St-Takla.org  >   books  >   anba-bimen  >   religious-sense
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الشعور الديني في الطفولة والمراهقة - الأنبا بيمن أسقف ملوي

12- الشعور الديني في مرحلة فتى المرحلة الإعدادية

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

ميول الفتيان وسيكولوچية المرحلة
(1) التذبذب
(2) الميل الجنسي
(3) الإعجاب بالبطولة
(4) تكوين علاقات اجتماعية
(5) مراجعة المعرفة السابقة وتقييمها
الشعور الديني عند هذه المرحلة
(1) ينمو اتجاه التشكك والنقد
(2) الناموسية
(3) النفعية
(4) الواقعية الاجتماعية
(5) الحِرَفية
(6) السطحية
الاتجاهات والعادات المطلوبة والتي يهتم بها المنهج في هذه المرحلة
بالنسبة لله
بالنسبة للكنيسة
بالنسبة للأسرة
بالنسبة للمجتمع
العادات المطلوبة
الخلاصة

" د" فتى المرحلة الإعدادية

(4) فتى المرحلة الإعدادية (13- 15)

إذا أردنا أن نخدم فتى المرحلة الإعدادية خدمة روحية كنسية مبنية على أسس سليمة، يلزمنا أن نتعرف حسنًا على الجوانب السيكولوچية، والاجتماعية والدينية لهذه المرحلة. ويمكننا أن نركز هنا في معالجة ميول الفتيان ورسم معالم النواحي النفسية لهذه المرحلة ثم تمتد الدراسة فيما بعد لإبراز الجوانب الاجتماعية والدينية..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ميول الفتيان وسيكولوچية المرحلة:-

(1) التذبذب:-

تمتاز هذه المرحلة في بدايتها بأنها مرحلة ثبات واستقرار انفعالي، والفتى هنا يميل إلى الاستقرار والولاء للسلطة، وهو يرغب دائمًا أن يكون محبوبًا من الوسط الذي يعيش فيه.. ولكن في نهاية هذه المرحلة يحدث للفتاة والفتى تغيرات بيولوچية ونفسية يصاحبها بعض الاضطراب والقلق أحيانًا إذ أنها مرحلة انتقال (مراهقة) ونجد المراهق يتأرجح بين نقيض.

1- أن يكون رجلًا، وأن يكون طفلًا

2- أن يكون مسئولًا، وأن يحيا في اللامبالاة.

3- أن يكون مرحًا، وأن يحزن ويكتئب بلا سبب.

4- أن يكون متفائلًا، وأن يكون متشائمًا بلا منطق أو موضوعية.

5- أن يكون متدينًا تزمتًا، وأن يكون إباحيًا مستهترًا في حين آخر.

6- أن يكون هادئًا مطيعًا للكبار، وأن يكون عنيدًا متمردًا لا يحترم السلطة...

ومسئولية المربيين إزاء هذا التذبذب والتأرجح هو استخدام الصبر وطول الأناة في معالجة المراهقين والمراهقات، وتشجيعهم على الاستقرار الانفعالي والاتزان النفسي وأخذ القرارات بموضوعية ودراسة متعمقة... وكلما كان بجانب الفتاة أو الفتى مرشد نصوح (كأب الاعتراف مثلًا) يتسم بالعطف والحنو والخبرة والدراية في آن واحد كلما كان مفيدًا لهؤلاء أن يعبروا هذه المرحلة متجنبين مزالق الانحرافات والأهواء والتطرفات. كما أن تنمية الاتجاه العلمي في الدراسة والحياة العملية يحمي أبناء هذه المرحلة من كل انغلاقية أو تطرف أو ضيق أو سرعة اتخاذ القرارات في عصبية وانفعال.

