محتويات: (إظهار/إخفاء) |
العريس
في العهد القديم العريس في العهد الجديد التزامات هذه العلاقة المقدسة: 1- الوفاء والأمانة 2- العشرة المقدسة 3- أن نحيا في الفرح والنور 4- أن نحفظ ثوب العُرْس طاهرًا 5- أن نعد أنفسنا للوليمة السماوية |
العريس السمائي
إن علاقة الرب بالكنيسة وبالنفس البشرية تشبه بعلاقة العريس بالعروس... في العهد القديم لم تكن هذه العلاقة واضحة تمامًا، ولكنه منذ أن تجسد الابن الكلمة، وصار إنسانا مثلنا في كل شيء، فيما عدا الخطية وحدها، برزت هذه العلاقة، وتكلم الرب يسوع نفسه عنها في مواضع كثيرة...
يقول هوشع النبي عن إسرائيل إنها عروس الله، ويسمع هوشع الله ينادى "أخطبك لنفسى بالأمانة فتعرفين الرب" (وشع 2: 19، 20).
ويقول إشعياء النبي: "لأن بعلك هو صانعك رب الجنود اسمه" (إش 54: 5) كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك (أش 62: 5) وفي موضع آخر يقول بروح النبوة "فرح أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهى لأنه قد ألبسنى ثياب الخلاص، كسانى رداء البر، مثل عريس يتزين بعمامة، ومثل عروس تتزين بحليها" (أش 61: 10).
أما سفر المزامير ففيه كثير من هذه التعبيرات، ولكن سفر نشيد الأناشيد كله سيموفونية روحية لحن الحب والفرح الإلهي للشركة القائمة بين الله والكنيسة بسر لا ينطق به "قد سبيت قلبي يا أختى العروس، قد سيبيت قلبي بأحدى عينيك بقلادة واحدة من عنقك، ما أحسن حبك يا أختى العروس. كم محبتك أطيب من الخمر، وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب. شفتاك يا عروس تقطران شهدا. أختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم" (نش 4: 9، 10). وحين كانت إسرائيل (العروس) تذهب وراء آلهة غريبة، كان هذا يعد زنى روحي مثلما يقول الكتاب: "بل زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها، حادوا سريعا عن الطريق التي سار بها آباؤهم" (قض 2: 17).
وكان بعد موت جدعون أن بني إسرائيل رجعوا وزنوا وراء البعليم (قض 8: 23). لذلك يوبخهم ناحوم النبي قائلًا: "ويل لمدينة الدماء كلها ملآنة كذبا وخطفا... من أجل زنى الزانية الحسنة الجمال صاحبة السحر البائعة أمم بزناها وقبائل بسحرها" (ناحوم 3: 1-4).
وفي مواضع كثيرة يعلن الوحي حزنه وأسفه على حالة إسرائيل ويدعوها زانية لأنها خانت الذي إختارها من بين الأمم وجعلها شعبا مختارا له "فإتكلت على جمالك، وزنيت على اسمك، وسكبت زناك على كل عابر فكان له" (حز 16: 15، أر 3: 1، أر 3: 6-10).
كم أن مشاعر الله رقيقة نحونا نحن البشر، كما يهتم بنا. وكم يحزن لتركنا ينبوع ماء الحياة وجرينا وراء آبار مشققة لا تضبط ماء. إنه غيور وقلبه مليئ بالحب والوفاء، ويريدنا أن نبادله حبا وإخلاصا بإخلاص، وتكريسا وتقديسا وعبادة تجاه الدعوة الأختيار الإلهي المقدس.
أما في العهد الجديد فقد تكلم الرب بصراحة عن هذه العلاقة عندما قال في رده على الفريسيين "هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم، ما دام العريس معهم لا يستطيعون أن يصوموا" (مر 2: 19).
ويقول الرب أيضًا "وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت... طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين" (لو 12: 36). وفي إنجيل معلمنا متى البشير عندما ضرب الرب الأمثلة عن ملكوت السموات قال" "يشبه ملكوت السموات إنسانا صنع عرسا لأبنه وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس فلم يريدوا أن يأتوا" (مت 22: 2).
وفي تشبيه نفسه بالعريس الذي سيأتي لأخذ العذارى قال "إن هناك عذارى حكيمات وعذارى جاهلات، أما الحكيمات فقد أخذن في آنيتهن زيتا إنتظارا للعريس، ذاك الذي أغفلته وأهملته الجاهلات، ولما جاء العريس في منتصف الليل إستيقظن العذارى جميعا. والخمس الحكيمات دخلن معه إلى العرس، أما الجاهلات فبينما هن ذاهبات ليبتعن زيتا، جاء العريس والمستعدات وحدهن هن اللواتى دخلن معه إلى العرس وأغلق الباب" (مت 25). وقد شهد يوحنا المعمدان كخادم لأنبياء العهد القديم بأن الذي عمده هو العريس السماوي، وأنه ينبغي أن يزيد بينما يوحنا نفسه ينقص... ويقول من له العروس فهو العريس وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فبفرح فرحا من أجل صوت العريس. إذا فرحى هذا قد كمل (يو 3: 29).
