* تأملات في كتاب
جامعة: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
الأَصْحَاحُ العَاشِرُ
(1) خطورة الجهل (ع 1 - 3)
(2) خطورة مقاومة العنف بالعنف (ع 4 - 10)
(3) خطورة كلام الجاهل (ع 11 - 15)
(4) خطورة الكسل (ع 16 - 20)
1 اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ. جَهَالَةٌ قَلِيلَةٌ أَثْقَلُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَمِنَ الْكَرَامَةِ. 2 قَلْبُ الْحَكِيمِ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ عَنْ يَسَارِهِ. 3 أَيْضًا إِذَا مَشَى الْجَاهِلُ فِي الطَّرِيقِ يَنْقُصُ فَهْمُهُ، وَيَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ: إِنَّهُ جَاهِلٌ.
ع1:
يظهر سليمان في هذا الإصحاح خطورة الجهل، حتى لو كان قليلًا، فهو يفسد الحكمة، ويضيع كرامة الإنسان، ويجلب خطايا كثيرة، مثل العنف، والكلام الشرير، والكسل.ويشبه الجهل بالذباب الذي يسقط في طيب العطار، بعد أن بذل جهدًا كبيرًا في إعداده، وله رائحة عطرة، فيموت الذباب، ويصير نتنًا برائحة فاسدة، تفسد كل تعب العطار. هكذا أيضا الخطايا، حتى لو كانت صغيرة يمكن أن تفسد نقاوة الإنسان، وتضيع مكانته وكرامته بين الناس؛ لذا ينبغى أن يحترس الإنسان من أصغر خطية، ويرفضها، حتى لا يضيع كل جهاده الروحي، وكذا أيضا لا يسقط في خطأ ولو صغير في أحد مسئولياته، فيفسد العمل كله.
ينبغى الحذر أيضا من المعاشرات الرديئة، حتى لو كانت العلاقة محدودة، فهي تفسد حياة وسلوك الإنسان روحيًا واجتماعيًا.
ع2:
يصف سليمان الجاهل بأن قلبه عن يساره، أي منغمس في الشهوات، ومضطرب مع تقلبات العالم، فاليسار يرمز للشر.أما الحكيم فقلبه عن يمينه، والمقصود باليمين الصلاح والخير، فهو يسلك باستقامة، ويحيا مع الله، ويتمسك بوصاياه.
ع3: إذا سار الجاهل في طريق الحياة، وتقدم في العمر يزداد جهله، فهو غير قابل للتعلم، والتدرب على الحكمة، فلا يبقى معه إلا الجهل، وكلما كبر يضعف جسديًا ونفسيًا، فيزداد جهله.
ويزيد جهل الجاهل كبرياؤه، فهو يتهم كل من يقابله، أو من يحاول تعليمه وإصلاحه بأنه جاهل، ويظن الجاهل في نفسه أنه هو الحكيم وحده، فيزداد إنغماسه في الجهل.
والجاهل لتماديه في الجهل يفضح نفسه، ويبين جهله أمام الكل، فيعرف الجميع أنه جاهل، كما لو كان يعلن هذا بفمه، ولكن هو يعلنه بشكل أكبر من خلال أعماله، وأسلوبه، وتعاملاته.
† اهتم بمحاسبة نفسك كل يوم قبل أن تنام، لتكتشف الخطايا الصغيرة التي انزلقت فيها لتتوب عنها، أو تحترس منها في الغد، حتى لا تفسد حياتك وتعبك الروحي.
4 إِنْ صَعِدَتْ عَلَيْكَ رُوحُ الْمُتَسَلِّطِ، فَلاَ تَتْرُكْ مَكَانَكَ، لأَنَّ الْهُدُوءَ يُسَكِّنُ خَطَايَا عَظِيمَةً.5 يُوجَدُ شَرٌّ رَأَيْتُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ، كَسَهْوٍ صَادِرٍ مِنْ قِبَلِ الْمُتَسَلِّطِ: 6 الْجَهَالَةُ جُعِلَتْ فِي مَعَالِيَ كَثِيرَةٍ، وَالأَغْنِيَاءُ يَجْلِسُونَ فِي السَّافِلِ. 7 قَدْ رَأَيْتُ عَبِيدًا عَلَى الْخَيْلِ، وَرُؤَسَاءَ مَاشِينَ عَلَى الأَرْضِ كَالْعَبِيدِ.8 مَنْ يَحْفُرْ هُوَّةً يَقَعُ فِيهَا، وَمَنْ يَنْقُضْ جِدَارًا تَلْدَغْهُ حَيَّةٌ. 9 مَنْ يَقْلَعْ حِجَارَةً يُوجَعْ بِهَا. مَنْ يُشَقِّقُ حَطَبًا يَكُونُ فِي خَطَرٍ مِنْهُ. 10 إِنْ كَلَّ الْحَدِيدُ وَلَمْ يُسَنِّنْ هُوَ حَدَّهُ، فَلْيَزِدِ الْقُوَّةَ. أَمَّا الْحِكْمَةُ فَنَافِعَةٌ لِلإِنْجَاحِ.