 

(2) الميل الجنسي:-

وفي خلال هذه المرحلة يصبح للميل الجنسي أهمية كبيرة في حياة الفتى والفتاة نفسيًا وجسميًا واجتماعيًا وروحيًا، ويعاني أغلب أبناء هذه المرحلة من القصور في المعرفة الجنسية السليمة لإحجام الوالدين عن الكلام وقلة الكتب الدينية والعلمية التي تلمس هذه النواحي، الأمر الذي يدفعهم إلى الالتجاء إلى الكتب الصفراء والمجلات الرخيصة والصور غير المحتشمة... ويسبب الدافع الجنسي ضغوطًا نفسية شديدة مع حساسية مرهفة للذات وكراهية تامة للنقد والتوبيخ وخاصة أمام الرفاق والزملاء وكثيرًا ما تعبث الأفكار الشريرة بأبناء هذه المرحلة فيفكرون في العلاقات الغرامية، والكنيسة ترفض هذه العلاقات. لأن الحب والجنس مسيحيًا مرتبط بالبذل والالتزام والنضج والإلهام وهذه كلها لا يمكن تحقيقها في هذه المرحلة المبكرة.

وكثيرًا ما تكون هذه العلاقات الناشئة سببًا في تشتيت الأفكار والتأخر الدراسي والفشل في الامتحانات. وتتحدد مهمة التربية الدينية إزاء الميل الجنسي بهذه المرحلة فيما يلي:-

(1) تشجيعه على ممارسة سر الاعتراف دون خوف أو خجل.

(2) حمايته من الشِلل المنحرفة ومراقبة صداقاته وتوجيهها توجيهًا سليمًا.

(3) حمايته من العثرات والتجارب القاسية التي تنجم عن تركه دون إشراف واضح وتطهير المنزل من مصادر الإثارة الشهوانية وخاصة من الأقارب أو الخدم.

(4) تقديم مصادر نقية للتربية الجنسية مع إبراز نماذج مباركة عن حياة الطهارة والعفة في الواقع الحالي وفي التاريخ الكنسي حتى يقتدي بهم ويسير على منوالهم.

St-Takla.org Image: Some children - Various photos from Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 19, 2014 صورة في موقع الأنبا تكلا: بعض الفتيان - صور متنوعة من روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 19 سبتمبر 2014

St-Takla.org Image: Some children - Various photos from Rome, Italy - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, September 19, 2014

صورة في موقع الأنبا تكلا: بعض الفتيان - صور متنوعة من روما، إيطاليا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 19 سبتمبر 2014

(5) تقدير دوافعه وميوله ومصادقته وتوجيهه بصبر واحتمال لأن المعاملة الحسنة واحترام شخصيته والحنو مع الحزم يخلصان الفتى أو الفتاة من أزمة المراهقة الأولى.

 

(3) الإعجاب بالبطولة:-

يميل الفتى في هذه المرحلة إلى الإعجاب بالبطولات، فهو يهيم بالعظماء والنجوم والمصارعين والملاكمين وأبطال كرة القدم والعلماء والمكتشفين والرحالة والمخاطرين..

ويغرم بالقراءة عن هؤلاء ويحلم بأن يكون رجل فضاء مثلًا يعبر جاذبية الكرة الأرضية، أو ملاكم خطير يصارع منافسة بلكمات قوية في الحلبة وتصفق له الجماهير..

وإذا ما وجد في حياته مرشدًا له (كاهن أو خادم في الكنيسة) له مقومات النجاح العلمي والاجتماعي والروحي فانه يعجب به كثيرًا ويبوح له بأسراره، ويتخذه مرشدًا له، ويقلده في جميع تصرفاته، ويمتص منه قيمه ومبادئه ويطيعه في كل ما يشير به.. ويتخذه باختصار المثل الأعلى له..

وتتحدد مهمة التربية الدينية إزاء هذا الميل فيما يلي:-

* تقديم حياة الرب يسوع نموذجًا حيًا يقتدي ويعايش.

* تقديم سير الأبطال والشهداء والقديسين الذين عاشوا كنماذج حية للجهاد في كافة المجالات الروحية والاجتماعية والوطنية، وهنا يلزم أن نقدم مختلف الأنماط للنماذج، ولا تقتصر على نمط معين مثل نمط الرهبان فقط – فقد لا يتفق هذا النمط الواحد مع استعدادات وميول كثير من الفتيان والفتيات.

