St-Takla.org  >   books  >   anba-bimen  >   law-grace
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bimen  >   law-grace

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الناموس والنعمة - الأنبا بيمن أسقف ملوي

4- الحياة حسب المسيح

 

تتميز هذه القامة الروحية بالحياة الداخلية.. "هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ"، فالله هنا ليس بعيدًا عن الإنسان وليس مجرد شرائع وطقوس وممارسات ولكن الله هو نور وحياة في داخل الانسان "أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ" (يو 17: 23)، فالذي نال الولادة الثانية بالمعمودية، والتقديس والتثبيت بسر الميرون، وتناول جسد الرب ودمه الأقدسين باستحقاق في جوفه وأحشائه كيف لا يحيا الله داخله؟! إن الرب يسوع نقل الإنسان من المستوى الموسوي إلى الحياة حسب النعمة والحق "لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا" (يو 1: 17).

وماذا يُقصد بالنعمة؟! النعمة هي العطايا الغنية التي أخذناها مجانًا وصار لنا استحقاقها من خلال التجسد والصليب والفداء والقيامة وصعود المسيح إلى السماء.

* فالمؤمن بالنعمة يتبرأ من خطية آدم وينال بر المسيح.

* والمؤمن بالنعمة يتقدس أي يحيا المسيح فيه فيُقدس كيانه ويصير جسده هيكلًا للروح القدس.

* والمؤمن بالنعمة يصبح ابنًا، وبالنعمة يخلص "بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ"، ومن خلال وسائط النعمة ينال كل هبة سماوية بواسطة الروح القدس العامل في الكنيسة.

St-Takla.org Image: Fabric art, with the image of the Resurrection of Jesus Christ, along with Arabic sentence: "Christ is risen. Truly He is risen". - Saint Mary & St. Demiana Coptic Orthodox Church, Bray, Co. Wicklow, Ireland, Europe - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 7, 2017. صورة في موقع الأنبا تكلا: شارة عليها صورة قيامة السيد المسيح، مع كلمات: "المسيح قام. بالحقيقة قام" - صور كنيسة القديسة مريم العذراء والشهيدة دميانة، كيلارني، براي، ويكلو، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 7 مايو 2017.

St-Takla.org Image: Fabric art, with the image of the Resurrection of Jesus Christ, along with Arabic sentence: "Christ is risen. Truly He is risen". - Saint Mary & St. Demiana Coptic Orthodox Church, Bray, Co. Wicklow, Ireland, Europe - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 7, 2017.

صورة في موقع الأنبا تكلا: شارة عليها صورة قيامة السيد المسيح، مع كلمات: "المسيح قام. بالحقيقة قام" - صور كنيسة القديسة مريم العذراء والشهيدة دميانة، كيلارني، براي، ويكلو، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 7 مايو 2017.

هذه النعمة الغنية هي التي عبَّر عنها بولس في رسالته إلى أفسس أعظم تعبير بقوله "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ، إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ، لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ" (أف 1: 3 – 12).

 

ومن خلال هذا النص المقدس يمكننا أن نُبيّن أن غِنى النعمة قد بين لنا:

ا- أننا مختارون من عند الرب من قَبل تأسيس العالم...

2- أننا مدعوون لنكون قديسين وبلا لوم قدام الآب من خلال الخلاص الموهوب لنا من الابن.

3- أنه لنا الفداء غفران الخطايا بدم الصليب.

4- أنه عرّفَنا بأسراره الإلهية ومقاصده الأزلية وأنه لنا نصيب فيه حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته.

5- أن هدف هذه النعمة التي أعطتنا الحرية والتبني والفداء والتبرير والتقديس وكل بركات الخلاص.. هدفها النهائي هو جمع كل شيء في المسيح ليكون المسيح هو الكل في الكل.

وباختصار فإن القديس أثناسيوس يقول: لقد صار الله إنسانًا لكي يصير الإنسان بنعمته إلهًا.. وهذه الشركة في الألوهة هي التي تكلم عنها إيريناوس والتي عبّر عنها الرسول بطرس في رسالته بقوله "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ" (2بط 1: 3 – 4).

وأما الحق فهو الشق الثاني من التدين المسيحي الحقيقي، فالرب يسوع أعطانا نعمته لكي نشهد له "وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أع 1: 8).

والكنيسة الحقيقية تُسمى الكنيسة الشاهدة لأنها تشهد لعريسها ومخلصها بحياتها وسلوكها ومحبة أعضائها وطهارتهم وعفّتهم وتجردهم وطول آناتهم.. وتشهد أيضًا أن يسوع حي فيها وأنه لا يزال يعمل في التاريخ وأن إنجيله إنجيل مُعاش وعملي وليس مجرد نظريات أو أيديولوجيات أو شرائع وقوانين وعظات، "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ".. لقد أثبتت كنيسة الرسل بحياتها أن كلامه حياة، وأثبتت بروحها أن الابن لا يزال يعمل بالروح القدس فيها.. ولقد كانت شهادة المسيحيين الأوائل شهادة جريئة حارة أمينة إذ يقول سفر أعمال الرسل "وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ" (أع 4: 33)، وفي هذه الآية المقدسة تتلاءم النعمة مع الشهادة للحق. لأن الشهادة بدون النعمة مرفوضة إذ تُصبح شهادة شياطين أو مزيفين، والنعمة بدون شهادة تكون كَنُور وُضِعَ تحت مكيال، ووَزنة طُمِرت في الرمال.

والذي يُميز حياة أولاد الله هو ذلك الروح الواحد والقلب الواحد والإيمان الواحد والمحبة الواحدة إذ يقول الكتاب المقدس "وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا" (أع 4: 32).

وهذه الحياة الخارجية تعبير عن أعماق الحياة الداخلية فالمحبة أثمرت مودة، والاتضاع والقداسة أثمرت شركة.. والمسيحية الحقة أظهرت كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية.

فالحياة المسيحية -من منظار كنسي- هي حياة أولاد الله مجتمعين معًا بروح واحد متذكرین وصية الرب ووعده بالمجيء الثاني الآتي المخوف المملوء مجدًا متناولين من الجسد والدم الأقدسين مجددين العهد مع المُخلّص أن يعيشوا وفقًا للإنجيل الذي إليه دعاهم.. "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ" (في 1: 27).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

أيها الحبيب

* إن كنت تعيش حسب الجسد متمركزًا حول الذات فأنت لا تزال تحيا ابنًا لآدم الأول، هذه الحياة التي عبّر عنها الرسول إن كل مَنْ يحيا فيها يكون ابنًا للغضب وآنية للهلاك.

* وإن كنت تعيش حسب الناموس مُتممًا الفرائض والطقوس لا تمس لا تحس لا تذق، فهذا التهوّد لا يصلح لشيء سوى أن يبرر ذاتك أمام نفسك، ولكنه لا يمنحك البر الذي في المسيح.

* أما إن كنت قد اختبرت المسيح في قلبك وذقت النعمة وتمتعت بحرية بمجد أولاد الله فتمسّك بالذي عندك وجاهد وثابر على احتمال الآلام واثبت مع إخوتك المؤمنين مجاهدًا معهم بنفس واحدة لإيمان الإنجيل.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bimen/law-grace/christ.html

تقصير الرابط:
tak.la/hqwt6fj