ع4
: إذا كان رئيسك في غضب، وارتفع صوته، بل وهدد أيضا بأمور كثيرة، فلا تنزعج وتترك مكانك، أي مسئوليتك وعملك، بل على العكس كن هادئًا، ولا ترد عليه، فهدوءك يصنع فوائد كثيرة:يجعل الرئيس، أو المسئول يهدأ تدريجيًا.
لعله بعدما يهدأ يكون له استعداد أن يسمعك، فتدافع عن نفسك، وتظهر الحقيقة.
لعل الرئيس بعدما يغضب يهدأ يراجع نفسه، ويشعر أنه أخطأ، فيزداد هدوءه، وإذ يشعر أنه ظلمك، أو أساء إليك، ويعود إلى معاملتك بطريقة طيبة.
إلتمس للرئيس العذر، فقد تكون قد وصلت إليه وشاية من أحد، أو فهم الأمور بطريقة خاطئة، ووقع في ظن سئ، أو مخاوف، كل هذا يثير غضبه، ولكنه يعود فيهدأ.
هذه الوصية مقدمة لكل مرؤوس في عمل، ولكل ابن في بيته، ولكل شخص أمام المسئول.
هذه الآية تحمل ضمنيًا معنى جميل، فهي دعوى للرئيس المتسلط ألا يتمادى في غضبه، ولا يسرع إلى الغضب، وإن سقط في الغضب يحاول العودة سريعًا، بل يلطف الجو بكلمات طيبة إن استطاع أن يختلى ويصلى ولو لدقائق. فليت كل أب وكل أم يراجع نفسه قبل أن يغضب على أولاده، لأنه يتعبهم تعبًا شديدًا بغضبه، مهما كانت أهدافه سليمة.
المتسلط يرمز للشيطان الذي يثير عليك مشاكل، فلا تضطرب منه، واثبت في مكانك في هدوء، وصلى، والله سيحميك، ويبعد عنك غضبه، وتتزكى وتصير أقوى روحيًا.
ع5: هذه الآية توجه الرؤساء والمتسلطين إلى الحذر من السقوط في خطايا السهوات، وهذه يسقط فيها الإنسان كثيرًا مثل:
الإندفاع في قرار دون فحص كاف.
الثقة الزائدة في المعاونين أو القريبين، واتخاذ القرار بحسب أرائهم، وقد يكونوا مغرضين، مثلما فعل هامان مع الملك أحشويروش عندما استصدر منه أمرًا بإهلاك اليهود (اس3: 8، 9)
إتخاذ القرارات بحسب أهواء الرئيس، فيقرب ويكرم من يحبه رغم أنه قد يضره، ويضر الذين يتسلط عليهم، أو يبعد ويظلم الناس الأكفاء؛ لأنه لا يحبهم، فيخسر كفاءات كثيرة يمكن أن تسنده وتفيده.
يزيد خطورة السهو، أن الرئيس لا يشعر بخطورته، ويعتبر نفسه يتصرف بطريقة سليمة، مع أنه يضر نفسه، وأيضا تابعيه.
ع6، 7: من المناظر السيئة التي رآها سليمان على الأرض، أي تحت الشمس، تعظيم الجهال ووجودهم في مراكز عالية، وهذا يفسدهم ويجعلهم يُتعبون، ويتعبون كل من يتسلطون عليهم.
وعلى العكس، الأغنياء ليس فقط في المال، بل في الحكمة، تكون لهم مراكز أقل وسفلية، فيحتملون من رؤسائهم ظلمًا وإساءات مختلفة، ولا يستفيد الناس من حكمتهم.
مثال آخر يقدمه سليمان على نفس المعنى، وهو ركوب العبيد على الخيل، وهم أدنى مقامًا، أما الرؤساء فيمشون على الأرض، أي يكون الأدنياء في عظمة وتسلط ومركز كبير، والرؤساء في وضع أقل منهم، ولا يشعر بهم الناس.