* الاهتمام بإيجاد أباء الاعتراف والمرشدين الروحيين الذين يحملون روحًا طيبة وديعة ونفسًا شفوقة صبورة، وعقلية ناضجة مفكرة مثقفة واسعة.

* توجيه الفتى والفتاة إلى أن البطولة ليست هدفًا في حد ذاتها من وجهة نظر المسيحية، وإنما يلزم للمؤمن أن يمتد بهذا الميل إلى تقديس الشريعة والوصايا والمبادئ.

وكثيرًا ما يُسر الفتيان والفتيات – وخاصة في نهاية هذه المرحلة بالجو المرح، وأحيانًا بالهزار والنكات، وإعطاء ألقاب مضحكة للناس، وخاصة أصحاب السلطة في حياتهم كمؤشر من مؤشرات التمرد الخفي في نفسياتهم النامية.

 

(4) تكوين علاقات اجتماعية:-

يميل الفتى إلى تكوين علاقات اجتماعية وصداقات كثيرة وهو يحب الإسهام في الرحلات والمعسكرات والأندية والحفلات

كما أنه يعجب جدًا بأصدقائه ويفضلهم أحيانًا على أهل بيته. وسر ذلك هو أنه يستريح نفسيًا إلى من هو في سنه، إذ يشكو له اضطراباته ويسأله عما يجهله كما يستقبل أسرار صديقه بارتياح. وهكذا تكون الصداقات عالمًا مغلقًا مليئًا بالألفاظ التي كلها (كنايات) واستعارات حتى لا يتمكن الشخص المسئول من التعرف على قاموس التعامل وسط هذه الجماعة.

وتتحدد مهمة التربية الدينية إزاء هذا الميل فيما يلي:-

* أن يكون هناك أنشطة اجتماعية ذات صبغة مفرحة مثل حفلات الأغابي، أعياد الميلاد، حفلات السمر، الرحلات والمعسكرات على أن يكون التوجيه والإشراف دقيقًا.

* تشجيع الفتيان والفتيات على ممارسة الحياة الداخلية بالنجاح في إيجاد علاقة مع الله في الصلاة الشخصية والعائلية والجماعية، والتأمل في الكتاب المقدس.. وهذه الحياة الداخلية بديل للبعثرة الخارجية.

* أن يكون المرشد والمربي شخصًا سويًا متفائلًا مملوءًا من الفرح الحقيقي حتى ينقل التهريج الجسدي إلى فرح روحي صادق.

 

(5) مراجعة المعرفة السابقة وتقييمها:-

وأخيرًا.. هناك ميل فكري يبدأ في الظهور ويستمر في المرحلة الثانوية وهو الرغبة في التعرف على كل ما حوله دينيًا وعلميًا واجتماعيًا بطريقة تختلف عن وسائله في المراحل السابقة، أنه يريد أن يعيد النظرة في كل ما عرفه، يريد أن يسأل ويناقش ويقترح وينتقد ويتعمق المعلومة، وهذا أمر يستلزم من المربيين والوالدين إعطاء المراهقين فرصًا للحوار والمناقشة وتقديم دروس ومطبوعات على جانب من العمق الروحي والفكري لتقابل حاجاتهم وميولهم وإعطائهم فرصًا في غير مجال الدرس للتعبير عن النفس وبحث حلول للمشكلات مثل الندوات واللقاءات الحرة وذلك في كافة الأنشطة الاجتماعية والرياضية والدينية المختلفة.

إن المرحلة الإعدادية مرحلة زرع ونمو لما يُزرع تمهيدًا للنضوج ثم الحصاد في المراحل الآتية.

طوبى لمن يزرع بالدموع والإخلاص فإنه يحصد بالفرح والتهليل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الشعور الديني عند هذه المرحلة:

يختلف الشعور الديني عند المراهق عنه عند الطفل اختلافًا جذريًا، فهو عند الطفل تسليمي إذ يتقبل كل الحقائق الإيمانية والتوجيهات الدينية دون مناقشة تذكر، ولكن في سن المراهقة.

