محتويات: (إظهار/إخفاء) |
المسيح ملك وكاهن معًا كهنوت المسيح لم يكن موروثا كهنوت المسيح بقسم من الآب كهنوته على رتبة أعظم كهنوت يخلص إلى التمام كهنوت لخدمة أعظم تداريب روحية |
"أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق" (عب 7: 21).
هناك تخيلات متنوعة حول شخصية ملكي صادق تضفي عليه صفات خارقة، ولكن من الأصوب أن نرى فيه رئيسًا أو شيخًا لعائلة كبيرة، أو لعشيرة تجمعت حول الموقع الذي عرف فيما بعد بالمدينة المقدسة. وبينما كان ملكي صادق ملكا على ساليم، كان في الوقت عينه كاهنا للعلى. هذا دخل التاريخ وعبر منه بتدبير وحكمة إلهية فائقة، وكأنما الآب السماوي لم ينتظر إلى يوم دخول ابنه الكهنوتي داخل الحجاب فسارع إلى إستباق عجائب خدمته بتجسيد أهم ملامحها في شكل مُصَغَّر، وفي رمز بارع ظاهر كشاهد لمقاصد الآب السماوية المذخرة لنا نحن الذين إنتهت إلينا أواخر الدهور.
يسوع المسيح رب المجد هو الملك والكاهن... فهو الذي قدم له ذهبا ولبانا ومرا عند ميلاده، وهو منك لأنه كاهن متألم لأجلنا يقول الكتاب "مستحق... لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة وجعلتنا لإلهنا ملوكا وكهنة فسنملك على الأرض" "مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعها يوحنا الرائى تخر وتسجد وتقول للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين" (رؤ 5).
وهو لا يبنى مطالبه الملكية على تسلسل وراثى مع انه من نسل داود الملك ولم يقمها على غزو وفتوحات وقوة متسلطة، ولكن الصليب وحده هو السلم الذي إرتفع عليه إلى عرش المجد. وهو لا يستطيع أن يؤدى وظيفته فينا ككاهن ما لم يعترف به ملكا أولا... هناك كثيرون عاجزون على أن يحصلوا على البركة الممنوحة للناس عن كهنوت المسيح لأنهم غير راضيين أن يعترفوا به ملكًا على حياتهم ويحترموا صليب المحيى ويفتحوا قلوبهم لتعاليمه ووصاياه.
فهو ملك البر أولا ثم هو ملك السلام على طقس ملكي صادق ولن يدخل ملك السلام إطلاقا قلب الإنسان ما لم يقترب به أولا ملك البر، وتخضع النفس لمطالب بره، فتجد الناموس وبر الذات لتعتنق بر الإيمان الذي لنا في المسيح يسوع. وإنه من المُحْزِن أن نرى ضآلة عدد المسيحيين المدركين المعنى الكامل للمسيحية ولقوتها. إذ هم بلا فرح وبلا سلام... ذلك لأنهم يرفضون الطريق الضيق. والنسك المسيحي وصلب الذات... لا مفر من أن يكون رئيس كهنتنا ملكا للبر قبل أن يكون ملك السلام في حياتنا كأفراد وجماعات وكنائس وشعوب.
كاهن العهد القديم كان عليه أن يتتبع بدقة تسلسله من هرون، وهذا هو السبب في سلسلة الأنساب المطولة في بعض الأسفار الكتابية، والكهنة الذين لم يتمكنوا من إثبات نسبهم عند العودة من سبى بابل كانوا يمنعون من الخدمة إلى أن تأتي الأشارة من حامل التميم والأوريم. ولكن كهنوت ملكي صادق لم تكن له أية صلة بالتوارث والأنساب الجسدية... كان ملكي صادق مستقلًا عن كهنوت لاوى لذا جاء المسيح على كقس ملكي صادق. غذ نشأ من عائلة غير كهنوتية إذ من الواضح انه تسلسل من سبط يهوذا الذي لم يتكلم عنه موسى إطلاقا بخصوص الكهنوت. وما كان صحيحا مجازيا عن ملكي صادق كان صحيحًا حرفيًّا عن المسيح الذي لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة. فرئيس كهنتنا الأعظم بوصفه إلها لم تكن له أم وبوصفه إنسانا لم يكن له أب. لم يكن هناك مثله من قبل ولا مثله من بعد...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كهنة العهد القديم كانوا يقامون بدون قسم أما الرب يسوع فكان كهنوته بقسم من الآب القائل "أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق". على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنا لعهد أفضل. وقد شرحت رسالة العبرانيين قيمة هذا القسم في القول "إنه لما وعد الله إبراهيم إذ لم يكن له. أعظم يقسم به أقسم بنفسه. فإن الناس يقسمون بالأعظم. ونهاية كل مشاجرة عندهم لأجل تثبيت القسم.
