهرام؛ وهي نسخة كاملة تضم العهدين أيضًا وباللغة اليونانية وكتبت في الإسكندرية.
كذلك النسخة السينائية التي وجدها أحد العلماء مهملة في دير سانت كاترين، وهي موجودة حاليًا في المتحف البريطاني وتضم العهدين وكلها باللغة اليونانية وإن كان قد فقد منها بعض الأجزاء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد حصلنا أيضًا على النسخة السينائية على ميكروفيلم وتم أيضًا تحويلها إلى CD.
فما هي الاختلافات بين النسخ الفاتيكانية والإسكندرية والسينائية؟! لا يوجد اختلاف.. والاختلاف الوحيد هو أن النسخة السينائية ضاعت منها بعض الأسفار، وهذا لا يُعد اختلافًا.
إن صاحب السؤال يقول إن هناك اختلافات بين المخطوطات اليونانية التي تعتبر ترجمة، والمعروف أن المخطوطات اليونانية للعهد القديم هي المترجمة. أما العهد الجديد فلغته الأصلية هي اليونانية إذا هو يقصد الكلام عن العهد القديم.
بالنسبة للعهد القديم لا توجد اختلافات بين النسخة الفاتيكانية والنسخة السينائية والنسخة الإسكندرية، ولدينا الثلاثة كتب حاليًا ويمكننا أن نطبع منها أية صفحة نريدها لنقارن النصوص. وأنا أدعو الجميع ليتفضلوا ليروها بأنفسهم..
هنا وقد يُطرح السؤال التالي: هل هناك اختلاف بين مخطوطة قمران العبري وبين النص العبري الموجود في نسخة ليننجراد Leningrad Codex أو نسخة حلبAleppo Codex لسفر أشعياء، أو بين الترجمة السبعينية اليونانية؟
لا يوجد اختلاف... ولدىّ بحث قام به شخص مسيحي أجنبي، وفيه قام بترجمة كل سفر إشعياء الموجود في مخطوطة قمران التي ترجع إلى القرن الثاني قبل الميلاد، كما ترجم أيضًا النص المازوري Masoritic text الموجود في مخطوطة ليننجرادLeningrad Codex التي ترجع لعام 1008 أي القرن الحادي عشر الميلادي أو بالتحديد بعد القرن العاشر فقط بثماني سنوات ، ومخطوطة حلبAleppo Codex .
قام هذا الباحث الأجنبي بوضع كلمة كلمة وآية آية وسطر سطر من نص قمران وأمامه ما يقابله من ترجمة النص العبري الذي كتبه اليهود في القرن العاشر والقرن الحادي عشر أي النص المازوري بالتشكيل. وقال هذا المترجم إن الفرق بين النسختين هو الضمائر، وذلك لأن الأسينيين بعد السبي كانوا يتحدثون بالأرامية فعندما نسخوا سفر أشعياء كتبوا الكلام كله بالعبرية ولكن الضمائر كتبوها بالأرامي. وقد أخذت من سفر أشعياء الأصحاح 53 لأهميته وقارنت بين النسختين فوجدته يتطابق تمامًا تمامًا، إلا من اختلاف بسيط جدًا مثل: "أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي" (أش53 : 8) هذا في النص المازوري أما في نص قمران فيقول "أنه ضرب من أجل ذنب شعبه"، هنا الفرق في ترجمة الضمير.
شعبي: أي شعب الآب.
وشعبه: أي شعب الابن.
وأنا تحيرت عندما وجدت ذلك وتساءلت؛ هل يا ترى أخطأ الناسخ وبدلًا من أن يكتب الضمير للمتكلم، كتبه بصيغة الغائب المفرد، أو أنه أخطأ الترجمة من الضمير الآرامي إلى الضمير العبري؟! أم أنه كان قديسًا ولديه روح النبوة وفهم أن شعب الآب هو شعب الابن فكتب ذنب شعبه؟ كما قال السيد المسيح في إنجيل متى: "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ" (مت25 : 31)، وقال أيضًا: "فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ" (مت16 : 27)، وذلك لأن مجده هو مجد أبيه. وبالمثل قوله ضرب "من أجل ذنب شعبه" أي شعبه الذي فداه الابن، وقوله "من أجل ذنب شعبي" أي شعب الآب، أي جماعة البشر المؤمنين الذين فداهم المسيح أو بالمفهوم اليهودي جماعة بني إسرائيل. فحتى لو كان المترجم قد غيّر الضمير هنا فالترجمة لا تحسب وحيًا.
عودة إلى ما قاله صاحب السؤال من عدم وجود نسخ أصلية نسأله: فهل كان اليهود قبل الميلاد أو حتى بعد الميلاد يدسون في النص العبري لسفر أشعياء أن المسيح يصلب؟!
أنت يا صاحب السؤال وقد رفضت في أسئلتك موضوع صلب المسيح، فأخبرنا من الذي وضع هذا الموضوع في الأسفار، هل هم المسيحيون أم اليهود؟! ثم أن هناك أمرًا آخر وهو أنه عندما كُتبت الأناجيل في القرن الأول الميلادي (والمعروف أن ثلاثة أناجيل كتبت في ستينات القرن الأول والرابع كُتب في عام 98 م.). ما كتب حوالي سنة 60 كان بعد موت السيد المسيح بحوالي ثلاثين سنة، وكثير من اليهود الذين عاصروا أحداث صلب السيد المسيح كانوا لا يزالون على قيد الحياة..
* فلماذا لم يعترض اليهود حينئذٍ على ما كتبه الإنجيليون بخصوص صلب المسيح؟
* وحينما كتب متى الرسول في إنجيله أن اليهود أعطوا رشوة للحراس لكي يقولوا أن تلاميذ يسوع جاءوا ليلًا وسرقوه وهم نيام "فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ وَتَشَاوَرُوا وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً. قَائِلِينَ: «قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلًا وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. وَإِذَا سُمِعَ ذَلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ»" (مت28: 12-14)، لماذا لم يستطيع اليهود الرد على هذا الكلام بالرغم من أنهم كانوا على قيد الحياة بعد؟!
* ولماذا عندما كُتب أن السيد المسيح أقام لعازر من بين الأموات، لم يستطع اليهود أن يردوا؟!
* ولماذا عندما كُتب أن 3000 يهودي آمنوا بالمسيح عندما شهد بطرس لقيامة المسيح، لم يستطع اليهود أن يردوا على ذلك؟!
* لماذا لم يستطيعوا أن يناقضوا أي شيء كُتب في الأناجيل الأربع أو يعترضوا على الإنجيليين ويقولوا لهم أنهم يزيفون التاريخ؟!
* فمن يدّعى أنه قد حدث تزييف في الكتاب المقدس، نسأله هل يعقل أن يكون اليهود قد كتبوا شيئًا ضد أنفسهم وفي صالحنا؟!
* وأيضًا نحن لدينا كمسيحيين في العهد الجديد أشياء ضدهم وهم لا يناقضوها، لأنهم لا ينكرون أن هذا حدث.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/new-translations.html
تقصير الرابط:
tak.la/jach48b