 

(1) ينمو اتجاه التشكك والنقد:-

فكثيرًا ما يتردد المراهق في قبول ما تسلمه من إيمانيات في المراحل السابقة.. أنه يراجع ويسأل ويستفسر ويفرض ويريد أن يتعرف على الرأي الآخر المعارض، ومهمة التربية الدينية إزاء هذا الاتجاه.

* أن يكون الخادم أو الكاهن الذي يخدمه متسع الأفق واسع للثقافة كثير الدراية قادرًا على الحوار والمناقشة.

* أن تحترم آراءه وأفكاره مهما كانت ساذجة، ونشجعه أن يفصح عن كل ما في داخله حتى لا تنمو أية اتجاهات سلبية في ذهنيته وأن نكون مستعدين لإجابة كل سؤال في موضوعية وهدوء وافي.

* أن نعالج الموضوعات التي تمس العلاقة بين الدين وغيره من المجالات مثل المسيحية والعلوم الحديثة والمسيحية والاتجاهات الفلسفية المعاصرة والمسيحية وعلم الآثار والمسيحية والمذاهب الاجتماعية، المسيحية ومعطيات علم النفس الحديث... إلخ.

* أن نعطي فرصًا لوجهات النظر المتكاملة فإذا عالجنا في إحدى الندوات قضية العفة من منظار مسيحي يناقشها خادم روحي أو كاهن مع طبيب وشخص مبارك له في العلوم النفسية الحديثة فان انسجامهم في آرائهم مع اختلاف مجالاتهم يعطي للمراهقين استقرارًا روحيًا وفكريًا واضحًا.

 

(2) السمة الثانية من سمات الشعور الديني عند المراهق هي ما نسميه بالناموسية:-

ماذا تعني الناموسية في التدين؟!

* إنها مرحلة التهور والتثبت عند جبل سيناء وعدم تجاوز هذه المرحلة إلى عهد النعمة، عهد ربنا يسوع المسيح.

* إنها مرحلة التعامل مع الله بالخوف والرعب أكثر من الحب والثقة والفرح والخلاص.

* إنها مرحلة التعامل مع الله على مستوى خارجي وليس بفعل باطني فالله قطب خارجي والإنسان قطب مواجه بينما المسيحية في أعماقها مكثفة في الآية التي قالها الرب في صلاته الشفاعية الأخيرة "أنا فيهم"، وأنت فيّ "ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني) (يو17: 21).

* إنها مرحلة الأوامر والوصايا والنواهي وليست مرحلة الحب الذي يتجاوز الحرفية وإن كان يحمل في أعماقه الرهبة والخشية والتدقيق في السلوك.

* إنها مرحلة الحرام والحلال، الاهتمام بالشكل دون الجوهر، بالظاهر أكثر من الباطن بما ينظر إليه أنه حرام دون التعمق في العلة التي أدت بالفعل أن يكون حرامًا، والاصطدام بالدين عندما يطلب تجاوز هذه المرحلة إلى نقاوة القلب وصفاء النفس وطهارة الداخل كما في الخارج أيضًا.. ولهذا يحتاج المراهق إلى من يساعده على تجاوز هذه المرحلة إلى الدخول للعمق والتمتع بالحياة الداخلية والعشرة الإلهية والشركة المقدسة مع الله.

وتتحدد مهمة التربية الدينية فيما يلي:-

أن يكون الخادم مختبرًا الحياة الروحية في أعماقها، بمعنى أن يكون له دراية بالحياة الداخلية وليست المسيحية عنده شكليات وممارسات.

* أن يكون الخادم وأب الاعتراف مشجعًا المراهقين على التدرب على الاختبار الداخلي والحياة الداخلية لا أن تكون التداريب شكلية وجافة وخالية من العمق والروح وعدم التسرع في إدخالهم حقل الخدمة والتعليم قبل أن يمتلئوا من الاختبارات الروحية اللازمة.