ولكن الرجاء في الله ضابط الكل، الذي يرى كل هذه المظالم والأوضاع المقلوبة، فيعطى سلامًا لأولاده المتمسكين بالحكمة، ويمنع مظالم كثيرة كان يود الجهال أن يعملوها. ومن ناحية أخرى، فالله يسمح أحيانا للجهال أن يتسلطوا على الحكماء، حتى يتوب الحكماء عن بعض الشرور التي سقطوا فيها، كما سمح لشعبه بالذل والهوان في السبي من الوثنيين، سواء الأشوريين، أو البابليين حتى يتوب شعبه، فيعيدهم من السبي، ويمجدهم.
ينقض: يهدم
حطبًا: أعواد النباتات الجافة والأشجار الصغيرة بعدما تجف، وتستخدم لإيقاد النار.
يحارب سليمان العنف بكل قوة، ويرفضه بشدة، بل يعلن أن من يستخدم العنف، ويحاول أن يسىء لغيره، يأتي ذلك على رأسه، ويوضح ذلك من خلال أربع تشبيهات:
1 "مَن يحفر هوة يقع فيها":
فمن يحفر حفرة ليسقط الآخرين فيها، يسقط هو بدلًا منهم دون أن يدرى، أو يدبر له أعداؤه مكائد يقع فيها. وبالتالي ينصح كل إنسان ألا يدبر شرًا لغيره، كما دبر هامان شرًا لمردخاى، وأعد له خشبة ليصلب عليها، فحدث العكس، وعلق الملك هامان على هذه الخشبة ومات (اس 7: 10).
2- "مَن ينقض جدارًا تلدغه حية":
إذا أراد إنسان الإساءة إلى آخر، فقام بهدم سور منزله، أو حديقته القديم، فتخرج الثعابين المختبئة في هذا الجدار، وتلسعه، ويكون معرضًا للموت.
وقد حاول الشيطان الإساءة للمسيح بكل الوسائل، وأخيرًا قتله بتعليقه على الصليب، ففوجئ بالمسيح بعد موته يقيده، ويخرج آدم وبنيه من تحت سلطانه، ويصعدهم إلى الفردوس.
3- "مَن يقلع حجارة يوجع بها":
من يحاول أن يؤذى غيره بقلع حجارة من سوره، تقع هذه الحجارة عليه، وتقتله، أو تجرحه وتؤذيه.
4- "مَن يشقق حطبًا يكون في خطر منه":
من يأتي بعيدان الحطب، ويشققها طوليًا بآية آلة، فقد تؤذيه الآلة، أو الحطب المشقق، أو شظية منه، وقد يكون هدفه إشعال النار في غيره، فيحترق هو بهذه النار فيما هو يشعلها.
والخلاصة، لا تسرع إلى العنف لئلا يأتي عليك، خاصة إن كنت تسرع للإعتراض والثورة على الرئيس، أو المسئول، أو الحاكم.
ع10: كلَّ: تعب والمقصود هنا لم يعد حادًا.
"إن كلّ الحديد":
إن لم يعد الحديد حادًا، والمقصود بالحديد الفأس، أو أية آلة حديدية تستخدم للقطع.
"ولم يسنن هو حده": ولم يهتم صاحبه أن يسنن حد هذا الحديد، أي الجزء من الحديد الذي يستخدم في القطع.
"فليزد القوة":
فلكي يستطيع صاحب الآلة أن يقطع أي شيء لابد أن يستخدم قوة أكبر يبذلها؛ ليقطع هذا الشئ، لأن الآلة غير حادة.
"أما الحكمة فنافعة للإنجاح":
هذا التشبيه الذي ذكره سليمان على الآلة الحديدية التي يريد سنها، يقصد به تهذيب اللسان ليتكلم كلمات لائقة أمام الآخرين، وخاصة الرؤساء، وتهذيب السلوك أيضا في التعامل مع الآخرين، فهذه حكمة كبيرة تساعد الإنسان على النجاح في الحياة من خلال التعامل الناجح مع الآخرين؛ الرؤساء والمرؤسين وكل إنسان في الحياة.
إن كان سن الحديد يوفر على الإنسان كثيرًا من تعبه، فكذلك أيضا تهذيب اللسان، والسلوك يوفر على الإنسان متاعب كثيرة.