وبولس الرسول كان يشعرب في خدمته أنه يقوم بدور الإشبين كما كان الحال قديما في أفراح العرس. ومهمة الشبين أن يقدم العروس عذراء واثقا متأكدا من طهرها، سعيد أن يرتبط بعريسها، وأما هو ففرحه يكمل بهذا الدور. يقول: "إني أغار عليكم غيرة الله، لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو 11: 2).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الخطية ليست مجرد كسر وصايا الله، ولكنها كسر لقلبه المحب... إن الله أمين إلى المنتهى، وعدم أمانتنا لا تبطل أمانته... إن مجرد التأمل في الصليب وآلام الرب في أسبوعه الأخير كفيل أن يلهب القلب بلواعج الحب والإخلاص والأمانة... يقول الكتاب: "وهو مات لكي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام" العروس إن خانت عريسها ترجم في العهد القديم، وتطلق في العهد الجديد، والنفس التي تخون عريسها السماوي تحرم من الأبدية وتحيا في عذاب أبدى.
كيف نتصور عروسا لا تطيق أن تحيا مع عريسها؟ وكيف يمكن أن نقبل أن عروسا تهرب من لقاء عريسها؟ إن العروس المخلصة لعريسها تتلهف على ساعة تقضيها مع من أحبها. إن عمرها كله يقاس بساعات العشرة والألفة بينهما. لهذا تستلزم هذه الشركة المقدسة أن تقضى ساعات طويلة في المخدع للصلاة والمناجاة والحوار مع الرب... أن نتأمل في حديثه لنا في الكتاب المقدس، ونتلذذ به، ونصغى اليه جيدا ونطيعه وننفذ وصاياه... أن نأخذ فترات خلوة وإعتكاف للهدوء والصلاة والعبادة.
إن هذا ليس فرضا أو واجبا قهريًّا، وإنما هو دلالة على الحب والإخلاص وصدق الإحساس بالشركة المقدسة بين العروس وعريسها السماوي.
ليس من عرس إلا ويرتبط بالأفراح والأنوار. وليس من عروس إلا وتتزين لعريسها دائما. والقديس أبو مقار عندما شاهد امرأة زانية طلب من أبنائه الرهبان أن يتطلعوا إليها ثم قال: "إنظروا كم هذه تتعب في تزيين نفسها لعشاقها، ونحن لا نتعب لتزيين قلوبنا وحياتنا الداخلية لعريسنا السماوي". وأنتفع أبناؤه من هذا الكلام كثيرًا.
إن الذين يعيشون في الفرح الذي لا ينطق به ومجيد هم أولئك الذين إحتقروا أباطيل العالم لأن الفرح مرتبط كيانيا بالتجرد، والحزن الرديء مرتبط بالشهوة وحب الاقتناء. ومسيحيتنا بشارة مفرحة ودعوة إنجيلية تدعو النفس إلى أن تدخل في الفرح ويدوم فرحها. وسر الفرح الحقيقي هو اللُّقيا السماوية "ستروننى وتفرحون ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحى منكم".. والذين يعيشون في الفرح هم أيضًا الذين يعيشون في النور. إنهم أبناء نور أبناء القيامة. الذين أحبوا النور ورفضوا أعمال الظلمة ووبخوها، هم وحدهم الذين يتمتعون بأفراح العرس الداخلى. أما الذين يعيشون في الحقد والكراهية والكبرياء والتعالى وهموم الحياة فهؤلاء هم الذين ينتزع الفرح منهم، ولا يقبلون إلى العرس، مثل أولئك الذين إعتذروا لأن لديهم سبع بقرات أو عندهم حقل... هذه العلل التي يتعلل بها القلب ليبرر حالته وبؤسه وسأمه وحزنه العميق.
العروس تعتز بثوب الزفاف. إنه جميل ورائع. إنه ناصع البياض إشارة إلى الطهارة والعفاف الداخلى. وفي سفر الرؤيا يمتدح الذين حفظوا ثيابهم طاهرة وغسلوها في دم الحمل. ويطوب الذين هربوا من الثوب المدنى... والذين آمنوا بقدسية العلاقة القائمة بين نفوسهم والحق يحرصون على أن يبقى ثوب العرس بلا دنس... إنهم يعرفون أن الذين لم يكونوا لابسين ثوب العرس طردوا من الحفل كما قال الرب... هذا يحرص المؤمنون القديسون على طهراة سيرتهم ونقاوة سريرتهم وعذراوية قلوبهم وأفكارهم ومشاعرهم.
العرس الحاضر ومستقبلى أيضًا. الملكوت قائم بيننا وننتظر مجيئه بمجد عظيم مصلين دائما في الصلاة الرباينة "ليأت ملكوتك" والذين أدركوا أنهم مدعوون للعرس السماوي يدربون أنفسهم على الاشتراك في الوليمة السماوية هنا في هذا الزمان الحاضر. القداس الإلهي وليمة سماوية ودعوة للعرس والفرح المجيد: "عندما نقف أمامك نحسب كالقيام في السماء"، والذين إتسعت قلوبهم بالحب الإلهي للصلاة وممارسة الليتروجيات وصارت فرحتهم ومتعتهم في التسبيح والترنيم هؤلاء هم الذين يؤهلون للتسبيح مع خورس السمائيين في أورشليم السمائية.
لقد سمع يوحنا الرائى تطويب هؤلاء عندما قال له الملاك "أكتب طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الخروف" (رؤ 19: 9).. وفي مطلع الكتاب المقدس نجد الكتاب يعلن لنا عن العُرْس السماوي ووجود الله مع آدم في الجنة مستمتعا بالأكل من يديه الطاهرتين.
وفي ختام الكتاب المقدس يطالعنا الرائى بقوله "وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأه كعروس مزينة لرجلها، وسمعت صوتا عظيما من السماء قائلًا: "هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له شعبا، والله نفسه يكون معهم ألها لهم" (رؤ 21: 2، 3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/christ-titles/heavenly-bridegroom.html
تقصير الرابط:
tak.la/wkn65xv