* أن تكون موضوعات الخدمة مركزة حول الحياة في المسيح نحو الآب بالروح القدس لا تكون مركزة حول خلقيات واجتماعيات بعيدة عن الخلاص والصليب والأسرار الإلهية.

* أن يكون معيار تقدم المراهق الروحي هو نموه في حياته الباطنية (الصلاة الاختبارية – التأمل في الكتاب – الاعتراف والتوبة السليمة – فحص النفس – صلب الذات – المحبة وتجاوز الأنا) لا أن يكون المعيار هو ممارسة بعض الأنشطة والخدمات الخالية من العبادة.

* أن يدرب المراهق على أن تكون حياته الخارجية والداخلية مركزة على عمل النعمة والشهادة للحق لا أن تكون هادفة نحو تضخم الذات بصورها المختلفة. (الناموس بموسى أُعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا).

* أن يجاب على الأسئلة في الندوات لا على مستوى الحرام والحلال بل على مستوى الحق وما يليق وما يرشد به الروح في الداخل وما توجه به الكنيسة في أسرارها وأعماقها الروحية.

 

(3) النفعية:

كذلك يتسم الشعور الديني في هذه المرحلة بالنفعية أي أنه يقبل إلى الدين لأنه يجد فيه حلًا لمشكلاته وراحة لنفسه المعذبة وفائدة في حياته الاجتماعية والدراسية.

ومما يثبت ويؤكد هذا الاتجاه التربية الوالدية التي تشجعه للذهاب إلى الكنيسة لكي – ينجح ويتفوق، وإذا ما جاء إلى الكنيسة وجد الجوائز والهدايا والترحيب من الخدام..

هذا حسن كله ولكن لا يصح أن نقف عند هذه المرحلة وإلا أين نجد مكانًا للآية القائلة من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويأتي ورائي. وهو القائل في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم وأين أيضًا نجد معنى للإنجيل القائم على البذل والعطاء واحتمال الألم وقبول الضيق وما يراه الناس فشلًا بل وموتًا وتراه المسيحية أكليلًا واستشهادًا ومجدًا.

إن مهمة التربية الدينية:-

* أن تسمو بالنفعية المادية والاجتماعية إلى الفائدة الروحية وأنه لا تضارب بين الاثنين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولكن مستعدين للتضحية بكل شيء من أجل الحق وأن نقول مع الرسول بولس "حسبت كل شيء خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح" (في 3: 8).

وتوجيه الفتى نحو تغير الاتجاه من أن يكون الله لحسابه الشخصي إلى أن يكون هو بالتمام لحساب الله الذي أحبه واشتراه بدمه مع تقديم نماذج من المؤمنين الذين بذلوا وأحبوا ولم يعيشوا لذواتهم.

* أن يدرب المراهق على حياة البذل تدريجيًا، وأن يوضع شعار بولس الرسول"العطاء أفضل من الأخذ".

* أن تعالج مشكلات السلبية واللامبالاة وعدم الالتزام على المستوى الفردي والجماعي حتى تصبح حياة المراهقين إيجابًا وحبًا وعطاء لا نقدًا وتهكمًا ومنفعة.

 

(4) الواقعية الاجتماعية:-

ولكي نستكمل معالم الشعور الديني عند المراهقين في هذه المرحلة يلزمنا أن نشير إلى سمة الواقعية والاجتماعية.. فالمراهق يسر كثيرًا بالأنشطة الاجتماعية مثل الرحلات والمعسكرات والحفلات ويميل إلى الأجواء الاجتماعية والعلاقات العامة في مناخ يستطيع أن يحقق فيه ذاته ويجد إشباعًا لميوله ومواهبه وكيانه.

ويمكن للتربية الدينية استخدام هذه السمة.

* أن تقيم الكنيسة أنشطة اجتماعية كثيرة تحت إشرافها تهيئ المناخ المسيحي الذي ينمو فيه دون عثرة، ويستطيع أن يطبق المبادئ التي يتعلمها بأسلوب واقعي عملي.