† ليتك يا أخى تعرف أن الخطية ضعف، فلا تغضب على من يسئ إليك، أو تقسو عليه، بل صلى لآجله، واحتمله، حتى تهدأ وتهدئه، فتحيا في سلام وتكسب الآخرين.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
11 نْ لَدَغَتِ الْحَيَّةُ بِلاَ رُقْيَةٍ، فَلاَ مَنْفَعَةَ لِلرَّاقِي.12 لِمَاتُ فَمِ الْحَكِيمِ نِعْمَةٌ، وَشَفَتَا الْجَاهِلِ تَبْتَلِعَانِهِ. 13 بْتِدَاءُ كَلاَمِ فَمِهِ جَهَالَةٌ، وَآخِرُ فَمِهِ جُنُونٌ رَدِيءٌ. 14 الْجَاهِلُ يُكَثِّرُ الْكَلاَمَ. لاَ يَعْلَمُ إِنْسَانٌ مَا يَكُونُ. وَ مَاذَا يَصِيرُ بَعْدَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ؟ 15 عَبُ الْجُهَلاَءِ يُعْيِيهِمْ، لأَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ يَذْهَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ
ع11: رقية: تعويذة، أو سحر تبطل قوة الثعبان.
الراقى: شخص متخصص لاكتشاف الثعابين والتخلص من سمومها.
إن لدغت الحية أي إنسان، ولم يُعمل لها أية رقية تمنع سمها، فهي تنفخ سمومها في الإنسان، وتقتله، ولو أحضروا راقيًا بعد أن أصيب الإنسان بالسموم، فلا منفعة له.
كذلك الإنسان الذي يرى إنسانًا غضوبًا، أو عنيفًا، يستطيع أن يمنع عنفه، أو قساوة قلبه بالكلمات الطيبة، فهو يشبه الراقى، وبهذا يمنع متاعب كثيرة تنتج عن العنف. ولكن إن لم يقل كلمات طيبة تمتص غضب العنيف، فإن عنفه سيحدث متاعب، ولا فائدة بعد هذا من الكلام الطيب الذي لم يقال في حينه. وإن قال الكلام الطيب يكون له تأثير ضعيف ومحدود.
وقد حدث هذا في الكتاب المقدس كثيرًا، مثل لقاء يعقوب بعيسو باتضاع وهدايا كثيرة، فأزال غضبه (تك 32: 13 - 21). وكذلك لقاء أبيجايل بكلمات الحكمة الرقيقة مع داود، فأوقفت غضبه على نابال زوجها ومن معه (1 صم 25: 18 - 35).
إن الحكمة تعلمنا ألا نهاجم الحية، بل نقدم لها رقية، ومعنى هذا، أننا لا نهاجم العنيف والغضوب، بل نقدم له الكلمات الطيبة التي تمتص غضبه، فيعود لهدوئه.
ع12، 13: كلمات الحكيم كلمات متزنة مملوءة من نعمة الله؛ لأن الحكيم يصلى، فيعطيه الله حكمة في الكلام، كما يقول المسيح إلهنا عن الروح القدس "أعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها، أو يناقضوها" (لو21: 15). وبالطبع هذه الكلمات يستقبلها السامعون براحة وفرح، فيحبون الحكيم.
أما الجاهل فيقول كلمات ردية تأتى على رأسه، وتبتلع كل راحة في داخله، ويتضايق منه الناس، ويرفضونه، بل إن الجاهل يبدأ بكلمات جهل مزعجة للناس، وتخرج من قلبه الردىء، وفكره الفاسد، فيعثر سامعيه. وإذا استمر في الكلام، تزداد كلماته الردية، حتى أن سامعيه يشعرون كأنه مجنون ويبتعدون عنه.
إن جهل الجاهل وكلماته الردية تبتلع ليس حياته فقط على الأرض بضيق الناس منه، ولكن أيضا تبتلع نصيبه الأبدي، فلا يكون له مكان مع الله، بل يلقى في العذاب الأبدي.
ع14: من صفات كلام الجاهل أنه يتكلم عن أمور مستقبلية لا يعرفها أحد، ويكرر الكلام باطلًا، أي بلا فائدة. ومن ناحية أخرى، لا يقبل توجيه من أحد، فلا يوجد من يخبره أن كلامه عن المستقبل لا يمكن أن يعرفه أحد؛ لأن الحكماء سيصمتون أمام الجاهل، إذ أنه لا يريد أن يتعلم من أحد.