وبذلك إذا أراد الله أن يظهر أكثر كثيرًا لورثة الموعد عدم تغير قضائه توسط بقسم (عب 6: 13- 17).
يا لعظم هذا الكهنوت الذي يستند على قسم الآب وتوسطه وليس على تسلسل جسدي معرض للفناء والزوال. ان قسم الآب يعطى لنفوسنا يقينا وثقة لقوة وعظمة هذا الكهنوت الإلهي.
هذا مل يمد به رسول الأمم "فأن الناموس يقيم أناسا بهم ضعف رؤساء كهنة، واما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابنًا مكملا إلى الأبد" (عب 7: 28) لقد أقسم العلى ولن يندم وتعيينه نهائى ومطلق وثابت إلى الأبد.
لا يمكن أن يأخذ مكانه آخر كما حدث لكهنوت هرون. السماء والأرض تزولان، أما كهنوت الرب يسوع فلا يزول إلى الأبد.
لقد أفاض بولس الرسول في شرح عظمة رئيس أحبارنا فبين في رسالة العبرانيين أن:
* المسيح أعظم من الملائكة: "لأنه لمن من الملائكة قال قط أجلس عن يمينى حتى أضع اعداءك موطئا لقدميك. أليس جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 13، 14).
* المسيح أعظم من موسى: فإن هذا قد حسب أهلا لمجد أكثر من موسى بمقدار ما لبانى البيت من كرامة أكثر من البيت. (عب 3: 3).
* المسيح أعظم من يشوع: لأنه لو كان يشوع قد أراحهم لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر، إذا بقيت راحة لشعب الله. (عب 4: 8).
* المسيح أعظم من إبراهيم: لأن ملكي صادق كان أعظم من إبراهيم، إذ بارك إبراهيم بعد رجوعه من كسرة الملوك وقبل منه العشور والمسيح جاء على طقس ملكي صادق وليس على طقس هارون الذي كان في صلب إبراهيم عندما باركه ملكي صادق.
* المسيح أعظم من هرون وكهنوت لاوى: لأن كهنة العهد القديم كانوا كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء، أما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول وكان كهنة العهد القديم يقدمون تقدمات وقرابين وذبائح الشعب أما المسيح فلم يكن له إضرار أن يقدم ذبائح أولا عن خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب لأنه قدوس وبار فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه لأجلنا ودخل إلى الأقداس. أبنا مكملا إلى الأبد.
وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مرارا كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع أن تنزع الخطية، وأما هذا فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله وشهد له الروح القدس، أنه بقربان واحد قد اكمل إلى الأبد المقدسين.
ان الكهنة من سلالة هرون لم يستطيعوا الأستمرار بسبب الموت. أما هو فقد شهد له بأنه حي... لقد أقسم الآب أنه كاهن إلى الأبد، ولأنه باق إلى الأبد، فكهنوته لا يتغير. وهو حي إلى الأبد يشفع فينا، وكهنوته ينبض بقوة الحياة اللانهائية، فقد قال بفمه الطاهر "ها أنا حي إلى الأبد"، ولهذه الحياة الأبدية بركتان: فمن ناحية له كهنوت لا ينتقل إلى غيره، ومن الناحية الأخرى يستطيع أن يخلص إلى التمام كل الآتين إلى الآب بواسطته.
يخلص إلى المنتهى في الزمان وفي المكان وفي الكيان. مهما كانت خطاياك، مهما كان التاريخ وتكرار السقطات وسطوة الأيام سيرفعك إلى أعلى درجة من المجد، إلى المنتهى في نقاوة القلب والفكر وطهارة الداخل والخارج.
يقول الرسول بولس "وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ. فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ" (عب 7: 24، 25).
كانت خدمة العهد القديم رمزا فقط، كانت الذبائح دم تيوس وعجول لا تقدر أن تطهر إلا الجسد فقط، كانت كل الخدمة تستمد قوتها من انها تشير إلى الخدمة الحقيقية التي سيقوم بها رئيس كهنتنا عندما يقدم ذاته على الصليب قربانًا ورائحة سرور وذبيحة وتكفيرًا وخلاصًا أبديًّا لكل من يؤمن به. في القديم كانت شبه السماويات وظلها... يقول معلمنا بولس الرسول عن المقارنة بين القديم والجديد "المسكن الأول هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين وذبائح لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم، وهي قائمة بأطعمة اشربة وغسلات مختلفة. وفرائض جسدية فقط موضوعة إلى وقت الإصلاح، أما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد أي الذي ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا، لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي (عب 9: 9- 14).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* نتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقى واثقين في قوة.
* لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لأن الذي وعد هو أمين...
* لنثق في رئيس كهنتنا أنه رحيم، فيما تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين حتى لا نخور في الطريق بل نجد فيه الرحمة والعزاء والرضا والقبول أمام الآب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/christ-titles/priesthood-of-christ.html
تقصير الرابط:
tak.la/shcq6n2