* أن يكون خادم هذه المرحلة ذا طابع اجتماعي قادرًا على تجميع هذه الشخصيات في ألفة ووحدة مهما اختلفت الأفراد في الأنماط والأمزجة والمواهب.

* معرفة دينية واسعة ومتعمقة نوعًا من الكتاب المقدس والكنيسة بكافة أسرارها وطقوسها ونماذج من سير القديسين الذين عاشوا في ظروف مختلفة وتقدموا في حياة النعمة وغلبوا الواقع بالإيمان الذي فيهم.

* امتداد بالنظرة الواقعية من مستوى ما هو مرئي إلى الأمور التي لا ترى، نظرة تمتد إلى السمائيين والذين انتصروا وكملوا في الإيمان. ولا يكون الرب يسوع عنده بطلًا اجتماعيًا فقط وإنما مخلصًا فاديًا يدخل إلى قلبه فيحوله ملكوتًا له كعربون للملكوت الآتي عند المجيء الثاني للرب الأمين.

* أن يكون هناك اتزان في التوجيه الديني يشجعه على الإيجابية في الأنشطة الاجتماعية ولكن يلزم أن نهتم بحياته الداخلية بمقوماتها المعروفة (صلوات فردية – تأملات – قراءة في الكتاب – اعترافات – جلسات روحية فردية..) نشجعه على أن ينمو في الداخل وفي الخارج معًا..

 

(5) الحِرَفية:-

ولا نقصد بها تصور الدين على أنه الأوامر والنواهي والحرام والحلال وممارسة الطقوس بطريقة شكلية، دون بذل جهد روحي لتكون لهذه الممارسات فعلها في الحياة الوجدانية والفكرية. فليس لدى المراهق مانع أن يقرأ المزامير ويضرب مطانيات كثيرة ويرتل ألحانًا عديدة، ولكنه يصطدم عندما يطالبه الدين بالبذل ومحبة الأعداء وضبط الفكر وطهارة الداخل.

ولما كان الدافع الجنسي هو أقوى الدوافع في هذه المرحلة لذا تمثل حالة الفتى الجنسية أهمية كبيرة في تدينه، فهو أن سقط يلجأ إلى الممارسات الدينية ليتخلص من تأنيب الضمير. وهذا الاتجاه يلزم تجاوزه وتعديله.

ويلزم إذن توجيه المراهق إلى ما يلي:-

العلاقة الشخصية بالرب يسوع واختبار حياة العشرة المقدسة مع الله.

اختبار حياة التوبة المتجددة وعدم اليأس من كثرة السقوط لأن الله قادر أن يقيمنا إذ توحدت إرادتنا معه.

أن يعالج المنهج الحياة الروحية من خلال الفعل الباطني والعمل السري أكثر من تركيزه على الأمور الخارجية.

أن يجاب الفتى عن أسئلته الكثيرة عن "هل هذا حرام أم حلال" فإن المسيحية أعلى من مستوى الحرام والحلال، إنها على مستوى النعمة والحق، فعندما نعيش حياة النعمة نستطيع أن نشهد للحق بالروح الذي فينا "إذ أن الناموس بموسى أعطي أما النعمة والحق فبالمسيح يسوع صارا".

 

(6) السطحية:-

ويقصد بالسطحية هنا الدوران حول الاختبار الروحي دون الدخول في أعماق الحياة نفسها، وتتضح هذه السطحية بشكل بارز في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس. ولكن الأمر الذي يغطي هذه السطحية هو ذلك الحماس نحو خدمة الكنيسة والدين، وهذا الحماس العاطفي شيء يختلف عن الحرارة الروحية.

لذلك يلزم عدم الإسراع في تكليف المراهقين بمسئوليات قيادية في الخدمة الدينية حتى نتأكد أنهم اختبروا حياة التوبة الحقيقية وتذوقوا حلاوة عمل النعمة في حياتهم وتمتعوا بإشراقة الروح في قلوبهم واستقرت حياتهم النفسية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاتجاهات والعادات المطلوبة والتي يهتم بها المنهج في هذه المرحلة:-

بالنسبة لله:

* السعادة الحقيقية الكائنة في عبادتنا للرب (التمتع بالترتيل والتسبيح وقراءة الكتاب وسماع القداس).