ع15: يعييهم: يتعبهم.
إن الجهلاء يتعبون تعبًا باطلًا، إذ يكثرون من الكلام ويكررونه، ولا يقولون شيئًا نافعًا، فهم يتعبون بلا فائدة. ولا يستطيعون أن يصلوا إلى أغراضهم من خلال ما يعملونه، أو يكملون عملًا ويصلون إلى هدفه.
وقد كانت كلمات هذه الآية مثلًا شائعًا وهي "لا يعرف كيف يذهب إلى المدينة"، بمعنى أن الجاهل لا يعرف كيف يصل إلى هدفه.
والمدينة ترمز إلى أورشليم السماوية، فالجاهل لا يعرف طريقه إلى الملكوت، لأنه لا يريد أن يتعلم، أو يسير بوصايا الله.
† لا تتكلم كثيرًا، ولا تكرر الكلام، لأنك بهذا تستهين بعقول سامعيك. كن مدققًا وصلى قبل أن تتكلم، فتتكلم كلمات قليلة ولكنها نافعة، فتكسب من حولك وتقودهم إلى طريق الله.
16 وَيْلٌ لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ إِذَا كَانَ مَلِكُكِ وَلَدًا، وَرُؤَسَاؤُكِ يَأْكُلُونَ فِي الصَّبَاحِ.17 طُوبَى لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ إِذَا كَانَ مَلِكُكِ ابْنَ شُرَفَاءَ، وَرُؤَسَاؤُكِ يَأْكُلُونَ فِي الْوَقْتِ لِلْقُوَّةِ لاَ لِلسُّكْرِ. 18 بِالْكَسَلِ الْكَثِيرِ يَهْبِطُ السَّقْفُ، وَبِتَدَلِّي الْيَدَيْنِ يَكِفُ الْبَيْتُ.19 لِلْضَّحِكِ يَعْمَلُونَ وَلِيمَةً، وَالْخَمْرُ تُفَرِّحُ الْعَيْشَ. أَمَّا الْفِضَّةُ فَتُحَصِّلُ الْكُلَّ. 20 لاَ تَسُبَّ الْمَلِكَ وَلاَ فِي فِكْرِكَ، وَلاَ تَسُبَّ الْغَنِيَّ فِي مَضْجَعِكَ، لأَنَّ طَيْرَ السَّمَاءِ يَنْقُلُ الصَّوْتَ، وَذُو الْجَنَاحِ يُخْبِرُ بِالأَمْرِ.
ع16، 17: يظهر سليمان حزنه على الأرض، أي الشعب الذي ملكه ولد، ويقصد أنه إنسان غير ناضج؛ حتى لو كان عمره كبيرًا، مثل رحبعام ابن سليمان، الذي سار وراء مشورة أصدقائه الشبان، فقسم المملكة. والويل والنكبات للشعب الذي رؤساؤه يأكلون في الصباح، أي يهتمون بإشباع شهواتهم، فيأكلون ويشربون خمرًا ويسكرون، فيعجزون عن القيام بأعمالهم والحكم في القضايا؛ إذ كانت العادة قديمًا أن يأكلوا بعد أن يعملوا فترة من الصباح، كما هي العادة حتى الآن في القرى عندما يخرج الفلاحون إلى العمل، وبعد فترة يأكلون.
وعلى العكس، يمتدح سليمان الأرض، أو الشعب الذي يسكن على هذه الأرض إذا كان ملكها ابن شرفاء، أي له أصل طيب، وأناس معروفون بالحكمة والأمانة. وفى المعنى الروحي ابن قديسين وشهداء، والمقصود أنه ابن الله ويخافه، وبالطبع سيحكم ويدير الأمور بأمانة حسب وصايا الله.
وهذه الأرض التي يمتدحها سليمان، رؤساءها يأكلون في الوقت، أي بعد إنتهاء أعمالهم في الصباح، ويأكلون من أجل احتياج أجسادهم، وليس للإنغماس في اللذات والخمر حتى السكر.
والأرض هنا ترمز أيضا للجسد الذي تقوده الروح الناضجة في طريق الله، فلا ينغمس في شهوات العالم، بل يتغذى بالمقدار الذي يحتاجه الجسد فقط ليتمم عمله بنشاط وأمانة.
ع18: بتدلى اليدين: بارتخاء اليدين، والمقصود عدم العمل، أي الكسل.