* محبة الله هي أن نعمل وصاياه في حياتنا.

* كره الخطية واحتقارها لأنها سبب الشقاء كما أنها تفصلنا عن المسيح.

* أخذ المسيح مخلصًا ومرشدًا، والالتجاء إليه في ساعات الضعف والسقوط كما في ساعات الفرح والانتصار.

 

بالنسبة للكنيسة:

* فهم طقوسها وعقائدها والاعتزاز بإيمانها الرسولي.

* الاستفادة روحيًا من ممارسة وسائط النعمة فيها، وخاصة الاعتراف والتناول.

* الإحساس بالعضوية من خلال الاشتراك في الفداء وحضور مدارس التربية الكنسية.

خدمة الكنيسة بكافة نواحي العطاء والبذل.

 

بالنسبة للأسرة:

* الاشتراك مع الأسرة في العبادة.

* اعتبار البيت المجال الأول لتطبيق وصايا المسيح وخاصة المحبة.

* احترام الوالدين وعدم الاقتداء بالإخوة أو الأقارب إذا انحرف سلوكهم والهروب من العثرات.

 

بالنسبة للمجتمع:

* تحقيق البطولة الروحية بالخدمة والتضحية وضبط النفس.

* رفض الصداقات التي تؤدي إلى الاندماج في روح العالم.

* محبة غير المسيحيين ومقابلة الإساءة بالإحسان.

* عدم التعصب الديني واحترام مشاعر غير المؤمنين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

العادات المطلوبة:-

ممارسة الصلاة الفردية مع استخدام كتاب الأجبية.

ممارسة الصوم كنظام كنسي للنمو الروحي وإنكار الذات.

الصلاة قبل الأكل وبعده وقبل المذاكرة، وطلب معونة الله في كل حين.

دراسة الكتاب المقدس بانتظام ومثابرة وبشيء من التعمق والتأمل.

تقديس أوقات الرب (القداس- التربية 3).

العطاء في الكنيسة للمحتاجين.

احترام نظام البيت والتعاون في خدمة البيت واستخدام ألفاظ التوقير.

الصدق والأمانة والتعاون وتحمل المسئولية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الخلاصة:

ويمكننا أن نلخص ما سبق في الاتجاهات المركزة الآتية:-

الفتى ناشئ طبيعي اجتماعي واقعي ويلزم أن تسهل له التربية الدينية عملية الإتحاد الشخصي بالمسيح والعضوية الحية بالكنيسة.

التوجيه الروحي السليم هو النعمة والحق وليس مجرد التداريب الذاتية.

التوجيه الكنسي السليم هو العضوية الحية من خلال شركة الأسرار والحياة المقدسة مع الكنيسة المنتصرة والمجاهدة.

التوجيه الاجتماعي السليم هو أن يكون ملحًا نافعًا ونورًا مضيئًا على أن يحرص في ذوبانه ألا تفسد ملوحته ويلزم أن يكون التوجيه الاجتماعي حاميًا للفتى من كل انحراف للتدين.

التوجيه التربوي السليم هو إيجابية الفتى في تعرفه على الحق الذي فيه.. وليست عملية التربية هي إضافة أو تشكيل شخص وإنما هي نمو داخلي في النعمة والتعرف على الحق الذي في الداخل واقتراب أكثر من النور الحقيقي الذي أضاء لكل من في العالم.

إن قيادة المراهقين تحتاج إلى نعمة كما تحتاج إلى موهبة وخبرة.. طوبى لمن يتعب مع هؤلاء، أنه يبني للكنيسة صرحًا شامخًا، والله لا ينسى تعب المحبة إطلاقًا.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bimen/religious-sense/stages-preparatory.html

تقصير الرابط:
tak.la/257wkg8