يكف البيت: يتساقط المطر من ثغرات في سقفه
تظهر خطورة الكسل في أن صاحب البيت الذي يهمل بيته، حتى أن سقف البيت الذي يحميه يهبط ويسقط على رأسه، أو على الأقل يضعف السقف وتصير فيه بعض الثغرات، أو الثقوب، فيسقط منها ماء المطر، وهكذا يتضايق كل من يسكن في هذا البيت من التراب الساقط على رأسه، أو الأمطار.
والمقصود أن الكسل يفقد الإنسان الحماية التي يتمناها بالأخص في بيته. فالملك الكسول الذي يهمل رعاية شعبه لانغماسه في الشهوات، تنهار مملكته على رأسه، ويثور عليه شعبه.
وبالمعنى الروحي، الكسل يفقد الإنسان سلامه الداخلي، ويتعرض لحروب كثيرة من الشيطان تزعجه، لأنه ابتعد عن الله، الذي يحفظه ويحميه.
ع19
: الإنسان الكسول ينشغل بإشباع لذاته، ويقيم ولائم للضحك، وشرب الخمر والسكر، فيصرف أموالًا كثيرة عليها، حتى أن أمواله تنفذ، ويفتقر؛ لأنه بالمال أو الفضة يحصل الإنسان على كل ما يحتاجه.وهكذا الملك الذي ينشغل بإشباع لذاته، بإقامة ولائم كثيرة، تفتقر مملكته، ولا يجد احتياجاتها الضرورية.
وأيضا الإنسان المسرف في لذاته المادية، لا يجد المال المطلوب لسد احتياجاته الضرورية، لأنه يقضى أوقاتًا كثيرة في إشباع شهواته، إذ هو كسول، فيعانى من الفقر. وأيضا الذي لا يجاهد في حياته الروحية، وينشغل براحة جسده، لا يستطيع أن يدخل ملكوت السموات، لأن ليس له فضة، أي فقد قوته في الجهاد الروحي.
الفضة في الكتاب المقدس ترمز لكلمة الله، وبها يحصل الإنسان على كل ما يتمناه في حياته الروحية، وإذا لم يستثمر الإنسان معرفته لكلمة الله، ولم يجاهد، فلن يصل إلى الملكوت.
ع20: تسب: تشتم
مضجعك: سريرك ومكان رقادك
تبين هذه الآية خطورة الشتيمة، حتى لو كانت داخل البيت، ليس فقط باللسان، ولكن أيضا في الفكر؛ لأن الفكر إذا ازداد يخرج على اللسان، وإذا قيل في البيت سينتقل إلى الخارج، إما سهوًا من الإنسان، أو على لسان أحد الموجودين في البيت، أو الجيران إذا سمعوا لارتفاع الصوت، وبالتالي سيغضب الملك، أو الغنى، أو ذو المركز، فينتقم منك.
من ناحية أخرى، تنذر الآية أن طير السماء أو ذى الجناح سينقل السب الذي فكرت فيه، أو نطقت به، وذلك يقصد به أن الله قد سمعك، ويمكن أن ينقل ما قلته، أو فكرت فيه بطريقة أو بأخرى لا تعلمها إلى من أخطأت في حقه، فليس خفيًا إلا ويعلن، وأحداث كثيرة حدثت وسببت مشاكل، خاصة في العصر الذي نحيا فيه، والتقدم العلمى الذي ينقل بسهولة كلامًا كثيرًا دون أن يدرى الإنسان، ولم يكن يتخيل أنه سينتقل ويكشف.
وبالتالي تدعونا الآية إلى نقاوة الفكر، ورفض الشر، ومحبة الجميع حتى المسيئين، والتماس العذر لهم في أخطائهم.
والطيور ترمز إلى الجواسيس الذين ينقلون الوشاية منك إلى الآخرين، فإن لم تضبط فكرك وكلامك تتعرض لمتاعب كثيرة. وكل هذا تحذير من الخطية التي عاقبتها الهلاك الأبدي، الذي هو أخطر بكثير من انتقام البشر.
† ليكن لك نظام وحدد الأعمال التي يلزم أن تعملها كل يوم. وإن كانت الأعمال كبيرة قسمها إلى أجزاء لتشجع نفسك على إتمامها. واعمل بنشاط لترضى الله، فتحيا في سلام، وتفرح في الأرض، وفى السماء.
← تفاسير أصحاحات جامعة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الجامعة 11 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير الجامعة 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/ecclesiastes/chapter-10.html
تقصير الرابط:
tak.la/af33rt8